سلام كردفان ودارفور … بقلم: جمال عنقرة
3 March, 2010
شهد الأسبوع الماضي حدثان مهمان للسودان وللمنطقة كلها، هما توقيع اتفاقي سلام مع حركة العدل والمساواة كردفان التي يقودها الأستاذ أحمد وادي نائب رئيس المجلس التشريعي لولاية شمال كردفان حتي لحظة خروجه من الوطن غاضباً، والثاني إتفاق السلام مع حركة العدل والمساواة التي يقودها الدكتور خليل إبراهيم وهي الحركة العسكرية المسلحة الأكبر في دارفور، إن لم تكن الأوحد الآن في الميدان التي تدخل في معارك حقيقية مع القوات الحكومية.
الإتفاق مع حركة العدل والمساواة كردفان والذي عادت بموجبه الحركة للسودان وانخرطت في عمل سياسي جاد له أهمية خاصة. ويبدو أن حكومة السودان قد استفادت من دروس الماضي فحرصت علي معالجة القضية في بداياتها قبل أن تستفحل. ومعلوم أن مشكلة دارفور بدأت تتصاعد مع بدايات إقتراب التوصل لتسوية سلمية بين الحكومة والحركة الشعبية. ولقد ثبت فيما بعد أن الجهات التي لا يسعدها أن يستقر السودان هي التي رتبت لإندلاع حرب دارفور حتي تكون بديلاً لحرب الجنوب لتلهي السودان عن الإستقرار، وتصرفه عن النهضة التنموية الكبري التي يقودها. ولم تفطن وقتها الحكومة لهذه المؤامرة، فلم تتعامل مع فتنة دارفور بما تستحقه، فانفجرت الأوضاع هناك بما لم يتوقعه أحد ووصلت إلي ما لم تصل إليه مشكلة الجنوب. فبينما ظلت مشكلة جنوب السودان قضية داخلية رغم استمرار الحرب لنصف قرن من الزمان متصلات، صارت مشكلة دارفور قضية دولية في أقل من خمس سنوات.
وذات الذي حدث في دارفور قبيل توقيع إتفاق السلام في التاسع من يناير 2005م في العاصمة الكينية نيروبي، خطط له أن يصير في كردفان قبيل بلوغ مفاوضات السلام في العاصمة القطرية الدوحة نهاياتها السعيدة. ومثلما أشارت أصابع الإتهام للحركة الشعبية في التدبير للأول، أشارت في الثاني لحركة العدل والمساواة بقيادة الدكتور خليل بالتخطيط والتدبير للثاني. وبرغم أن مبادرة الإنضمام لحركة العدل والمساواة من غاضبي كردفان جاءت من الغاضبين الكردفانيين، إلا أن الحركة وجدت فيها ضالتها. فالمجموعة التي اتصلت بحركة العدل والمساواة من شباب كردفان بقيادة أحمد وادي مجموعة لها ثقلها الإقليمي ولها بعدها السياسي. وهي تتقارب في فكرها وتكوينها من حركة العدل والمساواة الأصل. فمثلما كان الأولون من شباب الحركة الإسلامية الذين لهم عطاء وكسب ظاهرين في الإنقاذ، فإن اللاحقون من أبناء كردفان كذلك من هذه المدرسة الإسلامية الجهادية. ومثلما كان لخليل دور فاعل في قيادة كتائب الجهاد في جنوب السودان أيام الحرب بين الحكومة والحركة الشعبية، فإن أحمد وادي أيضاً قاد الجهاد في جبال النوبة وغيرها ضد جيوش الحركة. ويمتاز وادي بقاعدة شعبية عريضة بين أهله الذين قدموه من قبل لتمثيل دائرة مدينة ام روابة في المجلس الوطني وهو لم يتجاوز الثلاثين عاماً، ثم قدموه ثانية لمجلس تشريعي الولاية الذي صار نائباً لرئيسه. ثم أن أهل كردفان معروفون بالفراسة وشراسة القتال. فوضع حركة العدل والمساواة كل إمكاناتها العسكرية بين يديهم ليقودوا بها معارك كردفان التي خطط لها لخلافة معارك كردفان بعد السلام.
ولكن يحمد لحكومة السودان أن استفادت من تجربة الماضي وتعاملت بجدية متناهية مع هذا الملف ووصلت لتسوية عاجلة له. وفي ذات الوقت تعاملت بجدية أكثر مع ملف دارفور. وبدأت ذلك بتسوية ما بينها وبين الحكومة التشادية عبرالصلح التاريخي الذي تم بين الرئيسين البشير ودبي والذي مهد لتوقيع إتفاق إطاري بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة بقيادة الدكتور خليل إبراهيم، وهوإتفاق فتح الطريق أما استكمال مشوار السلام الشامل في دارفور، والذي صار قاب قوسين أو أدني. ويتوقع بين كل لحظة وأخري أن تحمل الأخبار بشائر من الدوحة بعد أن وحدت أكثر الحركات الدارفورية أجندتها وكيانها وولجت المراحل الختامية للحوار.
Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]