صديقي الحمار .. في اوكرانيا تسبب في الدمار

 


 

 

(1)
في المدرسة عن موضوع له علاقة بالحمار سأل المدرس ان كان منا من له تجربة التعامل مع ذلك الحيوان، إلتفت الطلاب الي بعضهم البعض بشيء من الإستنكار أو الترفع ؛ رفعت يدي ، قلت له نعم !. قال لي اين وجدت الحمار؟ إجبته (بصوت يكسوه الإستغراب و بعض الفخر) في بيتنا !!
هنا إبتسم البروفيسور/ عاصم... ثم قال: "معظم الذين بهذه القاعة كان لديهم حمير في بيوتهم ، و انت قد لا تكن واحداً منهم" ليدخل بعدها الجميع في فاصل من الضحك.
لكن للأمانة كانت في بيتنا موديلات من الحمير كما حال السيارات اليوم في بيوت المسؤوليين السودانيين (في بلد يموت أهله بالجوع و المرض و العطش ، يتغيب الإيتام عن المدارس بينما تذهب أمهاتهم الأرامل للاعمال الشاقة لإطعامهم).

(2)
في الثقافة العربية فإن الحمار كالحرية و الديمقراطية منبوذ و مبغوض. و لا يذكر في صحائفهم إلا في معرض الغباء، حيث قال أحمد شوقي:
سَقَطَ الحِمارُ مِنَ السَفينَةِ في الدُجى
فَبَكى الرِفـــاقُ لِفَقـدِهِ وَتَرَحَّمـــوا
حَتّى إِذا طَلَعَ النَهارُ أَتَت بِه
نَحوَ السَفينَةِ مَوجَةٌ تَتَقَدّمُ
قالَت: خُذوهُ كَما أَتاني سالِماً
لَم أَبتَلِعهُ لِأَنَّهُ لا يُهضَم

لكن عند الاخرين من امم الأرض يعتبر مثالاً للثورة و الصبر و التحدى لذلك اسس عمر كلول حزب الحمير في كردستان العراق عام 2005.
لكن سبقه في تمجيد الحمار الرئيس الأمريكي السابع و مؤسس الحزب الديمقراطي أندرو جاكسون الذي إتخذ من الحمار شعاراً لحزبه و لحملته الانتخابية عام 1828.
أندرو جاكسون من قادة التحرير و الاتحاد الذي هزم البريطانيين عام 1812.
وهو الرئيس الذي ظلت صورته على فئة عشرين دولار قبل ان تقرر حكومة الولايات المتحدة في عهد الرئيس باراك اوباما إستبدالها بصورة ناشطة الحقوق هارييت توبمان لتكون ثاني إمراءة و أول أسود تطبع صورته على العملة الامريكية.
العملة التي كان من المنتظر ان ترى النور في 2020 لو لا مماطلة الرئيس العنصري دونالد ترامب. و المفارقة ان السيدة/ هارييت توبمان لم تنل الشرف إلا لمحاربتها لأسلاف دونالد ترامب و أفكارهم.

(3)
في السودان ؛ لنا مع الحمار أكثر من قصة:
أشهر المتحولين في تاريخ السياسة السودانية؛ ( و المتحول سياسياً لا يقل غرابة عن مقابله المتحول جنسياً لكن الناس يهتمون بالأخير) كان من أبناء دارفور. في صغره عمل مع والده الذي كان يملك قراشاً للحمير في سوق القرية ،( اي مربط). في حكومة الإمام الصادق المهدي الأخيرة اصبح وزيراً أقليمياً إلا انه كان لا يتعفف من المال العام. و لأن سرقة المال العام قبل حكومة الإنقاذ تعتبر عيباً اجتماعياً بجانب أنها محرمة. نبهه اعضاء حزبه في الاقليم لكن كان رده صادماً ، حيث قال انه يريد تعويض ما أكله (الجلابة منذ الإستقلال ) أرأيتم المحنة ؟
في عام 2002 عندما قرر حزبه عدم مشاركة نظام الإنقاذ في الحكم إنسلخ مع (فضولي) السيد/ مبارك الفاضل ليؤسسوا مع الاخرين حزباً انقاذياً مع إستعارة إسم حزب الأمة. لكن عندما فقد مبارك الفاضل منصبه الإستشاري بالرئاسة لم يذهب مع سيده بل اسس حزبه على نمط طفيلي ليبقى في الحكم..
رغم أنه الأب الروحي لفكرة الجنجويد في السودان إلا ان اللوم مازال على صديقي الحمار !!

(4)
أما مأساتنا الثانية مع الحمار و التي من الواضح انها لن تكون الأخيرة ؛ تقاسمناها مع إخوتنا في أوكرانيا.
تاجر للحمير اصبح رجل الدولة في بلد أنجب (بابكر بدري، النذير دفع الله، أحمد ابراهيم دريج، جون قرنق دي مبيور التيجاني الماحي، منعم منصور ، فرنسيس دينق، يوسف كوة ،هاشم بامكار ، فاطمة احمد ابراهيم و آخرين ).
بالترغيب و الترهيب معاً وضع يده على جميع ثروات البلاد المعدنية ليسلمها الي زعيم عصابة بلقب رئيس دولة تتمتع بعضوية دائمة بمجلس أمن الأمم و الشعوب ليستخدمها في غزو بلد مستقل و ذي سيادة ، يستقطع أراضيه و يحرق أهله في القرن الحادي و العشرين.
نقول لإخوتنا في أوكرانيا لا نحن و لا للحمار يد في مأساتكم .
الأيام وحدها ستحكي لكم عن إستحمارِ حدث لمن دخل بلادنا على ظهر حمار.. و فرض نفسه على الأخيار !!

د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com

 

آراء