طبيب العيون: د.الفاتح عمر مهدي يفتح (عيوننا) علي معاني الحياه !

 


 

 

يظهر معدن الإنسان وأصالته حين تلم به المحن ، وتواجه تحديات الحياه ، فهناك من يضعف امام الإمتحانات والتحديات ، فتجترئ عليه الشياطين بالأذى والإغواء وتؤزه إلي معصية الله أزا ، وتجترئ عليه شياطين الإنس يصورون له بأن الحياة قد ظلمته ، ليمتلكه اليأس والقنوط ، ليسصبح مخلوقا يكره كل ما حوله ! .. وتتحول الحياه إلي تشاؤم . 
ولكن علي الطرف الآخر من الشاطئ .. هناك من يضعه الله امام امتحان عسير ، ولكنه بقوة وإيمان يتقبل هذا الامتحان ، ويحول المحنه الي شحنات من الإيمان ، والتي تدفع الإنسان الي التفاؤل بالحياة .. لا يركن للقنوط واليأس ، وكنت محظوظا لأجد ضمن بريدي الإلكتروني رسالة من الطبيب الإنسان ( الفاتح عمر مهدي ) يحكي عن تجربة فريده .. فيها الكثير من الدروس والعبر .. وسرعان ما نشرتها لكل من حولي من الأصدقاء والمعارف ، وآثرت أن اشارك القراء ليغترفوا من معانيها ما يعينهم علي الإقبال علي الحياة بهمة ونشاط . الرسالة اقتطف منها بعض الفقرات .. يقول دكتور الفاتح : 
الإنسان كائن ضعيف قوي تحت الظروف العادية ، نخاف المرض ، ونرتعش عند سماع كلمة الموت ، ونتصبب عرقا لحظات إصابتنا بالحمى ، بعض الامراض يخشاها الناس ، ويصبح اسمها مرعبا ، السرطان إسم يهابه الكثيرون ، في الشهر الماضي كنت استمتع بالسباحة والسير اثنين كيلو متر يوميا .. وفجأة تتبدل الحياة ، بعد نزلة برد عادية فقدت صوتي ! وبعدها في مستشفي رويال كير كانت نظرات الأطباء تتحاشاني ، وأعرف سر النظرات ، ويقتلني القلق في البداية ثم أدرك الأمر ، أري أصغر أبنائي والذي تخرج في طب الخرطوم قبل شهور يجري باكيا ، أخبرت بالتشخيص في اليوم التالي .. سرطان بالرئه اليمني ، إنتشر إلي الغده الكاظرية فوق الكلية اليمني ، وإنتشار آخر في الرأس 5*5ملم .. في لحظات كنت استمع شاردا ومركزا ومفكرا ومقهورا محللا وسائلا ومستفسرا .. كانوا خمسة أطباء منهم أصدقاء ومنهم معارف ، سألت عن العلاج ، وجدت صمتا ، ثم إجابة من دكتور الفاتح الملك : سرطان بالرئة بالمرحلة الأخيرة من الدرجة الثالثة .. ولايمكن إجراء عملية ، وكنت أعرف الإجابة سلفا  .. سألت عن العلاج الكيمائي لتحقيقه ( كنت أصر دائما علي مرضاي أن يتعالجوا في السودان إذا توفر العلاج ) ولكني أحبطت حين طلبوا مني السفر للخارج . 
أنظر إلي التحاليل والصور فأرى رجلا يحتضر ، وأنظر إلي نفسي فلا أجد الما ولا إرهاقا ولا فقدان وزن أو شهية .. وليس هذا هو المهم ، المهم هو هذا ( اليقين ) الذي يأتيك من حيث لا تدري ! ، تبدو الأشياء جليه واضحة .. وتراجع نفسك في شفافية .. وتحضر نفسك للقاء ربك في أي لحظة ، وتصبح كل ثانية لها معني ، وتفكر إذا كان لك أعداء ، الإبتسامة تبدو أكثر بياضا وصفاءا والقلب مفتوح للجميع يدعو للتسامح والصفاء وفي نفس الوقت تحس أن كل هذه الحياة يمكن ان تغادرها في اي لحظة ، تدمع عيناك لأنك تري حزن الأصدقاء .. تدمع وانت تسمع دعاءهم أو مواساتهم ، جميل أن تري أناس كهؤلاء .. جميل أن تكون لك صداقات .
ولكن خلاصة الأمر أحس بأني سعيد ، سعيد لما يقدمه لي الغير ، لأني أري الأشياء الآن في وضوح وشفافية ، وسعيد لأن ربي هيأني لألقاه في أحسن حله ، وسعيد لأني استمتع بكل لحظة أعيشها وقد أموت اليوم وقد أموت بعد ايام او سنوات ، لذا أتلقي علاجي وأشتري ثياب العيد ، كما أعمل الآن علي إنهاء كتابة ثلاث كتب طبية عن أمراض العيون .. سلام الدنيا قصيرة وما بتستاهل خصام .. تصادقوا في محبة واختلفوا في ود . 
إنتهت رسالة الدكتور الرائع .. وهي عميقة المغزي والدلالات .. وكلنا في هذه الحياة معرضون لما تعرض له ، بل ولا بد ذات يوم إن كان غدا أو بعد غد سيأتينا ما نخشاه ، ونغادر هذه الحياه ، فتأمل كلمات دكتور الفاتح ففيها العبر والعظات .. دمت في سلام دكتور الفاتح . 
salahmsai@hotmail.com

 

آراء