طب الشوارع !!
هيثم الفضل
29 September, 2022
29 September, 2022
صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح –
ما زال يساورني إستغرابٌ شديد ، من صمت وزارة الصحة والجهات الرقابية التي يتعلَّق عملها بما يباع للمستهلك ، كلما رأيت إزدهار وإنتشار تجارة بيع الأعشاب الطبية ، في الأسواق الشعبية والأفرنجية والأزقة والشوارع وظهور البكاسي وفي مواقف المواصلات ، ولربما غداً شاهدنا بيعها بالحمير كما يفعل بعض منتجوا الألبان ، وفي ذات الأوان تأخذني صورة الواقع العام لما يعانيه المواطن السوداني (العادي) ، عادي بمعنى (فقير وما عٍندو ضهر ولا وجيع) ، من صعوبات كثيرة معظمها متعلِّقة بالعيش البسيط الكريم ، لتنضاف إليها صورة (رخص ثمن الإنسان السوداني) بالقدر الذي يجعل أمثال هؤلاء المُضاربين بصحة وحياة المواطن يمرحون ويرمحون بلا رقيبٍ و لا حسيب ، ماذا بقى للمحليات وإدارات صحتها المنوط بها مراقبة الأسواق من منطق يمكن الركون إليه سوى الإستفاده الماديه من إستمرار وجود هذه الظاهرة ، وليعلم كل من يقرأ هذا المقال أن الإستفاده المادية ليست بالضرورة تقاضي الرشوة ، إذ أن مُجرَّد الإمتناع عن أداء المهمة أو الواجب الوظيفي هو في حد ذاته مصلحة مادية ولو كانت ركوناً إلى النوم والركلسة أو الإنشغال بالأعمال والمصالح الذاتية ، وعبر كل مشاهداتي للفعاليات التي طرحت موضوع الطب البديل وناقشته على المستويين الاكاديمي والإعلامي لم أجد أحداً من أولي العلم والخبرة من الأطباء يؤيِّد أو يؤكِّد فائدة ما يتم بيعه في الأسواق ، فضلاً عن الجزم بضمان عدم تسبُبه في أضرار صحية أخرى غير المرض الأساس الذي طُلب من أجلهِ العلاج ، بعد كل هذا ماذا تنتظر الجهات ذات الإختصاص وفي مقدمتها وزارة الصحة لكي تحارب هذه التجارة القاتلة والمُهينة لكرامة وصحة وأرواح الناس ، بالقدر الذي تحارب به الدولة والمجتمع وسائر المُنظَّمات تجارة المخدرات والرذائل الأخرى ؟ ، لا يجب أبداً ومهما كانت القرائن والتجارب والأحداث أن يساورنا شك في أن أمراً لم يُقطع فيه القول بالعلم المؤسَّس وتمت تجربته وصياغته العلمية في المعامل ، ونال إعتماد جهات ذات سمعة وباع وتجارب ، يمكن أن ينفع وإن نفع إستثناءاً ، لأن علم الدواء متغيِّر في وصفه فيما يتعلَّق بالفعاليه والآثار الجانبية تبعاً لإختلاف وتبايُّن مستوى المرض وحالة المريض ، فضلاً عن كون المريض نفسه ربما كان يعاني من أعراض أو أمراض أخرى لا توجد في غيره من المرضى ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا ينبني أساس التداوي على المستويين الكيميائي والعُشبي إلا عبر المرور بمرحلة جوهرية وأساسية ألا وهي التشخيص الصحيح للمرض ، كيف لهؤلاء (الدلالين) الذين لا موهبة لهم سوى رفع عقيرتهم بمُكبرات الصوت للتدليس لبضاعتهم وجر الناس إلى غياهب الله بها أعلم أن يستطيعوا تشخيص الأمراض التي تُعتبر أغلب أعراضها متشابهة ، الحمى تصيب صاحب الملاريا وهي أيضاً من أعراض السرطان ، النداء موجه للدولة في المقام الأول أن تُعلي من مقام وقيمة إنسانها الذي هو جُل طاقة التنمية وقلبها النابض ، ما يحدث الآن من إزدهار لتجارة الطب البديل غير المُقنن ، هو في نهاية الأمر إمتداد لحالة الفقر العام الذي ألم بالبلاد والعباد ، بالقدر الذي دفع بالناس إلى الهرب من غلاء سعر الذهاب للأطباء والمعامل والصيدليات إلى نار الإلقاء بالنفس في التهلُكة عبر إرضاء الضمير تجاه الذات بالتعامل مع (طب الشوارع) وهم لا يخفى عليهم أن نجاح الأمر متعلَّق بمجرد الإحتمالات والحظوظ والوهم.
haythamalfadl@gmail.com
سفينة بَوْح –
ما زال يساورني إستغرابٌ شديد ، من صمت وزارة الصحة والجهات الرقابية التي يتعلَّق عملها بما يباع للمستهلك ، كلما رأيت إزدهار وإنتشار تجارة بيع الأعشاب الطبية ، في الأسواق الشعبية والأفرنجية والأزقة والشوارع وظهور البكاسي وفي مواقف المواصلات ، ولربما غداً شاهدنا بيعها بالحمير كما يفعل بعض منتجوا الألبان ، وفي ذات الأوان تأخذني صورة الواقع العام لما يعانيه المواطن السوداني (العادي) ، عادي بمعنى (فقير وما عٍندو ضهر ولا وجيع) ، من صعوبات كثيرة معظمها متعلِّقة بالعيش البسيط الكريم ، لتنضاف إليها صورة (رخص ثمن الإنسان السوداني) بالقدر الذي يجعل أمثال هؤلاء المُضاربين بصحة وحياة المواطن يمرحون ويرمحون بلا رقيبٍ و لا حسيب ، ماذا بقى للمحليات وإدارات صحتها المنوط بها مراقبة الأسواق من منطق يمكن الركون إليه سوى الإستفاده الماديه من إستمرار وجود هذه الظاهرة ، وليعلم كل من يقرأ هذا المقال أن الإستفاده المادية ليست بالضرورة تقاضي الرشوة ، إذ أن مُجرَّد الإمتناع عن أداء المهمة أو الواجب الوظيفي هو في حد ذاته مصلحة مادية ولو كانت ركوناً إلى النوم والركلسة أو الإنشغال بالأعمال والمصالح الذاتية ، وعبر كل مشاهداتي للفعاليات التي طرحت موضوع الطب البديل وناقشته على المستويين الاكاديمي والإعلامي لم أجد أحداً من أولي العلم والخبرة من الأطباء يؤيِّد أو يؤكِّد فائدة ما يتم بيعه في الأسواق ، فضلاً عن الجزم بضمان عدم تسبُبه في أضرار صحية أخرى غير المرض الأساس الذي طُلب من أجلهِ العلاج ، بعد كل هذا ماذا تنتظر الجهات ذات الإختصاص وفي مقدمتها وزارة الصحة لكي تحارب هذه التجارة القاتلة والمُهينة لكرامة وصحة وأرواح الناس ، بالقدر الذي تحارب به الدولة والمجتمع وسائر المُنظَّمات تجارة المخدرات والرذائل الأخرى ؟ ، لا يجب أبداً ومهما كانت القرائن والتجارب والأحداث أن يساورنا شك في أن أمراً لم يُقطع فيه القول بالعلم المؤسَّس وتمت تجربته وصياغته العلمية في المعامل ، ونال إعتماد جهات ذات سمعة وباع وتجارب ، يمكن أن ينفع وإن نفع إستثناءاً ، لأن علم الدواء متغيِّر في وصفه فيما يتعلَّق بالفعاليه والآثار الجانبية تبعاً لإختلاف وتبايُّن مستوى المرض وحالة المريض ، فضلاً عن كون المريض نفسه ربما كان يعاني من أعراض أو أمراض أخرى لا توجد في غيره من المرضى ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا ينبني أساس التداوي على المستويين الكيميائي والعُشبي إلا عبر المرور بمرحلة جوهرية وأساسية ألا وهي التشخيص الصحيح للمرض ، كيف لهؤلاء (الدلالين) الذين لا موهبة لهم سوى رفع عقيرتهم بمُكبرات الصوت للتدليس لبضاعتهم وجر الناس إلى غياهب الله بها أعلم أن يستطيعوا تشخيص الأمراض التي تُعتبر أغلب أعراضها متشابهة ، الحمى تصيب صاحب الملاريا وهي أيضاً من أعراض السرطان ، النداء موجه للدولة في المقام الأول أن تُعلي من مقام وقيمة إنسانها الذي هو جُل طاقة التنمية وقلبها النابض ، ما يحدث الآن من إزدهار لتجارة الطب البديل غير المُقنن ، هو في نهاية الأمر إمتداد لحالة الفقر العام الذي ألم بالبلاد والعباد ، بالقدر الذي دفع بالناس إلى الهرب من غلاء سعر الذهاب للأطباء والمعامل والصيدليات إلى نار الإلقاء بالنفس في التهلُكة عبر إرضاء الضمير تجاه الذات بالتعامل مع (طب الشوارع) وهم لا يخفى عليهم أن نجاح الأمر متعلَّق بمجرد الإحتمالات والحظوظ والوهم.
haythamalfadl@gmail.com