عمر محمود خالد من (ياسيدة لا) إلى (حلم الأماسي) ..!!
صديق السيد البشير
12 June, 2024
12 June, 2024
بقلم - صديق السيد البشير*
siddigelbashir3@gmail.com
شعبي يا سفر الملاحم
شعب واعي وشعب فاهم
أنت في طيفك مسالم
إلاّ جبار يوم تخاصم
زي ماصمتك معلم
خلي صوتك يبقى حاسم
٭ هذا هو .. يكفي المقطع أعلاه.. بأن يقدمه للناس .. ولا كل لكونه من الذين يعبذون النصوص الخضراء في «باقات» أدبية.. ويهديها لعشاق الحروف المموسقة وليس غريباً عليه ذلك.. فهو ترجع أصوله إلى طابت الشيخ عبد المحمود غير أن أمدرمان هي التي شهدت اطلاق صرخته الأولى في هذه الحياة في أجواء مشبعة بأصوات الذكر والذاكرين وحلقات القرآن والعلم والمعرفة وتلاوة شيخ مع الحيران.. وتنسم في الساعات الأولى من ميلاده عبق التصوف ونسائم السادة السمانية .. وعبير جده الشيخ محمد شريف نور الدائم.. وولد بامدرمان وانتقل مرة أخرى إلى الجزيرة.
٭ هو أديب وإعلامي ضل طريقه إلى فضاءات السماعات والمشارط والابر والمباضع ودنيا أمراض الصدر عمر محمود خالد.. وطني حتى الثمالة .. فطر على حب الارض و«ريحة التراب».. ويكتب .. أعذب النصوص التي تمجد البلد وتحكي عن عظمة الناس.
يا بلد
أصبحت كيف
وكيف عيونك من وجع سهر الليالي
الحائرة في الصيف والخريف
تسلم انت
من المصاعب
والمتاعب
والجراحات والنزيف
أصبحت كيف
أصبحنا كيف وكيف أصبح النيل والنخيل
والبراحات والتلال
وكيف أصبحت عزة في هواك
والسمرة والناس الطوال
وكيف نامت أمدرمان هناك
والكورة كان مريخ هلال
وجمهورك الواعي وحصيف
أصبحت كيف..!!
وأنا في وراك
منو سترك صدر وجناح
أصبحت كيف وأنا في حماك
متوسمك
لمسة وفاء
وساعة صفاء
وبلسم جراح
وأصبحت كيف
وأنا في رجاك
مستلهمك
طلة ندى
وبسمة رضا
ونجمة صباح
في حضنك الزاهي الوريف
أصبحت كيف.
٭ وعمر محمود خالد أحد الذين نسجوا خيوط الشعر الغنائي بلسماً ناجعاً وقدمه للمرضى .. في شكل «كبسولات» مريحة للنفس والوجدان .. من ضغوطات الصداع المزمن والكبت والانفصام.. يكتب الشعر بلغة بسيطة .. وبمفردات يلتقطها من الواقع اليومي.. ومن أنفاس الناس.. مثل اللوحة التالية المرسومة بالكلمات.
صباحكم زي صباح العيد..
ورسمة جميلة على لوحه
نمّة زول مسرور وصوت عصفور وكت يصحي
قراية شيخ مع الحيران وتلاوة طفلة بطرحة
مشتاقين كتير والله حقيقة قلوبنا منشرحة
٭ .. عاد مرة أخرى إلى طابت.. بالجزيرة.. التي أهدت السودان القمح والقطن والخضرة والشعر والماء والتصوف والوجه الحسن .. وآخرين .. مبدعين .. مثل عبد العزيز المبارك وحميدة أبو عشر ومحمد الأمين وفضل الله محمد والكاشف وأحمد الطيب ورمضان حسن.. ومصطفى سيد أحمد.. وغيرهم على سبيل المثال وليس الحصر.
٭ هو ذاته عمر.. المولود في الخمسينيات من القرن المنصرم بأم درمان «بقعة المهدي الامام.. ثم عاد إلى الفريجاب.. وعاش هناك .. يستنشق عبير التصوف وأذكار الصالحين ونيران القرآن في الخلاوي.. وهو من أسرة .. عرف بالدين والتقوى والصلاح والورع الشيخ محمد شريف نور الدايم وعبد المحمود نور الدايم .. وهو خلطة بين المدينة والريف .. مزيج بين أم درمان والجزيرة «أرض المحنة» ويلتقي - لاحقاً بالموسيقار محمد الأمين .. ليقدما معاً إلى الغناء السوداني.. حسناء تدعى «حلم الاماسي».. التي أصبحت بعدها واقعاً اجتماعياً...
إنتي مهما تغيبي عني
أصلو ما بتفوتي مني
عايشة في وساكنة جواي
في خواطري وفي مشاعري
وفي تسابيحي وغناي
زي فرح ماليهو آخر
شوق سنين لزول مسافر
راجي الزمن في يوم يجيبو
لديارو ولي حبيبو
والفريق يفرح ويغني
في عيونك شايلة أكوان من وداعة ومن اصالة
ومن براءة ومن محنة .. عزة تشرب من معزة
ومن تراثنا ومن أصلنا
وعد غرقان في نداهو زحمة اطفال جوه جنة
وزول بيحلم بالعديلة وفرحة الريدة الطويلة
ناس تجيهو تغني ليهو وناس تبارك وناس تهني
وتبقي ياحلم الأماسي شمعة ضاوية في كل دار
وزهرة في كل المواسم كل يوم بتزيد نضار
وقمة بنوت بلدنا وفرحة في عيون الصغار
ولوحة عن حسنك بتحكي فيها هزة وفيها نقزة
وفيها نوبة وفيها طار
تهفو ليك الامنيات وتزهو بيك الامسيات
وبيك تفرح وليك تغني.
انتي مهما تغيبي عني أصلو ما بتفوتي مني
٭ هو من زمرة الاطباء الذين زاوجوا بين مهنة التطبيب ومهن أخرى.. أو ضلوا طريق المباضع والمشارط .. الى عوالم أخرى.. تجارة أو سياسة .. أو غيرها.. من لدن عبد الحليم محمد والتجاني الماحي وأحمد فرح شادول وغازي صلاح الدين وعلي الحاج وحسبو سليمان وعبد الحليم المتعافي والزين عباس عمارة والمعز عمر بخيت وأصبحوا نجوماً متلألذة في مجالات تخصصاتهم.. وغيرها.
٭ ثم تمر مسيرة عمر محمود خالد.. العلمية والاجتماعية والابداعية وتشاء الاقدار أن يدخل كلية الطب جامعة الخرطوم.. ويتخرج فيها وبين الدخول والخروج من الجامعة المذكورة.. يشاهد إحدى الطالبات .. وكانت بمنتهى الجمال والطلعة والبهاء والحسن .. غير أنها تم فصلها.. فكان خلودها في ذاكرته «هو» و«هي» عبر نص خالد.. أصبح معروفاً للكثيرين «ياسيده لا»..
ياسيدة لا.. فايتانا وين مستعجلة
شرط امتحان ما أنتي كملتي الحلا
لازم علوم ما بالسماحة مؤهلة
ما سمحة قاطعة مكملة
ما ساحرة نايرة ومذهلة
فايتانا وين مستعجلة
الجامعة صبحت قاحلة
حزنت لياليها وصباحاتا وبتبكي اصائلا
ما كنتي نوارة ونسيمة وبلبلة
كنتي الضيا البرشح سناه يجملا
كنتي الندي الحاضن زهورا مبللا
كل القلوب تخضع تجيك متوسلا
تتبع خطاك ترقص معاك
تزرع دروبك وتشتلا
٭ والقصيدة طويلة.. غير أن لعمر زهوراً أخرى متفتحة ومسقية بالندى .. هو ذاته عمر الذي قدمه للناس لأول مره الاذاعي الكبير علم الدين حامد من خلال برنامجه «صالة العرض» وحفظ له عمر هذا الجميل.. يوم أن اهداه هديته في ليلة تكريم عمر بمهرجان أماسي أمدرمان.
٭ هاجر عمر محمود خالد.. إلى الجماهيرية.. تحديداً إلى صحرائها في غربة امتدت لحوالي خمس سنوات.. وكانت معه زوجته ناهد محمود الامدرمانية.. وهو ذاته الذي كان ينظم عقداً نضيداً من الاشعار العذبة..
سمحة جد .. سمحة خالص
سمحة زي كتب المدارس
سمحة زي ونسة مجالس
سمحة زي كل النوارس
طالة من خلف الجزائر
سمحة جد سمحة خالص
انتي مهما تكوني انتي
ياكي محبوبتي البريدا
ما بختفك مني حبيشا
عددو خمسين ألف فارس
والحرب لما تدور
ما يفتش عن متارس
انتي سيفي الشايلو جاهز
وانتي درعي البيهو حاجز
اي زولن عايز يبارز
سمحة جد.. سمحة خالص..
٭ وفي فترة تواجده بالجماهيرية الليبية.. كان قد كتب قصيدة وفاءً وعرفاناً لزوجته التي رافقته في هذه الرحلة المذكورة سابقاً.. وهي ذات القصيدة التي خرجت ملحنة ومغناة عبر حنجرة الاستاذ محمد الأمين.
خمسة سنين معاك يازينة الأيام
يانوارة الحلوين مرت حلوة زي انسام
وزي أحلام صبية ندية، زي ياسمين
وزي ضحكة فرح دفاق في
وزي لهفة بعيد مشتاق
يلاقي أحبتو الغايبين
خمسة سنين
ودرب الريد معاك اخضر
خمسة سنين، بريدك كل يوم اكتر
أحاول مرة بس أنساك
عشان يا غالية أتذكر
أجي وألقاك، ديمة معاي
وألقى هواك ملك دنياي
وفي اعماقي اتحكر.
٭ عاد إلى بلاده.. وهو اكثر عزة بعلمه وبأهله وبتجربته وبمشروعه الطبي والادبي والاعلامي والرياضي.. فكان أن دخل تلفزيون السودان فقدم من خلاله (350) حلقة من برنامجه الموسوم (صحة وعافية) .. الذي صار معروفاً داخل وخارج البلاد.. ثم انتقل الى قناة النيل الازرق فقدم حوالي(250) حلقة أي أنه قدم (600) حلقة من البرنامج حتى فبراير 2010م.. وعبر البرنامج.. قدم خدمات إنسانية وارشادات صحية وبيئية وجرعات طبية مجانية للمرضى والاصحاء.
مستضيفاً لأبرز الاختصاصيين والاستشاريين في تخصصات الطب المختلفة.. وكان يختم كل حلقة بمقاطع من اشعاره هو أو لآخرين. ولكونه يجمع بين الطب والإعلام والرياضة والأدب.. فكان قد التقى بالفنان محمد ميرغني فكانت:
لما تطلع ياصباحي ياسهاد ليلي الطويل
لما يفتر الاضاحي ويزهر الفل والنخيل
تسكن آلامي وجراحي ويبتدي العمر الجميل
لما تضحك ياجميل يا أمل مخضر ويانع
وعد غالي ومستحيل يبدو وجهك طفل رائع
ويبدو حسنك بدر طالع من عيونك ياروائع
عن قرى الأفراح تسيل لما تضحك يا جميل
تضحك الدنيا وتزغرد ويرقص الموج في الجداول
تنتشي الفرحة وتعربد في عناق وهج السنابل
في شموخ عزة وخليل
٭ قال عنه أحمد دقش في مقدمة حواره معه:(عمر محمود خالد، إنسان بكل ما تحمله الإنسانية من معان، ترتسم على وجهه الابتسامة العريضة وحب الدعابة والطرفة مع مرضاه وضيوفه، وعامة الناس لدرجة يصعب على الإنسان التخيل إنه يمكن أن يغضب في لحظة من اللحظات ، بسيط بساطة عيادته التي سخرها ومنذ سنوات طويلة لخدمة المرضى والبسطاء والفقراء المعدمين من ابناء الشعب السوداني، هو والد «يوسف» و«شرف الدين».. الأول طبيب والثاني متخصص في إدارة الاعمال.
٭ هو شاعر وطني تربى على التصوف وحب الزعيم إسماعيل الازهري والحركة الاتحادية.. غير أن له صداقات ممتدة مع كافة طبقات المجتمع .. ويعمل بدأب .. ووزع طاقاته بين أمراض الجهاز التنفسي والشعر الغنائي والشاشة الصغيرة وعشق الساحرة المستديرة وحب المريخ النادي العريق.. الذي خلده في نص.. أصبح معروفاً لدى جماهير النادي (الأحمر الوهاج).. أو (الزعيم)..
العصر والتاريخ يشهدان
والارض والسماء يعرفان
المجد والمريخ توأمان
والنصر فوق صدره الفسيح
والفخر فوق هامة النجوم يستريح
والأمن مستتب والأمان
وأنت يامريخ تصنع التاريخ
تملأ الزمان والمكان
ونحن عزة ومنعة وصولجان
أسألوا الايام عن أمجادنا واستنطقوا الزمان
أسألوا الغروب والمشارقا
اسألوا الافرنج والاعراب والافارقة
لا تسألوا الأقزام اسألوا العمالقة
أسألوا الهو نفيذ واسبارتاك والبطارقة
من غيرنا قد لون التاريخ بالذهب؟
من غيرنا قد وهب الافراح ما وهب
من دوخ الابطال اينما ذهب
فنحن منذ البدء كانت البطولة
وكانت الشهامة الشماء والرجولة
وكانت المبادئ السمحاء والفضيلة
فكانت الاشبال والاسود
من غيرنا قد طوع الظروف؟
من غيرنا قد هزم التحكيم والتنجيم والألوف؟
من غيرنا قد اشعل الحماس وألهب الكفوف؟
فأزدهرت وفاء واشرقت صفاء
واثمرت اخا وجاءنا الوفاق وحّد الصفوف
فصاحت الالوف:
نحن بين الناس صفوة
نحن في الحياة قدوة
نحن في المريخ إخوة نعشق النجم ونهوى
نحن في التاريخ سفراً يملأ التاريخ زهواً
واختلاف الرأي فينا يجعل المريخ أقوى
ظهر في تدشين حملة مرشح الحركة الشعبية لرئاسة الجمهورية ياسر عرمان بمنزل المناضل علي عبد اللطيف وقالوا أن عمر محمود خالد صار حركة شعبية.. ثم ظهر في حملة المرشح للبرلمان جمال الوالي.. فقالوا أن عمر مؤتمر وطني.. فهو يرى أن المرشحين هما أبناء جزيرته وصديقيه .. والثاني.. يشاركه حب المريخ..
٭ إلتقى دكتور عمر بالفنان صاحب الصوت الرخيم عاصم البنا فكان هذا العمل:
لون الدهب
ياتو السمح ومنو السمح
غيرك سمح
لون الدهب ولا القمح
ايه الدهب وايه القمح
انت السمح
طبعك سمح
أنت السماح لا بسك وشاح
لما الصباح شافك فرح
انت السهاد الما استراح
انت الوداد العمرو ضاع
انت الحنان الما حصل
انت الامان وسط الاهل
انت الجواب الما وصل
انت الغمام الطاف ديارنا وما وصل
انت الشذى وانت الندى
وأنت الامل
باختصار ياحبيبي
كلك حياة وزيك عسل
والده هو الفكي محمود.. وذلك لكونه شيخاً يعلم الطلاب حفظ القرآن الكريم في خلاوي جدة شيخ الطريقة السمانية.. غير أنه عوالم تتداخل فيها .. عبق مدرسة الفريجاب.. وأنفاس السحر وتراتيل القرآن العظيم وأوراد السمانية .. وبين الطب الذي درسه بجامعة الخرطوم.. وتسبقها مدرسة طابت .. ودراسة لغة الضاد على يد الأستاذ الأديب الهادي في حنتوب الثانوية.. وحب الشعر واصداره لصحيفة «الصاروخ» بداخلية المك نمر.. ومزاملته لحسن مكي ومجذوب الخليفة وغازي صلاح الدين وقرشي محمد علي والطيب إبراهيم محمد خير ومصطفى عثمان وإبراهيم غندور وصداقات مع الشاعر محمد الحسن دكتور والصحفي كمال حسن بخيت..
٭ إلى أن نال درجة الدبلوم العالي في أمراض الجهاز التنفسي.. واصبح فيما بعد طبيباً ورياضياً وإعلامياً وأدبياً .. دكتور عمر محمود خالد «تحية» واحتراماً
ويبقي الشوق في عيونا
وانت تتحدى الليالي
والليالي بدون عيونك لا قمر
بهل عليها لا نجوم فيها بتلألئ
والزمن لا داير يرجع لا يعدي ولا يقيف
والمواسم في غيابك كلهم يمتدو صيف
والعصافير الحنينة الزمان كانت تجينا
جافت الدار ليها مدة من زمان الفرحة عدى
.....
وساب بيادرنا الخريف للرياح في جوفها تمرح
لو بتسمح يا اللي في سيرتك بنمسي واللي بي اسمك بنصبح
مرة فكر في عيونا ولي دموعنا الجافة امسح
*صحافي سوداني
siddigelbashir3@gmail.com
شعبي يا سفر الملاحم
شعب واعي وشعب فاهم
أنت في طيفك مسالم
إلاّ جبار يوم تخاصم
زي ماصمتك معلم
خلي صوتك يبقى حاسم
٭ هذا هو .. يكفي المقطع أعلاه.. بأن يقدمه للناس .. ولا كل لكونه من الذين يعبذون النصوص الخضراء في «باقات» أدبية.. ويهديها لعشاق الحروف المموسقة وليس غريباً عليه ذلك.. فهو ترجع أصوله إلى طابت الشيخ عبد المحمود غير أن أمدرمان هي التي شهدت اطلاق صرخته الأولى في هذه الحياة في أجواء مشبعة بأصوات الذكر والذاكرين وحلقات القرآن والعلم والمعرفة وتلاوة شيخ مع الحيران.. وتنسم في الساعات الأولى من ميلاده عبق التصوف ونسائم السادة السمانية .. وعبير جده الشيخ محمد شريف نور الدائم.. وولد بامدرمان وانتقل مرة أخرى إلى الجزيرة.
٭ هو أديب وإعلامي ضل طريقه إلى فضاءات السماعات والمشارط والابر والمباضع ودنيا أمراض الصدر عمر محمود خالد.. وطني حتى الثمالة .. فطر على حب الارض و«ريحة التراب».. ويكتب .. أعذب النصوص التي تمجد البلد وتحكي عن عظمة الناس.
يا بلد
أصبحت كيف
وكيف عيونك من وجع سهر الليالي
الحائرة في الصيف والخريف
تسلم انت
من المصاعب
والمتاعب
والجراحات والنزيف
أصبحت كيف
أصبحنا كيف وكيف أصبح النيل والنخيل
والبراحات والتلال
وكيف أصبحت عزة في هواك
والسمرة والناس الطوال
وكيف نامت أمدرمان هناك
والكورة كان مريخ هلال
وجمهورك الواعي وحصيف
أصبحت كيف..!!
وأنا في وراك
منو سترك صدر وجناح
أصبحت كيف وأنا في حماك
متوسمك
لمسة وفاء
وساعة صفاء
وبلسم جراح
وأصبحت كيف
وأنا في رجاك
مستلهمك
طلة ندى
وبسمة رضا
ونجمة صباح
في حضنك الزاهي الوريف
أصبحت كيف.
٭ وعمر محمود خالد أحد الذين نسجوا خيوط الشعر الغنائي بلسماً ناجعاً وقدمه للمرضى .. في شكل «كبسولات» مريحة للنفس والوجدان .. من ضغوطات الصداع المزمن والكبت والانفصام.. يكتب الشعر بلغة بسيطة .. وبمفردات يلتقطها من الواقع اليومي.. ومن أنفاس الناس.. مثل اللوحة التالية المرسومة بالكلمات.
صباحكم زي صباح العيد..
ورسمة جميلة على لوحه
نمّة زول مسرور وصوت عصفور وكت يصحي
قراية شيخ مع الحيران وتلاوة طفلة بطرحة
مشتاقين كتير والله حقيقة قلوبنا منشرحة
٭ .. عاد مرة أخرى إلى طابت.. بالجزيرة.. التي أهدت السودان القمح والقطن والخضرة والشعر والماء والتصوف والوجه الحسن .. وآخرين .. مبدعين .. مثل عبد العزيز المبارك وحميدة أبو عشر ومحمد الأمين وفضل الله محمد والكاشف وأحمد الطيب ورمضان حسن.. ومصطفى سيد أحمد.. وغيرهم على سبيل المثال وليس الحصر.
٭ هو ذاته عمر.. المولود في الخمسينيات من القرن المنصرم بأم درمان «بقعة المهدي الامام.. ثم عاد إلى الفريجاب.. وعاش هناك .. يستنشق عبير التصوف وأذكار الصالحين ونيران القرآن في الخلاوي.. وهو من أسرة .. عرف بالدين والتقوى والصلاح والورع الشيخ محمد شريف نور الدايم وعبد المحمود نور الدايم .. وهو خلطة بين المدينة والريف .. مزيج بين أم درمان والجزيرة «أرض المحنة» ويلتقي - لاحقاً بالموسيقار محمد الأمين .. ليقدما معاً إلى الغناء السوداني.. حسناء تدعى «حلم الاماسي».. التي أصبحت بعدها واقعاً اجتماعياً...
إنتي مهما تغيبي عني
أصلو ما بتفوتي مني
عايشة في وساكنة جواي
في خواطري وفي مشاعري
وفي تسابيحي وغناي
زي فرح ماليهو آخر
شوق سنين لزول مسافر
راجي الزمن في يوم يجيبو
لديارو ولي حبيبو
والفريق يفرح ويغني
في عيونك شايلة أكوان من وداعة ومن اصالة
ومن براءة ومن محنة .. عزة تشرب من معزة
ومن تراثنا ومن أصلنا
وعد غرقان في نداهو زحمة اطفال جوه جنة
وزول بيحلم بالعديلة وفرحة الريدة الطويلة
ناس تجيهو تغني ليهو وناس تبارك وناس تهني
وتبقي ياحلم الأماسي شمعة ضاوية في كل دار
وزهرة في كل المواسم كل يوم بتزيد نضار
وقمة بنوت بلدنا وفرحة في عيون الصغار
ولوحة عن حسنك بتحكي فيها هزة وفيها نقزة
وفيها نوبة وفيها طار
تهفو ليك الامنيات وتزهو بيك الامسيات
وبيك تفرح وليك تغني.
انتي مهما تغيبي عني أصلو ما بتفوتي مني
٭ هو من زمرة الاطباء الذين زاوجوا بين مهنة التطبيب ومهن أخرى.. أو ضلوا طريق المباضع والمشارط .. الى عوالم أخرى.. تجارة أو سياسة .. أو غيرها.. من لدن عبد الحليم محمد والتجاني الماحي وأحمد فرح شادول وغازي صلاح الدين وعلي الحاج وحسبو سليمان وعبد الحليم المتعافي والزين عباس عمارة والمعز عمر بخيت وأصبحوا نجوماً متلألذة في مجالات تخصصاتهم.. وغيرها.
٭ ثم تمر مسيرة عمر محمود خالد.. العلمية والاجتماعية والابداعية وتشاء الاقدار أن يدخل كلية الطب جامعة الخرطوم.. ويتخرج فيها وبين الدخول والخروج من الجامعة المذكورة.. يشاهد إحدى الطالبات .. وكانت بمنتهى الجمال والطلعة والبهاء والحسن .. غير أنها تم فصلها.. فكان خلودها في ذاكرته «هو» و«هي» عبر نص خالد.. أصبح معروفاً للكثيرين «ياسيده لا»..
ياسيدة لا.. فايتانا وين مستعجلة
شرط امتحان ما أنتي كملتي الحلا
لازم علوم ما بالسماحة مؤهلة
ما سمحة قاطعة مكملة
ما ساحرة نايرة ومذهلة
فايتانا وين مستعجلة
الجامعة صبحت قاحلة
حزنت لياليها وصباحاتا وبتبكي اصائلا
ما كنتي نوارة ونسيمة وبلبلة
كنتي الضيا البرشح سناه يجملا
كنتي الندي الحاضن زهورا مبللا
كل القلوب تخضع تجيك متوسلا
تتبع خطاك ترقص معاك
تزرع دروبك وتشتلا
٭ والقصيدة طويلة.. غير أن لعمر زهوراً أخرى متفتحة ومسقية بالندى .. هو ذاته عمر الذي قدمه للناس لأول مره الاذاعي الكبير علم الدين حامد من خلال برنامجه «صالة العرض» وحفظ له عمر هذا الجميل.. يوم أن اهداه هديته في ليلة تكريم عمر بمهرجان أماسي أمدرمان.
٭ هاجر عمر محمود خالد.. إلى الجماهيرية.. تحديداً إلى صحرائها في غربة امتدت لحوالي خمس سنوات.. وكانت معه زوجته ناهد محمود الامدرمانية.. وهو ذاته الذي كان ينظم عقداً نضيداً من الاشعار العذبة..
سمحة جد .. سمحة خالص
سمحة زي كتب المدارس
سمحة زي ونسة مجالس
سمحة زي كل النوارس
طالة من خلف الجزائر
سمحة جد سمحة خالص
انتي مهما تكوني انتي
ياكي محبوبتي البريدا
ما بختفك مني حبيشا
عددو خمسين ألف فارس
والحرب لما تدور
ما يفتش عن متارس
انتي سيفي الشايلو جاهز
وانتي درعي البيهو حاجز
اي زولن عايز يبارز
سمحة جد.. سمحة خالص..
٭ وفي فترة تواجده بالجماهيرية الليبية.. كان قد كتب قصيدة وفاءً وعرفاناً لزوجته التي رافقته في هذه الرحلة المذكورة سابقاً.. وهي ذات القصيدة التي خرجت ملحنة ومغناة عبر حنجرة الاستاذ محمد الأمين.
خمسة سنين معاك يازينة الأيام
يانوارة الحلوين مرت حلوة زي انسام
وزي أحلام صبية ندية، زي ياسمين
وزي ضحكة فرح دفاق في
وزي لهفة بعيد مشتاق
يلاقي أحبتو الغايبين
خمسة سنين
ودرب الريد معاك اخضر
خمسة سنين، بريدك كل يوم اكتر
أحاول مرة بس أنساك
عشان يا غالية أتذكر
أجي وألقاك، ديمة معاي
وألقى هواك ملك دنياي
وفي اعماقي اتحكر.
٭ عاد إلى بلاده.. وهو اكثر عزة بعلمه وبأهله وبتجربته وبمشروعه الطبي والادبي والاعلامي والرياضي.. فكان أن دخل تلفزيون السودان فقدم من خلاله (350) حلقة من برنامجه الموسوم (صحة وعافية) .. الذي صار معروفاً داخل وخارج البلاد.. ثم انتقل الى قناة النيل الازرق فقدم حوالي(250) حلقة أي أنه قدم (600) حلقة من البرنامج حتى فبراير 2010م.. وعبر البرنامج.. قدم خدمات إنسانية وارشادات صحية وبيئية وجرعات طبية مجانية للمرضى والاصحاء.
مستضيفاً لأبرز الاختصاصيين والاستشاريين في تخصصات الطب المختلفة.. وكان يختم كل حلقة بمقاطع من اشعاره هو أو لآخرين. ولكونه يجمع بين الطب والإعلام والرياضة والأدب.. فكان قد التقى بالفنان محمد ميرغني فكانت:
لما تطلع ياصباحي ياسهاد ليلي الطويل
لما يفتر الاضاحي ويزهر الفل والنخيل
تسكن آلامي وجراحي ويبتدي العمر الجميل
لما تضحك ياجميل يا أمل مخضر ويانع
وعد غالي ومستحيل يبدو وجهك طفل رائع
ويبدو حسنك بدر طالع من عيونك ياروائع
عن قرى الأفراح تسيل لما تضحك يا جميل
تضحك الدنيا وتزغرد ويرقص الموج في الجداول
تنتشي الفرحة وتعربد في عناق وهج السنابل
في شموخ عزة وخليل
٭ قال عنه أحمد دقش في مقدمة حواره معه:(عمر محمود خالد، إنسان بكل ما تحمله الإنسانية من معان، ترتسم على وجهه الابتسامة العريضة وحب الدعابة والطرفة مع مرضاه وضيوفه، وعامة الناس لدرجة يصعب على الإنسان التخيل إنه يمكن أن يغضب في لحظة من اللحظات ، بسيط بساطة عيادته التي سخرها ومنذ سنوات طويلة لخدمة المرضى والبسطاء والفقراء المعدمين من ابناء الشعب السوداني، هو والد «يوسف» و«شرف الدين».. الأول طبيب والثاني متخصص في إدارة الاعمال.
٭ هو شاعر وطني تربى على التصوف وحب الزعيم إسماعيل الازهري والحركة الاتحادية.. غير أن له صداقات ممتدة مع كافة طبقات المجتمع .. ويعمل بدأب .. ووزع طاقاته بين أمراض الجهاز التنفسي والشعر الغنائي والشاشة الصغيرة وعشق الساحرة المستديرة وحب المريخ النادي العريق.. الذي خلده في نص.. أصبح معروفاً لدى جماهير النادي (الأحمر الوهاج).. أو (الزعيم)..
العصر والتاريخ يشهدان
والارض والسماء يعرفان
المجد والمريخ توأمان
والنصر فوق صدره الفسيح
والفخر فوق هامة النجوم يستريح
والأمن مستتب والأمان
وأنت يامريخ تصنع التاريخ
تملأ الزمان والمكان
ونحن عزة ومنعة وصولجان
أسألوا الايام عن أمجادنا واستنطقوا الزمان
أسألوا الغروب والمشارقا
اسألوا الافرنج والاعراب والافارقة
لا تسألوا الأقزام اسألوا العمالقة
أسألوا الهو نفيذ واسبارتاك والبطارقة
من غيرنا قد لون التاريخ بالذهب؟
من غيرنا قد وهب الافراح ما وهب
من دوخ الابطال اينما ذهب
فنحن منذ البدء كانت البطولة
وكانت الشهامة الشماء والرجولة
وكانت المبادئ السمحاء والفضيلة
فكانت الاشبال والاسود
من غيرنا قد طوع الظروف؟
من غيرنا قد هزم التحكيم والتنجيم والألوف؟
من غيرنا قد اشعل الحماس وألهب الكفوف؟
فأزدهرت وفاء واشرقت صفاء
واثمرت اخا وجاءنا الوفاق وحّد الصفوف
فصاحت الالوف:
نحن بين الناس صفوة
نحن في الحياة قدوة
نحن في المريخ إخوة نعشق النجم ونهوى
نحن في التاريخ سفراً يملأ التاريخ زهواً
واختلاف الرأي فينا يجعل المريخ أقوى
ظهر في تدشين حملة مرشح الحركة الشعبية لرئاسة الجمهورية ياسر عرمان بمنزل المناضل علي عبد اللطيف وقالوا أن عمر محمود خالد صار حركة شعبية.. ثم ظهر في حملة المرشح للبرلمان جمال الوالي.. فقالوا أن عمر مؤتمر وطني.. فهو يرى أن المرشحين هما أبناء جزيرته وصديقيه .. والثاني.. يشاركه حب المريخ..
٭ إلتقى دكتور عمر بالفنان صاحب الصوت الرخيم عاصم البنا فكان هذا العمل:
لون الدهب
ياتو السمح ومنو السمح
غيرك سمح
لون الدهب ولا القمح
ايه الدهب وايه القمح
انت السمح
طبعك سمح
أنت السماح لا بسك وشاح
لما الصباح شافك فرح
انت السهاد الما استراح
انت الوداد العمرو ضاع
انت الحنان الما حصل
انت الامان وسط الاهل
انت الجواب الما وصل
انت الغمام الطاف ديارنا وما وصل
انت الشذى وانت الندى
وأنت الامل
باختصار ياحبيبي
كلك حياة وزيك عسل
والده هو الفكي محمود.. وذلك لكونه شيخاً يعلم الطلاب حفظ القرآن الكريم في خلاوي جدة شيخ الطريقة السمانية.. غير أنه عوالم تتداخل فيها .. عبق مدرسة الفريجاب.. وأنفاس السحر وتراتيل القرآن العظيم وأوراد السمانية .. وبين الطب الذي درسه بجامعة الخرطوم.. وتسبقها مدرسة طابت .. ودراسة لغة الضاد على يد الأستاذ الأديب الهادي في حنتوب الثانوية.. وحب الشعر واصداره لصحيفة «الصاروخ» بداخلية المك نمر.. ومزاملته لحسن مكي ومجذوب الخليفة وغازي صلاح الدين وقرشي محمد علي والطيب إبراهيم محمد خير ومصطفى عثمان وإبراهيم غندور وصداقات مع الشاعر محمد الحسن دكتور والصحفي كمال حسن بخيت..
٭ إلى أن نال درجة الدبلوم العالي في أمراض الجهاز التنفسي.. واصبح فيما بعد طبيباً ورياضياً وإعلامياً وأدبياً .. دكتور عمر محمود خالد «تحية» واحتراماً
ويبقي الشوق في عيونا
وانت تتحدى الليالي
والليالي بدون عيونك لا قمر
بهل عليها لا نجوم فيها بتلألئ
والزمن لا داير يرجع لا يعدي ولا يقيف
والمواسم في غيابك كلهم يمتدو صيف
والعصافير الحنينة الزمان كانت تجينا
جافت الدار ليها مدة من زمان الفرحة عدى
.....
وساب بيادرنا الخريف للرياح في جوفها تمرح
لو بتسمح يا اللي في سيرتك بنمسي واللي بي اسمك بنصبح
مرة فكر في عيونا ولي دموعنا الجافة امسح
*صحافي سوداني