عندما كان البرهان سارحًا مع أحلام والده (1)..!

 


 

 

مناظير
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* سؤال أوجهه مباشرة إلى الفريق أول البرهان، بوصفه القائد الأعلى والقائد العام للقوات المسلحة السودانية: لماذا لم تتم حتى اليوم عملية إصلاح الأجهزة العسكرية ــ كما نص الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية ــ وإلغاء قانون قوات الدعم السريع وإعادة هيكلتها ودمج العناصر المؤهلة في القوات المسلحة السودانية وإنهاء الوضع الشاذ الذي يجعل منها جيشًا موازيًا للقوات المسلحة السودانية، والذي لا يمكن أن يقبل به ضابط مبتدئ، دعك من القائد العام للقوات المسلحة نفسه؟!
* كيف يقبل القائد العام للقوات المسلحة السودانية بوجود جيش آخر موازٍ لجيشه، له قيادة مستقلة، وقانون مستقل ومؤسسات مستقلة، وليس له نفس العقيدة العسكرية التي نشأ وتربى عليها الجيش السوداني، بما في ذلك من خطر استراتيجي عليه؟!
* ألا يشعر البرهان بأن وجود جيش مستقل عن القوات المسلحة السودانية، ينتقص من سلطتها وقدرتها وهيبتها كجيش، يجب أن تكون بيده السلطة العسكرية المطلقة لا يزاحمه فيها ولا ينتقص منها جيش آخر؟!
* ألا يشعر البرهان بالململة والغضب المكبوت داخل القوات المسلحة بسبب السلطات الواسعة لقوات الدعم السريع والفوارق الشاسعة بينها وبين الجيش في كل شيء، ومنها على سبيل المثال الحصول على الرتبة العسكرية الرفيعة بسهولة، بينما يجب على الضابط أو الجندي في القوات المسلحة أن يخضع لتدريب وإجراءات وشروط خدمة صارمة ليحصل على نجمة أو شريط واحد في عدة أعوام قاسية؟!
* دعنا من ذلك، ألا يشعر البرهان كعسكري محترف امتهن العسكرية عن طريق الاحتراف والخضوع للقوانين والقواعد العسكرية أعواما طويلة، بأن وجود قوات مستقلة عنه كقائد عام للقوات المسلحة (حسبما ميزها به قانون قوات الدعم السريع لعام 2017)، واستقلالية قائدها عنه خطأ كبير يجب أن يتغير، بالإضافة إلى الانتقاص من سلطته العسكرية كقائد عام؟!
* وأعيد هنا إلى الأذهان ما ذكرته كثيرًا عن الرفض المطلق لحميدتى خلال العهد البائد قبل إجازة قانون قوات الدعم السريع، بأن يكون خاضعا لسلطة القائد العام للقوات المسلحة، مما جعل المخلوع يذعن لرغبته ويجري تعديلًا على القانون يقتضي بأن يكون قائد قوات الدعم السريع مستقلًا عن القائد العام للقوات المسلحة إلا في حالة صدور أمر بذلك من القائد الأعلى للقوات المسلحة (رأس الدولة) أو في حالتي الحرب وفرض الطوارئ فقط، مما جعل حميدتى يخرج يعلن في حوار تلفزيوني متفاخرًا أنه والقائد العام للقوات المسلحة في سرج واحد!
* وللأسف، كان هذا الوضع الشاذ هو الأساس لاتفاق جوبا العبثي، وصار هنالك الآن عدة جيوش في البلاد مستقلة عن القوات المسلحة، تسرح وتمرح على الأرض السودانية وداخل المدن وعلى رأسها عاصمة البلاد، بأجهزتها ومعداتها العسكرية وأجهزة استخباراتها، تُدخل الرعب في قلوب الناس، ولا يدري أحد ماذا سيحدث غدا، وماذا سيكون، فهل يجوز ذلك؟!
*أخيرًا، هل يقبل البرهان باعتباره رأس الدولة، ورئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة والمسؤول الأول عن الدولة السودانية والشعب السوداني، الانتهاكات المتكررة لقوات الدعم السريع لحقوق المواطنين والاعتداء عليهم، وحالات الاختطاف والاعتقالات والاحتجاز في أماكن مجهولة والتعذيب والقتل...إلخ، وحوادث المرور التي ضاع فيها الكثير من الأرواح والفوضى والرعب الذي يشعر به مواطنو المدن من وجود هذه القوات بينهم، ويكفى دليلا على ذلك تظاهرات النازحين بدارفور التي ترفض وجود قوات الدعم السريع، أو أي قوات أخرى بدلا عن قوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في معسكراتهم خوفا منهم؟!
* وأختم مقالي بنفس بالعبارة التي ختمت بها مقال الأمس... إن الأمر ليس مجرد انتهاكات وجرائم ترتكبها قوات عسكرية تمتلك السلطة المطلقة والسلاح، وإنما حياة شعب وبقاء وطن... ومن يجد نفسه أقل من هذه المسؤولية، فليتنحى اليوم بدلا من أن تنهال عليه اللعنات غدا، بأنه أضاع شعبه، ولم يحفظ وطنه!
كُتب ونُشر في 29 ديسمبر، 2020 تحت عنوان "نحن والدعم السريع (2 ).

 

آراء