فقدان الثقة يهدد السلام الاجتماعي

 


 

محمد علي خوجلي
18 September, 2016

 

 


khogali17@yahoo.com
1 -من دوافع حكومة السودان لدمج صندوقي المعاشات والتأمين الاجتماعي:-
-الاستجابة لنصح المؤسسات المالية والنقدية الدولية والتي تنشط منذ عدة سنوات فيما أطلقت عليه "اصلاح نظم المعاشات" في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
-منح الصفة القانونية لصندوق استثمار احتياطات صندوقي المعاشات والتأمين الاجتماعي حيث ظل منذ 2004م يعمل بلا قانون ولا لوائح ولا هيكل تنظيمي "والفات مات"!!
-تحقيق أهداف الشركاء الآخرين فمن النماذج تحقق لأصحاب العمل:
1/ النص على أن المعاشات والتعويضات تعادل مكافأة نهاية الخدمة وفقاً لقانون العمل.
2/ الغاء النص الخاص بالحجز الاداري.
وللنقابات عدم التأثر بالدمج الاداري واستمرارهم في الخدمة ذات الشروط الخاصة.
ومن الأسباب التي اتفق عليها منذ خطة تطوير آليات الضمان في العام 2002م فقدان ثقة العاملين والمعاشيين في الصندوقين.
2-لم تقو الحكومة على انفاذ الدمج الكامل الذي قررته منذ 1993م فأكتفت بالدمج الاداري في قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية 2016م والإبقاء على الصندوقين في صورة قطاعين (أ) الحكومي (ب) العام والخاص وهو دمج جزئي من جهة كما يترتب عليه إعادة توزيع المشتركين والمعاشيين على القطاعين.
والقطاع الحكومي هو: وحدات الحكومة القومية والولائية وأجهزة الحكم المحلي والهيئات العامة التي تسدد أو تدعم وزارة المالية الفصل الأول من موازناتها "المرتبات والأجور" وغير ذلك هم في القطاع (ب).
وكأن القطاع (أ) هو الصندوق القومي للمعاشات (سابقاً) والقطاع (ب) الصندوق القومي للتأمين الاجتماعي (سابقاً).
3-اعلان فرحة الدمج الاداري:
وفي جلسة الثلاثاء 14 يوليو 2016م صادق المجلس الوطني بالإجماع على تعديلات لجنة العمل والادارة والمظالم العامة بشأن مشروع القانون وأجاز بذلك "قانون المعاشات والتأمينات الاجتماعية 2016م" وهنأ البروفيسور ابراهيم أحمد عمر الشعب السوداني والوزارة المختصة بإنجاز القانون الذي يمثل خطوة كبرى في الإتجاه الصحيح للعناية بالعاملين والمواطنين نحو تحقيق الأمان الاجتماعي وبشرت قبله وزير الرعاية والضمان الاجتماعي بمشروع قانون جديد آخر (للأمان الاجتماعي).
4-الصندوق الوطني للمعاشات والتأمينات الاجتماعية:
وقع رئيس الجمهورية على القانون في 3 أغسطس 2016م والذي نص في مادته الأولى: يبدأ العمل به من تاريخ التوقيع عليه. وبذات نصوص القانون الجديد نكون أمام واقع جديد قرره القانون وهو:
1/ قيام الصندوق الوطني للمعاشات والتأمينات الاجتماعية.
2/ إلغاء الصندوق القومي للمعاشات وإلغاء الصندوق القومي للتأمين الاجتماعي.
3/ ينشأ مجلس ادارة للصندوق الوطني.
4- يتم تعيين المدير العام للصندوق الوطني وهو المسئول التنفيذي الأول ولم يتحقق أي شيء مما ذكر ونحن في الاسبوع الثاني من الشهر الثاني.
5-منحة عيد الأضحى قررتها صناديق لا وجود قانوني لها:
في 24 أغسطس 2016م وبحسب عماد الحلاوي وفاطمة عوض "المجهر السياسي" صادق الصندوق القومي للمعاشات "المدير العام" على منحة عيد الأضحى لجميع معاشيي الخدمة المدنية والتأمين الاجتماعي قدرها 250ج تصرف مع استحقاق شهر أغسطس 2016م "وتم التنفيذ فعلاً".
ويهمنا هنا:
أولاً: سلطة المدير العام في تقرير المنحة من أي قانون استمدها؟
ثانياً: إقحام "التأمين الاجتماعي" في الخبر أعلاه يعود الى أي من الأسباب أدناه:
1/ خطأ غير مقصود من "المدير العام لصندوق المعاشات" أو من عماد وفاطمة عوض.
2/ أو أنه صحيح فيكون مدير المعاشات قد تجاوز تعريف القطاع (أ) بالقانون الجديد.
3/ أو أن مدير صندوق المعاشات "الملغي" عين نفسه مديراً للصندوق الوطني قبل صدور قرار من مجلس الوزراء الموقر.
كما أعلن الصندوق القومي للمعاشات إعتماده قرضاً حسناً لكل منسوبيه "1500ج" لخراف الأضحية ووجه مؤسسة التنمية الاجتماعية للمعاشيين بتسهيل عملية الحصول على القرض. وأفاد الصندوق بأنه بدأ فعلياً في دفع القرض بولايتي البحر الأحمر وشمال كردفان.
6-منحة التأمينات الاجتماعية:
نشرت صحيفة الجريدة السودانية وموقع النيلين في 24/8/2016م وكذلك موقع الأخبار العربية وصلاح الدين مصطفى في موقع الراكوبة وشبكة الشروق أن المدير العام للصندوق القومي للتأمين الاجتماعي "الملغي" صادق على صرف 250ج منحة لمعاشيي التأمين الاجتماعي "لأصحاب المعاشات أقل من ألف ج".
وجاء في خبر شبكة الشروق ان اجتماع ضباط الاتحاد العام لمعاشيي التأمين الاجتماعي بحث مع ادارة الصندوق "إنهاء التقاطعات والتمييز بين المعاشيين" مؤكدين رعاية واهتمام الدولة بشريحة المعاشيين.
وفي يوم الخميس 8 سبتمبر 2016م جاء خبر "ابتسام حسن" بصحيفة الصيحة حول شكوى رابطة معاشيي التأمينات الاجتماعية بولاية الخرطوم من تجاوز وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي لمعاشيي التأمين الاجتماعي بشأن المنحة والقرض, متهمة الوزارة بالتمييز بين المعاشيين. وفي يوم السبت 10 سبتمبر 2016م نشر الصحفي محمد ابراهيم بصحيفة التيار تحقيقاً حول ذات الموضوع.
وأخيراً صدرت اعلانات بالمنافذ حددت 20 سبتمبر ميعاداً لصرف المنحة وغض الطرف عن القرض الحسن.
والسؤال المطروح: هل مولت وزارة المالية الاتحادية منحة صندوق المعاشات "الملغي"؟
7-القضايا الحقيقية تحت السطح:
ان "المنحة" و"القرض الحسن" كشفت عن القضايا الحقيقية "تحت السطح" والتي تهدد السلام الاجتماعي وأبرزها:
1/ عدم العدالة في توزيع الأجور والأجور المؤجلة "المعاشات".
2/ الأثر السالب لغياب الفترة الانتقالية قبل انفاذ القانون الجديد.
وعدم العدالة في توزيع الأجور مرده "شروط الخدمة الخاصة" و"تجميد قوانين الخدمة" وفي الوقت الذي يبحث فيه المعاشي في التأمين الاجتماعي عن 250ج نجد ان العاملين بصناديق الضمان منحة عيدهم مرتب شهرين "من أموال العمال والمعاشيين" بما في ذلك المدير العام الذي تبلغ منحة أضحيته حوالي ستين ألف جنيه تعادل فقط منحة 240 معاشي "استناداً على عقد العمل أو شروط الخدمة الخاصة".
ان عشرات المؤسسات العامة والشركات في القطاعين (أ) و(ب) تعمل بشروط خدمة خاصة ومنحة الأضحى عندهم ما بين مرتب شهر الى ثلاثة شهور وهم ليسوا وحدهم فالعاملين في الدولة تحدد الوحدات "المنحة" ما بين مبالغ مقطوعة وغيرها.
لذلك: نادينا بالوصف الوظيفي وإعادة هيكلة الأجور على ضوئه بعد تقييم الوظائف.
لذلك: ندعم مطالبة اتحاد العمال بشأن منحة العيدين بما يحقق العدالة للجميع.
كما ندعو اتحاد العمال للنظر بجدية أكثر بشأن استحقاقات العمال المتأخرة لسنوات عددا والعمال ضعفاء. الأقوياء لا يحتاجون للمناصرة.
"أنظر فروقات تعديل المرتب التي صرفها مديرا الصندوقين حوالي 170 الف جنيه لكل كما يحكي عاملون بالصندوقين. اذا تأخر صرفها فإنها تكفي منحة حوالي 14 ألف معاشي في التأمين الاجتماعي؟!".
8-ان الواقع الجديد ما بعد 3 أغسطس 2016م الذي أمامنا:
1/ زوال الصفة القانونية لقانوني المعاشات والتأمين الاجتماعي.
2/ القانون الجديد بالمادة (1) ينتج الأثر المباشر والفوري, أي يسري على الوقائع من يوم نفاذه.
3/ ويترتب على ذلك عدم رجعية القانون, بمعنى عدم سريان القانون على الماضي.
وهنا تثور النزاعات والتساؤلات حول القانون الواجب التطبيق وحول الآثار والأوضاع التي تبدأ في ظل القانون القديم وتحكمها قاعدة معينة وتمتد الآثار الى القاعدة التي حلت محلها في القانون الجديد لتعقيد اجراءات التسوية.. وغيرها من المسائل.
ولذلك اقترحنا في "المبادرة السودانية لتعزيز الحماية الاجتماعية" التدرج في تاريخ انفاذ القانون أو تحديد تاريخ متقدم للسريان بتحديد فترة انتقالية لاكمال الترتيبات الادارية واللوائح وغير ذلك.
واللوائح المقصودة في م/1 وقرر القانون استمراريتها الى أن تعدل أو تلغى لم يتبع في اصدارها النواحي الشكلية والاجرائية المقررة قانوناً "المواد 4/9/13 من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة 1974م والمادة/115 من دستور السودان المؤقت 2005م".
وكيف تسري لوائح صدرت أحكام قضائية ببطلانها؟
وكيف تحل الاشكالات في حالة التضارب بين القانون الجديد واللوائح القديمة رغم بطلانها بشأن القواعد والأحكام المستحدثة في القانون الجديد مقارنة بتلك التي كانت سائدة بالقانون القديم الذي صدرت اللائحة تنفيذاً له؟
وكيف يملأ الفراغ؟
وكيف يخرج نظام المعاشات والتأمينات الاجتماعية من حالة الإرتباك والفراغ القائمة؟
وكيف يثق العمال والمعاشيين في الصندوق الجديد؟

 

آراء