في ذكرى الاستقلال: مستقبل الاستقلال السياسي (الأخيرة) .. عرض : محمد علي خوجلي

 


 

 


مناهضة الاستعمار الجماعي : الحرب والتطبيع والأفروقراطية

عرض : محمد علي خوجلي

Khogahi17@yahoo.com

توظيف خبرات وأفكار الماضي من مناهج التطور ، بالتقييم الجماعي ، والتعلم لتجديد النظرية والمفاهيم الذي يراعي الظروف الجديدة والمتغيرات والقدرات.

ولكل زمان ظروفه وقياداته. ، فتعديل الحاضر وتأسيس المستقبل لا ينفصل عن الدروس المستفادة من تجارب الماضي ، إن الحقيقة لا تموت والأفكار وأساليب العمل تتجدد بين مرحلة وأخرى ، وكل ذلك لا علاقة له باعادة انتاج الماضي.

وفي علم السياسة :

-إن الأحزاب السياسية كما قد تكون أهم عوامل الإستقرار السياسي فإنها قد تكون أيضاً من أهم عوامل ارباك الساحة السياسية .

-وان تقييم أو تقدير الأوزان لأي حزب أو تنظيم أو قيادات لا يستند على الأقوال والمواثييق والمبادرات التي تطرح اليوم بل على الأفعال في الماضي ممارسة كل حزب أو تنظيم أو قيادة.

ومن ابرز ما تضمنه القرار الجمهوري رقم 158 لسنة 2014 بشأن تنظيم أنشطة الأحزاب والتنظيمات السياسية الإعلامية بعد اعلان الرئيس البشير عن حوار الوثبة :
• وضع اطار محدد لكل الانشطة بحظر التعرض للماضي.
• حظر النقد أو المساس بالرموز القومية والوطنية.

ونتعلم أن مصالح الاستعمار الجماعي الجديد لا يتيسر تحقيقها في الدول الأضعف ألا عند تفاقم المشاكل المحلية الداخلية ( ذرائع التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية) ، ولذلك ظلت استراتيجية الصهيونية أزاء السودان ومنذ استقلاله السياسي صناعة الازمات والعمل على تفاقم الأزمات حتى يظل كسيحا وضعيفا. وأن أكبر مكاسب اسرائيل دولة الكيان الصهيوني ، أن ترتفع أصوات قيادات وطنية في العام 2016 تنادي بالتطبيع معها تحقيقاً لمصالح السودان (!) وخطبا للود الأمريكي الذي تشكل اسرائيل أهم قواعده العسكرية.

والأزمة الوطنية الشاملة التي يتحدث عنها الجميع ويومياً ، حلولها بالضرورة وطنية وشاملة ولن تتحقق أبداً إذا لم يكن هدفها المصالح الوطنية لا كراسي الحكم.

واتجاه النخب السودانية لحل الأزمة الوطنية بأدوات الأجنبي الأقليمية والدولية هو من ذرائع التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية ، وهذه النخب تطلب المستحيل عندما تسعى سعياً لأجل أن تتماسك أيادي الضحايا يأيادي الجلادين ..(!)

نمط الحكم الأفروقراطي

ستون عاماً تمضي منذ نيل السودان استقلاله السياسي وظلت انماط الحكم خلال خمسين سنة مابين الديكتاتورية العسكرية والشمولية والأفروقراطية الاستبدادية ،وكذلك في معظم الدول الافريقية والأضعف ، والأفروقراطية الجديدة هي النمط الأفريقي الجديد في الحكم ، وهو إمتداد للحكم الشمولي أو الفردي الشمولي ، حيث يحافظ النمط على كل تراث الشمولية ويسمح في نفس الوقت بشكل من أشكال الديمقراطية الليبرالية .

ويعتمد نمط الحكم الأفروقراطي على قاعدتين :
1. أمن نظام الحكم ونخبة.
2. ترسانة ضخمة من القوانين تحفظ مصالح الفئات الاجتماعية الحاكمة وتقيد بفظاظه أنشطة الحركات الاجتماعية وحركة كتل المتضررين من سياسات نمط الحكم الاقتصادية والاجتماعية بأكثر من تقييد حركة الأحزاب والتنظيمات السياسية حيث تتوافق مصالح قيادات أحزاب مع مصالح النخب الحاكمة.

وبالقاعدة الأولى تهدف الوظيفة الأمنية إلى حماية أمن الحكومة وأمن النظام فتصير الدولة بكل أجهزتها دولة حارسه للنخب الحاكمة وترسيخ حكمها ، ونتيجة ذلك هي توجيه الموارد نحو الأجهزة الأمنية وعدتها وعتادها وامتيازات عناصرها ودوائرها ولذلك نلاحظ أن حوالي 70% من موارد الميزانيات العامة في الدول الشمولية ، أو ذات نمط الحكم الأفروقراطي يتم تخصيصها لغير التنمية العامة والتنمية الاجتماعية ، وتعديل هذه النسبة أساسه تعديل نمط الحكم لا تصويت اعضاء البرلمانات على الميزانيات.

أما القاعدة الثانية فأنها لا تحتاج لشرح أو بيان تفصيلي مئِات القوانين والاف اللوائح :

قوانين تتعارض مع الدستور المؤقت 2005 وظلت كذلك لعقد من الزمان أنتظاراً للدستور الجديد بعد الحوار والتسوية (!) ولوائح تتعارض مع قوانين لا تتسق مع الدستور أو العمل بلوائح دونما سند من قانون أو لوائح قضى القضاء ببطلانها.

أنظر :

جاء في أخبار الصحف اليومية السودانية يوم 21 يناير 2016 أن البرلمان اجاز في جلسة يوم 20 يناير التي شهدت هرجا ومرجا وجدلاً قانونيا كثيفا تعديلات القانون الجنائي لسنة 2016 في كافة المراحل (السمات العامة والقراءة الأولى والثانية والأخيرة في ساعة واحدة) وأن التعديلات أودعت منضدة المجلس 18 يناير 2016 بشكل مفاجئ وأعتمدت عقوبات صارمة لمثيري الشغب والإتلاف وتهريب السلع.

وخلال المدوالات ظهر أن ردع مثيري الشغب والاتلاف الجنائي لتفادي ما حدث من خسائر في أحداث سبتمبر 2013 ولذلك جاءت العقوبات قاسية.

وهذه دلالة على الاستعدادات القانونية لحماية نمط الحكم والنخب الحاكمة القديمة والجديدة من بعد الحوار والتسوية ، أي بعد أكتمال الفرز وقسمة المجتمع إلى معسكرين كما يردد مساعد الرئيس ابراهيم محمود حامد معسكر للسلام ومعسكر للحرب .. (!).

ونمط الحكم الافروقراطي يحمل بذور فنائه من داخله فهو يتجاوز الأمن الاجتماعي والسلام الاجتماعي بضعف اهتمامه بالتنمية عامه ، والتنمية الاجتماعية خاصة ودول الاستعمار الجماعي الجديد قبلت بنمط الحكم الافروقراطي لأنه يساعدها في تحقيق مصالحها وأقصى ما تطلبه من الدول محل النزاعات لاجراء التسويات تحت اشرافها بين الحكومات والنخب خارج الحكم في سوريا وليبيا واليمن والسودان هو (توحيد قوى المعارضة) دون المساس بنمط الحكم مع زيادة مساحة الديمقراطية ، ومعلوم أنه عندما ترغب الدول الاستعمارية في هدنة ، أو استقرار مؤقت في الدول المستهدفة فأن أكثر ما تهتم به ( حوار جامع لا يستثنى أحداً) و( حكومة جامعة) إلى حين اخطار اَخر .. (!)

تراكم الثروة وإعداد الفيالق

الخاصية المشتركة بين النظم الشمولية والافروقراطية ، أنها نقاط مركزية لتراكم الثروة في المراكز ، وهذا من أسباب عدم المساوة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بين سكان المدن والقرى في الريف ، وهذه النظم وضع اساسها المستعمرون.

أنظر

"كان التركيب الاقتصادي للسودان في نهايات الحكم الثنائي يعكس تفاوتاً كبيراً في مستوى التطور الاجتماعي والاقتصادي بين الاقاليم المختلفة ، تفاوت بين مناطق ومديريات (ولايات) البلاد وداخل كل مديرية (ولاية) وعند النظر لتوزيع اجمالي الاستثمارات على الاقاليم المختلفة عام 55/1956 نجد أن نصيب مديريات (ولايات) الخرطوم والشمالية وكسلا يعادل ثمانية أضعاف الولايات الجنوبية وثلاثة أضعاف كردفان ودارفور.

وعند وضع حجم السكان في الإعتبار فأن حجم السكان في الخرطوم والشمالية وكسلا 2,319,000 وفي كردفان ودارفور 3,091,000 والجنوب 2,783,000. ويتبع التفاوت في توزيع الاستثمارات تفاوت في مستوى المعيشة ونصيب الفرد من الدخل الوطني ، والتعليم ، والصحة حيث كان للتفاوت والاختلال في مستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي وتاثيراته ونتائجه السياسية الهامة ".

والأوضاع اليوم لاتختلف كثيراً بدلالة المقارنة التي يجريها الاستاذ محمد أبراهيم كبج مع كل ميزانية للدولة السودانية ، وعلى ذلك فأن الاحتجاج على التهميش والمطالبة بالتنمية المتوازنة يكون طبيعياً.

وإن نهب الموارد يتطلب نظاماً للسيطرة والإدارة المباشرة لذلك ارتبط استقرار الامبريالية الأوربية بالعنف العسكري وكل ذلك انتقل للنظم الوطنية بعد الاستقلال السياسي ، وفي المقابل خاض الافارقة حروبا مكلفة ضد الأوربيين ومنهم السودانيون وتم اخضاع الثوار بالقمع والعنف من نهاية القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين ، وخضعت كل أنماط المجتعات الافريقية بالقوة للحكم الاستعماري المباشر (1900 / 1960) ونشأت حركات التحرر الوطني -كما عرضنا- وعمل الاستعماريون على اشراك الوطنيين في الإدارة المحلية والوظائف في ادارتهم.

أنظر :

الأصول الأجتماعية لعضوية المجلس الاستشاري لشمال السودان 1946 كانت :

ناظر قبيلة (6) كبار الموظفين (4) شيخ خط (3) وعضوين ( تاجر / مك / ناظر منطقة) وعضو واحد (سلطان ، مهندس).

ونلاحظ أن المجلس قام بعد نشأة الاحزاب السياسية الوطنية 44/45/46 وبعد حوالي عشرين سنة ومراجعة الأصول الاجتماعية لعضوية المجلس المركزي 1963 نجدها :

22 زعماء قبائل 16 من الإداريين 15 تاجر 10 مزراعين و 9 زعماء دينيين.

ولا تختلف النتيجة كثيراً عند مراجعة الأصول الاجتماعية للموقعين على العريضة المؤيدة  لسلطات الاحتلال البريطاني ضد ثورة 1924 ( أوحت البرلمانات الممتدة عبر كل حقب الحكم الوطني!!).

فالنخب الوطنية التي حكمت بعد الاستقلال السياسي للدول المستعمرة هم من زعماء القبائل والإدارات الأهلية والذين تعاونوا مع حكومات المستعمرين وأبنائهم وأصهارهم الذين أشرفت السلطات الاستعمارية على تعليمهم (كلية غردون التذكارية نموذجا) والحقتهم بجهاز الدولة ، وهولاء أنفسهم شكلوا الأحزاب السياسية الوطنية لاحقا.

فحكومات المستعمريين أعدت الفيالق من أبناء الاستقراطيين وأغنياء المزراعيين وقيادات الإدارة الأهلية ومنحتهم المهارات الضرورية لاداء وظائف تكنوقراطية معينة سواء في سياق الحكم غير المباشر أو خلال الفترات الانتقالية أو تولي السلطة السياسية بعد الاستقلال السياسي.

فالنخب الوطنية التي حكمت بعد الاستقلال السياسي منتجة أوربياً في كل الدول الأفريقية (المستعمرة سابقاً) ومشروعها بعد الاستقلال لم يمثل تحولاً وظل في حيز الدولة الموروثة في سياق اقتصاد سياسي عالمي والنتيجة شغل الحكام الوطنيين الموقع العنصري الامبرالي ذاته في مواجهة الاستقلالية والتعبير الذاتي للمجتمعات المحلية وأستمروا مركزاً كما الأوربيين مستخدمين الأساس ذاته المتمثل في عنف الدولة.

الأحزاب السياسية السودانية
1. متفقون أنه من غير المتصور وجود ديمقراطية من دون أحزاب سياسية – والحزب السياسي هو طليعة طبقة أو فئات أجتماعية ممثلاً لمصالحها ، فما هي الطبقات والفئات الاجتماعية في السودان التي يمثلها أكثر من مائة حزب؟ فتكون حل قضية الأحزاب هي المدخل لحل الأزمة الوطنية الشاملة!!.
2. ومعلوم أن حكومة المستعمر البريطاني في السودان قاومت التوسع في التعليم الحكومي بعد ثورة 1924 في مواجهتها لفئة المتعلميين ولذات السبب جعلت اللامركزية والسلطات القبلية والإدارة الإهلية سلاحاً لحمايتها فأصدرت القوانيين منذ العام 1922 ( قانون شيوخ القبائل الرحل) التي تنظم ممارسة بعض سلطات زعماء القبائل على أفرادها ثم تعيين بعض الأهالي في خدمة الحكومة لاداء مهام أدارية مباشرة ، وأزداد عدد الموظفيين في الوظائف الكبرى من 1 في العام  1930 إلى 28 في العام 1939 ، أما الوظائف الأخرى فقد كانت على النحو التالي :

العام 1930 2735 سوداني     1521 مصري  464 بريطاني

العام 1939       4612 سوداني  574 مصري   353 بريطاني

 
3. والأحزاب التاريخية بمعنى مشاركتها في النضال ضد الاستعمار ، والرئيسية بدأت كفاحها مع قيام المجلس الاستشاري لشمال السودان 1946 ، ومعلوم أن حزب الامة أستمد بقائه من طائفة الأنصار والحزب الأتحادي أعتمد في وجوده على الطائفة الختمية ، والمثقفون أو الذين درسوا في كلية غردون التذكارية أقاموا جماعات أدبية وسياسية (مؤتمر الخريجين) ومن ثم الأحزاب السياسية وبعد انقاسمهم توزعوا بين الطائفتين.

والحزب الوطني الاتحادي حاول الخروج من عباءة طائفة الختمية (1952-1957) وفشل في النهاية وبدأ تراجعه منذ العام 1958 بأداة تعديل قانون الانتخابات لصالح حزبي الأمة والشعب الديمقراطي (حزب الختمية) حتى اندمج مع حزب الختمية (الحزب الاتحادي الديمقراطي) 1968 والأصول الاجتماعية لعضوية البرلمان 1954 ذات أهمية وهي التي فاز فيها الحزب الوطني الاتحادي حيث جاءت :

27 موظفاً  و12 معلماً و23 من الإدارة الأهلية و9 من التجار  و4 من الضباط السابقيين وقضاة ومحامون وأصحاب مشاريع وأغنياء المزراعيين.

 
4. وكما عرضنا فأن النضال ضد الاستعمار القديم في أفريقيا والدول الأضعف وفي السودان خاضت غماره الحركات الاجتماعية والطلابية والنقابية والعمالية والروابط والجمعيات الأدبية والثقافية والحركة الشبابية والنسوية.

أنظر :

مظاهرات الشباب والطلاب والعمال عند مناهضة قيام الجمعية التشريعية غطت معظم المدن السودانية كما كانوا معادين لحزب الأمة ولكن لم يحركهم الاتحاديون.

ومثل هذه الحركات لا التنظيمات قاومت الديكتاتورية العسكرية حتى ثورة أكتوبر 1964 والحكم المايوي الشمولي حتى أنتفاضة مارس 1985 أما الأحزاب السياسية (المعارضة الرسمية) فأنها أختزلت مهامها في تنظيم أو اعادة تنظيم الساحة السياسية بعد رحيل الديكتاتورية العسكرية أو النظام الشمولي ، والتنظيم مقصود منه اجراء الترتيبيات واتفاق القيادات للوصول إلى كراسي الحكم باعتبارها (ممثلة للشعب) وابعاد القوى الحية للحركات العامة والاجتماعية والقوى الحديثة في حين أن عضويتها مجتمعة لا تتجاوز 8% بما فيه المؤتمر الوطني (!).
5. ومن حسن حظ نمط الحكم الافروقراطي القائم في السودان أن الأحزاب السياسية المعارضة (الرسمية) لم تستوعب دروس الماضي وأن الحركة العامة شي والتنظيم أمر اَخرفحاولت الهيمنة على قيادات التنظيمات الشبابية التي أفرزتها الحركات ظنا منها أن ذلك يتيح لها السيطرة على الحركات.

ولأنها تقيس قدرات الحركات بقدراتها هي فأنها تدخلت في الانتفاضة الطلابية 96/1997 وقامت بتخريبها من داخل القلعة بتوجيه طلابها بإيقاف التظاهرات ، ومرة أخرى في سبتمبر 2013 تدخلت باقامة المنسقيات الوهمية ومنع طلابها وشبابها من المشاركة في أو جعلها اختيارية .. فأصبحت الحركات الاجتماعية والعامة تعاني الأمرين : أستبداد السلطة السياسية وعنف الدولة الموروث منذ حكومة المستعمر البريطاني من جهة ، ومحاولات هيمنة المعارضة الرسمية عليها وبذلك جرى اعتقال الحركة الجماهيرية وهي التي يجب أن نطالب بأطلاق سراحها .. (!)
6. والأحزاب السياسية السودانية حديثة النشاة وقضت أكثر من 80% من اعمارها محظورة وتمارس أنشطتها سراً ، وعلى ذلك فأن أي حديث عن قوتها في الماضي لا يكون دقيقا ، وهي لذلك وغيره تنقسم وتتشظى وأعدادها ترتفع مع كل انتخابات عامة من (5) في أنتخابات 1952 إلى (7)في أنتخابات 1958 وأكثر من (19) في انتخابات 1968 و84 في انتخابات 2015.

ومن أسباب الضعف : المفاهيم الخاطئة حول التحالفات التي جعلت كل مجموعة أحزاب في حزب واحد فغابت الانشطة المستقلة للاحزاب أو مبادراتها الجماهيرية حيث أن نمو العضوية مرتبط بنمو النشاط الجماهيري ، ويزيد الأحزاب السياسية وهنا على وهن تبنيها جميعا وبلا استثناء سياسات التحرير والسوق الحر فوضعت أحزابها في مواجهة الأغلبية الساحقة المتضررة تلك السياسات والتي يزيدها فطاعه الرأسمالية الطفيلية الحاكمة.

خاتمة
• "من الدروس المستفادة من ماضي حركة مقاومة الاستعمار القديم أن الاستعمار البريطاني في السودان رغم تاريخه الطويل وصف أعوانه الطويل ومحاولاته المتعددة فشل في خلق وضع مستقر ثابت عن طريق المعسكر الذي اقامه واحرز الشعب السوداني استقلاله السياسي"، وهذا الدرس ، وبعد ستين سنة يمنحنا الثقة في الشعب وقدراته وأنه لا غيره ، الذي سينزل الهزيمة الساحقة بالاستعمار الجديد وأعوانه وحلفاءه الذين تكاثروا وكل دعاة الحرب والتطبيع مع الكيان الصهيوني والداعمين لنمط الحكم الأفروقراطي.
• وأن العدوانية التي يحس بها المظلومون تجاه نظام الحكم هي أعمق كثيراً من قدرتهم على تشكيل البديل حتى الاَن ، ولذلك تلجأ النظم بين فترة وأخرى لإجراء اصلاحات سياسيه وأشكال من التعددية الحزبية لاعادة ترميم البناء المتداعي للنظام الافروقراطي.
• نحترم شعار اعادة هيكلة الدولة لادراكنا أن الدول الأوربية في استعمارها للدول الأضعف هي التي أنشأت الهياكل الإدارية والبنى الاساسية لتنظيم نهب الموارد وإعداد البديل الوطني الذي يخدم سياساتها ، فالدول الأفريقية المعاصرة هي دول مصطنعة لا تعبر عن واقع اجتماعي واقتصادي وسياسي وفقا لمفهومالدول القومية ، ولذلك انتفت ارداة التعايش الجماعي في سياق تلك الدول المصطنعة وبحدود مصطنعة رسمت بما يتماشى مع المصالح الاستعمارية دون مراعاة الظروف الاجتماعية رسمت بما يتماشى مع المصالح الاستعمارية دون مراعاة الظروف الاجتماعية وغيرها لمجتمعات الدول تحت الاستعمار ومن هنا برزتمشكلة الحدود بين الدول الافريقية.
• واحتلت حركة الشباب المعارض موقع الصدارة في العديد من الاحداث المتفجرة على مستوى القارة : ليبريا ، تونس ، الجزائر ، السنغال ، السودان ألخ... ، والمجتمع السوداني بالاحصاء السكاني هو مجتمع شبابي ونصفهم من الاناث أو يزيد قليلاً ومنهم البطالة بالملايين والخريجين غير المستوعبين وفاقدي الوظائف بسبب الخصخصة واعادة الهيكلة والمصانع التي اغلقت أبوابها ، وترتبط حركة الشباب بحركة الطلاب ، والواقع انكفاء الطلاب على أنفسهم بسبب تهميشهم من قبل المجتمع المدني ويواجهون مشكلة مشتركة هي العلاقة مع الاحزاب السياسية ، والتي تدعي أنها تمثل الشعب ورغبتها في أن تجعل من الطلاب قطع شطرنج في يدها (قادة المستقبل) ومع تزايد التحاق الطلاب بالجامعات تتدهور ظروفهم المادية من الرسوم الدراسية حتى الوجبة الغذائية..
• إن جبهة مناهضة الاستعمار الجماعي الجديد وإلى جانبها الحركات الاجتماعية المختلفة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق تهتم بوقف الحرب كهدف أول وإن الصيغة التي أقترحها الأستاذ / أشرف عبد العزيز عبر صحيفة الجريدة تتفق في نتيجتها مع ما ندعو اليه اليوم من مشاركة المجتمع والمتضررين في حل قضاياهم دون أنتظار للوساطات والتسويات ، وأزالة أثار الحرب التي تأتي في مقدمة القضايا بعد السلام لا تقتصر فقط على قضايا اللاجئين في دول الجوار والمشردين في مدن السودان المختلفة والنازحين في تلك المعسكرات التي يرغب البعض أن تكون دائمة(!) وكذلك جمع السلاح الذي سيجد مقاومة كبيرة من أمراء الحرب وتجار السلاح بل أيضا مسائل هامة أخرى ، كما ازالة الالغام في مناطق الحرب وشرق السودان وهو ما اشار ليه الاستاذ / ماجد محمد علي بصحيفة الجريدة عبر تقريره التالي لتسليطه الضوء على اعلان دائرة الأمم المتحدة لخدمة مكافحة الألغام في السودان وأنه هناك 32 متر مربع لازالت تنتظر التطهير من التلوث .

والسودان وقع على معاهدة حظر الالغام في ديسمبر العام 1997 وصادق عليها في أكتوبر 2003 حيث بدأ نفاذها في أبريل 2004 ، وشغل السودان مواقع رئيس مشارك في (استراليا) للجنة الدائمة لمساعدة الضحايا وأعادة الدمج الأجتماعي ، ومقرر اللجنة ، ورئيس اللجنة ، وخطة السودان أن يكون الموعد النهائي لتدمير المخزون طبقاً للمعاهدة في أبريل 2008 وأن يكتمل تطهير المساحات الملوثة في 2014 ، ومنشأ الالغام المخزونة التي دمرها السودان هو أمريكا وإيران بنسبة 87% (أمريكا 52% وإيران 35%) و13% لدول : بلجيكا ، ايطاليا ، روسيا ، الصين ، مصر ) ، والالغام هي الغام مضادة للأفراد وأخرى للمركبات وذخائر عنقودية وهناك متفجرات وعبوات غير معروفة (!) ، وضحايا الالغام (التي لا توجد خرائط توضح أماكن زراعتها) والالغام والقذائف غير المتفجرة هم مئات من الاطفال والصبيان والنساء والرجال ونسبة أقل من 1% للمطهرين ، والأف الناجين (حوالي أثنى عشر الفا) أصبحوا من الأشخاص ذوي الاعاقة وهم يتعرضون لذلك أثناء السفر أو جمع المياه والغذاء والأخشاب أو الزراعة والرعي أو اللعب.

ولم نسمع أن لجنة السلام بؤتمر الحوار الوطني قد تطرقت لضحايا الالغام والمتفجرات من مخلفات الحرب ولا الاف الاشخاص ذوي الاعاقة والتي تشير احصائيات الأمم المتحدة أن حوالي 42% منهم فقدوا سبل معيشتهم بعد الحادث.

وعلى ذلك فأن تعويضات الضحايا وإعادة التأهيل وإعادة الدمج الاجتماع والدعم النفسي الاجتماعي ليست بفؤاد مؤتمر  الحوار الوطني فلتكن بفؤاد الحركات الاجتماعية.

إشارة

لم يشتمل المقال على بيان الفاتحة الطويلة من المراجع والمصادر ، ويخفف من هذا القصور الرغبة التي أبداها عدد من الأساتذة في توسيع هذا المقال و(وتوهيطه) وسرني أنهم متباينين فكريا ..

khogali17@yahoo.com

 

آراء