كفاح أستاذ الأجيال الصحفية ميرغني حسن علي … بقلم: د. محمد وقيع الله

 


 

 

من يكتب هذا البحث؟

 

mohamed ahmed [waqialla1234@yahoo.com]

هم يقتلون اضطهادا كلَّ نابغةٍ    حتى إذا ماتَ أَوْلوْه النياشينا

 

أستاذ الأجيال الصحفية والوطني الكبير الجسور المحتسب المحترق الأستاذ ميرغني حسن علي ما أجدره أن تكتب عنه رسالة دكتوراه عامرة تسجل فصلا من أقوى فصول العمل الفكري السياسي الإعلامي النقدي، الذي تدفق ينبوع عطائه الثر لأكثر من نصف قرن من الزمان.

وما أولاه أن نكتب عنه كلمة تقدير في المستهل، فهو في قلب الذاكرة، وإن كنت لا أرى كتاباته إلا لماما في هذه الأيام.

عرفنا ميرغني حسن علي كاتبا متميزا غزير الإنتاج. وكنا نتابع ما يجود به قلمه، ونتأمل أفكاره، وآراءه، ونفيد منها. رغم أنا ما كنا نتابعه في خطه العام، فقد كان شيوعيا ملتزما، وكنا إسلاميين (متعصبين).

ولكن مهما كان أمره، أو أمرنا، فقد كنا نقرأ كتاباته في (أخبار الأسبوع)، مثلما كنا نقرأ ما يتفضل به علينا حينها كتاب (الميثاق)، من أمثال صادق عبد الله عبد الماجد، وعبد الرحيم حمدي، وزين العابدين الركابي، وموسى يعقوب.

وصحفي بحجم ميرغني حسن علي لو كان من حظه أن يظهر في صحافة الغرب لعقدوا له الألوية والتيجان، ولكن كان من حظه أن يظهر في الوسط المتخلف الذي يحاول أن ينهضه، ويحذر أن تسقط أنقاضه عليه.

سيرة غيرية:

ولو ظهر ميرغني حسن علي في بيئة علمية تقدر الرجال حق قدرهم، لكتبت عنه دراسات ودراسات. ولا نقصد دراسات التمجيد والتلميع والترويج، التي يكلف بها بعض هواة الظهور، فما أغني ميرغني حسن علي عنها، وإنما نرمي إلى الدراسات العلمية التحليلية الجادة، التي يفيد منها منها عموم القراء، ولا سيما المتخصصون منهم في السياسة، والتنمية، والإعلام، ويأخذون منها خلاصة تجربة عمر طويل، أطاله الله تعالى في خدمة الوطن، وفي المسابقة في الخيرات وفي المكرمات.

وها هي دعوة حارة نقدمها إلى المتخصصين في علوم الصحافة، والإعلام، والعلوم السياسية، لكي يشمر منهم دارس  نبيه، ذو همة، فيكتب لنا دراسة دكتوراه عميقة مستحصدة، عن تجربة أستاذ الجيل الصحفي ميرغني حسن علي، تدون فصول هذا العطاء تدوينا بليغا، دقيقا، وتحلله، وتوازنه بتجارب أرباب الكتابة الصحفية، المحتسبة، الناقدة، ذات المستوى الرفيع، والبعد التنموي المرموق.

سيرة ذاتية:

وإذا كان الاستاذ الكبير ميرغني حسن علي يتكاسل، كعادة السودانيين، عن كتابة سيرته الذاتية، أو إذا كانت تشغله عن القيام بهذا الواجب هموم الحياة المتكاثرة، التي لا ترحم أحدا في السودان في هذه الأيام.

أو لو كان الأستاذ الكبير لا يرى، من وحي تواضعه الشخصي، أن في سيرته الذاتية ما يستحق التسجيل، ولا يظن أن أحدا يحفل بها، أو يفيد منها، فإنا وكثيرون غيرنا لا نشاركه هذا الرأي، ونعتقد أن الأولى أن يكتب الأستاذ الكبير سيرته الصحفية السياسية الذاتية، ولو على حلقات متصلة في الصحف اليومية.

فليس هو بأقل شأنا في مقام الجهاد الوطني والصحفي من الأستاذ العظيم عبد الله رجب الذي تابع الكثيرون حِلق سيرته الذاتية الموسومة (مذكرات أغبش) و(تجديد مذكرات أغبش) على صفحات (الرأي العام) أو (الصحافة) لست أذكر جيدا، وعاد ونشرها في كتاب ما أخطأ عندما قال إنه سيصبح واحدا من كلاسيكيات الأدب القومي في السودان.

وإن كان ربما أبعد النُّجعة قليلا عندما قرنه بكتاب ود ضيف الله الشهير.

فللأستاذ ميرغني حسن علي قدوة حسنة من حيث التسجيل والتدوين في شيخ الصحافة قبله عبد الله رجب عسى أن يقتديها.

 رؤساء التحرير الدائشون:

وإلا يفعل ذلك فنرجو من أحد رؤساء التحرير غير (الدائشين) وغير (الملخومين) بسخافات المهنة اليومية، أن يتنبه إلى هذا الكنز، المسمى ميرغني حسن علي، ويستكتبه  سيرته الذاتية، أو يرسل إليه محررا مثقفا نابها يستنطقه، ويتحف القراء بتضاعيف وتفاصيل سيرة حياته العامرة بالعبر، وبكل ما يهم الجيل الجديد، من دروس الوطنية والفكر الإعلامي التنموي.

وعند ذلك ستظفر صحيفته بقراء كثر، لاسيما من متابعي الصحف القدامي المثابرين، ومن ناحية أهم، ستصبح صحيفته مصدرا أصليا للبحث العلمي، في تاريخ هذا الشخص العظيم.

ودعوة إلى دكاترة الإعلام:

ولا يكفي لأداء هذا الواجب الكفائي أن يتصدى له كاتب صحفي واحد، والصحفيون هم عوام المفكرين، كما قيل، ولكن نرجو أن يشارك في أدائه بعض الأكاديميين المفكرين، من أصحاب العقليات التحليلية، النقدية، الثاقبة.

 فنرجو أن يعرض هؤلاء للأمر من الناحية العلمية الصرفة، ويقومون بتأطيره التأطير البحثي الصحيح، ويدرجونه في نطاق العمل العلمي، المنهجي، المؤصل، ويستخدمون لأجل إنجاز هذا العمل العلمي النظريات الإعلامية المناسبة.

المنتخب الجلي:

وبالطبع فإن عملا علميا مثل هذا يستلزم استخراج مقالات الأستاذ، وأعماله الصحفية الغزيرة، من مظانها المتنوعة، والقيام بتصنيفها، وربطها بأحداث عصرها، وقراءتها في سياقاتها، وارتباطاتها التي وردت فيها، حتى يمكن الوصول إلى جوهر الرسالة الإعلامية  النضالية الوطنية الكامنة فيها.

وربما كان سديدا أن يقوم بهذا العمل باحث نشط، مجتهد، محتسب، فينتخب لنا ألف مقال، أو نحوها، تمثل عصارة فكر الأستاذ، ويسمي مصنفه هذا المفيد بالقول الجلي من تراث ميرغني حسن علي.

ونرجو ألا تبخل منافذ متنفذة كـ (الرائد) في طباعة هذا المصنف، ونشره كتابا قيما، يكون من عيون الأدبيات الصحفية، وبعض ألمع أدبيات التنمية والنهضة.

وإلا تفعل (الرائد) ذلك، فنرجو أن يكون في القطر من أهل السماح والفضل، من هو أسخى منها، وأرجى، وأسرع مبادرة في إنجاز الأعمال الصالحات.

 

آراء