لا لـ(دينٍ) قد عملنا..نحن لـ(الكرسي) فداء !!

 


 

خالد عويس
13 April, 2011

 


khalidowais@hotmail.com
(هيصة) القيادات الأكثر نفوذاً في المؤتمر الوطني التي يشهدها الشعب السوداني حالياً ما هي إلا انعكاس واضحٌ لطبيعة (الطموحات) والصراعات داخل صفِّ الحزب الذي يحكم السودان بقوة الحديد والنار منذُ 22 سنة، هذا طبعاً بعد أن أشار (البشير) إلى عدم نيته الترشح مرةً أخرى. بمعنى آخر، فإن (كرسي) الرجل الأول سيخلو ما أفسح المجال لـ(الكبار) باكراً جداً  كي يجهز كل واحدٌ منهم نفسه !
والكُل من (هؤلاء) النافذين يحسب خطواته بدقة لئلا تنزلق قدمه فـ(تدق عنقه) خلال المزاد المفتوح للأفعال والتصريحات. وتحت هؤلاء (الكبار) مجموعة أخرى من القيادات الأقل شأناً الذين يلعبون أدوار المساندة، وربما (يتجاوز) الواحد منهم دوره المرسوم له فـ(يعك) مثلما (عك) مندور المهدي، الأسبوع قبل الماضي في حديثه أمام (الكتيبة الإستراتيجية) مهدداً بسحق المعارضة وشباب الفيس بوك. لكن سرعان ما أضاءت الإشارات الحمراء أمامه فأُضطر لبلع كلامه في أقل من 24 ساعة.
مندور المهدي - مثلاً - ينبغي ألا يلعب دوراً أكبر من دوره، وعليه ألا يطلق لـ(لسانه) العنان، فهو ليس ضمن الدائرة الضيقة لصناعة القرار !
(الكرسي) وليس غيره هو ما يصنع الكثير من الأحداث. ففي (الإنقاذ) الآن ثمة (مراكز قوة) تتفق في شيء واحد هو الاستئثار بـ(الكراسي) جميعها، لكن (ترتيب) الكراسي و(تراتبيتها) يبقى شأناً مهماً للغاية بالنسبة لكل واحدٍ منهم. فكلٌ منهم يهزّ (كرسي) غريمه بدرجة محسوبة، لأن (كرسياً) واحداً إن اهتز بعنف و(سقط)، فستسقط بقية (الكراسي)، لذا فالعملية محسوبة بـ(دقة).
حتى (الكرسي الأول) لم يسلم من هذه اللعبة. وبعض الصحف السودانية بعلمٍ أو دون علم متورطة في هذه اللعبة. كشف ظهر (البشير) من خلال الهجوم على أشقائه - مثلاً – لم يكن بعيداً عن هذا الملف الشائك، ملف (الأعدقاء): الأعداء – الأصدقاء !!
الهجوم الآن على (وزير الدفاع) وسلخه في بعض الصحف في شأن حادثة بورتسودان، هو (إضعافٌ) مقصود لمركزه وبالتالي مركز الرجل الذي ثبته في هذا المنصب رغم أخطائه التي لا تُحصى ولا تُعد: (البشير) !
الحقيقة إنهم جميعاً يتحملون المسؤولية طبعاً، فهم جميعاً أضعفوا (الجيش)، وهم جميعاً عملوا من أجل تشكيل مليشيات حزبية، وهم جميعاً دمروا (الدولة) وجعلوها (دولة الحزب) وجعلوا حزبهم (حزب الدولة) !
لكن مراكز القوى تحاول أن تستهدف (الساق) الأخرى التي يمشي بها (البشير) إلى جانب بقايا (الإسلامويين): القيادات العسكرية التي تقف إلى جانبه، وبشكلٍ أكثر تحديداً (عبدالرحيم محمد حسين) و(بكري حسن صالح) !
الهجوم على اتفاق (نيفاشا)، والدعم الذي وجده (منبر) الطيب مصطفى العنصري لم يكن بعيداً عن استهداف علي عثمان طه. ولا الإطاحة بصلاح قوش الذي أراد أن يكون محوراً قائماً بذاته بدل القناعة بأن يكون ضمن محور. إقالة اللواء (حسب الله عمر) هي رسالةٌ أيضاً من (مركز) من مراكز القوى إلى (مركز) آخر منافس !
(احتكار) ملف الانتخابات بواسطة (نافع علي نافع) وإقصاؤه حتى لمرشحي (الطرف الآخر) في الدوائر الجغرافية وفي ولاة الولايات، وصعوده في أروقة صناعة القرار - بشكلٍ رسمي - في المؤتمر الوطني، كلها شكلت محطاتٍ مهمة في صراع (الكراسي) هذا !
حديثُ بعض شباب المؤتمر الوطني عن عدم رضاهم عن (الخطاب) السياسي لـ(نافع) يمثل أيضاً نقطةً في بحر هذا الصراع !
بعضُ مراكز القوى هذه ليست راضية أبداً عن حوار (البشير) مع حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي وتنظر إليه بارتياب كبير لجهة أنه يمكن أن يفتح ثغرة في جدارٍ يريدونه مغلقاً أمام أيِّ إصلاحٍ حقيقي قد يجردهم من رغباتهم العارمة في (الكرسي الأول).
الصراعات المتفجرة الآن في أكثر من ولاية في داخل المؤتمر الوطني تشير إلى أصابع من (المركز) تلعب بورقةٍ من أهم أوراق اللعبة التي يمتلكها علي عثمان طه. الحكم الفيدرالي لا يعني شيئاً سوى (الشعار). فالمركز يحتفظ بـ(الثروة) التي تأتي من هذه الولايات. ويحتفظ بحقه في الاختيار النهائي للولاة المرشحين بل واستبدالهم بمرشحين آخرين في بعض الحالات. هنا تقاطعت (الصلاحيات) بين (علي عثمان) و(نافع)، وفجرت الصراعات هنا وهناك.
وجميع مراكز القوى تتجه بأبصارها الآن نحو (الشباب)، شباب المؤتمر الوطني كقوةٍ صاعدة يمكن أن تؤثر في المستقبل. وكان طبيعياً أن ينفجر هؤلاء الشباب في وجه (البشير) بطريقة محسوبة. وكان طبيعياً أن ينتقد بعضهم أداء (نافع) ومجموعته. وكان طبيعياً أن يستخدم كل طرفٍ - بما في ذلك (البشير) - ذخيرة (الهجوم على الفساد) في خضم هذه المعركة !
سوقُ المزايدات المفتوحة هذه اشتمل أيضاً إلى جانب الحديث عن الفساد، اشتمل على مزايدات كبرى باسم (الشريعة) !
ملف (دارفور) ليس بعيداً عن هذا الملعب. بل أن اعتقال (الترابي) ذاته يقع ضمن دائرة الصراع هذه.
إنه يا سادتي، بخلاف ما كانوا يهتفون به بداية حكمهم: (لا لدنيا قد عملنا، نحن للدين فداء). لا، ليس كذلك على الإطلاق، فتِّش عن (المصلحة الذاتية) و(الاستئثار بالكرسي) خلف أيِّ (تصريح) أو (خطوة) يخطوها أي واحد منهم. الجميع عينهم على (كراسيهم) وعلى (الكرسي) الذي سيفرغ بعد البشير.
 
 
 

 

آراء