لك الله يا وطن

 


 

 

لا أعتقد بأن هناك أي شخص يعتقد بأن انخراط المؤسسات العسكرية في السياسة يمكن أن يضفي على المناخ السياسي هالة من الاستقرار، لأن هناك تنافر أساسي بين الإثنين.
معلوم أن التنظيمات والأحزاب السياسية المدنية تتنازع بأدواتها المتمثلة في البرامج والكلمة، وهي حالة برغم ما تُخلِّف من نتائج سالبة، إلا أنه يمكن تحمّلها واحتوائها وإزالتها بأقل الأضرار، ولكن المؤسسات العسكرية حين تتنازع، فهي تستخدم وسائلها المتمثلة في قوة السلاح، حيث الموت والإصابات والدمار هي النتائج الحتمية، وشتان ما بين ذاك وهذا.
لقد باءت كل دعوات ومساعي إبعاد المؤسسات العسكرية عن العمل السياسي، ليس فقط في السابق، ولكن بشكل مكثّف خلال السنوات الأربعة الأخيرة، لذا كانت هذه النتيجة المحزنة حتمية.
إذ لم تستجب الأطراف المتقاتلة لكل نداءات وقف إطلاق النار والالتزام حتى بفترات الهدنات القليلة جداً لمراعاة حاجة المواطنين، وفي ظل رفضهما لأي مبادرات محلية أو إقليمية أو دولية لوقف القتال، حيث يعتقد كل طرف بأنه سيحسم الحرب عسكرياً، متناسين في ذلك التجارب المماثلة وفي مقدّمتها حروب السودان الداخلية العديدة التي امتدت لعقود، إزاء كل هذا، هناك ضرورة قصوى لمجلس الأمن والدول ذات النفوذ أن تدفع عاجلاً في اتجاه إجبار الطرفين للإذعان لصوت العقل، فالمؤسسة الدولية تمتلك تلك الوسائل الناجعة، ولكن لماذا لا تفعّلها، هو سؤال سيظل قائماً بينما يتدهور الوضع الإنساني بشكل مريع.
في ظل هذا الوضع المأساوي، لا يملك المواطن غير أن يصبر ويتدبر أمره في أدنى حالات التعايش، وتُرفع أكف الدعاء على أمل أن تنفرج الأحوال، رحم الله الشهداء وعجّل بتعافي المصابين.

jabdosa@yahoo.com

 

آراء