ماذا تريد امريكا من السودان؟

 


 

 

فى مقال للكاتب والباحث فى الشأن الافريقى الكس دى وال Alex De Waal نشر بتاريخ ٢٠٢٣/٤/٢١م أشار إلى الغياب الواضح لاى أوراق او أدوات ضغط للولايات المتحدة الأمريكية فى التعامل مع السودان. وجاء عنوان المقال : السودان يمزق نفسه وواشنطون فقدت المقدرة على المساعدة. وأجدني متفقا معه تماما. وبسبب من تقديم الإدارات الأمريكية المختلفة لوقتها وجهدها وأموالها لقضايا ونزاعات أخرى فى العالم وترك امر السودان إلى وكلاءها او قل حلفاءها الإقليميين بالإضافة وهذا الأهم فان دور وتأثير السودان نفسه فى محيطه الجغرافى والاقليمى تراجع لدرجة التلاشي نتيجة تدهور واعتلال منظومة الدولة بوتيرة متسارعة نحو الفشل وما خبر الصومال ببعيد او اليمن او ليبيا على سبيل المثال. وذلك على أهمية السودان الجيوسياسة باعتباره بوابةً أفريقيا الإمامية إذ تربطه حدود جغرافية مع ٧ دول بالغة الأهمية والحيوية كما انه بوابة خلفية للمنطقة العربية باعتبار الدين واللغة والتاريخ . ومنذ سقوط نظام الرئيس الراحل جعفر نميري فى أبريل ١٩٨٤م الذى اقتلعته ثورة شعبية أثناء زيارة خارجية له إلى الولايات المتحدة الأمريكية تراجع دور الولايات المتحدة الأمريكية فى السودان إلا من اهتمام هنا وهناك واعتمدت الإدارات الأمريكية المختلفة على طريقة ومنهج العصا والجزرة. وكما تحكى القصة فان رجلا يتكسب من نقل المتاع والبضاعة عن طريق عربة خشبية يجرها بغل او حصان توصل إلى طريقة براجماتية او عملية -الذَّرائعية أو فلسفة الذرائع أو البراغماتية أو البرجماتية أو العَمَلانِيَّة أو المذهب العملي بالإنجليزية Pragmatism هو تقليد فلسفي بدأ في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي عام ١٨٧٠م . غالبًا ما تُنسب أصولها الى تشارلز ساندرز بيرس ووليام جيمس وجون ديوى .وصفها بيرس في وقت لاحق في مقولته البراغماتية:(فكر في التأثيرات العملية للأدوات من خلال تصورك. ثم، فإن تصورك لهذه التأثيرات هو كل تصورك لتلك الأدوات).
تعتبر البراغماتية الكلمات والفكر كأدوات للتنبؤ وحل المشكلات ، وترفض فكرة أن وظيفة الفكر هي وصف الواقع أو تمثيله أو عكسه. يؤكد البراغماتيون أن معظم الموضوعات الفلسفية -مثل طبيعة المعرفة اللغة ، المفاهيم والمعنى او المعتقد يُنظر إليها على أفضل وجه من حيث استخداماتها العملية ونجاحاتها- فتامل الربط بين للمعرفة الفلسفية وتطبيقاتها فى الفكر السياسى- وعودة من الاستطراد على طوله ، فقام بتعليق جزرة ضخمة تتدلى أمام الحصان او البغل ليندفع إلى الأمام محاولا التهامها وهيهات وإذا ما توقف او نال منه الإعياء فان عصا صاحبه تلاحقه من الخلف ليتحرك مسرعا.
بعد وصول الإسلام السياسى إلى سدة الحكم ١٩٨٩م تدهورت العلاقات السودانية الأمريكية إلى درجة العداء الصريح خاصة وان الخرطوم رفعت شعارات : امريكا روسيا قد دنا عذابها. والنكتة المشهورة ان السفير الروسى وقد ترجم له هتاف المتظاهرين الغاضبين تساءل بعفوية : الاثنان فى نفس الوقت؟
ومن بعد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية فى اكتوبر ١٩٩٧م على السودان. ووقع انفراج فى العلاقات بين البلدين فى مايو ٢٠٠٠م من بوابة التنسيق الاستخباراتي فى ملف مكافحة الارهاب وبعد سقوط نظام البشير ٢٠١٩م رفعت الولايات المتحدة الأمريكية تلك العقوبات.
فماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية من السودان؟ فى حقيبة اى مسؤول امريكى يتعامل مع السودان ملفات أساسية لا تتغير سواء كانت تلك الإدارة ديمقراطية او جمهورية وهى : ١/ حقوق الإنسان والحريات الدينية. ٢/ الديموقراطية وحق الانتخاب. ٣/ مكافحة الارهاب.
اما مطلوبات السودان فهى فى تقديرى انعدام الثقة بل الشك العميق فى نوايا الولايات المتحدة الأمريكية نحو السودان . وبغير بناء قدر من الثقة اولاً فستظل علاقات السودان والولايات المتحدة الأمريكية تتأرجح بين الجزرة والعصا. تغيب الأولى احيانا وتكون الأخرى حاضرة معظم الوقت.
حسين التهامى

husselto@yahoo.com

 

آراء