مع النائب الأول فى المحروسة 3-4

 


 

عادل الباز
19 October, 2011

 

كل خيرات الأرض...ومصر هناك.... ومع ذلك.!ّّّ!

19/10/2011م
إذا كان خطاب النائب الأول للنخب المصرية متجازواً لما هو معتاد  في العلاقة المصرية السودانية فقد بدا خطابه الاقتصادي أكثر تحديدا ووضوحا لوضع نقاط على حروف مصالح كثيرة مبعثرة. الاقتصاد هو القضية الجوهرية في هذه الزيارة فجرى التركيز على قضاياه المتشابكة، فالقاءات التي تمت مع الاقتصاديين وبين رجالات الأعمال واللقاءات الجانبية كانت هي العلامة الأبرز في تلك الزيارة.
في المؤتمر الصحفي الذي عقد بمقر المفاوضات انصب سؤالي للسيد رئيس الوزراء المصري السيد عصام شرف  حول الإشكالات والعوائق التي تحول دون إنفاذ ما تم الاتفاق عليه في مرات سابقة؟. كانت إجابة السيد شرف متجاوزة للسؤال إذ ذهبت مباشرة إلى آفاق  المستقبل فأكد أن الملفات العالقة تم بحثها مع السيد النائب الأول وأن الاستعدادات الآن تجري في كل الدوائر المصرية لفتح صفحة جديدة من العلاقات وأنهم بصدد إجراءات عملية لتجاوز كل العقبات.
الاتفاق على  إكمال البنيات التحتية المتمثلة في الطرق الثلاث (الطريق الساحلي وطريق أرقين دنقلا وطريق حلفا _الأقصر) كانت هي الخطوة الأبرز . تحدد افتتاح تلك الطرق بشكل نهائي في حدود ستة إلى تسعة أشهر. بإنجاز تلك الخطوة سوف تتكسر حواجز كثيرة أمام حركة البضائع والناس بين البلدين. استغرب النائب الأول أنه رغم ما بين مصر والسودان من علاقات تاريخية ليس هناك من طريق واحد معبد بين البلدين. بالفعل إنه لشيء مخجل. البنيات التحتية هي أساس الحركة الاقتصادية. ما تم الاتفاق عليه هو إكمال تأسيس نقاط العبور المحددة بين الجانبين التي تسمح للسلع الانتقال دون عوائق كبيرة. أيضا تم الاتفاق على إنشاء مسالخ وثلاجات قريبة من الحدود بحيث تتيح الاستفادة من القيمة المضافة للحوم المذبوحة ولتساهم اللحوم السودانية في تغذية السوق المصرية التي تستورد سنويا  لحوما حية ومذبوحة بمبلغ ملياري دولار لا يحصل السودان منها إلا على أقل من خمسة في المائة. بالإمكان أن تصبح اللحوم السودانية هي سيدة السوق المصرية بقليل من المجهودات وإزالة القليل من العوائق بين الطرفين.
حملت حقائب الوزراء المرافقين للسيد النائب قضايا متعددة على أصعدة مختلفة. ملف الزراعة بدا حاضرا بقوة إذ إن هناك اتفاقا شبه كامل على أهمية الاستثمار الزراعي المصري في السودان وعبر مشاريع عملاقة. مصر الآن تستورد ما يقارب العشرة ملايين طن من القمح بحسب تقرير صادر من وزراة التجارة الأمريكية في مايو الماضي في وقت يتناقص فيه الإنتاج الداخلي مع ارتفاع نسب الاستهلاك كل عام. ليس لمصر من أفق لتقليل فاتورة استيرادها سوى الاتجاه جنوبا. مصر إذن تدرك هذه الحقائق لكن مافيا الاستيراد الخارجي التي كان يتحكم فيها سدنة النظام السابق وقفت عائقا أمام إنفاذ أي مشروع جدي للإنتاج المشترك. الآن تم الاتفاق على إنقاذ مشروعات غذائية  وقد بدأت بالفعل ليس مجرد حديث للاستهلاك السياسي إنما بوضع آلية استراتجية للاستثمار ومحفظة وقد بدأت باقتراح مشروعات رصدت لها ميزانيات من قبل بعض شركات القطاع الخاص.
الاستثمارات بحاجة دائما لمؤسسات مالية قوية تحميها وتوفر لها التمويل اللازم. هنا برز البنك الأهلي ومديره الرائع طارق عامر. هذا الرجل يكن محبة خاصة للسودان وهو من أكثر المتحمسين للاستثمار في السودان. أعلن السيد طارق عامر أن البنك الأهلي المصري بتاريخه واحتياطاته النقدية الكبيرة وتجربته وخبرته الثرة سيكون حاضرا بالسودان قريبا بعد أن تلقى موافقة بنك السودان لافتتاح بنك كامل وليس فرعا. يصل بعد غد الخميس طارق عامر للسودان لبدء الإجراءات التنفيذية لقيام البنك. تدفق الاستثمارات المصرية الآن ممكن بوجود البنك الأهلي وإقامة مشروعات مشتركة لن يخذلها نقص التمويل.
الآن بدأت الحركة الحقيقية باتجاه المسقبل بإقامة البنى التحتية وإقامة مشروعات الغذاء الاستراتيجية ثم إيجاد مؤسسات التمويل القادرة على إنقاذ حركة البناء والتنمية بين البلدين. غدا  سنرى المناخ العام الذي صنعته الزيارة في البلدين والروح الجديدة التي استطاع النائب الأول بثها في شرايين العلاقة بين البلدين.   

عادل الباز

 

آراء