موقعو الإطاري يتقدمون خطوات و لكن !!

 


 

 

للحقيقة التاريخية: أن الجل الدائر حول مبادرة (الإتفاق الإطاري) يؤكد إنها الرؤية التي استطاعت أن تفرض نفسها في الساحة السياسية، و بمنطلق السياسة أن القوى السياسية التي تستطيع أن تقرأ الواقع و تعقيداته و معرفة الميكانزمات المحركة له، لابد لها أن تقدم مبادرتها و هي مقتنعة أن مبادرتها سوف تواجه العديد من التحديات، و قوة الإرادة عندها و وضوح الهدف سوف يجعلها مقدمة على رؤى الآخرين، لثلاثة أسباب: الأول أنها تقدم رؤية و من خلالها تستطيع أن تدير الحوار السياسي، و تفرض شروط الحوار التي يجعله هو الأصل و الأوحد في العملية السياسية، و تصبح كل القوى الأخر معلقة فقط على نتائح الحوار. الثاني يصبح التفكير جله سلبا أو إيجابا مربوط بهذه الرؤية، و نقد الرؤية يصب في صالحها لأنه يؤدي إلي تطويرها، رغم الرفض من قبل المعارضين لها و المواقف السلبية منها، إلا أن الكل لا يستطيع التفكير خارج هذه الرؤية، فالذين ينتقدونها لم يستطيعوا تقديم رؤية بديلة تثير جدلا سياسيا و فكريا، لذلك تصبح هي الرؤية المفروضة بحكم الجدل حولها في الساحة السياسية. ثالثا بحكم ظواهر التاريخ في عمليات التغيير في المجتمعات تصبح الفكرة هي التي تقود لعملية التغيير. و القوى التي تبنت الفكرة هي التي سوف تتحكم على إدارة الأزمة.
عندما تخرج الفكرة أو بمعنى أصح المبادرة من أي جهة كانت، في ظل أزمة سياسية عميقة، و وجود قوى سياسية تعتقد أنها الممثل الوحيد لعملية التغيير، و يجب هي وحدها تكون صاحبة الحق في فرض شروط الفعل السياسي، ثم تصدر شعار الاءات الثلاث لكي تغلق كل المنافذ، و تبادر قوى أخرى بكسر تابوهات الاءات، و تقدم مبادرة تثير من خلالها جدلا في المجتمع، تصبح القوى صاحبة المبادرة هي التي تتحكم في دفة السفينة لكي توصلها لبر الأمان. لكن يصبح تطور المبادرة مشروط بدورها في إثارة الجدل و الحوار عبر المنابر المختلفة. فالجدل يطورها و يحسن شروط الحركة الإيجابية فيها. في البداية أغلقت ( الحرية المركزي) المبادرة اعتقادا أن الإغلاق هو الذي يضبط إقاعها، و نسيت أن السياسة فعل متحرك من أجل التغيير. و أن فتح باب الحوار لقاعدة أوسع يعني جذب أفكار جديدة تسهم في تطوير المبادرة، لذلك استطاع الجدل الدائر في الساحة السياسية بسبب المبادرة أن يفتح المبادرة لكي تدخل قوى جديدة لها تأثيرها بحكم توسيع قاعدتها في إدارة الأزمة و تحسين الشروط الأولية المثمثلة في ( المراحل الثلاث) التي كانت قد وضعتها قيادة الحرية المركزي. و قد تركز النقد على هذه المراحل، لأنها تحول الفكرة لصراع من أجل السلطة.
أن دخول لاعبين جدد في الساحة السياسية مناصرين لفكرة ( الإتفاق الإطاري) و فتح الباب لقاعدة عريضة من المجتمع مناصرة لعملية (التحول الديمقراطي) سوف تدفع بالعملية السياسية لغاياتها، رغم الرياح المعارضة للمبادرة، و لكن المسألة تحتاج لحكمة بعيدا عن لغة التحدي و إثارة الآخرين التي تستخدمها بعض القيادات، فالسياسة معلوم أنها تحقيق الممكن، و كل مرحلة تضيف جديدا مناصرا للفكرة. و قطار التغيير المتحرك سوف يؤثر في القوى السياسية، منهم يفضل أن يبقى متمسكا بالبقاء في مقاعد القطار، و البعض يفضل النزول إذا وصل لاقناعة أن القطار سوف لن يحقق المصالح التي يتطلع إليها.
في الفكر السياسي معروف: أن المصالح تعتبر المنصة التي ينطلق منها الجميع، و الإختلاف يدور حول ماهية المصالح و كيفية تحقيقها، لذلك الكل يحاول أن يخاطب القاعدة الجماهيرية لكسبها لجانبه، باعتبار أن مصالح الجماهير تدعم أصحاب المبادرة التي تسعى لتحقيق المصالح الشعبية، و هناك فرق بين أن تخاطب الجماهير لكي تكسبها لكي تدعم رؤيتك، و بين أن تستلف لسان الجماهير و تتحدث به، كما تفعل بعض القوى السياسية، الأول يحترم الجماهير و عقلها و الآخر يستغفل الجماهير. أن مبادرة ( الإتفاق الإطاري) هي المبادرة الوحيدة المطروحة في الساحة السياسية و يدور كل الجدل السياسي حولها. فشلت القوى السياسية الأخرى أن تقدم مبادرة تتجاوز ( الإتفاق الإطاري) و بالتالي بدأت لغة التحدي و التحذير تخرج من بعض القوى السياسية، و الأفضل هو المواصلة في النقد و الحوار للخروج من عنق الزجاجة. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء