نحو منظور جديد للعلاقات السودانية-المصرية

 


 

 

كونفدرالية النيل
حرب السودان
اسماعيل آدم محمد زين
ظلت مدافعا عن ياسر عرمان ضد كثير من الهجمات التي تأتي نتاجا لرسائله المختلفات،مقرؤة او مسموعة! الآن وبعد قراءة رسالته بالعنوان الذي اختاره ياسر لكتابه،ساتناوله وفقا للترتيب الذي اختاره.
كونفدرالية النيل: لم يذكر شئيا عن تصوره لماهية النظام الكونفيدرالي الذي يبتغيه او يرجوه!
لقد جاءت الجيوش المصرية غازية للسودان منذ حقب بعيدة.وكذلك غزتها جيوش من السودان.وكانت آخر محاولة لغزو مصر خلال المهدية وتصدت لها مصر عند توشكي ولم تمكنها من التوغل في الاراضي المصرية.
ومن بعد إرسال قوات لاعادة احتلال السودان من قبل الانجليز وبموافقة وعون من مصر بالجند.وقتها كانت النوبة السفلي تحت الادارة المصرية وهي اراضي سودانية،يقطنها النوبيون بناة الحضارة السودانية.
لقد انتهت الحملة المشتركة لاحتلال السودان وادارته من قبل الدولتين! وفي حقيقة الأمر ،كانت الادارة بيد الانجليز.لتنتهي تلك الفترة في عام 1956 باستقلال السودان.وقد سبقت الاستقلال ثورة ودحبوبة ومن بعد جاءت حركة عام 1924 والتي اطلق عليها ياسر صفة ثورة! وما هي بثورة في نظر البعض! فقد كان اؤلئك الضباط يرغبون في الذهاب مع القوات المصرية-مخدمهم.وتصدي لهم الانجليز،وحدثت المجزرة المعروفة.
لا نعلم كثير شئ عن شروط خدمة الجنود والضباط السودانيين في الجيش المصري! ونجهل شروط خدمة العمال والموظفين السودانيين في بقية المؤسسات المصرية،مثل: الري المصري او البعثة التعليمية! هذه امور مهمة لمن يود التحدث عن نظام واحد لحكم البلدين! كونفدراليا او في اي شكل آخر. لقد ظل بعض السودانيين يعملون في الجيش المصري ومنهم:اللواء علي البناء وهو ممن شارك في حركة عام 1924،علينا ان نسأل هل تحصلت اسرته علي معاش مساوي لمعاش الضباط المصريين؟ وهو سؤال يسري ايضا علي العاملين في مؤسسات اخري.
الآن تختا مصر محافظة حلايب وأجزاء من منطقة حلفا،بعد اغراقها بمياه السد العالي.
لم يتطرق ياسر عرمان الي موضوع حلايب! وهو موضوع تطرقت إليه مريم الصادق بدعوة مصر لمزيد من الاستعمار لاراضي السودان! وفقا لمنطق عجيب! بأن اراضي السودان واسعة!
لا بد لمصر ان ارادت أي تعاون مع السودان ان تخرج جيشها من كل شبر من اراضي السودان،ان ارادت علاقات جيدة مع الشعب السوداني.
كما عليها ان تنظر للنيل ولمياه النيل بشكل مغاير.ولتسعي لمعالجة اتفاقية انشاء السد العالي واقتسام مياه النيل.لا بد من استفادة السودان من سد اسوان العالي،فهو قام علي اراضي سودانية! لا بد من اقتسام انتاج الكهرباء بالتساوي بين البلدين.
كما يجب الا تضر السلطات المصرية بمصالح السودانيين المتواجدين في منطقة وادي حلفا والا تغمر محاصيلهم بمياه السد العالي، وهواسلوب ظلت مصر تمارسه منذ أمد بعيد! ندرك تماما اهدافه ومقاصده! فهي لا تريد وجودا للسكان علي تلك المناطق! ولا تعوزنا الادلة،فهي ايضا تعتقل المعدنين السودانيين وتصادر معداتهم ! علي مصر ان تتجنب مثل هذه الاعمال ،فهي مضرة علي اي جهود للتعاون المثمر بين البلدين.
ودعونا نتكلم بصراحة ،لماذا يغفل الصحفيين والسياسيين من تناول هذه المشاكل بشكل ايجابي يخدم الشعبين.
الآن وبعد الحرب،لجأ السودانيون الي مصر.ولكنهم ووجهوا بالتضييق والعنت.ولم تقدم لهم السلطات المصرية اي تسهيلات،بل ظل بعض السودانيين في الحدود وقد توفي بعضهم.
في مثل هذه الظروف تفتح الحدود،ليدخل الناس كلاجئين.وفقا للقوانين الدولية! وقد كانت حدود السودان مفتوحة لشعوب الدول المجاورة وغير المجاورة.
لقد شاهد العالم الشعب الاوكراني وهو يستقبل في حدود الدول الاوروبية المجاورة وتقدم له التسهيلات في الاقامة والسكن وكثير من العون.
لدي السودان اتفاقية اطلق عليها ،الحريات الاربعة،فهي تسمح لمواطني البلدين بالدخول لاراضي الدولتين،بحرية مع الاقامة والتملك والعمل.لقد استفاد الشعب المصري ورايناهم يجوبون شوارع المدن والقري السودانية وهم يعملون ويمارسون التجارة،بل يقومون بشراء العملة الصعبة! ولم يجد السودانيون ما يماثل ذلك من تسهيلات.وللاسف لا تقدم السلطات علي مطالبة السلطات المصرية باحترام الاتفاقيات واحترام الجوار.
لا اود تناول ما يجري في الوسائط من انتقاد للسودانيين، وكان من واجب السلطات ان تبادر للحد من اي تعدي علي اللاجئين السودانيين.ونحن ندرك اثر ذلك.
علينا تناول مثل هذه الامور بصراحة،حتي نتمكن من بناء علاقات جيدة بين البلدين والشعبين.
اذكر في الستينيات من القرن الماضي وقد كانت للسودان ديون علي مصر،وقد طالبت الحكومة وقتها بدفع تلك الاموال.وهو حق مشروع! بدلا من ذلك امر جمال عبدالناصر بوقف استيراد حب البطيخ.(في حدود 4 مليون دولار).وقال "مش عايزين ازقزة" مما يعني لا نرغب في القزقزة.وهو يعني بلغة السودانيين "ما دايرين تسالي" وفي حقيقة الأمر ،مصر لا تستخدم حب البطيخ كتسالي او للقزقزة فقط ولكنه يستخدم لانتاج زيت طعام ممتاز! وهو امر يعده السودانيون من الاستهبال والاستعباط.علي المصريين حسن الخطاب في تناول الشؤون السودانية.وهم يدركون ذكاء السودانيين.وليس طيبتهم فقط.
لم يتناول السيد/ياسر موضوع النيل بأي صورة وتجاوزه تماما!
تنظر مصر الي مياه النيل كامر حياة او موت! وهو امر غير جيد.علي المصريين بان يدركوا بان ثلاثة ارباع الارض عبارة عن مياه.وانه من السهل تحلية مياه البحر،كما ان التكنولوجيا في تطور وستصبح قليلة التكلفة،يمكن للبلدين التعاون في هذا الأمر واجراء البحوث المشتركة للتوصل الي نتائج جيدة،باستخدام الطاقة الشمسية وغيرها.بالطبع يمكن استمطار السحب للحصول علي المياه العذبة.كما توجد المياه الجوفية وقد جربت مصر استخراجها من بعض الاحواض الجوفية لاغراض الزراعة،فاستنزفتها،مما أدي لتملح التربة وفشل المشاريع.الان تكرر مصر ذات التجارب لاغراض الزراعة! علي مصر ان تستخدم المياه الجوفية لاغراض الشرب.وان تسعي لمزيد من التجارب لاستخدام المياه المالحة لاغراض الزراعة.(بعد تحليتها او خلطها).إذ ان المياه الجوفية الموجودة في الاحواض الجوفية ،مثل الداخلة او الحوض النوبي،تعتبر مياه Fossil water.حيث لا تغذية لتلك الاحواض.
توجد المياه،حتي في الهواء وقد تمكنت بعض الشركات من انتاج اجهزة للحصول علي تلك المياه.ومنها شركة اسرائلية! مجال ما زال مفتوحا
للبحث والتطوير.
علي مصر ان تبحث في مصادر اخري للمياه وان تتكلم بمعقولية وعلم في مجال مياه النيل.فهو مصدر غير مضمون! إذ الانهار عرضة لعوامل شتي،منها التغير المناخي ،فقد تقل الامطار وتجف الانهار.هنالك بحيرات قد جفت في روسيا.
كما قد تتأثر بالزلازل وتغير مجاريها!
يتكلم الاخوة في مصر عن امكانية انهيار سد النهضة في اثيوبيا! وهو امر وارد! ولكنهم يصمتون عن امكانيات انهيار سد اسوان العالي! مع وجود عوامل لا شك فيها وهي معلومة،منها:وجود فوالق شاي في منطقة السد العالي! ولعل اكبرها هو مجري النيل ذاته!فهو جزء من الفالق الافريقي العظيم. مع ادراكنا بان الخزانات او السدود ،تتسبب في احداث هزات ارضية.وهو ما حدث في منطقة السد العالي..وقد حدثت هزات عديدة بقوة 6 علي مقياس ريختر.ولكن لا احد يمكنه معرفة محصلة عدد من الهزات الارضية بقوة 6 تتكرر في ذات المنطقة،علي فترات زمنية قصيرة او طويلة! وليسالوا خبراء الزلازل في حلوان!. او فلينظروا الي مجري النيل علي اي صورة فضائية،سيجدونه يجري جنوبا مسافة 300كيلومترا في السودان.نتيجة لزلزال كبير في زمن مضي.ما زال الفالق يشق افريقيا من شرقها لغربها! ولا احد يمكنه التنبؤ بالزلازل.ولكم ان تسألوا من يصدع رؤوسنا بانهيار سد اثيوبيا العالي! نعلم ذلك! وإن حدث وما هو ببعيد،سياتي علي سد الروصيرص،ثم سنار و مروي،لتاتي كل هذه المياه الي اسوان وسد مصر العالي! وهو مبني من الطين والتراب! لعل كثير من المصريين لا يعلمون هذه الحقيقة.عندها سيري العالم عحبا! لذلك علي الاخوة في مصر،التخطيط لاجل بعيد والسعي بجدية لتعمير الصحاري ونقل منشاتها بعيدا من مجري نهر النيل! ليعملوا الي ابعاد المنشات الخطيرة والمهمة بعيدا من نهر النيل ولينظروا في سيناريو فيضان يجلب لهم عند اسوان حوالي 150 الي 200 مليار من الامتار المكعبة, ويخططوا وفقا لذلك!
علي المصريين السعي بجدية لاصلاح نظرتهم او سياساتهم حول مياه النيل،للتعاون مع دول المنبع بشكل جيد.وليتم التركيز علي مياه الشرب وقليل من الزراعة المجزية.ولنعد النظر في مفاهيم جديدة لتقسيم المياه.فهنالك مفهوم لم يجد حظه بعد من الدراسة،وهو كمية المياه المستخدمة في رب المحاصيل! إذ نحتاج لمياه كثيرة في زراعة الارز وقصب السكر! بينما نحتاج الي مياه اقل في محاصيل اخري،مثل الطماطم ،الشمار...الخ.وللننظر الي الاسواق العالمية،خاصة في اوروبا.
يمكن للبلدين ان يتعاونا بشكل منتج وجاد وعادل.يحس خلاله الجميع بالرضا.
وعلي السلطات المصرية ان تتعامل مع الكتاب والصحفيين والسياسيين بشكل مختلف،حتي يسمعوا الاحاديث الجادة ،التي تخدم الشعبين.لقد سمعنا عن توقيف الصحفي حسين خوجلي،واخرين.لذلك يحجم الكثيرين من تناول المواضيع المهمة،مثلما فعل ياسر عرمان.
علي مصر ان تبعد ملف العلاقات السودانية -المصرية من المخابرات وان يوضح في جهاز جديد يضم وزارة الخارجية مع الجهات الاخري،مثل وزارة الري وغيرها.لا بأس من بعض الخبرات الأمنية.
ولتكن حدود السودان مع مصر مواقع لتبادل المصالح والانتاج المشترك بين الشعبين. وعلي المصريين ان يعلموا بان موازين القوي متغير.ودونكم قطاع غزة! واسرائيل الصغيرة.وليعلموا بان السودان،حتي وإن تم تقسيمه،سينتج دولا كثيرة وبعضها سيكون اقوي من اسرائيل الصغيرة.وانظروا في خريطة العالم.وقد يكون في تقسيم السودان خيرا كثيرا!

azaim1717@gmail.com

 

آراء