عمود : محور اللقيا في يوم 17 مايو الجاري سوف ينعقد مؤتمر باريس للداعمين و المستثمرين للسودان بعد أن عاد مطبّعا مع المجتمع الدولي بعد معاناته من العزلة التي فرضتها عليه سياسات الإنقاذ الرعناء , و في هذا المؤتمر سوف يعرض السادة وزراء الإقتصاد وجه السودان الجديد و ما يحتاجونه من مشاريع لتقدم السودان و رفعته . لأهمية هذا الأمر خاصة في مجالي الذي عملت به طيلة حياتي العملية و هو مجال محطات توليد الكهرباء وددت أن أعرض علي السيد وزير شؤون مجلس الوزراء و السيد وزير الطاقة و النفط تصوري عن نوعية محطات توليد الكهرباء التي يحتاجها السودان في المدى القصير كما كنت قد أشرت لذلك في البرنامج الإسعافي للكهرباء . إن من أهم أسباب قطوعات الكهرباء هو النقص في سعة مواعين التوليد , و لذلك يجب إختيار نوعية محطات توليد الكهرباء بحيث أن نبدأ من أين إنتهى الآخرون في الدول المتقدمة , تلك التي تعتمد في إقتصاديات التوليد بها علي رفع كفاءة ماكينات توليد الكهرباء . لذلك تجب المطالبة في مواصفات المحطات الجديدة علي إستعمال التكنولوجيا الحديثة في تصميم ماكينات توليد الكهرباء في المحطات الحرارية و أيضا إستعمال الطاقة البديلة و المتجددة , و أنا هنا أتجاوز النقص في نقل و توزيع الكهرباء و ذلك لإمكانية تغطيته من المصادر الداخلية . إن الفترة الزمنية المطلوبة لتنفيذ مشروعات محطات توليد الكهرباء محددة بالفترة الإنتقالية و بالإحتياج القاهر لزيادة القدرة التوليدية و لذلك فلن تكون الفترة المحددة أكثر من ثلاث سنوات . إن القدرة التوليدية لمحطات توليد الكهرباء في كل السودان هي 3500 ميغاواط تقريبا , و المتوفر منها حاليا حوالي 2800 ميغاواط , و لذلك فسوف يكون المطلوب هو رفع القدرة التوليدية إلي الضعف أي بزيادة 3500 ميغاواط أخرى في فترة الثلاث سنوات القادمة , فالسودان قادم إلي طفرة إنتاجية كبيرة في الزراعة و الصناعة و ذلك يحتاج إلي الكهرباء و الكل يحتاج إلي الكهرباء التي أضحت عصب الحياة العصرية . إذا كانت هنالك إمكانيات لقروض من الدول و البنوك الداعمة للسودان في قطاع الكهرباء فسوف يتم إستغلال هذه القروض لتغطية تكاليف مشاريع محطات توليد الكهرباء الجديدة , و إذا كان هنالك نقص مالي في ذلك فيجب الإتفاق مع المستثمرين علي إنشاء محطات التوليد تلك بنظام البوت Build, Own, Operate, Transfer (BOOT) و هو نظام يقوم فيه المستثمر بكل التكاليف و يبيع الكهرباء للهيئة لعدد من السنوات متفق عليه و يكون غالبا 20 سنة تحوّل بعدها ملكية محطة توليد الكهرباء لهيئة الكهرباء . نأتي إلي مواصفات محطات توليد الكهرباء التي أقترحها : 1 – محطة توليد كهرباء تعمل بنظام الدورة الموحدة Combined cycle بها توربينات غازية و توربينات بخارية , الوقود بها يكون نفط خام Crude oil و هو أرخص من الوقود المصفّى و تتم فيه معالجته بحقن إضافات للوقود Fuel additives لإنهاء أثر الفانيديوم و الصوديوم و البوتاسيوم به والذي يؤدي إلي تآكل معدن غرف الإحتراق في التوربينات الغازية . لزيادة التوليد في التكنولوجيا الحديثة يستعملون نظام تبريد الهواء الداخل للتوربينة الغازية Turbine Inlet Air Cooling ( TIAC ) عن طريق وحدة تبريد للماء ليصير ماءً مبردا Chilled water يمر في أنابيب علي مدخل الهواء في التوربينة الغازية فيبرد الهواء الداخل لغرف الإحتراق و تهبط حرارته الجوية من 50 درجة مئوية إلي 10 درجات مئوية و هذا التقليل في درجة حرارة الهواء يزيد كثافته فيزيد وزنه الإنسيابي Mass flow و بذلك تزداد طاقته الحرارية Heat energy و تزداد الطاقة الكهربائية المولدة . نظام تبريد الهواء هذا يزيد القدرة التوليدية للتوربينة الغازية 20% بمعنى إذا كانت قدرة التوربينة الغازية 80 ميغاواط فإنها تصير 96 ميغاواط و تزيد كفاءة التوربينة الغازية 2% , و هذا النظام مطبّق في المملكة العربية السعودية في محطة توليد الكهرباء التاسعة في الرياض و في محطة توليد كهرباء القصيم. في التوربينة الغازية التي تعمل بنظام الدورة البسيطة Simple cycle تكون فيها غازات الإحتراق خارجة رأسا من المدخنة إلي الهواء . أما في نظام الدورة الموحدة Combined cycle فإن الغازات الخارجة من التوربينة الغازية يتم تمريرها علي غلاية عبارة عن مبادل حراري Heat Recovery Steam Generator (HRSG) يتم فيها تسخين الماء إلي بخار محمّص Superheated و يمرر بعدها في أنبوب إلي التوربينة البخارية ليولّد منها كهرباء إضافية . إن مجموعة التوربينات الغازية التي تتوحّد مع التوربينة البخارية تختلف في عددها ما بين إثنين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة يتجمع منهم البخار في أنبوب واحد Header إلي التوربينة البخارية . أكثر نوعية للتوربينات الغازية في السعودية و الخليج هي من نوع Frame 7AE بقدرة 80 ميغاواط من شركة GE الأمريكية و Alstom الفرنسية و لشركة Siemens الألمانية أنواع أخرى . تكون قدرة التوربينة البخارية تساوي نصف قدرة مجموع التوربينات الغازية الموحّدة معها . مثلا في نظام تبريد الهواء الداخل للتوربينة الغازية TIAC تكون قدرة بلوك الدورة الموحّدة لمجموعة 4 توربينات غازية موحّدة مع توربينة بخارية واحدة تعادل 96 × 4 + 96 × 4 ÷ 2 = 576 ميغاواط . يمكن لمحطة توليد الكهرياء أن تتكون من 4 بلوكات متشابهة و بذلك تكون القدرة الكلية للمحطة : 576 × 4 = 2304 ميغاواط . نظام الدورة الموحدة قد تم تطبيقه عندنا في محطتي قري 1 و 2 . إن كفاءة التوربينة الغازية في نظام الدورة البسيطة بدون تبريد الهواء متدنية و تعادل 30% و كفاءة التوربينة البخارية لوحدها تعادل 33 % و في نظام الدورة الموحّدة مع تبريد الهواء ترتفع الكفاءة إلي 48% تقريبا . الكفاءة تعني الزيادة في القدرة التوليدية و النقص في إستهلاك الوقود , و في الدورة الموحدة تضاف قدرة التوربينة البخارية إلي قدرات التوربينات الغازية بينما يظل إستهلاك الوقود كما هو و لذلك ترتفع الكفاءة و تتم إقتصاديات إنتاج الكهرباء . 2 – محطة توليد كهرباء تعمل بالطاقة الشمسية من أجل تطبيق الطاقة البديلة , و لتكن في المناطق التي تقع خارج نطاق الشبكة القومية للكهرباء و أن تكون مشاريعها صغيرة حتي نتأكد من كيفية المعرفة Knowhow فقد تحطمت قبل أيام محطة الطاقة الشمسية بقدرة 5 ميغاواط في الفاشر بفعل العوامل الطبيعية , و تكلفة محطة الطاقة الشمسية عالية فمثلا محطة بقدرة 350 ميغاواط تحتاج إلي 500 ألف لوحة شمسية مقياس 2.5 متر × 2 متر و بقدرة 700 واط لكل لوحة شمسية و بدون تخزين مؤثر للطاقة . لذلك من الأجدر ان نبدأ بإنشاء مصنع للوحات الشمسية فالمواد الخام موجودة في رمال شمال السودان المشبعة بالسيليكون و التي يتم شحنها و تُرسل للخارج حاليا من جهات غير معروفة . بعد ذلك يمكن إستعمال الطاقة الشمسية علي نطاق أوسع بنظام اللوحات الشمسية Photovoltaic(PV) أو نتقدم إلي نظام محطة تركيز اللوحات الشمسية Concentrated Solar Plant(CSP) و الذي يمكن فيه رفع حرارة الشمس عن طريق تركيزها علي اللوحات الشمسية لترفع حرارة الوسيط الزيتي إلي درجة عالية نهارا و ينقل الزيت حرارته ليحفظها في مادة الملح في خزان ليتم نقل الحرارة من الملح ليلا بالزيت ليسخن ماء المبادل الحراري ليصير بخارا محمصّا يدير التوربينة البخارية لتوليد الكهرباء بقدرة أكبر , و بذلك يمكن إستعمال ال PV نهارا و ال CSP ليلا لتوليد الكهرباء . 3 – محطة توليد كهرباء تعمل بطاقة الرياح من أجل تطبيق الطاقة البديلة و المتجددة , و الأماكن المقترحة لذلك منطقة جبال البحر الأحمر و منطقة دارفور نسبة لهبوب الرياح علي مناطقها المرتفعة , و هي مناطق بعيدة من الشبكة القومية للكهرباء و لذلك لا بد من إنتشار مراوحها الهوائية و النظر في إمكانية تصنيعها محليا . قدرة التوربينة الهوائية تختلف و تعتمد علي طول نصل المروحة و إرتفاع العمود و قوة الرياح , وغالبا تستعمل توربينات بقدرات 1 ميغاواط – 5 ميغاواط و يكون طول أنصال المراوح 20 – 50 مترا للمروحة و طول العمود ربما يصل إلي 100 متر , و هذه التكنولوجيا في تطور مستمر و صاروا يستفيدون فيها من محاكاة أشجار النخيل و تثنيها في مقاومة الرياح الهوج حتى لا تنكسر. تكون القدرة الكلية لمحطة طاقة الرياح هي مجموع قدرات شبكة توربينات المراوح الهوائية داخل المحطة .