يا مسافر وناسي هواك ..!!
صديق السيد البشير
13 May, 2024
13 May, 2024
بقلم: صديق السيد البشير
siddigelbashir3@gmail.com
(1)
”أخير، ستبقى اللحظات بين الرصاصة وصدري مليئة بحلم الحياة في وطن يسع الجميع“ ، هكذا كان يكتب نصوصه للإذن والعين ، عاش من أجل وطن يسع الجميع ، محبة ، صدقا ، نبلا وزمالة ، مبدع في مجاله ، توزعت حياته بين القراءة والكتابة والمشاهدة المختلفة ، تواضع يمشي بين الناس ، ترك مذاقا في كل شئ ، عاش بيننا داعية للحق والخير والجمال ، واجه المرض بشجاعة وصبر ومصابرة ورباطة جأش ، قال لي ذات نهار صيفي حارق داخل مباني قناة الشروق الفضائية التي ربطتنا زمالة لسنين عددا ، إلى أن أين ذاهب يا صديق البشير ، قلت له إلى الكلاكلة ، يرد ، تفضل ، يحملك العقل والقلب والوجدان قبل سيارتي ، عبر عمر حلاق إلى الضفة الأخرى ، بعد أن أنجز الكثير للمتلقي الحصيف من خلال شاشتي الشروق وسودانية 24 ، يكفيه ( كل الود والتقدير) و (السواعد البيضاء) ، (رحيق الأمكنة) ، ثم (ممكن) ، وغيرها ، بادل الآخرين حيا بحب ، مثقف خلاق ، عمر محمد عبدالرحمن (عمر حلاق) ، اللهم تقبله عندك القبول الحسن يا رب العالمين.
(2)
فتح لي نوافذ مهمة للإطلالة بقصصي البصرية في برامجه الصباحية التي كان ينتجها لشاشة الشروق الفضائية على مدى سنوات طويلة ، جمعتنا محبة العمل الإعلامي ، لينتقل إلى الرفيق الأعلى ،تعازينا الصادقة لكل الزملاء ، اللهم تقبل عبدك أنس المسلمي القبول الحسن وأحشره مع زمرة الشهداء والصالحين في جناتك وأغسله بالماء والثلج والبرد و أجعل البركة في أهله وزملائه وأصدقائه وألهمنا وأسرته الصبر والسلوان.
(3)
في شارع البوستة شمال مصرف الإدخار والتنمية الإجتماعية بسوق مدينة كوستي الكبير إتخذ العم حامد دفع الله من مكان ما مقهى له أصبح فيما حديث الناس في القرى والحضر ، طبقت شهرته الآفاق ، وظل لسنوات عديدة يقدم خدمات القهوة والشاى لقاصديه من مواطني وزوار المدينة من كل حدب وصوب ، أصبح جزءا من تاريخ المدينة ، حمل المسافرون منتجاته من البن المحمص إلى أرجاء العالم المختلفة ، قهوة حامد عبارة عن فضاء مفتوح ، لمختلف شرائح المجتمع ، ومناقشات الزوار بطعم قهوة حامد في العام والخاص بإمتاع ومؤانسة، صعدت روح حامد إلى بارئها ، اللهم تقبله عندك القبول الحسن ، أحر التعازي وصادق المواساة لرواده وأسرته وعارفي فضله في كل مكان.
(4)
يا منايَا حَوِّمِي حول الحِمَى واستعرضِينا واصْطفِي
كلَّ سمحِ النفس بسَّامِ العشيات الوفي
الحليم العِفِّ كالأنسام روحًا وسَجَايا
أريحي الوجه والكف افترارًا وعطايا
فإذا لاقاك بالباب بشوشا وحفي
بضميرٍ ككتاب الله طاهر
اُنشبي الأظفارَ في أكتافه واختطفي
وأمانُ الله منا يا منايا
كلما اشتقتِ لميمونِ المُحيَّا ذي البشائر .. شرّفِي
تجدِينَا مثلًا في الناس سائرْ
نقهرُ الموتَ حياةً ومصائر
من مجموعة (نحن والردى) - للشاعر صلاح أحمد إبراهيم (رحمة الله عليه)
كانت إمرأة بمئات الرجال، مكافحة، صابرة، عاشت حياتها قليلة السنوات، كثيرة الأعمال، تصافحك بإبتسامة فائقة العذوبة، عذوبة السؤال عن الحال والأحوال، خاصة وعامة، قضت حياتها بين العلم والعمل والمعرفة، متخرجة في كلية الزراعة بجامعة الخرطوم، ثم الإلتحاق بسلك الشرطة، لتصل لرتبة العقيد، خادمة للبلاد والعباد.
طموحة ومجتهدة ومخططة بشكل جيد لمستقبلها، فقط ببصيرة نافذة وعقل متقد، وأياد سباقة الخير، ضربت مثالا يحتذى به في تفقد أحوال الأسرة والأرحام، إنتقلت إثر حادث مروري أليم ، بمدينة ربك بولاية النيل الأبيض، ليصبح الشيخ فرح ودتكتوك محقا فيما ذهب إليه (آخر الزمن الأجل تحت العجل).
تركت في أسرة الشيخ محمد ودمضوي جرحا نازفا لا يندمل لسنوات، وداعا بنت الخال/العمة،لتبقى حياتها راسخة في العقل والقلب والوجدان.
وداعا عامة الصادق الطيب الخليفة محمد الشيخ الطيب محمد ود مضوي، هذه أقدار الحياة، فآخرها كفن من طرف السوق وشبر في المقابر، إن القلب ليحزن والعين لتدمع وإنا لفراقك يا عامة لمحزونون، اللهم احشرها مع زمرة الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا، وتقبلها اللهم عندك القبول الحسن يا رب العالمين، إنا لله وإنا إليه راجعون.
(5)
ثمانية عشر عاما أمضاها محمود موسى أبودقن عابدا في محراب الإعلام بولاية النيل الأبيض، بوجه مليح وتواضع جم، وصوت عذب يلامس القلب والعقل والروح، خلال سنوات مضت، أنجز محمود مئات البرامج المختلفة المتنوعة، المسجلة منها والمباشرة، والتي رسخت لاحقا في ذاكرة المستمع الحصيف لأثير (هنا كوستي) إذاعة النيل الأبيض، إلى جانب تميزه في الإنتاج والتقديم والإدارة، ترك مذاقا في الأثير والمنصات الجماهيرية والعلاقات العامة، غادرنا على عجل إلى الدار الآخرة، بعد صراع مع المرض، اللهم أسبغ على قبره شآبيب رحمتك وغفرانك، وأحشره مع زمرة الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، إنا لله وإنا إليه راجعون
(6)
جمعتني به محبة الصحافة والثقافة في تلك الايام الزاهية ، بجانب محبة مدينة كوستي التي ترقد هانئة على أحضان النيل الأبيض ، عرفته عن قرب قبل سنوات خلت إبان تعاوني من بعيد محررا لزاوية (حقائق وأرقام) بصحيفة الحرية ، كنت دائم الجلوس إليه في صحبة ثلة من طاقم تلك الصحيفة من رجاء كامل ، عثمان فضل الله، رحاب عبدالله ، لبنى أحمد حسين ، آمال عباس ، الحاج وراق ، هيثم كابو ، صباح احمد ، سراج الدين مصطفي ، يحيي حامد ، لبنى عبدالله ، إدريس الدومة ، أمير صديق ، عبدالماجد عبدالقادر ، ورئيس تحريرها سعد الدين إبراهيم (رحمة الله عليهما) ، و آخرين لهم مكانة في العقل والقلب والوجدان.
مزج بين ممارسة الكتابة الصحفية اليومية والمحاماة دفاعا عن الحقوق والحريات ، ويعد أحد المدافعين عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة ، أحب الوطن حبا جما ، منتميا للحزب الجمهوري وأمينا لإعلامه ، عرف من خلال زاوية (سلام يا وطن) ، متنقلا بها من صحيفة (الحرية) ، إلى صحيفة (الحرية) وصحف ألكترونية أخرى ، مجاهرا فيها برأيه ، مناقشا لقضايا الناس بقوة ، وحقهم في السلام والحرية والعدالة ، حين يزور مدينة كوستي في ايام متفرقة يتصل بي على الدوام ، لنتقاسم معه لحظات عذبة ، عذوبة الإمتاع والمؤانسة في القضايا العامة والاهتمامات الخاصة ، على أيام عملي مراسلا لقناة الشروق الفضائية من ولاية النيل الابيض ، سجلت له إفادات عديدة عن قضايا تعاني منها الولاية بجانب إفادات أخرى قبل أكثر من عامين تتعلق بحراك ديسمبر ، و حين تركت الوطن بثقافاته وإعلامه وسياساته ، كان دائم التواصل معي ، كان يحضني على العودة مجددا للبلد.
بعد معاناة مستمرة مع المرض ، إنتقل إلى الرفيق الأعلى حيدر خيرالله ، اللهم تقبله عندك القبول الحسن ، والعزاء موصول إلى أسرته الصغيرة والكبيرة بين الخرطوم وكوستي ، حميم التعازي لكل العاملين في حقل الصحافة والسياسة والقانون ، اللهم أسبغ عليه شآبيب رحمتك وغفرانك ، وأحشره مع زمرة الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ،
إنا لله وإنا إليه راجعون.
(7)
مزجت الموهبة بالثقافة ، تميزت بالسعي الدؤوب لتعلم المزيد من المعارف في عالم الإعلام والاستزاده من معين الصحافة التلفزيونية ، دراسة وممارسة ، جمعتنا بها شاشة الشروق قبل سنوات عدة ، وقت عملي مراسلا بإدارة الأخبار لأعوام ، تبدو عليها سمات التواضع والصبر على العمل ، كانت تخطط بالمضي مجددا لتعلم مهارات أخرى كإنتاج قصص بصرية مدهشة للمتلقي الحصيف ، لكنها ترجمت ذلك من خلال مساهمات جيدة ، عبر تقديم حلقات مميزة من برامج المنوعات ، لتحفظ لها مكتبة قناة الشروق الفضائية إطلالات عذبة ، عذوبة تلك البرامج ، والتي أبرزها (ستة ونص) و (ظلال الأصيل) ، اليوم طريحة الفراش الأبيض وبعناية فائقة من أسرة مستشفى الحرس الوطني بالعاصمة السعودية الرياض ، زرتها اليوم ضمن ثلة من الإعلاميين بالمملكة العربية السعودية بمبادرة من الزميل العزيز علي القاسم ، وجدتها قوية تصارع المرض ، بصبر جميل وإحتساب نبيل ، بإبتسامة تتحدى الألم ، اللهم تقبلها عندك القبول الحسن يا رب العالمين ، اللهم في جنات وعيون وزروع ومقام كريم.
(8)
أنفقت نعمات حمود سنوات من عمرها في محراب الثقافة والصحافة والإعلام وخدمة الآخرين بمحبة ومودة وتجرد وإحترام ، عرفتها إمارة الشارقة بدولة الأمارات العربية المتحدة حيث عرفتها أمانة الثقافة ، موظفة بها ، لتسهم مع آخرين في إنجاز نسخ مختلفة من معرض الشارقة للكتاب الممتدة لعقد كامل.
سعت من خلال روايتها (همس النوارس) إلى تحسين صورة المرأة المغتربة/المهاجرة ، ولتقدم لعشاق القراءة والكتابة والتأمل عناوين في السرد والشعر ، من (همس النوارس) إلى (في ذاكرة القلب) و (من بعيد .. مرافئ الغربة) وأخرى لم تسعفها الأيام لتتمكن من طباعتها لتعانق الأسماع والأبصار والعقول.
عام 2019م دخلت نعمات بالرقم (329) موسوعة غينس للأرقام القياسية كأطول الموقعين على الكتب بمعرض الكتاب ضمن 2000 كاتب عربي عنها في ذات الزمان والمكان.
كانت تسهم في تغطية الأحداث المختلفة المختلفة بدولة الإمارات من خلال برامج وقصص وأخبار لتقدم عبر قناة النيل الأزرق ، يعرفها أهل الصحافة والثقافة القادمين من إلى دولة الإمارات ، ومساعيها الدؤوبة بين الناس ، خيرا وبركة وخدمات ، لتصبح وجها مشرقا للسودان هناك.
نعمات حمود إنتقلت إلى دار الخلود إثر علة مفاجئة لم تمهلها طويلا بالمستشفى المركزي بالشارقة ، اللهم أسبغ على نعمات حمود شآبيب رحمتك وغفرانك وتقبلها اللهم عندك القبول الحسن ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، على روحها المحبة والسلام وعلينا الصبر والدعاء إذا صرنا إلى ما صارت إليه.
*صحافي سوداني
siddigelbashir3@gmail.com
(1)
”أخير، ستبقى اللحظات بين الرصاصة وصدري مليئة بحلم الحياة في وطن يسع الجميع“ ، هكذا كان يكتب نصوصه للإذن والعين ، عاش من أجل وطن يسع الجميع ، محبة ، صدقا ، نبلا وزمالة ، مبدع في مجاله ، توزعت حياته بين القراءة والكتابة والمشاهدة المختلفة ، تواضع يمشي بين الناس ، ترك مذاقا في كل شئ ، عاش بيننا داعية للحق والخير والجمال ، واجه المرض بشجاعة وصبر ومصابرة ورباطة جأش ، قال لي ذات نهار صيفي حارق داخل مباني قناة الشروق الفضائية التي ربطتنا زمالة لسنين عددا ، إلى أن أين ذاهب يا صديق البشير ، قلت له إلى الكلاكلة ، يرد ، تفضل ، يحملك العقل والقلب والوجدان قبل سيارتي ، عبر عمر حلاق إلى الضفة الأخرى ، بعد أن أنجز الكثير للمتلقي الحصيف من خلال شاشتي الشروق وسودانية 24 ، يكفيه ( كل الود والتقدير) و (السواعد البيضاء) ، (رحيق الأمكنة) ، ثم (ممكن) ، وغيرها ، بادل الآخرين حيا بحب ، مثقف خلاق ، عمر محمد عبدالرحمن (عمر حلاق) ، اللهم تقبله عندك القبول الحسن يا رب العالمين.
(2)
فتح لي نوافذ مهمة للإطلالة بقصصي البصرية في برامجه الصباحية التي كان ينتجها لشاشة الشروق الفضائية على مدى سنوات طويلة ، جمعتنا محبة العمل الإعلامي ، لينتقل إلى الرفيق الأعلى ،تعازينا الصادقة لكل الزملاء ، اللهم تقبل عبدك أنس المسلمي القبول الحسن وأحشره مع زمرة الشهداء والصالحين في جناتك وأغسله بالماء والثلج والبرد و أجعل البركة في أهله وزملائه وأصدقائه وألهمنا وأسرته الصبر والسلوان.
(3)
في شارع البوستة شمال مصرف الإدخار والتنمية الإجتماعية بسوق مدينة كوستي الكبير إتخذ العم حامد دفع الله من مكان ما مقهى له أصبح فيما حديث الناس في القرى والحضر ، طبقت شهرته الآفاق ، وظل لسنوات عديدة يقدم خدمات القهوة والشاى لقاصديه من مواطني وزوار المدينة من كل حدب وصوب ، أصبح جزءا من تاريخ المدينة ، حمل المسافرون منتجاته من البن المحمص إلى أرجاء العالم المختلفة ، قهوة حامد عبارة عن فضاء مفتوح ، لمختلف شرائح المجتمع ، ومناقشات الزوار بطعم قهوة حامد في العام والخاص بإمتاع ومؤانسة، صعدت روح حامد إلى بارئها ، اللهم تقبله عندك القبول الحسن ، أحر التعازي وصادق المواساة لرواده وأسرته وعارفي فضله في كل مكان.
(4)
يا منايَا حَوِّمِي حول الحِمَى واستعرضِينا واصْطفِي
كلَّ سمحِ النفس بسَّامِ العشيات الوفي
الحليم العِفِّ كالأنسام روحًا وسَجَايا
أريحي الوجه والكف افترارًا وعطايا
فإذا لاقاك بالباب بشوشا وحفي
بضميرٍ ككتاب الله طاهر
اُنشبي الأظفارَ في أكتافه واختطفي
وأمانُ الله منا يا منايا
كلما اشتقتِ لميمونِ المُحيَّا ذي البشائر .. شرّفِي
تجدِينَا مثلًا في الناس سائرْ
نقهرُ الموتَ حياةً ومصائر
من مجموعة (نحن والردى) - للشاعر صلاح أحمد إبراهيم (رحمة الله عليه)
كانت إمرأة بمئات الرجال، مكافحة، صابرة، عاشت حياتها قليلة السنوات، كثيرة الأعمال، تصافحك بإبتسامة فائقة العذوبة، عذوبة السؤال عن الحال والأحوال، خاصة وعامة، قضت حياتها بين العلم والعمل والمعرفة، متخرجة في كلية الزراعة بجامعة الخرطوم، ثم الإلتحاق بسلك الشرطة، لتصل لرتبة العقيد، خادمة للبلاد والعباد.
طموحة ومجتهدة ومخططة بشكل جيد لمستقبلها، فقط ببصيرة نافذة وعقل متقد، وأياد سباقة الخير، ضربت مثالا يحتذى به في تفقد أحوال الأسرة والأرحام، إنتقلت إثر حادث مروري أليم ، بمدينة ربك بولاية النيل الأبيض، ليصبح الشيخ فرح ودتكتوك محقا فيما ذهب إليه (آخر الزمن الأجل تحت العجل).
تركت في أسرة الشيخ محمد ودمضوي جرحا نازفا لا يندمل لسنوات، وداعا بنت الخال/العمة،لتبقى حياتها راسخة في العقل والقلب والوجدان.
وداعا عامة الصادق الطيب الخليفة محمد الشيخ الطيب محمد ود مضوي، هذه أقدار الحياة، فآخرها كفن من طرف السوق وشبر في المقابر، إن القلب ليحزن والعين لتدمع وإنا لفراقك يا عامة لمحزونون، اللهم احشرها مع زمرة الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا، وتقبلها اللهم عندك القبول الحسن يا رب العالمين، إنا لله وإنا إليه راجعون.
(5)
ثمانية عشر عاما أمضاها محمود موسى أبودقن عابدا في محراب الإعلام بولاية النيل الأبيض، بوجه مليح وتواضع جم، وصوت عذب يلامس القلب والعقل والروح، خلال سنوات مضت، أنجز محمود مئات البرامج المختلفة المتنوعة، المسجلة منها والمباشرة، والتي رسخت لاحقا في ذاكرة المستمع الحصيف لأثير (هنا كوستي) إذاعة النيل الأبيض، إلى جانب تميزه في الإنتاج والتقديم والإدارة، ترك مذاقا في الأثير والمنصات الجماهيرية والعلاقات العامة، غادرنا على عجل إلى الدار الآخرة، بعد صراع مع المرض، اللهم أسبغ على قبره شآبيب رحمتك وغفرانك، وأحشره مع زمرة الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، إنا لله وإنا إليه راجعون
(6)
جمعتني به محبة الصحافة والثقافة في تلك الايام الزاهية ، بجانب محبة مدينة كوستي التي ترقد هانئة على أحضان النيل الأبيض ، عرفته عن قرب قبل سنوات خلت إبان تعاوني من بعيد محررا لزاوية (حقائق وأرقام) بصحيفة الحرية ، كنت دائم الجلوس إليه في صحبة ثلة من طاقم تلك الصحيفة من رجاء كامل ، عثمان فضل الله، رحاب عبدالله ، لبنى أحمد حسين ، آمال عباس ، الحاج وراق ، هيثم كابو ، صباح احمد ، سراج الدين مصطفي ، يحيي حامد ، لبنى عبدالله ، إدريس الدومة ، أمير صديق ، عبدالماجد عبدالقادر ، ورئيس تحريرها سعد الدين إبراهيم (رحمة الله عليهما) ، و آخرين لهم مكانة في العقل والقلب والوجدان.
مزج بين ممارسة الكتابة الصحفية اليومية والمحاماة دفاعا عن الحقوق والحريات ، ويعد أحد المدافعين عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة ، أحب الوطن حبا جما ، منتميا للحزب الجمهوري وأمينا لإعلامه ، عرف من خلال زاوية (سلام يا وطن) ، متنقلا بها من صحيفة (الحرية) ، إلى صحيفة (الحرية) وصحف ألكترونية أخرى ، مجاهرا فيها برأيه ، مناقشا لقضايا الناس بقوة ، وحقهم في السلام والحرية والعدالة ، حين يزور مدينة كوستي في ايام متفرقة يتصل بي على الدوام ، لنتقاسم معه لحظات عذبة ، عذوبة الإمتاع والمؤانسة في القضايا العامة والاهتمامات الخاصة ، على أيام عملي مراسلا لقناة الشروق الفضائية من ولاية النيل الابيض ، سجلت له إفادات عديدة عن قضايا تعاني منها الولاية بجانب إفادات أخرى قبل أكثر من عامين تتعلق بحراك ديسمبر ، و حين تركت الوطن بثقافاته وإعلامه وسياساته ، كان دائم التواصل معي ، كان يحضني على العودة مجددا للبلد.
بعد معاناة مستمرة مع المرض ، إنتقل إلى الرفيق الأعلى حيدر خيرالله ، اللهم تقبله عندك القبول الحسن ، والعزاء موصول إلى أسرته الصغيرة والكبيرة بين الخرطوم وكوستي ، حميم التعازي لكل العاملين في حقل الصحافة والسياسة والقانون ، اللهم أسبغ عليه شآبيب رحمتك وغفرانك ، وأحشره مع زمرة الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ،
إنا لله وإنا إليه راجعون.
(7)
مزجت الموهبة بالثقافة ، تميزت بالسعي الدؤوب لتعلم المزيد من المعارف في عالم الإعلام والاستزاده من معين الصحافة التلفزيونية ، دراسة وممارسة ، جمعتنا بها شاشة الشروق قبل سنوات عدة ، وقت عملي مراسلا بإدارة الأخبار لأعوام ، تبدو عليها سمات التواضع والصبر على العمل ، كانت تخطط بالمضي مجددا لتعلم مهارات أخرى كإنتاج قصص بصرية مدهشة للمتلقي الحصيف ، لكنها ترجمت ذلك من خلال مساهمات جيدة ، عبر تقديم حلقات مميزة من برامج المنوعات ، لتحفظ لها مكتبة قناة الشروق الفضائية إطلالات عذبة ، عذوبة تلك البرامج ، والتي أبرزها (ستة ونص) و (ظلال الأصيل) ، اليوم طريحة الفراش الأبيض وبعناية فائقة من أسرة مستشفى الحرس الوطني بالعاصمة السعودية الرياض ، زرتها اليوم ضمن ثلة من الإعلاميين بالمملكة العربية السعودية بمبادرة من الزميل العزيز علي القاسم ، وجدتها قوية تصارع المرض ، بصبر جميل وإحتساب نبيل ، بإبتسامة تتحدى الألم ، اللهم تقبلها عندك القبول الحسن يا رب العالمين ، اللهم في جنات وعيون وزروع ومقام كريم.
(8)
أنفقت نعمات حمود سنوات من عمرها في محراب الثقافة والصحافة والإعلام وخدمة الآخرين بمحبة ومودة وتجرد وإحترام ، عرفتها إمارة الشارقة بدولة الأمارات العربية المتحدة حيث عرفتها أمانة الثقافة ، موظفة بها ، لتسهم مع آخرين في إنجاز نسخ مختلفة من معرض الشارقة للكتاب الممتدة لعقد كامل.
سعت من خلال روايتها (همس النوارس) إلى تحسين صورة المرأة المغتربة/المهاجرة ، ولتقدم لعشاق القراءة والكتابة والتأمل عناوين في السرد والشعر ، من (همس النوارس) إلى (في ذاكرة القلب) و (من بعيد .. مرافئ الغربة) وأخرى لم تسعفها الأيام لتتمكن من طباعتها لتعانق الأسماع والأبصار والعقول.
عام 2019م دخلت نعمات بالرقم (329) موسوعة غينس للأرقام القياسية كأطول الموقعين على الكتب بمعرض الكتاب ضمن 2000 كاتب عربي عنها في ذات الزمان والمكان.
كانت تسهم في تغطية الأحداث المختلفة المختلفة بدولة الإمارات من خلال برامج وقصص وأخبار لتقدم عبر قناة النيل الأزرق ، يعرفها أهل الصحافة والثقافة القادمين من إلى دولة الإمارات ، ومساعيها الدؤوبة بين الناس ، خيرا وبركة وخدمات ، لتصبح وجها مشرقا للسودان هناك.
نعمات حمود إنتقلت إلى دار الخلود إثر علة مفاجئة لم تمهلها طويلا بالمستشفى المركزي بالشارقة ، اللهم أسبغ على نعمات حمود شآبيب رحمتك وغفرانك وتقبلها اللهم عندك القبول الحسن ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، على روحها المحبة والسلام وعلينا الصبر والدعاء إذا صرنا إلى ما صارت إليه.
*صحافي سوداني