سلطة القضاء في الإشراف على الإعتقال: القضاء والنيابة من يراجع من؟
" فى حججك التى قدمتها من أجل الدعوة لإصدار وثيقة الحقوق أغفلت حجة هامة، وهى حجة تكتسب لدى وزناً كبيراً، وأعنى بها أن وجود وثيقة الحقوق يتيح للقضاء سلطة لمراجعة السلطات الأخرى صيانةً لتلك الحقوق . إن القضاء المستقل، والذى يقتصر إهتمامه على أداء عمله، هو موضع ثقة كبيرة لما يتمتع به من علم وتماسك أخلاقي " توماس جيفرسون فى خطابه لماديسون تأييداً لإقتراح الأخير بتعديل الدستور، ليتضمن وثيقة حقوق
هنالك تفسير للقانون يذرع الأسافير جيئة وذهابا، يقال أنه صادر من وكالة نيابة، بشأن المادة 106 من قانون الإجراءات الجنائية. القرار الذي يدور حوله النقاش يقال أنه صادر من وكالة نيابة رفضت فيها إطلاق سراح مقبوض عليه رفض القاضي تجديد حبسه، إستناداً على أن المحتجز المعني مقبوض عليه في جريمة عقوبتها الإعدام، وأن المقبوض عليه في جريمة عقوبتها الإعدام أو القطع حداً لا يجوز إطلاق سراحه بالضمان وفقاً لأحكام المادة 106. وأن النيابة قد أخطأت في الأساس حين عرضت ملفه على قاض لتجديد حبسه، لأن القانون لا يتطلب ذلك إلا إذا بلغت مدة حبسه ستة أشهر. وفي هذه الحالة، وفي هذه الحالة وحدها، يتم عرض الملف أمام السيد رئيس الجهاز القضائي، ليقرر فيه ما يشاء. وقد رأت وكالة النيابة وفقاً لذلك أمرين: الأول أنه لا إنطباق لأحكام المادة 79 التي تتطلب تجديد حبس المقبوض عليه لأغراض التحري، على المقبوض عليه في جريمة عقوبتها الإعدام أو القطع حداً. والثاني أنه لو تم عرض ملف المقبوض عليه في جريمة عقوبتها القتل أو القطع حداً أمام السيد القاضي للتجديد خطأً فإن قراره بعدم التجديد يكون مخالفاً لنص المادة 106، ويجوز في هذه الحالة للنيابة تجاهل الأمر، والعمل بأحكام القانون. وهذا القرار الدائر بنصه في الأسافير إذا صح هو قرار ممعن في الخطأ يجدر بالزملاء في وكالة النيابة المعنية العودة عنه بأسرع سبيل.
حبس الأفراد بغرض التحري ليس نتيجة تلقائية للإشتباه في إرتكابهم جريمة، بل يتطلب الأمر أن يكون الإشتباه على درجة من الجدية تستدعي إفقادهم حقهم في الحرية، وأن يكون التحري يستلزم بقاءهم رهن الإحتجاز لمنعهم من العبث بالأدلة والبينات.
لذلك فإنه قبل البحث في سلطة الإفراج عن المتهم بالضمان، يجب أن ننظر إلى سلطة إبقاءه قيد الإحتجاز، لأن إبقاء المتهم قيد الإحتجاز، يحتاج لأمر من السلطة المنوط بها ذلك. فرغم أن ضرورة منع الجريمة والعقاب على إرتكابها، تقتضي في ظروف معينة إخضاع المشتبه فيهم لإجراءات تحقيق وتحري تفقدهم حريتهم، إلا أن ذلك يتطلب أمر من جهة يحددها القانون بذلك.
تفسير مخل بالدستور وبمصالح الدولة
الحق في الحرية لا يتعارض مع تلك الإجراءات، ولكن يقيدها بحدود ضرورتها. وبالتالي فإن أحكام القانون يجب أن لا تتيح لسلطات الضبط تقييد حرية المشتبه فيهم، إلا حال وجود إشتباه معقول بتورطهم في جريمة إرتكبت، أو يُحتمل أن تُرتكب، ويكون ذلك التقييد في الحدود التي تقتضيها ظروف التحقيق أو التحري، ودون أن ينال ذلك من إفتراض البراءة في حق المشتبه فيه، ولا في حقه في الحرية والأمان. إذا فالقبض على المشتبه فيه وإحتجازه قبل إدانته بإرتكاب جريمة تقتضي ذلك، هو أمر في الأساس مخالف للدستور، ما لم يتم وفق ضوابط قانونية تنظمه دون أن تنتقص منه أو تصادره. التفسير الذي يضفيه ذلك القرار، لو صح، على المواد التي تحكم الحبس السابق للمحاكمة في قانون الإجراءات الجنائية من شأنه أن يحول أحكاماً مخالفة للدستور إلى أحكام مصادمة للدستور إلى الدرجة التي تنزع عن المشتبه فيه حقوقاً دستورية مستقرة لدى المستوى الدولي لحقوق الإنسان، مما يسبب ضررا للدولة فيما هي مقبلة عليه من مفاوضات متعلقة بحالة حقوق الإنسان في السودان، مع الولايات المتحدة من جهة، ومع المكتب القطري للمندوب السامي لحقوق الإنسان في السودان والذي هو الآن قيد الإنشاء.
خطورة هذا القرار هو أنه يعني أن المادة 79 لا إنطباق لها أصلاً على المقبوض عليه في جريمة عقوبتها الإعدام أو القطع حداً، ويذكر صراحة أن التجديد بغرض التحري أصلاً غير وارد بالنسبة له. وإذا كان ذلك كذلك، فإن النتيجة التي يمكن إستخلاصها هو أن الشرطة بدورها غير ملزمة بتجديد الحبس بعد أربعة وعشرين ساعة، إذا كان القبض في جريمة عقوبتها الإعدام أو القطع حداً، إذ أن ما يجعل النيابة غير ملزمة بتجديد الحبس بغرض التحري لدى القاضي، يجعل الشرطة غير ملزمة بتجديد الحبس لدى النيابة، لأن المادة 106 تمنع الإفراج عموما في تقدير النيابة عن ذلك المقبوض عليه. وهكذا يؤدي ذلك التفسير إلى حبس الأفراد لمدة ستة أشهر بقرار من الشرطة دون حاجة لمراجعة النيابة أو القاضي. ويزيد الأمر ضغثاً على إبالة أن القبض نفسه يتم بواسطة الشرطة دون حاجة لأمر من قاض، أو وكيل نيابة، فالجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو بالقطع حداً لا تحتاج لأمر قبض. وهكذا ينتهي بنا الأمر لوضع شخص تحت الإحتجاز لمدة ستة أشهر بقرار من الشرطة، نتيجة لإشتباه يكون لديها لا تخضع فيه لمراجعة النيابة أو القاضي لأن المادة 79 برمتها لا إنطباق لها. إذا لم يكن هذا إلغاء تام للأحكام الدستورية المتعلقة بالحبس السابق للمحاكمة فلا أدري ماذا يكون؟
الإشراف القضائي على الإعتقال جزء من وثيقة الحقوق
تنص المادة 9 (3) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أن يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جنائية، سريعا، إلى أحد القضاة، أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه. هذه المادة هي جزء من الأحكام الدستورية التي تبناها الدستور بموجب المادة 27 (3) منه
الغرض من هذه المادة هي وضع الإعتقال تحت إشراف القضاء حماية للحق في الحرية، وضماناً لتطبيق المبدأ القانوني الذي يقوم على إفتراض البراءة. ولكنها أيضاً تهدف إلى توفير الحق في الأمان بمنع وضع المعتقلين تحت رحمة السلطة التي تحتجزهم بشكل حصري، منعاً للتعذيب وغيره من ضروب إساءة معاملة المعتقلين. الغرض من تقديم الشخص المحتجز على وجه السرعة أمام قاض، أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية أمرين. الأول هو تقدير ما إذا كانت هناك أسباب قانونية كافية للقبض على الشخص أو إحتجازه، فإن لم يجد ذلك يفرج عنه. وهذا يلبي متطلبات الحق في الحرية. والثاني هو ما يوفره ذلك بصفة خاصة من ضمان سلامة الشخص المحتجز، وعدم تعرضه لإساءة المعاملة، وهذا يلبي متطلبات الحق في الأمان. لذلك فإن إبقاء المحتجز رهن الإحتجاز فترة طويلة دون عرضه على سلطة قضائية يخرق حقه في الحرية والأمان، لأنه يجعل طول فترة الإحتجاز، و المعاملة التي يخضع لها المحتجز، وشروط الإحتجاز الأخرى مسألة تقررها السلطة التي تحتجزه. وهذا يحول الإحتجاز بشكل تلقائي إلى إحتجاز تعسفي، حيث يصبح للسلطة ان تحدد بمطلق حريتها أسباب وشروط حرمان المشتبه فيه من حريته مما يجعله أعتقالا لا يخضع لأي معايير، ولا لأي رقابة لفترة طويلة. معلوم أن السلطة التعسفية تفقد الخاضع لها الأمان وتعرض حقه في الحرية للإنتهاك .
ويجدر بنا هنا أن نقول أن النيابة لا تحل محل القاضي في هذا الخصوص ففي دعوى Brincat v. Italy لدى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية حين دفعت الحكومة الإيطالية بأن أعضاء النيابة العمومية في إيطاليا يتمتعون بضمانات كافية تؤكد إستقلالهم وحياديتهم وفقاً للمبادئ الدستورية، والنظام القانوني الإيطالي، وأنهم اعضاء في الهيئة القضائية، كما وأنهم تحت قانون الإجراءات الجنائية لا يجوز إعتبارهم طرفا بالمعنى المقصود من هذا التعبير، بل جهاز عدلي يقوم بوظيفة موضوعية ومحايدة لصالح القانون فقط، وهم ملزمون بالتحقيق بنفس العناية في بينات النفي والإثبات على السواء.
رأت المحكمة أنه إذا ظهر أن الشخص المخول له بواسطة القانون أن يتولى وظيفة قضائية، قد يتدخل لاحقاً في الإجراءات كعضو في هيئة الإتهام، فهناك خطورة في أن تعتبر حياديته موضوعياً محل شك مبرر.
فحص مشروعية الإعتقال يجب أن يكون فوريا
تشددت المحاكم الإقليمية المعنية بحقوق الإنسان بشرط أن يكون مثول المقبوض عليه أمام القاضي فورياً. في دعوى ، Brogan v. United Kingdom ، EHRR 117 ، 134 (1988) ، وهي دعوى تتمثل وقائعها في أن السلطات البريطانية إحتجزت عددا من المحتجزين، فيما يتعلق بالأنشطة الإرهابية في أيرلندا الشمالية، وقد تم إطلاق سراحهم بعد أربعة أيام وست ساعات ، دون أن يمثلوا أمام قاضٍ. قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إنه رغم أنه لا يمكن تجاهل الظروف المصاحبة للدعوى لأغراض تقييم المثول الفوري، بحيث يتطلب الأمر تقييم ذلك في كل حالة وفقًا لخصائصها الخاصة، إلا أن درجة المرونة المرتبطة بتقدير جملة "فوري" هي درجة محدودة. لأن أهمية تلك الظروف لا يمكن أبداً أن تصل إلى حد الإضرار بجوهر الحق الذي تكفله المادة، وهو التزام الدولة بضمان مثول فوري للمعتقل أمام السلطة القضائية. وقررت المحكمة الأوروبية أن بريطانيا قد انتهكت ، في هذه الدعوى ، واجبها بإحضار المعتقلين إلى القاضي على وجه السرعة. أنظر أيضا الدعاوي التالية
McGoff v. Sweden, 8 EHRR 246 (1984); De Jong v. Netherlands, 8 EHRR 20أ (1984); Duinhoff v. Netherlands, 13 EHRR 478 (1984); Koster v. Netherlands, 14 EHRR 196 (1991); Aksoy v. Turkey, 23 EHRR 553 (1986)
لذلك فإن المثول أمام القاضي أو الموظف القضائي الآخر، يجب أن يكون بغرض فحص قانونية الإحتجاز. أما إذا كان الغرض تسجيل إقرار قضائي، أو أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق، فإن ذلك لا يلبي متطلبات حق المثول أمام القاضي. وقد أوضحت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في دعوى أكويلينا ضد مالطة أن حق المثول أمام سلطة قضائية لا يتحقق بمثول الشخص المحتجز أمام قاض، بل يتطلب هذا الحق أمرين الأول هو أن يكون القاضي مختصا بأن يراجع الظروف التي تبرر ذلك الإحتجاز، أو تمنعه. والثاني أن يكون المثول بغرض أن يقرر القاضي بالرجوع للمعايير القانونية ما إذا كان ذلك الإحتجاز له ما يبرره، وأن يأمر بإطلاق سراحه في حالة التوصل لقرار بعدم وجود ما يبرر ذلك الإحتجاز أو إستمراره. وهذا يعني أنه يتوجب على الموظف القضائي المكلف بهذه المهمة أن يتوصل لقرار موضوعي حول مشروعية الإحتجاز.
ومعنى ذلك هو أنه إذا صح تفسير النيابة للمادة 106 بأنها تمنع عرض المعتقل أمام قاض إلا بعد مرور ستة أشهر من إعتقاله فإن ذلك يعني أنها مخالفة للدستور ومستوجبة الإهمال.
أحكام الحبس بغرض التحري
الحبس السابق للمحاكمة كله هو حبس بغرض التحري. وأحكام الحبس بغرض التحري وفقاً لما هو وارد في المادة 79 من قانون الإجراءات الجنائية ينقسم إلى مرحلتين المرحلة الأولى تنقسم إلى ثلاث مراحل تنفرد فيها الشرطة في مرحلتها الأولى وهي فترة 24 ساعة تتحرى فيها مع الإحتفاظ بالمشتبه فيه قيد الإحتجاز. يجددها وكيل النيابة إذا إقتضى الأمر لمدة لا تجاوز ثلاثة أيام. فإذا إنقضت هذه المدة فإنه يجوز للقاضي تجديدها لمدة إسبوع قابلة للتجديد لمدة إسبوع آخر. فإذا إنتهى الإسبوع الثاني، فإنه يتوجب على النيابة إما الإفراج عن المحتجز أو توجيه تهمة له، إذ أنه لا يجوز تجديد الحبس بموجب الفقرة(4) من المادة 79 لأغراض التحري إلا لمن وجهت له التهمة. وفي هذه الحالة يجوز للقاضي الأعلى تجديد الحبس للمعتقل الذي وجهت له التهمة لغرض التحري لمدة إسبوعين تجدد لمدة أو لمدد مماثلة بمدة أقصاها ستة أشهر شاملة لمدة الحبس. ولا يجوز خلال هذه المدة إبقاء المعتقل ساعة واحدة رهن الإحتاز ما لم يكن هنالك حاجة لمواصلة التحري معه وهنالك أمراً قضائيا سار المفعول ببقائه في الحبس. إذا لم تكن هنالك حاجة لمواصلة التحري مع المتهم فإن النيابة تفقد ولايتها على حبسه وعليها أن تحوله للمحكمة لمحاكمته.
بالنسبة للمادة 106 من القانون فهي تتحدث عن الإفراج بالضمان والإفراج بالضمان، لا يوقع إلا بالنسبة لشخص محتجز وفق قرار صحيح يلزم معه إبقاءه رهن الإحتجاز، أما الشخص الذي لم تقيد حريته بأمر يبقيه رهن الإحتجاز، فلا يحتاج أصلاً للبحث في إطلاق سراحه بالضمان. بمعنى آخر فإن من لم يفلح الإتهام في تجديد حبسه يتم إخلاء سبيله دون حاجة لضمان، ويكون البحث عن شروط الضمان الخاصة به غير وارد.
إذا فلا صلة أصلا للمادة 106 برفض تجديد الحجز، فالمادة 106 تتحدث عن معتقل إعتقالاً قانونياً يتم إطلاق سراحه بكفالة، وفقاً لضوابط معينة. أما رفض تجديد الحبس فيعني بالضرورة إنهاء الحبس فهو يلزم النيابة بأحد أمرين لا ثالث لهما : الأول هو إطلاق سراح المحتجز، إذا لم تكن البينة التي تم جمعها وفقا للتحريات تسند تقديمه للمحاكمة. والثاني، هو إحالة الإتهام للمحكمة بالبينة التي تم الحصول عليها، والمحكمة هي التي تقرر بشأن إحتجازه بغرض المحاكمة. ما فات السيد وكيل النيابة هنا هو أن القانون لا يمنحه مدة غير محدودة لإحتجاز المشتبه فيه أو المتهم بل عليه واجب الفراغ من التحري في أسرع وقت، لأن حبس المتهم هو إجراء إستثنائي يستلزم ذلك وأن فترة الستة أشهر ليست فترة ممنوحة للنيابة دون رقابة بل هي الحد الأقصى لتحر جاد ونشط من أجل جمع البينات والتوصل للحقيقة فإن لم يكن كذلك فعلى القاضي أن يأمر بإطلاق سراح المتهم.
لذلك فقد رأت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في Nemeieter V Australia أن عدم منح القضاء سلطة إطلاق سراح المحبوس في إنتظار المحاكمة حتى في حالة إستمرار حبسه لزمن غير معقول، يتعارض مع إفتراض البراءة . لأن المتهم يجب أن تفترض براءته حتى صدور حكم بإدانته، أما قبل ذلك فإنه يظل يتمتع بإفتراض البراءة ولذلك فإنه إذا تعذر على الإتهام لأي سبب من الأسباب أن يقدمه للمحاكمة فإنه يتوجب على القاضي إطلاق سراحه، فإذا كان القانون بالنسبة للإشتباه بإرتكاب أي جريمة، يجرد القاضي من سلطة إطلاق السراح لو إستمر الحبس بما يجاوز الزمن المعقول، فإنه يكون قد جرد المحبوس من حقه في تحدي قانونية إعتقاله .
وقد رأت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في عديد من الدعاوى أن الشك المعقول في أن الشخص المعتقل قد إرتكب جريمة ضروري لإستمرار إعتقاله، وأن ذلك الشك يفقد جدواه بمرور الزمن وعلى المحكمة أن نتظر فيما إذا كانت الأسباب المقدمة لإستمرار الإحتجاز كل هذا الزمن كافية ومناسبة. فإذا رات ذلك عليها أن تتأكد من ان السلطات قد أبدت حرص معقول على السير في الإجراءات، وإلا فإنه يتوجب على المحكمة ان تأمر بإطلاق سراح المتهم في إنتظار المحاكمة .
القانون هو ما يقول القاضي أنه كذلك
"نحن يحكمنا دستور ، لكن الدستور هو ما يقول القضاة أنه كذلك ، والسلطة القضائية هي ضمانة لممتلكاتنا وحريتنا بموجب ذلك الدستور" تشارلز ايفانز هيوز
واقع الأمر أن المجادلة حول سلطة إحتجاز المشتبه فيه، أو المتهم، بعد رفض تجديد الحبس غير مجدية على الإطلاق، لأن النيابة لا سلطة لها في الإحتفاظ بالمتهم قيد الحبس إلا لغرض التحري، وأن هذه السلطة تستمدها من سلطة القاضي في الهيمنة على الإحتجاز بعد الثلاثة أيام التي منحها لها القانون.
كون أن القانون لا يمنح المحكمة سلطة إطلاق سراح المتهم بضمان إذا كان مقبوضاً عليه في جريمة عقوبتها الإعدام ليس من شأن النيابة أن تقرر فيه. فالنيابة ليس لها سلطة مراجعة القضاء، والقانون هو ما يقول القاضي أنه كذلك. وبالتالي فإن قرار القاضي يرفض تجديد حبس المحتجز لأغراض التحري يفقد النيابة صلاحيتها في الإستمرار في حجز المشتبه فيه لأن هذا هو قرار بإنهاء التحري فإذا رأت النيابة أن ما لديها من أدلة يكفي لتحويل المتهم للمحاكمة عليها أن تصدر أمر بالإحالة للمحاكمة وتسلم المشتبه فيه للمحكمة لإتخاذ ما ترى بشأن حبسه من أجل المحاكمة.
قرار عدم تجديد الحبس يعني أنه لا داع لمزيد من التحري إما لأن النيابة لا تسير في التحري على الوجه المطلوب أو لأن التحري الذي أجرى قد غطى كل الأوجه المطلوب التحري حولها والقاضي أصلاً منوط به أن يراقب سير التحري وإذا كانت هنالك جدية في جمع البينات وأسباب حقيقية لتأخير الإجراءات المتطلبة لذلك فإن المفترض أن يجدد القاضي الحبس فإن لم يفعل فلا يجوز للنيابة أن تأخذ القانون في يدها وتقرر في الأمر بل عليها أن تستأنف القرار للمحكمة الأعلى أو تحول الملف للمحكمة للسير في إجراءات المحاكمة دون تأخير.
نبيل أديب عبدالله
المحامي
nabiladib@hotmail.com
///////////////