بصريح العبارة فإننا قد أُصبنا بإحباط شديد وانت تفشل؛ حتى الان على الأقل؛ في تقديم قضايا جوهرية تشغل الرأي العام للمحاكم كقضية (تقويض النظام الديمقراطي) وقضايا الفساد الكبيرة والتي تم تقييدها منذ أمدٍ بعيد؛ وقد لا تحتاج لاكثر من شهرين للفراغ من التحقيق بشأنها اذا تحدثنا كقانونيين?
وسأتناول مثلاً هذه القضايا ببعض التفصيل:
*سيدي لا يمكن ان يتم تقييد بلاغ (تقويض النظام الديمقراطي) في ابريل من العام الماضي؛ وكل المستندات بطرفكم قد تم بذلها قبل اكثر من عشر اشهر؛ وفي متناول ايديكم الان اعترافات بعض المتهمين القضائية وفي حوذتكم بالضرورة آلاف الأدلة كبيان الانقلاب الاول واللقاءات التلفزيونية المبذولة في القنوات التلفزيونية إضافةً للقاءات الصحفية واعتراف عرّاب الانقلاب حسن عبدالله الترابي بكل تفاصيل الانقلاب في قناة الجزيرة بالإضافة لاعتراف المخلوع البشير في برنامج تلفزيوني مشهود مع احمد البلال الطيب بقيادته للانقلاب العسكري مع تفاصيل تحركهم ليلة الانقلاب. فما الذي يؤجل قضية جوهرية كهذه من الفراغ منها في وقت وجيز؛ سيما وقد كنت انت من ضمن الشاكين في هذا البلاغ مع المناضل الراحل الاستاذ علي محمود حسنين وبعض كبار المحامين؟
-فإذا كنت تحتاج للمساعدة في التحقيق؛ فما كان عليك الا طلب المساعدة من أفذاذ القانونيين وهم كُثر وتعيين كادر اضافي للجنة التحقيق ولو بعقود مؤقتة للمساعدة في استجواب المتهمين والشهود وجمع المستندات. فلماذا كل هذا التأخير ولنا تجربة ناجحة في محاكمة انقلابيي مايو ١٩٦٩ التي تمت في ظرف ثلاث اشهر من بدء التحقيق وحتى تقديم المتهمين للمحاكمة؛ وقد كانت محاكمة مشهودة شهد بها الجميع وتم الحكم فيها بالسجن المؤبد للانقلابين الذين اطلق نظام الإنقاذ سراحهم لاحقاً.
* ثم نعرج في هذه العُجالة لعشراتٍ من قضايا الفساد التي تم تقييدها قبل اشهر عدة؛ وقد أخذتم علماً بها ونرى انها لا تحتاج لكل هذه المدة الطويلة للفراغ منها؛ سيما وان المتهمين قد تم القبض عليهم وتمت مواجهتهم بالمستندات اللازمة في قضايا فساد الاراضي واستغلال النفوذ.
وبمعلوماتي الأولية المتوفرة؛ اقر الكثير من المتهمين امام نيابة الفساد والثراء الحرام بتملكهم لتلك العقارات بطرقٍ فاسدة مستغلين نفوذهم وسجلوا بذلك اعترافات قضائية بالضرورة امام قضاة مختصين بمختلف المحاكم. كما ان هنالك متهمون فاسدون اخرون قابعون في الحراسات دون بدء التحقيق معهم؛ واخرون طُلقاء لم تأخذ النيابة علماً بجرائم فسادهم رغم نشر النشطاء من المواطنين لوثائق رسمية تثبت فسادهم في المؤسسات الحكومية والوزارات والشركات العامة؛ وكنا نظن بانكم ستقومون نيابة عن الشعب باعتباركم من ممثليه الأُصلاء في القبض عليهم والتحقيق معهم وتقديم من ثبتت عليه التهمة دونما إبطاء للمحاكم وإطلاق سراح من لم تثبت ضده هذه التهم.
سيدي النائب العام: لا نشك بقدراتكم المهنية ولقد اثلج صدورنا انضمامكم لهيئة الاتهام في قضية الاستاذ احمد الخير وتقديمكم لقضية متماسكة أدت لإدانة ٢٩ من الجلادين ومن ثم الحكم عليهم بالإعدام وهذا العمل الجبّارُ سيتم تسجيله في أضابير التاريخ ليكون معلماً بارزاً في مسيرة العدالة ومسيرتكم كنائب عام لهذه الثورة الكبيرة.
*واخيراً نعرج على قضايا الهاربين من العدالة ولنأخذ صلاح عبدالله قوش ومحمد العطا مثالاً. ونعلم سيدي النائب العام بان قانون الإجراءات الجنائية السوداني لسنة ١٩٩١ يجيز اجراء محاكمات غيابية في حالة فشل ظهور المتهمين وتقديم انفسهم للسلطات. ونعلم ايضاً بان من صميم عمل النيابة اخذ العلم بالجرائم التي تم ارتكابها في العهد السابق وتعضّد ذلك عشرات قضايا التعذيب التي تقدم بها الضحايا وذوي الشهداء ضد هذين المتهمين إبّان تسنمهما لوظيفة المدير العام لجهاز الامن المحلول وقيام احدهما بإصدار الامر بقتل المتظاهرين في انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣ بالرصاص الحي وقيام الاول بتعذيب المعتقلين في بيوت الاشباح مع اخرين كنافع علي نافع وقطبي المهدي واخرين.
والحال هكذا فلماذا لا يتم اعلان الهاربين في الصحف وفق ما يقتضيه القانون مع تقديم طلبات لجلبهم مخفوريّن للسودان بواسطة الانتربول وفي حالة فشل كل ذلك؛ تقديمهم لمحاكمات غيابية وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية الذي سبق ان تناولناه آنفاً. لقد ترأست سيدي لجاناً كثيرة للتحقيق ابأن عملي قاضيًا للجنايات؛ وبحكم خبرتي المتواضعة؛ لا تأخذ مثل هذه القضايا اكثر من شهرين للفراغ منها ومن ثم تقديمها للمحاكم المختصة.
ان صدور قرار بإدانة هذين المتهمين الهاربين بواسطة المحاكم السودانية المختصة سيجعل من امر جلبهما لتنفيذ العقوبة امراً في غاية السهولة واليُسر؛ اذا علمنا بان اكثر من ١٩٠ دولة من دول العالم قد صادقت على قانون إنشاء جهاز الإنتربول؛ ولا يخالجني ادنى شك بعلمكم باجراءات جلب المتهمين والمدانين لموجهة العدالة او لتنفيذ العقوبة الصادرة من المحاكم السودانية بحكم خبراتكم المتراكمة.
عليه فاننا في هذا الطلب العاجل نلتمس بكل احترام الخروج للشعب؛ وانتم ممثليه؛ عبر مؤتمر صحفي وبكل الشفافية المطلوبة لتبيان أسباب التأخير في تقديم هذه القضايا وغيرها للمحاكم المختصة وتقديم اعذاركم في بطء الإجراءات بعد مرور سنة على انتصار هذه الثورة.
واخيراً تعلمون بان امر تقديم المتهمين للعدالة بصورة ناجزة دونما إبطاء شعار مقدس رفعته الثورة منذ يومها الاول ولا يقبل هذا الشعار المساومة عليه او التباطؤ في تنفيذه.
ولو درجتم سيدي على عقد مؤتمر صحفي كل أسبوع او أسبوعين للتحدث عن موقف التحقيقات في هذه القضايا الهامة وغيرها؛ لما اُضطررنا لمخاطبتكم عبر وسائط التواصل الاجتماعي ولكم العُتبى حتى ترضوا والسلام??