العامية السودانية بين قول الروب والسمحة ام جضوم

 


 

 

 

الإنسان ابن بيئته، وهذا القول لم يغادر الشعراء فيه من متردم، بل قول أثبتت الأيام صحته، فالبيئة تؤثر في السلوك وأحياناُ تحدد الطول والشكل العام للإنسان، كما أنها تؤثر في اللسان. والبيئة السودانية عموما بيئة رعوية زراعية، ففي عام 1956 كانت نسبة الحضر حوالي تسعة في المائة فقط من عدد السكان، وفي إحصاء عام 1993 ارتفعت النسبة لتكون حوالي ثلاثين بالمائة، ووصلت هذه النسبة حاليا إلى حوالي خمسين بالمائة، وهذه الزيادة المضطردة في نسبة التمدن لا شك أنها تؤثر على أشياء كثيرة وضمن ما تؤثر فيه اللسان، فتغلب عليه ألفاظ الحضارة و يصبح أكثر ليناً، لكن هذا التأثير لا يحدث فوراً بل يحتاج إلى وقت طويل لكي تظهر ثماره..

ومن أمثلة ما يعبر فعلا عن تغلغل الروح البدوية لدينا؛ ما نراه منتشراً في الأمثال الشعبية والأغاني والفنون، وهي تمثل ضمير الشعب؛ وخزانة تراثه؛ وتبوح بمكنوناته النفسية وتكشف طبقات التراكم الحضاري عبر العصور، ففي أمثالنا المتداولة قولنا: الجمل ما بشوف عوجة رقبته، والخيل تجقلب والشكر لحماد، والخلا ولا الرفيق الفسل، ونقول: الراعي واعي، ونقول أيضاً حينما تصيبنا أنفة واستعلاء: كبير الجمل، كما نقول لمن نرى أنه قد تجاوز حدوده: (ارعي بقيدك)، ونستخدم كلمة (الروب) في مجال الاستسلام فنطلب من الخصم أن يقول الروب، وجملة (قول الروب) لها أصل فصيح، جاء في لسان العرب:
(ورابَ الرَّجلُ رَوْباً ورُؤُوباً: تَحَيَّر وفَتَرَتْ نَفْسُه من شِبَعٍ أَو نُعاسٍ؛ وقيل: سَكِرَ من النَّوم؛ وقيل: إِذا قام من النوم خاثِرَ البدَنِ والنَّفْسِ؛ وقيل: اخْتَلَطَ عَقْلُه، ورَأْيُه وأَمْرُه(.
ونحن نستخدمها في طلب الاستسلام كأنما نطلب من الشخص ان يقول أن قواي قد خارت واعلن هزيمتي.
ونسمي شعر البشر صوفاً، قال شاعرنا ابو قطاطي:
وقت شفتك
شعرت الرعشة من صوف راسي
لي كرعي.
ونتوسع في ذلك ونقول أن فلاناً من الناس (قام صوف)، أي ركض هارباً؛ وربما كانوا يقصدون أصابته قشعريرة الخوف فوقف شعر رأسه أو صوف رأسه، وفي أغنية (العزيزة) استخدم شاعرنا سعد الدين إبراهيم مفردة بدوية الطابع هي الشملة، ومن من النادر جداً أن تستخدم مفردة كهذه في الغناء، قال:
العزيزة الما بتسأل.. عن ظروفنا
الوحيدة الما بتحاول يوم تشوفنا
ثم بيت القصيد:
سلميلنا علي ايديك وشملة الريد أنسجيها.
جاء في اللسان:
(قال أَبو منصور: الشَّمْلة عند العرب مِئْزَرٌ من صوف أَو شَعَر يُؤْتَزَرُ به).
ويبدو تأثير البداوة واضحاً حين نقول لثدي المرأة (شطر)، والشطر للناقة؛ وللشاة.
ورد في اللسان:
(وللناقة شَطْرَانِ قادِمان وآخِرانِ، فكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ، والجمع أَشْطُرٌ)، وجاء ايضاً:
(وشَطْرُ الشاةِ: أَحَدُ خُلْفَيها).
ومع تزايد نسبة التحضر تحاول لهجات العاصمة والمدن التخلص من هذا الإرث البدوي؛ فهي أما أن تختار من الفصحى الألفاظ السهلة وتترك الوعر لأهل القرى والبوادي، أو تترك اللفظ الفصيح كليةً متى ما كان هناك لفظ سهل يحل محله؛ سواء كان هذا اللفظ موروثاً من حضارات سودانية قديمة؛ أو مستعاراً من لغة أجنبية؛ أو حتى ولو من مصدر مجهول، ثم يطوعونه للسان العربي.
ومن الألفاظ التي يتحرج أهل المدن من استخدامها لفظي (أيي) و(أيا)، بمعنى نعم، فهي في نظرهم قروية جافة، رغم أنها أقرب للفصحى من (آآآي) التي تجود بها السنتهم، جاء في اللسان:
( وإِيْ: بمعنى نعم وتوصل باليمين، فيقال إِي والله، وتبدل منها هاء فيقال هَي(،
لكن (آآآي) الممطوطة تبدو أكثر نعومة خصوصاً في أفواه النساء، وإن أتى معها قسم تصبح ملحنة (آآآي والله)، ومن لم يمط مطاً فهو لا شك متخلف لم يتمدن بعد، أو جلف من البداة، ومن المدهش أن هذا المط (الحضاري) يصبح مدعاة للتندر علينا لدى أهل الخليج، فإذا أراد البعض من شباب الخليج ممازحة احد السودانيين تصايحوا (آآآآآآي)، وما دروا أنها لهجة يختص بها أهل الحواضر والمدن، تلك اللهجة التي يزدريها الأصمعي، وكان لا يعتد بلسان أهل الحواضر. قال الأصمعي:
) أقمت بالمدينة زماناً، ما رأيت بها قصيدة واحدة صحيحة، الا مصحفة أو مصنوعة).
وفي سعي أهل المدن لخفة اللسان وحلاوة اللفظ اختاروا (الزير) لوصف الإناء الفخاري المخصص لخزن الماء، وركلوا (الجر) وتركوه لأهل القرى والأرياف، والجر فصيحه (الجُرة) بضم الجيم؛ وجمعها جرار، وفي الحديث الشريف أَنه نهى عن شرب نبيذ الجر. كما تركوا الرغيف واختاروا العيش، وربما كان ذلك بتأثير من لسان حواضر مصر، جاء في لسان العرب: (رَغَفَ الطِّينَ والعَجينَ يَرْغَفُه رَغْفاً: كَتَّلَه بيديه، وأَصل الرَّغْفِ جمعك الرغيف تُكَتِّلُه. والرغيف الخُبْزة، مشتقّ من ذلك).
أما العيش فقد ورد فيه:
(ويقال عَيْش بني فلان اللبَنُ إِذا كانوا يَعِيشون به، وعيش آل فلان الخُبز والحَبّ،
وعَيْشُهم التمْرُ، وربما سمَّوا الخبز عَيْشاً)، ويقرن أهل مصر أحياناً بين الرغيف والخبز فيقولون (رغيف الخبز) وتارة (رغيف العيش).
وروى الجاحظ قصة بخيل مع الرغيف فقال:
كان يجئ من منزله ومعه رغيف في كمه (جيبه)؛ فكان أكثر دهره يأكله بلا أدم (أي بلا ملاح). ولو كان بخيل الجاحظ هذا حياً في زمننا لعاتب الجاحظ، وردد مع محجوب شريف قوله: القصة ما قصة رغيف.
وكلمة (كراع) مستهجنة لدي متحضري العاصمة والمدن واللفظ السائد هو رِجل، والرِجل كما جاء في اللسان تطلق على الإنسان وغيره، أي الحيوان، بينما الكُراعُ فيها تفصيل؛ فهي من الإِنسان: ما دون الركبة إِلى الكعب، ومن الدوابِّ: ما دون الكَعْبِ. ولخصوا الاستهجان في طرفة (شيل كراعك من رجلي(.
وكلمة (جضم) القروية تلك الكلمة بشعة الجرس لها أصل في الفصاحة فقد ورد في القاموس المحيط:
الجُضُمُ، بضَمَّتَيْنِ: كثيرُو الأَكْلِ.
وكجُنْدَبٍ: الضَّخْمُ الجَنْبَيْنِ والوَسَطِ.
والتَّجَضُّمُ: الأَخْذُ بالفَمِ.
ولكن (جضم) لن تنافس كلمة (خد) هذه الكلمة الرقيقة الفصيحة السلسلة في لسان أهل المدن، ويكاد أهل المدن يحصرون استخدامها على النساء، غنى ابراهيم الكاشف:
فوق الخديد عاجباني شامه؛ ومن العيون ياالله السلامه.
ورأي أسلافنا أن الخد المشلخ أكثر جمالا من الخد السادة فنظموا في ذلك الأشعار:
النهيد رُمان
والشلوخ مطارق
جوز البرتكان
الكان في قلبي حارق.
وقال ابو صلاح في أغنية بدور القلعة:
ياأم شلوخاً عشرة مسطره
جلسة يا أبو الحاج اتذكرا
والشلخ فصيحة، جاء في اللسان:
الشَّلْخُ: الأَصلُ والعِرْقُ
ولو تمعنا في هذا القول لوجدنا أن مهمة (الشلوخ) الأساسية لم تكن مهمة جمالية بل كانت لتمييز القبائل، وهو ما ذهب إليه البروفيسور يوسف فضل حسن، ويؤيد هذا التفسير أن لكل قبيلة (شلخاً) يختلف عن القبيلة الأخرى، ثم انحسر الشلخ عن الرجال تدريجياً وبقي مع النساء، ومن الطبيعي في ظل خضوع المرأة له أن يكتسب دلالات جمالية، ثم اختفى كلية بانتفاء مبرراته العرقية والجمالية. ومثلما آمن الشعراء بالشلخ في دهر كفروا به في دهر تال؛ عند انتشار التعليم وارتقاء الثقافة والاحتكاك بحضارات أخرى، قال سيد عبد العزيز:
جنن عقلى يالسادا
حب الكايدا حسادا
والسادة هي الخدود دون شلخ.
وغنى ابو عركي من أشعار عوض جبريل:
الجميل السادة وضاح المحيا
التفت يوم شفته ما قبلان تحية.
وكلمة (سادة) نفسها هذه الكلمة الشهيرة؛ فارسية، وتعني الخالي من الزخرف والنقوش، وارتبطت بشدة مع الشاي والقهوة إشارة لخلوهما من الحليب.
وإن كان الشعراء تغنوا بالخد والخديد، فالجضوم لسوء الحظ لا تذكر إلا في معرض الذم، ولم نسمع شاعراً من شعراء الأغاني تغنى بجضوم حبيبته، بل تركوا هذا اللفظ غير مأسوف عليه لشعراء حلمنتيش يجضمونه تجضيماً ولا يبالون.
قال احد شعرائهم:
احبك انتي يا ام قدوم؟
احبك انتي بس كيفن؛
ووشك انتي كلو جضوم؟
وانشد الجاغوم بن بلاع متغزلاً:
نعستي يا السمحة أم جضوم؟
وغير بعيد عن الجضوم يستقر الشعف، وهو اللفظ المستخدم في القرى لوصف مقدمة شعر الرأس وأعلاه، جاء في اللسان:
)ومنه حديث يأْجوج ومأْجوجَ: فقال عِراضُ الوُجوهِ صِغارُ العُيون شُهْبُ الشِّعافِ من كل حدَب يَنْسِلُون؛ قوله صهب الشِّعاف يريد شعور رؤوسهم، واحدتها شَعَفة، وهي أَعْلى الشعر)، وأهل المدن في الخمسينات والستينات كانوا يصفون الرجل إذا أشعف بانه صاحب ( قجة)) أما قجة فهي تركية وقال آخرون بل هي من لغة التيجراي وتعني القطية، وربما كانت من لغات سودانية قديمة، وكلمة قجة لا تطلق على شعر كل من هب ودب؛ ولا على شعر كل شخص أشعث اغبر؛ بل على من أشعف ثم استخدم المشط؛ وأصابت يد الحلاق شيئا من جوانب شعره؛ تاركة القجة تتوسط رأسه كعلامة من علامات التحضر، ومن أشهر قجج الستينات من القرن الماضي؛ إن جاز التعبير؛ قجة ابراهيم عوض، وهناك واحدة أخرى شهيرة لإسماعيل عبد المعين.
وافتتنت الفتيات بأصحاب القجج فجاء شدوهن:
حبيت اب قجيجة اريته اب صلعة طاير
وغنت أخرى:
اب قجيجة الرسول تتم الريدة
وغنت ثالثة:
الكوبري قفلوه
وأنا قلبي فتحوهو
عشان حبيبي أب قجيجة
لكوستي نقلوه.
وانتبه مصممو الأزياء لوله النساء بأصحاب القجج وهم في الغالب من طبقة الأفندية، مع ما تعنيه كلمة أفندي في ذلك الزمان من رغد العيش والرقي والتحضر، فأنتجوا للنساء ثوباً أطلقوا عليه اسم (اب قجيجة)، ونثروا على صفحته كتل خيوط صغيرة ترمز للقجة، وكان هذا الثوب في أول أمره عزيزاً ترفل فيه نساء علية القوم، ثم أصابته غوائل الدهر فسقط من عرشه مفسحاً المجال لغيره في تداول حميد للسلطة.
ونقيض القجة هي (التفة)، فالأولى تشير إلى النظافة والترتيب والثانية تشير للفوضى، جاء في اللسان في مادة تفف: (وقال أَبو طالب: قولهم أُّفٌّ وأُّفَّةٌ وتُفٌّ وتُفّةٌ، فالأُفُّ وسخُ الأُذن، والتفّ وسخ الأَظْفار، فكان ذلك يقال عند الشي يستقذر ثم كثر حتى صاروا يستعملونه عند كل ما يتَأَذَّوْنَ به)، وأهل القرى يستخدمون (التفة) عند التأذي من كثرة الشعر فيقال فلان (أب تفة)، أو امشي با ولد احلق التفة دي، ولما سقطت دولة الأفندية وذهب ريحهم وأصبحوا كالأيتام على موائد اللئام، وكفت الفتيات عن التغني بهم وبقججهم، توارت القجة وجاءت (الخنفسة) وحمل لوائها هذه المرة الطلاب، وقد انتعش سوقهم واصبحوا نجوما في مجتمع تطغى عليه الأمية، وهو لفظ جاء من فرقة االخنافس البريطانية التي اشتهرت ردحاً من الزمن في الستينات من القرن الماضي؛ واشتهر أفرادها بإطالة شعورهم، ثم في بداية السبعينات وصل تأثيرها الحضاري لنا وسُمي ذلك بموضة الخنفسة. لكن هناك فرق بين تفتنا وتفتهم؛ والفرق هو أن تفة هؤلاء القوم إن طالت استرسلت ونزلت على الأكتاف؛ بينما تفتنا نحن أن طالت أشعثت وارتفعت لأعلى وتباعد ما بينها وبين الأكتاف؛ فتغدو وكأنها نبتة حناء أو شجيرة طندب. وآخر علاجها الكي لتسترسل ويصبح جمعها سبطاً.
لم يكتف القرويون بالشعفة فقط بل جرت على السنتهم وفي بطونهم أم شعيفة، وهو إدام من بصل وماء وبهارات تضاف لها البامية الناشفة (الويكة ) مع إخفاء قسري في هذه الجلسة لسيد الطعام؛ اللحم، قال عبد الله الطيب:
وأعلم يا صاح أنه إذا خلا ملاح الويكة من اللحم أو الشرموط فإنه يسمى ملاح أم شعيفة .. ومن هنا جاء المثل : " أم شعيفة كيّة المرأة الضيفة " !
وذكر عبد الله الطيب أيضاً إن السيد عبد الرحمن المهدى ابتدر تقديم الملاح السوداني مع العصيدة وقدمه لعلى ماهر باشا لما زار السودان عام 1936، يقول عبد الله الطيب وهو يصف انطباع على ماهر: "واعجبه الملاح ولكن لم تعجبه بداوة اشتراك الناس في أكله من إناء واحد فقال: (بس ولو كان كل واحد معجنته لوحديها) "رحم الله عبد الله الطيب، وما درى على ماهر أن المعجنة المشتركة لديهم هي بشارة خير واستجلاب للبركة، وان قمة البخل لدى القوم هي ان ينفرد كل واحد بمعجنته خوفاً وطمعا.
وكلمة الملاح نفسها لها أصل في الفصيح ، وقد وردت بضم الميم وتشديد اللام، جاء في اللسان:
)وقال ابن سيده: قال أَبو حنيفة: المُلاَّحُ حَمْضَة مثل القُلاَّم فيه حمرة يؤكل مع اللبن يُتَنَقَّلُ به، وله حب يجمع كما يجمع الفَثُّ ويُخْبز فيؤكل، قال: وأَحْسِبُه سمي مُلاَّحاً للَّوْن لا للطعم)، والحمض المقصود هنا هو كل نبت في طعمه حُموضة. فبداية اللفظ إذن كانت نبات معين يؤكل مع اللبن ثم عمم عندنا على كل نبات مطبوخ سواء مع اللبن أو بدونه. من ملوخية أو رجلة أو غيرها. أما الرجلة لدى العرب فهي البقلة الحمقاء، والخُضْرَةُ والخَضِرُ والخَضِيرُ: اسم للبقلة الخَضْراءِ، ورغم فصاحة (خضرة) التي ينطقها أهل القرى (خدرة)؛ فقد اختار أهل المدن ملوخية عوضاً عنها وهي كلمة فرعونية.
ويولع أهل المدن بتنويع الطعام وانواع (الملاح) او التفنن في الطبخ ورغم كل ذلك لا يجدون بأسا في أكل ما هو نيئ لا يعرض على النار؛ من شاكلة ما يفعله جمهور عريض من اهل القرى والبوادي خصوصا في ايام الاضحية من أكلهم الكبد والكرش وام فتفت طازجة، وام فتفت نفسها فيها شيء من فصاحة، جاء في اللسان:
والفُتَّة: بَعْرة، أَو رَوْثة مَفْتوتة، تُوضَع تحتَ الزَّنْدِ عند القَدْح.
وكما هو واضح فإن لفظ أم في الاسم يشير إلى احتوائها الروث وهي كذلك.
ومن حضارة أهل المدن انتعال الشبشب داخل المنزل وما كان أهل الأرياف يعرفون ذلك، والشبشب أصلها قبطي (سب سويب) ومعناها مقياس القدم، وفي أحد أحياء العاصمة قبضت النسوة على لص فأوسعنه ضرباً بالشباشب وهو غير مبال، إذ لا عكاز لاح في الأفق، ولو درى أن عز الدين ايبك زوج شجرة الدر لقي حتفه بشباشب الجواري لاستغاث من ساعته بالشرطة.
وينتصر أهل المدن للفصيح السهل في كلمة (شفة) رغم أنهم ينطقونها بتشديد الفاء، فمن الكبائر في المدن أن تقول (شلوفة) لوصف ذلك الجزء من فم الإنسان، وقد كان (دق الشلوفة) طقساً من طقوس الزواج في كثير من مناطق السودان، خضعت له جداتنا بحثاً عن اللمى وهو سمرة الشفاه، وكان طقساً مرعباً لم تشهده لحسن الحظ الأجيال الجديدة، واكتفين بالتيمن باللمى بعيداً عن عذابه فكان اسم (لمياء) ، وقدم لهن احمر الشفاه الحل دون وخز أبر ولا تكبد مشاق. رحم الله جداتنا فقد بذلن كل نفيس وغال لإرضاء أجدادنا من دق شلوفة، وثقب انف وأذن، ورغم هذا العناء ما لان هؤلاء الجبابرة لصوت بلابل الدوح، أو كما انشد سيد عبد العزيز، وغنى الحاج محمد احمد سرور.
وبعيدا عن جبروتهم نقول: لا تثريب ولا حرج على من يقول الروب في حضرة السمحة ام جضوم.


nakhla@hotmail.com

 

آراء