عفو الخاطر: الاستقلال؟!
عمـر جعـفر السّــــــوْري
30 December, 2021
30 December, 2021
صبيحة اليوم الثاني للاستقلال في الثاني من يناير 1956 لفظ النيل الأزرق بالقرب من الفندق الكبير جثة صحافي واعد، وقائد سياسي في الحزب الوطني الاتحادي، قرر أن يذهب الى حتفه برضاه. لم يكن علي الشيخ البشير، النجم الساطع في سماء حزب الاشقاء ومن ثم الحزب الوطني الاتحادي والشاب الانيق المحدث ممن يترك انطباعاً لدى عارفيه بعزوفه عن الحياة وزهده فيها الى حد الموت. كان مقبلاً على العمل السياسي والوطني والاتحادي، وعلى العمل الصحافي، وإن لم يحظ منه بالكثير، فحيتان الاشقاء والوطني الاتحادي وصراعهما كفا يده عن العطاء.
استيقظت الخرطوم، التي كانت تعيش أفراح الاستقلال في اليوم السابق، على انتحار علي الشيخ البشير، الذي أقدم عليه بإصرار وروية، حيث خلع ثيابه عند حديقة السيد علي، وذهب الى النيل في ذلك الصباح البارد، لا يلوي علي شيء. لم يكن علي ممن يحسن السباحة، ولذلك تخطفه الموج، وصعدت روحه الى باريها. لعله أراد أن يقول للناس إن السودان غير جدير بالاستقلال، بل الاستقلال سيكون وبالاً عليه في مقبل الأيام – وهو ما جرى على مر السنين. هل كان انتحار صحافي بارع وسياسي يشار اليه بالبنان صبيحة الاستقلال، نبوءة، أو رسالة. نبوءة لما وصل اليه حال البلاد، ورسالة للغافلين بتدارك أمور العباد.
قبل سنوات نشرت المقال التالي عن ستينية الهند، وهي بلاد تشبه السودان في تعدد اعراقها ولغاتها وديانتها. لكن الهند ارتضت الديموقراطية فخرجت من دياجير الظلام، ونحت الفقر المدقع جانباً، إذ لم يعد الهنود يموتون جوعاً في شوارع العاصمة، وامتلكت ناصية التقنية والصناعة، ودخلت سباق التسلح النووي، والسودان ما زال يحبو يتخبط ذات اليمين وذات الشمال!
عفو الخاطر: شبه القارة الهندية ... شبه القارة السودانية
ستون عاما على التقسيم وستة عقود من الانقسام
عمـر جعفــر السـّــوْري
أنت ذاهب الى أثينا، فعليك أن تخشع في حضرة الآلهة
(بليز باسكال)*
في عقد السبعينيات من القرن المنصرم، بل الألفية التي مضت وما قبلها وما بعدها الى نهاية الثمانينات، كانت الرسائل المكتوبة باليد هي أفضل وسيلة للتواصل بين الناس. وكان الناس، تعبيرا عن مزيد من الود، يكتبون رسائلهم بالحبر السائل – والبعض يفضل الريشة على القلم – كما كانوا يختارون نوع ولون ورائحة الورق والمظروف وطابع البريد إن كانت الرسالة ستودع فيه. كذلك درج الناس على سؤال المسافر أن يحمل بريدهم للأهل والأحبة والأصدقاء، فهي الوسيلة الأسرع بعد الحمام الزاجل! وفي كثير من الأحايين كانت الرسالة هي الهدية الأغلى عند المرسل إليه يضعها في الحفظ والصون ويكنزها بين مقتنياته الثمينة.
لم يكن الهاتف منتشرا أو متيسرا. أما التيلكس فقد كان لدى قلة من المصارف والمنظمات الدولية وبعض الشركات الكبرى وفي دائرة البريد والبرق والهاتف وقلة من الدوائر الحكومية وشبه الحكومية. وغالبا ما كان ورود برقية الى منزل أحدهم نذير شؤم، إلا إذا كان المكروه قد وقع، فهي تعزية ممن لم يجد سبيلا الى الوصول. أما الفاكس والرسائل الاليكترونية فلا أذن سمعت، ولا عين رأت، ولا خطرا على قلب "بشر" في عالمنا المُخلّف يومذاك وحتى الساعة.
في خريف العام 1976 حزمت رحلي متوجها الى العاصمة الصومالية، مقديشو، لحث نقابة الصحفيين الصوماليين استضافة مؤتمر تأسيسي لمنظمة كنا نسعى الى تكوينها تضم الصحافيين في القرن الإفريقي وشبة الجزيرة العربية والمحيط الهندي. وكنت قد عدت قبلها بقليل الى دمشق من نيودلهي التي أمضيت فيها أياما بعد رهق أصابني في قمة دول عدم الانحياز التي انعقدت في عاصمة سيرلانكا، كولومبو (لذلك المؤتمر عودة في سانحة اخرى). عرف صديقي رافيندرانات، القائم بالأعمال الهندي في العاصمة السورية – وكنا ندعوه رافي – بعزمي هذا، فدعاني الى عشاء هندي سخي، لذيذ المذاق متنوع الأصناف في دارته العامرة، أشرفت على إعداده زوجه، ديفي، وكانت تنتظر يومئذ مولودها الأول. أبت ديفي إلا أن تعد لنا المائدة، رغم إلحاحي وصديقنا الراحل، ادمون خليف، مراسل رويتر في جلق الشام، على أن نذهب الى أي مطعم دمشقي، حتى لا نزيد الى حملها ثقلنا. في نهاية السهرة اخرج رافي مظروفا ازرق اللون وطلب مني أن احمله الى صديق له أصبح سفيرا للسودان في الصومال. التقى رافي بالسفير عصام حسن – رحمه الله في أديس أبابا حيث عمل كل منهما في سفارة بلاده هناك. أوصلت الرسالة يدا بيد، إلا إنني لم أحمل جوابا عنها حين عودتي بعد أربعين يوما قضيتها بين مقديشو وإقليم العفر والعيسى الفرنسي (جيبوتي). وكانت الأخيرة تتحضر لاستفتاء يقرر مصيرها. وتلك حكاية أخرى.
عرفت السفير عصام حسن في حوالي العام 1968 حينما كان دبلوماسيا شابا مع كوكبة من الدبلوماسيين الشبان، من بينهم السفير احمد التني. كانوا يعملون يومذاك في الادارة الإعلامية بوزارة الخارجية تحت رئاسة السفير حسن الأمين، أحد الرواد الأوائل الذين قدموا السودان في أنصع صوره، وكان قد عاد الى الرئاسة لتوه من سفارته في الهند. في تلك الفترة أيضا عملت مع التني والسفير العمرابي وخليفة خوجلي في وكالة إخبار الخرطوم التي كان يملكها ويرأس تحريرها الصحافي الجهبذ النبيل سعد احمد الشيخ. تبوأ خليفة خوجلي فيما بعد مناصب قيادية في تنظيم جعفر نميري السياس-قمعي. كان الثلاثة يترجمون نشرة "واخ" الإخبارية الى اللغة الإنجليزية في المساء ويحررون الملحق الأسبوعي الصادر عنها بالإنجليزية أيضا في نهاية الأسبوع. وكانوا من أنصار الفرح -على حد قول العمرابي – حينما كان السودان يضج فرحا. على عاتق هذه المجموعة الصغيرة ورئيسها وقع عبء متابعة الحملة الإعلامية المتصاعدة آنذاك التي شنها "دعاة الانفصال" وغذتها أحزاب ومنظمات سودانية وغربية مختلفة. كما حملوا قسطا من أعباء التصدي لها. ولم تكن نشرة "الستار الحشيشي" The Grass Curtain الصادرة في لندن حينئذ عن حركة الانيانيا بأشدها تأثيرا وأعلاها صوتا.
في منزل رافي التقيت الدبلوماسي والسياسي الهندي المخضرم، اس كي سينغ. كان السيد سينغ في ذلك الوقت سفيرا مقيما لبلاده في الأردن وغير مقيم في لبنان وقبرص. وكان يمضي يوما أو يومين في ضيافة رافي وهو في طريقه من الأردن الى لبنان وبالعكس. كان رافي كثيرا ما يدعونني الى لقاء السيد سينغ في منزله حيث يدور حديث ثر جله عن شبه القارة الهندية وغرب آسيا والمحيط الهندي والقرن الإفريقي، إذ كانت المنطقة برمتها تغلي تحت مرجل نزاعات صاخبة وتهب عليها عواصف هوجاء.
أصبح سينغ وزيرا للشؤون الخارجية في فترة حرجة من تاريخ الهند والمنطقة. ففي بداية عهده بالوزارة اجتاحت القوات العراقية الكويت، فهرع إليها في أيام الاجتياح الأولى باسم مجموعة دول عدم الانحياز-وكان أول الواصلين من الوسطاء الدوليين -طالبا من صدام حسين سحب قواته الى الحدود الدولية، حتى يخمد بذلك نيران الأزمة في مهدها وقبل انتشار ألسنتها الى الجوار. تلقى الوزير سينغ وعدا قاطعا من صدام ببدء الانسحاب بعد ثلاثة أيام من لقائهما. قال له الوزير إن فترة الأيام الثلاثة طويلة، إلا انه سيقبل ذلك الترتيب إذا كان الوعد صادقا. وقال له: "إنني فور عودتي من بغداد سأذهب الى البرلمان الهندي، وسأدلي ببيان عن مهمتي، حيث ينتظر الجميع في عموم الهند نتائجها. فهل أستطيع أن أزف إليهم وعدك هذا؟ أرجو ألا تضعني في حرج وتضع حكومة الهند في موقف لا تحسد عليه، إن لم يكن في نيتك الانسحاب." كان سينغ واضحا، تحدث الى صدام من غير مواربة (أو لف أو دوران)، وهو الذي شغل منصب المتحدث الرسمي باسم الحكومة الهندية لأطول فترة في تاريخ البلاد، قبل أن يكون سفيرا ثم وزيرا.
ذهب اس كي سينغ الى برلمان عموم الهند وأدلى ببيان أكد فيه حصوله على وعد قاطع، لا ريب فيه، من صدام بالانسحاب، وأن الانسحاب سيبدأ بعد ثلاثة أيام. وقال إن إعصارا مدمرا كان في طريقه الى غرب آسيا ستتبدد رياحه وغيومه ابتداء من اليوم. لكن صدام حسين حنث بوعده لسينغ، فآثرت الهند الابتعاد عن أي جهد لدرء الخطر الماحق الذي ما زال يحصد الأرواح ويسفك الدماء ويهدم البلاد ويقسم العباد.
كلما ذُكرت الهند، ذكرت رافي وسينغ والصحافي النمساوي بيتر رندل، أحدهم تقاعد بعد سفارات كثيرة كان أخرها المالديف – وهي للهند في أهمية الدول الكبرى، وفي مرتبة لبنان عند فرنسا، إن لم يكن دول الجوار. أما سينغ فقد ذهب ليتولى حكم ولاية اروناشال براديش المتاخمة للصين. وتلك ولاية لا يحكمها إلا من له خبرته وحصافته، يدرأ عنها وعن شبه القارة، إن لم يكن العالم قاطبة، خطر التوتر ويطفئ شرر الحروب. وتلك تخوم خبرت الصدام، والقتال، والنزاع المسلح من قبل.
ولكن حظ بيتر رندل كان قليلا، إذ قضى في بداية الثمانينات بحادث سير لعين، أورثني حزنا جارفا. فقد كان منزله في فيينا محط رحلي، أكان هو هناك قادما من الهند في زيارة قصيرة، يجمع حوله أشتاتا من الناس، فيهم السياسي والنقابي والتشكيلي والعازف والممثلة، والصحافية، والحالمة بالمدينة الفاضلة؛ أو كان متجولا في زحام المدن الآسيوية ومجاهلها، أو في قرية نائية من قرى الهند القصية، يبحث فيها عن قناع نادر سمع عنه من بائع عاديات وأثريات عجوز دائم التنقل في حواري كلكتا المكتظة. كان بيتر رندل صاحب أكبر مجموعة من الأقنعة الخشبية وغيرها. ولكل قناع حكاية، ووراءه أسطورة، ومعتقد، وطقوس سائدة، وديانات بعضها انقرض المؤمنون بها، عدا حفنة قليلة من الشيوخ في جنوب شرق الهند. في أول مرة أقمت عنده، جافى النوم عيني ليال عددا. شعر هو بذلك في الليلة الثالثة، وذلك من احمرار عيني وانتفاخهما. فضحك ملئ شدقيه، ثم اخذ يحدثني عما وراء كل قناع، وهي بالمئات. كان غوصا في أعماق الهند قبل التقسيم ومرشدا لأسباب الانقسام.
أول ما عرفت راسيبورام كريشناسوامي نارايان (أو كما صار يعرف في الأوساط الأدبية: آر كي نارايان) كاتبا، حينما ذكره لي سينغ في ليلة من ليالي دمشق الباردة. كانت سيرته الذاتية (أيامي)** قد صدرت حديثا، وتعهد رافي بتأمين نسخة عنها في الحقيبة الدبلوماسية القادمة. وبر الرجل بوعده. ثم قرأت ما تيسر لي من إنتاجه الغزير. روايته الأولى "سوامي وأصدقائه" لفتت الأنظار إليه فرحبت به الأوساط الأدبية في الهند وانجلترا ثم في القارة الاميركية. وفي روايته "معلم اللغة الإنجليزية" يتسامى الأديب والفنان على جراحه فتأتي الرواية تعبيرا نبيلا عن جرح كل واحد فينا. دارت جل أعماله الأدبية إن لم يكن كلها في بلدة "مالقودي". وهي بلدة صنعها من خياله الخصب كناية عن الهند. هذا الروائي الفذ، الذي ظل مرشحا حاضرا في كل قائمة مختصرة للجنة جائزة نوبل للآداب حتى وفاته، ولم يحصل عليها، مثله مثل غراهام غرين، (أول المعجبين به)، استطاع أن يجعل من مالقودي ماثلة في جغرافيا الأذهان فأُطلقت على شوارع وأحياء ومطاعم وأندية ومقاهِ وحانات وفنادق وغير ذلك، رغم أن ليس لها وجود في ارض الواقع. مالقودي هي الهند، وما جرى فيها، عرفته شبه القارة بصورة أو اخرى، فصوّره بأسلوب بديع هذا الروائي والراوي و "الحكواتي" والفنان الذي عاش ما يقارب قرناً من الزمان (10 أكتوبر 1906 – 13 مايو 2001). ولكن – حسب علمي – لم يحظ عمل من أعماله بترجمة الى العربية. عجبي!
كانت الهند هي الطريق الى سيلان التي عُرفت فيما بعد بسريلانكا، وعرفها العرب فيما قبل بسرنديب. فتوقفت في طريقي الى كولومبو بدلهي ثم حيدر أباد. كانت الأعصاب في العاصمة الهندية حينذاك مشدودة، فقد أعلنت رئيسة الوزراء، السيدة أنديرا غاندي، الأحكام العرفية وفرضت حالة الطوارئ، وألقت بزعماء المعارضة البارزين خلف القضبان، وحظرت العمل السياسي وقيدت حركة النقابات والهيئات، وألجمت الصحف بفرض نوع من الرقابة عليها، وبدأت في التمهيد الى استبدال دستور الهند بآخر. لكن الديموقراطية الأكبر في العالم لم تستسلم لنزق هذه السيدة، وللحماقة التي ارتكبتها رغم نصح الاقربين إليها. كان سينغ من أقرب الناس إليها فإذا ما ادعى أحد معرفته بانديرا غاندي، بعد والدها، جواهر لال نهرو، فهو أحق بذلك الادعاء. ولا يستطيع أي أجنبي أن يدعي معرفته بها حق المعرفة مثلما عرفها مندوب الجامعة العربية الأسبق في الهند، الكاتب اللبناني، كلوفيس مقصود.
لكن حالة الطوارئ التي أعلنتها يومذاك السيدة/ غاندي غير الأحكام العرفية التي تشهدها الباكستان اليوم. وأسباب غاندي ليست أسباب مشرف، وإن كانت كل من الحالتين مرذولة ومستهجنة ومحرمة. فتحت أحكام الطوارئ ذهبت مع بيتر رندل لحضور ندوات تحدث فيها سياسيون من أقصى اليسار الى أقصى اليمين عما ستلقاه سيدة الهند من عقاب جراء هذه الخطيئة وتوعدها الصحافيون بالويل والثبور وعظائم الأمور عند مناقشتهم لمسّودة "دستورها"؛ وظلوا في مكاتبهم. لم تجرؤ السيدة غاندي على الاقتراب من الجسم القضائي وتركت المحامين وشأنهم يرفعون عليها القضية تلو الأخرى. وفي يوم الانتخابات دفعت هي وحزب المؤتمر الهندي الثمن باهظا.
قبل ستين عاما كانت القارة الهندية على أعتاب الاستقلال بعد ثورة فريدة لم تتكرر بعد ومن الصعوبة أن تتكرر (حتى يتبين ما يجري في ميانمار/بورما). قاد تلك الثورة محام أتى من ديربان في جنوب القارة الأفريقية. فهل ثمة ما يربط بينهما وقد كان الهنود والذين من أصول هندية يملأون شرق أفريقيا، ويحكمون اليوم عددا من جزرها. لكن ضيق الأفق الذي اتسمت به قيادات مسلمة واخرى شوفينية سلخ عشية الاستقلال قطعتين في الشمال الشرقي والشمال الغربي من شبه القارة لتصنعا كيانا سياسيا مسخا وفجا وغريبا لم يستمر طويلا، وهو الذي اشتق اسمه من الحروف الأولى للمجموعات القومية القاطنة في تلك الأنحاء، وصك في شوارع لندن، فحجب ضباب العاصمة البريطانية عن الصناع الرؤية. انقسم هذا الكيان هو الآخر الى كيانين مضطربين يثيران الشفقة، يتخبطان في أتون النزاع والشقاق والقتال. وقد لعبت العسكرتاريا – منذ أيوب خان -دورا رئيسا فيما حل بالباكستان الموحدة ثم بباكستان اليوم وبنغلاديش الغريقة. كما ساعد ذوالفقار على بوتو (وزير خارجية الجنرال أيوب خان) وابنته، بي نظير، على استمرار هذا الوضع البائس. ومن غرائب الأمور إن الرجل الذي ألف بين الأحرف ليخرج بهذا الاسم وقيل انه يعني: بلاد الانقياء الطاهرين! لم يمنح جواز سفر البلد الذي اخترع له هذا الاسم وطُرد الى خارجه ومُنع من دخوله. فقد مات شودري رحمت علي حسيرا في لندن.
ذلك ما جرى قبل ستين عاما في شبه القارة الهندية، فهل يتكرر في شبه القارة السودانية بعد خمسة قرون من الاستقلال، وأيضا بسبب ضيق الأفق وسوء التدبير وبلادة الحس وانعدام الرؤية وخطل السياسة وفساد الخلق والذمم. رحم الله حكيم المعّرة فقد قال:
وشبيه صوت "النعي" إذا قيس بصوت "البشير" في كل نادي
-----------------------------
• بليز باسكال: فيزيائي وفيلسوف وعالم اجتماع ورياضيات فرنسي من القرن السابع عشر، وضع قانون تعادل السوائل المعروف بمبدأ باسكال.
** للمؤرخ اللبناني الراحل نقولا زيادة (والذي عُمّر طويلا أيضا)، كتاب يحمل العنوان ذاته "أيامي".
elsouri1@yahoo.com
/////////////////////////
استيقظت الخرطوم، التي كانت تعيش أفراح الاستقلال في اليوم السابق، على انتحار علي الشيخ البشير، الذي أقدم عليه بإصرار وروية، حيث خلع ثيابه عند حديقة السيد علي، وذهب الى النيل في ذلك الصباح البارد، لا يلوي علي شيء. لم يكن علي ممن يحسن السباحة، ولذلك تخطفه الموج، وصعدت روحه الى باريها. لعله أراد أن يقول للناس إن السودان غير جدير بالاستقلال، بل الاستقلال سيكون وبالاً عليه في مقبل الأيام – وهو ما جرى على مر السنين. هل كان انتحار صحافي بارع وسياسي يشار اليه بالبنان صبيحة الاستقلال، نبوءة، أو رسالة. نبوءة لما وصل اليه حال البلاد، ورسالة للغافلين بتدارك أمور العباد.
قبل سنوات نشرت المقال التالي عن ستينية الهند، وهي بلاد تشبه السودان في تعدد اعراقها ولغاتها وديانتها. لكن الهند ارتضت الديموقراطية فخرجت من دياجير الظلام، ونحت الفقر المدقع جانباً، إذ لم يعد الهنود يموتون جوعاً في شوارع العاصمة، وامتلكت ناصية التقنية والصناعة، ودخلت سباق التسلح النووي، والسودان ما زال يحبو يتخبط ذات اليمين وذات الشمال!
عفو الخاطر: شبه القارة الهندية ... شبه القارة السودانية
ستون عاما على التقسيم وستة عقود من الانقسام
عمـر جعفــر السـّــوْري
أنت ذاهب الى أثينا، فعليك أن تخشع في حضرة الآلهة
(بليز باسكال)*
في عقد السبعينيات من القرن المنصرم، بل الألفية التي مضت وما قبلها وما بعدها الى نهاية الثمانينات، كانت الرسائل المكتوبة باليد هي أفضل وسيلة للتواصل بين الناس. وكان الناس، تعبيرا عن مزيد من الود، يكتبون رسائلهم بالحبر السائل – والبعض يفضل الريشة على القلم – كما كانوا يختارون نوع ولون ورائحة الورق والمظروف وطابع البريد إن كانت الرسالة ستودع فيه. كذلك درج الناس على سؤال المسافر أن يحمل بريدهم للأهل والأحبة والأصدقاء، فهي الوسيلة الأسرع بعد الحمام الزاجل! وفي كثير من الأحايين كانت الرسالة هي الهدية الأغلى عند المرسل إليه يضعها في الحفظ والصون ويكنزها بين مقتنياته الثمينة.
لم يكن الهاتف منتشرا أو متيسرا. أما التيلكس فقد كان لدى قلة من المصارف والمنظمات الدولية وبعض الشركات الكبرى وفي دائرة البريد والبرق والهاتف وقلة من الدوائر الحكومية وشبه الحكومية. وغالبا ما كان ورود برقية الى منزل أحدهم نذير شؤم، إلا إذا كان المكروه قد وقع، فهي تعزية ممن لم يجد سبيلا الى الوصول. أما الفاكس والرسائل الاليكترونية فلا أذن سمعت، ولا عين رأت، ولا خطرا على قلب "بشر" في عالمنا المُخلّف يومذاك وحتى الساعة.
في خريف العام 1976 حزمت رحلي متوجها الى العاصمة الصومالية، مقديشو، لحث نقابة الصحفيين الصوماليين استضافة مؤتمر تأسيسي لمنظمة كنا نسعى الى تكوينها تضم الصحافيين في القرن الإفريقي وشبة الجزيرة العربية والمحيط الهندي. وكنت قد عدت قبلها بقليل الى دمشق من نيودلهي التي أمضيت فيها أياما بعد رهق أصابني في قمة دول عدم الانحياز التي انعقدت في عاصمة سيرلانكا، كولومبو (لذلك المؤتمر عودة في سانحة اخرى). عرف صديقي رافيندرانات، القائم بالأعمال الهندي في العاصمة السورية – وكنا ندعوه رافي – بعزمي هذا، فدعاني الى عشاء هندي سخي، لذيذ المذاق متنوع الأصناف في دارته العامرة، أشرفت على إعداده زوجه، ديفي، وكانت تنتظر يومئذ مولودها الأول. أبت ديفي إلا أن تعد لنا المائدة، رغم إلحاحي وصديقنا الراحل، ادمون خليف، مراسل رويتر في جلق الشام، على أن نذهب الى أي مطعم دمشقي، حتى لا نزيد الى حملها ثقلنا. في نهاية السهرة اخرج رافي مظروفا ازرق اللون وطلب مني أن احمله الى صديق له أصبح سفيرا للسودان في الصومال. التقى رافي بالسفير عصام حسن – رحمه الله في أديس أبابا حيث عمل كل منهما في سفارة بلاده هناك. أوصلت الرسالة يدا بيد، إلا إنني لم أحمل جوابا عنها حين عودتي بعد أربعين يوما قضيتها بين مقديشو وإقليم العفر والعيسى الفرنسي (جيبوتي). وكانت الأخيرة تتحضر لاستفتاء يقرر مصيرها. وتلك حكاية أخرى.
عرفت السفير عصام حسن في حوالي العام 1968 حينما كان دبلوماسيا شابا مع كوكبة من الدبلوماسيين الشبان، من بينهم السفير احمد التني. كانوا يعملون يومذاك في الادارة الإعلامية بوزارة الخارجية تحت رئاسة السفير حسن الأمين، أحد الرواد الأوائل الذين قدموا السودان في أنصع صوره، وكان قد عاد الى الرئاسة لتوه من سفارته في الهند. في تلك الفترة أيضا عملت مع التني والسفير العمرابي وخليفة خوجلي في وكالة إخبار الخرطوم التي كان يملكها ويرأس تحريرها الصحافي الجهبذ النبيل سعد احمد الشيخ. تبوأ خليفة خوجلي فيما بعد مناصب قيادية في تنظيم جعفر نميري السياس-قمعي. كان الثلاثة يترجمون نشرة "واخ" الإخبارية الى اللغة الإنجليزية في المساء ويحررون الملحق الأسبوعي الصادر عنها بالإنجليزية أيضا في نهاية الأسبوع. وكانوا من أنصار الفرح -على حد قول العمرابي – حينما كان السودان يضج فرحا. على عاتق هذه المجموعة الصغيرة ورئيسها وقع عبء متابعة الحملة الإعلامية المتصاعدة آنذاك التي شنها "دعاة الانفصال" وغذتها أحزاب ومنظمات سودانية وغربية مختلفة. كما حملوا قسطا من أعباء التصدي لها. ولم تكن نشرة "الستار الحشيشي" The Grass Curtain الصادرة في لندن حينئذ عن حركة الانيانيا بأشدها تأثيرا وأعلاها صوتا.
في منزل رافي التقيت الدبلوماسي والسياسي الهندي المخضرم، اس كي سينغ. كان السيد سينغ في ذلك الوقت سفيرا مقيما لبلاده في الأردن وغير مقيم في لبنان وقبرص. وكان يمضي يوما أو يومين في ضيافة رافي وهو في طريقه من الأردن الى لبنان وبالعكس. كان رافي كثيرا ما يدعونني الى لقاء السيد سينغ في منزله حيث يدور حديث ثر جله عن شبه القارة الهندية وغرب آسيا والمحيط الهندي والقرن الإفريقي، إذ كانت المنطقة برمتها تغلي تحت مرجل نزاعات صاخبة وتهب عليها عواصف هوجاء.
أصبح سينغ وزيرا للشؤون الخارجية في فترة حرجة من تاريخ الهند والمنطقة. ففي بداية عهده بالوزارة اجتاحت القوات العراقية الكويت، فهرع إليها في أيام الاجتياح الأولى باسم مجموعة دول عدم الانحياز-وكان أول الواصلين من الوسطاء الدوليين -طالبا من صدام حسين سحب قواته الى الحدود الدولية، حتى يخمد بذلك نيران الأزمة في مهدها وقبل انتشار ألسنتها الى الجوار. تلقى الوزير سينغ وعدا قاطعا من صدام ببدء الانسحاب بعد ثلاثة أيام من لقائهما. قال له الوزير إن فترة الأيام الثلاثة طويلة، إلا انه سيقبل ذلك الترتيب إذا كان الوعد صادقا. وقال له: "إنني فور عودتي من بغداد سأذهب الى البرلمان الهندي، وسأدلي ببيان عن مهمتي، حيث ينتظر الجميع في عموم الهند نتائجها. فهل أستطيع أن أزف إليهم وعدك هذا؟ أرجو ألا تضعني في حرج وتضع حكومة الهند في موقف لا تحسد عليه، إن لم يكن في نيتك الانسحاب." كان سينغ واضحا، تحدث الى صدام من غير مواربة (أو لف أو دوران)، وهو الذي شغل منصب المتحدث الرسمي باسم الحكومة الهندية لأطول فترة في تاريخ البلاد، قبل أن يكون سفيرا ثم وزيرا.
ذهب اس كي سينغ الى برلمان عموم الهند وأدلى ببيان أكد فيه حصوله على وعد قاطع، لا ريب فيه، من صدام بالانسحاب، وأن الانسحاب سيبدأ بعد ثلاثة أيام. وقال إن إعصارا مدمرا كان في طريقه الى غرب آسيا ستتبدد رياحه وغيومه ابتداء من اليوم. لكن صدام حسين حنث بوعده لسينغ، فآثرت الهند الابتعاد عن أي جهد لدرء الخطر الماحق الذي ما زال يحصد الأرواح ويسفك الدماء ويهدم البلاد ويقسم العباد.
كلما ذُكرت الهند، ذكرت رافي وسينغ والصحافي النمساوي بيتر رندل، أحدهم تقاعد بعد سفارات كثيرة كان أخرها المالديف – وهي للهند في أهمية الدول الكبرى، وفي مرتبة لبنان عند فرنسا، إن لم يكن دول الجوار. أما سينغ فقد ذهب ليتولى حكم ولاية اروناشال براديش المتاخمة للصين. وتلك ولاية لا يحكمها إلا من له خبرته وحصافته، يدرأ عنها وعن شبه القارة، إن لم يكن العالم قاطبة، خطر التوتر ويطفئ شرر الحروب. وتلك تخوم خبرت الصدام، والقتال، والنزاع المسلح من قبل.
ولكن حظ بيتر رندل كان قليلا، إذ قضى في بداية الثمانينات بحادث سير لعين، أورثني حزنا جارفا. فقد كان منزله في فيينا محط رحلي، أكان هو هناك قادما من الهند في زيارة قصيرة، يجمع حوله أشتاتا من الناس، فيهم السياسي والنقابي والتشكيلي والعازف والممثلة، والصحافية، والحالمة بالمدينة الفاضلة؛ أو كان متجولا في زحام المدن الآسيوية ومجاهلها، أو في قرية نائية من قرى الهند القصية، يبحث فيها عن قناع نادر سمع عنه من بائع عاديات وأثريات عجوز دائم التنقل في حواري كلكتا المكتظة. كان بيتر رندل صاحب أكبر مجموعة من الأقنعة الخشبية وغيرها. ولكل قناع حكاية، ووراءه أسطورة، ومعتقد، وطقوس سائدة، وديانات بعضها انقرض المؤمنون بها، عدا حفنة قليلة من الشيوخ في جنوب شرق الهند. في أول مرة أقمت عنده، جافى النوم عيني ليال عددا. شعر هو بذلك في الليلة الثالثة، وذلك من احمرار عيني وانتفاخهما. فضحك ملئ شدقيه، ثم اخذ يحدثني عما وراء كل قناع، وهي بالمئات. كان غوصا في أعماق الهند قبل التقسيم ومرشدا لأسباب الانقسام.
أول ما عرفت راسيبورام كريشناسوامي نارايان (أو كما صار يعرف في الأوساط الأدبية: آر كي نارايان) كاتبا، حينما ذكره لي سينغ في ليلة من ليالي دمشق الباردة. كانت سيرته الذاتية (أيامي)** قد صدرت حديثا، وتعهد رافي بتأمين نسخة عنها في الحقيبة الدبلوماسية القادمة. وبر الرجل بوعده. ثم قرأت ما تيسر لي من إنتاجه الغزير. روايته الأولى "سوامي وأصدقائه" لفتت الأنظار إليه فرحبت به الأوساط الأدبية في الهند وانجلترا ثم في القارة الاميركية. وفي روايته "معلم اللغة الإنجليزية" يتسامى الأديب والفنان على جراحه فتأتي الرواية تعبيرا نبيلا عن جرح كل واحد فينا. دارت جل أعماله الأدبية إن لم يكن كلها في بلدة "مالقودي". وهي بلدة صنعها من خياله الخصب كناية عن الهند. هذا الروائي الفذ، الذي ظل مرشحا حاضرا في كل قائمة مختصرة للجنة جائزة نوبل للآداب حتى وفاته، ولم يحصل عليها، مثله مثل غراهام غرين، (أول المعجبين به)، استطاع أن يجعل من مالقودي ماثلة في جغرافيا الأذهان فأُطلقت على شوارع وأحياء ومطاعم وأندية ومقاهِ وحانات وفنادق وغير ذلك، رغم أن ليس لها وجود في ارض الواقع. مالقودي هي الهند، وما جرى فيها، عرفته شبه القارة بصورة أو اخرى، فصوّره بأسلوب بديع هذا الروائي والراوي و "الحكواتي" والفنان الذي عاش ما يقارب قرناً من الزمان (10 أكتوبر 1906 – 13 مايو 2001). ولكن – حسب علمي – لم يحظ عمل من أعماله بترجمة الى العربية. عجبي!
كانت الهند هي الطريق الى سيلان التي عُرفت فيما بعد بسريلانكا، وعرفها العرب فيما قبل بسرنديب. فتوقفت في طريقي الى كولومبو بدلهي ثم حيدر أباد. كانت الأعصاب في العاصمة الهندية حينذاك مشدودة، فقد أعلنت رئيسة الوزراء، السيدة أنديرا غاندي، الأحكام العرفية وفرضت حالة الطوارئ، وألقت بزعماء المعارضة البارزين خلف القضبان، وحظرت العمل السياسي وقيدت حركة النقابات والهيئات، وألجمت الصحف بفرض نوع من الرقابة عليها، وبدأت في التمهيد الى استبدال دستور الهند بآخر. لكن الديموقراطية الأكبر في العالم لم تستسلم لنزق هذه السيدة، وللحماقة التي ارتكبتها رغم نصح الاقربين إليها. كان سينغ من أقرب الناس إليها فإذا ما ادعى أحد معرفته بانديرا غاندي، بعد والدها، جواهر لال نهرو، فهو أحق بذلك الادعاء. ولا يستطيع أي أجنبي أن يدعي معرفته بها حق المعرفة مثلما عرفها مندوب الجامعة العربية الأسبق في الهند، الكاتب اللبناني، كلوفيس مقصود.
لكن حالة الطوارئ التي أعلنتها يومذاك السيدة/ غاندي غير الأحكام العرفية التي تشهدها الباكستان اليوم. وأسباب غاندي ليست أسباب مشرف، وإن كانت كل من الحالتين مرذولة ومستهجنة ومحرمة. فتحت أحكام الطوارئ ذهبت مع بيتر رندل لحضور ندوات تحدث فيها سياسيون من أقصى اليسار الى أقصى اليمين عما ستلقاه سيدة الهند من عقاب جراء هذه الخطيئة وتوعدها الصحافيون بالويل والثبور وعظائم الأمور عند مناقشتهم لمسّودة "دستورها"؛ وظلوا في مكاتبهم. لم تجرؤ السيدة غاندي على الاقتراب من الجسم القضائي وتركت المحامين وشأنهم يرفعون عليها القضية تلو الأخرى. وفي يوم الانتخابات دفعت هي وحزب المؤتمر الهندي الثمن باهظا.
قبل ستين عاما كانت القارة الهندية على أعتاب الاستقلال بعد ثورة فريدة لم تتكرر بعد ومن الصعوبة أن تتكرر (حتى يتبين ما يجري في ميانمار/بورما). قاد تلك الثورة محام أتى من ديربان في جنوب القارة الأفريقية. فهل ثمة ما يربط بينهما وقد كان الهنود والذين من أصول هندية يملأون شرق أفريقيا، ويحكمون اليوم عددا من جزرها. لكن ضيق الأفق الذي اتسمت به قيادات مسلمة واخرى شوفينية سلخ عشية الاستقلال قطعتين في الشمال الشرقي والشمال الغربي من شبه القارة لتصنعا كيانا سياسيا مسخا وفجا وغريبا لم يستمر طويلا، وهو الذي اشتق اسمه من الحروف الأولى للمجموعات القومية القاطنة في تلك الأنحاء، وصك في شوارع لندن، فحجب ضباب العاصمة البريطانية عن الصناع الرؤية. انقسم هذا الكيان هو الآخر الى كيانين مضطربين يثيران الشفقة، يتخبطان في أتون النزاع والشقاق والقتال. وقد لعبت العسكرتاريا – منذ أيوب خان -دورا رئيسا فيما حل بالباكستان الموحدة ثم بباكستان اليوم وبنغلاديش الغريقة. كما ساعد ذوالفقار على بوتو (وزير خارجية الجنرال أيوب خان) وابنته، بي نظير، على استمرار هذا الوضع البائس. ومن غرائب الأمور إن الرجل الذي ألف بين الأحرف ليخرج بهذا الاسم وقيل انه يعني: بلاد الانقياء الطاهرين! لم يمنح جواز سفر البلد الذي اخترع له هذا الاسم وطُرد الى خارجه ومُنع من دخوله. فقد مات شودري رحمت علي حسيرا في لندن.
ذلك ما جرى قبل ستين عاما في شبه القارة الهندية، فهل يتكرر في شبه القارة السودانية بعد خمسة قرون من الاستقلال، وأيضا بسبب ضيق الأفق وسوء التدبير وبلادة الحس وانعدام الرؤية وخطل السياسة وفساد الخلق والذمم. رحم الله حكيم المعّرة فقد قال:
وشبيه صوت "النعي" إذا قيس بصوت "البشير" في كل نادي
-----------------------------
• بليز باسكال: فيزيائي وفيلسوف وعالم اجتماع ورياضيات فرنسي من القرن السابع عشر، وضع قانون تعادل السوائل المعروف بمبدأ باسكال.
** للمؤرخ اللبناني الراحل نقولا زيادة (والذي عُمّر طويلا أيضا)، كتاب يحمل العنوان ذاته "أيامي".
elsouri1@yahoo.com
/////////////////////////