في مواجهة الدولة البوليسية القاهرة !!
محمد موسى حريكة
16 February, 2022
16 February, 2022
هناك مقولة شائعة لدي رجالات الأمن الإسرائيليين فحواها (أن الفلسطيني يكون جيدا حينما يكون ميتا). وفي المقابلة التلفزيونية التي بثها التلفزيون القومي السوداني مع قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان ذكر البرهان مدى تعلقه وتقديره لشباب المقاومة وأنه يتألم لاغتيال هؤلاء الشباب ، ولكن لم تمض ساعات علي ترهات البرهان الا وحصدت آلته القمعية عشرات الشباب بين جرحي وقتلى في مسيرات الرابع عشر من فبراير 2022 ولتفضح تلك التطورات حقيقة كيف يري البرهان لجان المقاومة عمليا وليس تلك المخاتلة السياسية البائسة في وسائل الإعلام ، فعمليا البرهان يقول (يصبح المقاوم جيدا حينما يكون ميتا).
ويمضي البرهان في الكشف عن التأسيس للدولة البوليسية في ذات الحيثيات والتلفيق قائلا أن هناك تعاونا أمنيا وليس سياسيا مع إسرائيل وبتلك الفجاجة لينفي تلك العلاقة الجدلية بين السياسي والأمني في الدولة إذ إنه من المستحيل رسم حدودا وهمية بين سياسة الدولة وأمنها القومي ، فهو الأن يقود عملا أمنيا لتأسيس دولة بوليسية تأخذ ملامحها وتجاعيدها من تجارب الدولة العبرية أو دولة الكيان العنصري سابقا في جنوب أفريقيا للتحكم في مفاصل الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مسنودا بأداة قمعية تتمثل في رجالات الأمن والشرطة والتشكيلات السرية المموهة .
نشهد الان كتلة الدولة الانتقالية الهشة تنزلق بشدة عقب الانقلاب الذي قام به قائد الجيش البرهان نحو دولة بوليسية عضوض تهيمن علي كافة أوجه الحياة مستخدمة أقصي ما تنتجه آلة القمع في التصدي للمعارضين لذلك المشروع المتمثل في إقامة دولة بوليسية تعود جذورها الي حقبة الثلاثينيات من القرن الماضي ، فهل ينجح البرهان وعصبته في إعادة عجلة التاريخ للوراء لإنتاج مثل
هذه الدولة التي لا توجد الا في مخيلته ومتاحف التاريخ ؟.
بذات القدر الذي تجري فيه عملية القمع للثورة السلمية تتصاعد يوميا عمليات المقاومة لذلك المد الهمجي وفق معادلة علمية طرفها الواقعي أنه من المستحيل تحضير روح التاريخ وإعادة تشكيله علي السودان وبذلك المنحي الذي يحاول فيه الانقلابيون إعادة دوران العجلة عكس حركة الزمن .
لقد تشكلت في الآونة الاخيرة تلك الملامح لدولة البرهان البوليسية ، فقد صرحت السيدة نفيسة حجر والتي تقود هي ومجموعة من المحامين هيئة الدفاع عن المعتقلين والمفقودين أن هناك مئات المحتجزين في سجن سوبا جنوب الخرطوم وبينهم ما يمكن تصنيفهم كأطفال يقبعون في تلك السجون دون تهم محددة أو حتي مواد قانونية تجيز حجزهم هذا غير المختفين قسريا والذين تتم مداهمتهم وإعتقالهم بشكل وحشي من وسط أسرهم و إقتيادهم الي مناطق مجهولة لا يدري بها ذويهم ، وهناك إحصائية حديثة تقول أن المحتجزين في السجون دون توجيه تهم قد فاقت أعدادهم الألفي شخص في عموم السودان الي جانب أكثر من مائتي حالة إختفاء قسري .
وإمعانا في ذلك الانزلاق الفوضوي نحو دولة القمع فقد قامت قوة شرطية بمداهمة منزل السيدة أميرة عثمان الناشطة في منظمة لا لقهر النساء وتم إلقاء القبض عليها من داخل (الحمام) وتم إقتيادها الي مكان مجهول ثم تم إيداعها أخيرا في سجن النساء بام درمان في زنزانة منفردة. قبل أن يتم الإفراج عنها لاحقا بعد حملة حقوقية نشطة داخل وخارج السودان .
وفي هذا الأسبوع تمت مداهمة مركز حزب المؤتمر السوداني بقوة أمنية إقتادت امين الحزب خالد عمر الوزير السابق ،كما تم إستدراج وجدي صالح عضو لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو الي احد مراكز الشرطةوتم بعدها أخذه الي مكان مجهول ،كما تم في سياق تلك الهجمة إقتياد عدد من أعضاء لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وتم إيداعهم في زنازين إنفرادية في مناطق مجهولة كما تقوم الدولة البوليسية بتوزيع الأدلة الجنائية علي مواطنيها وذلك لبسط الخوف والرهبة في نفوس المواطنين وشل قدراتهم السياسية ما أمكن . وتقف حالة تعذيب محمد آدم توباك لإنتزاع إعترافات بضلوعه في مقتل العميد بريمة وكل ذلك في زنازين الشرطة وبعيدا عن القضاء خير شاهد علي تهاوي الأجهزة العدلية والدخول في نفق الدولة البوليسية .
كما إعترضت قوة إمنية مدججة بالسلاح سيارة يستغلها محمد الفكي عضو مجلس السيادة الانتقالي السابق في أحد شوارع الخرطوم (شارع محمد نجيب )وتم إقتياده لجهة مجهولة .
تحاول الدولة البوليسية إضفاء هيمنتها علي كل مناحي الحياة الاجتماعية ومن تلك الشواهد فقد هاجمت قوة أمنية إستديو إذاعيا يديره المغني الشاب مازن حامد واقتادته بقسوة بالغة الي جهة مجهولة، وفي ذات اليوم هاجمت قوة أمنية أخري منزل الدرامي محمد حامد من فرقة أضواء المدينة واقتادته بطريقة وحشية الي المجهول .
تلك مجرد لمحة خاطفة عن البناء التأسيسي للدولة البوليسية التي يسعي الانقلابيون علي إقامتها دون اكتراث بحركة التاريخ ونزعة الشعب تحو التحرر والانعتاق من براثن الاستبداد لذلك الحكم الشمولي الذي تطاول لثلاثين عاما بعد أن أطلقوا يد زبانيته وعملائه السريين وتفعيل تجاربهم في القمع والإرهاب . وفي عمق تلك الأزمة فقد إعترضت قوة شرطية قاضي محكمة جنايات بحري في منطقة الحلفايا ورغم إبراز بطاقته الشخصية والمهنية لتلك القوة التي يقودها ضابط برتبة عميد ونقيب بالشرطة إلا أنه تم استفزازه وامتهان كرامته ومن ثم نهبه ومصادرة هاتفه الجوال وهواتف أسرته من الذين كانوا معه في السيارة، وتلك بالطبع رسالة واضحة للمجتمع أن لا أحد بمقدوره النجاة من قبضة الدولة البوليسية .
وتشهد كل مدن السودان وأريافه تلك الحملات القمعية والتي لم تثتثن حتي تروس الشمال في تصديهم للنهب الممنهج لموارد الدولة السودانية من قبل ذوي الامتيازات المرتبطة بالفساد والتهريب .
فهل يستطيع الإنقلابيون تحضير روح دولة فاشية أصبحت في متون التاريخ ومتاحفه وبسط نفوذهم على السودان وإيقاف مد الثورة الشعبية المتطلعة الي الحرية والسلام والعدالة في سياق متطلبات العصر وليس ركوناً الي أوهام ساذجة تداعب أخيلة الانقلابيين ؟ كل الشواهد تقول أن ذلك ما يكذبه الواقع و تصاعد المقاومة وتمددها في طول البلاد وعرضها وهي تنتج وتستحدث كل يوم نمطا جديدا للمقاومة .
وأن هزيمة المشروع البوليسي قد بات وشيكا (والوطن سيصبح جيدا حينما يصبح ذلك الإنقلاب ميتا ).
musahak@hotmail.com
ويمضي البرهان في الكشف عن التأسيس للدولة البوليسية في ذات الحيثيات والتلفيق قائلا أن هناك تعاونا أمنيا وليس سياسيا مع إسرائيل وبتلك الفجاجة لينفي تلك العلاقة الجدلية بين السياسي والأمني في الدولة إذ إنه من المستحيل رسم حدودا وهمية بين سياسة الدولة وأمنها القومي ، فهو الأن يقود عملا أمنيا لتأسيس دولة بوليسية تأخذ ملامحها وتجاعيدها من تجارب الدولة العبرية أو دولة الكيان العنصري سابقا في جنوب أفريقيا للتحكم في مفاصل الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مسنودا بأداة قمعية تتمثل في رجالات الأمن والشرطة والتشكيلات السرية المموهة .
نشهد الان كتلة الدولة الانتقالية الهشة تنزلق بشدة عقب الانقلاب الذي قام به قائد الجيش البرهان نحو دولة بوليسية عضوض تهيمن علي كافة أوجه الحياة مستخدمة أقصي ما تنتجه آلة القمع في التصدي للمعارضين لذلك المشروع المتمثل في إقامة دولة بوليسية تعود جذورها الي حقبة الثلاثينيات من القرن الماضي ، فهل ينجح البرهان وعصبته في إعادة عجلة التاريخ للوراء لإنتاج مثل
هذه الدولة التي لا توجد الا في مخيلته ومتاحف التاريخ ؟.
بذات القدر الذي تجري فيه عملية القمع للثورة السلمية تتصاعد يوميا عمليات المقاومة لذلك المد الهمجي وفق معادلة علمية طرفها الواقعي أنه من المستحيل تحضير روح التاريخ وإعادة تشكيله علي السودان وبذلك المنحي الذي يحاول فيه الانقلابيون إعادة دوران العجلة عكس حركة الزمن .
لقد تشكلت في الآونة الاخيرة تلك الملامح لدولة البرهان البوليسية ، فقد صرحت السيدة نفيسة حجر والتي تقود هي ومجموعة من المحامين هيئة الدفاع عن المعتقلين والمفقودين أن هناك مئات المحتجزين في سجن سوبا جنوب الخرطوم وبينهم ما يمكن تصنيفهم كأطفال يقبعون في تلك السجون دون تهم محددة أو حتي مواد قانونية تجيز حجزهم هذا غير المختفين قسريا والذين تتم مداهمتهم وإعتقالهم بشكل وحشي من وسط أسرهم و إقتيادهم الي مناطق مجهولة لا يدري بها ذويهم ، وهناك إحصائية حديثة تقول أن المحتجزين في السجون دون توجيه تهم قد فاقت أعدادهم الألفي شخص في عموم السودان الي جانب أكثر من مائتي حالة إختفاء قسري .
وإمعانا في ذلك الانزلاق الفوضوي نحو دولة القمع فقد قامت قوة شرطية بمداهمة منزل السيدة أميرة عثمان الناشطة في منظمة لا لقهر النساء وتم إلقاء القبض عليها من داخل (الحمام) وتم إقتيادها الي مكان مجهول ثم تم إيداعها أخيرا في سجن النساء بام درمان في زنزانة منفردة. قبل أن يتم الإفراج عنها لاحقا بعد حملة حقوقية نشطة داخل وخارج السودان .
وفي هذا الأسبوع تمت مداهمة مركز حزب المؤتمر السوداني بقوة أمنية إقتادت امين الحزب خالد عمر الوزير السابق ،كما تم إستدراج وجدي صالح عضو لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو الي احد مراكز الشرطةوتم بعدها أخذه الي مكان مجهول ،كما تم في سياق تلك الهجمة إقتياد عدد من أعضاء لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وتم إيداعهم في زنازين إنفرادية في مناطق مجهولة كما تقوم الدولة البوليسية بتوزيع الأدلة الجنائية علي مواطنيها وذلك لبسط الخوف والرهبة في نفوس المواطنين وشل قدراتهم السياسية ما أمكن . وتقف حالة تعذيب محمد آدم توباك لإنتزاع إعترافات بضلوعه في مقتل العميد بريمة وكل ذلك في زنازين الشرطة وبعيدا عن القضاء خير شاهد علي تهاوي الأجهزة العدلية والدخول في نفق الدولة البوليسية .
كما إعترضت قوة إمنية مدججة بالسلاح سيارة يستغلها محمد الفكي عضو مجلس السيادة الانتقالي السابق في أحد شوارع الخرطوم (شارع محمد نجيب )وتم إقتياده لجهة مجهولة .
تحاول الدولة البوليسية إضفاء هيمنتها علي كل مناحي الحياة الاجتماعية ومن تلك الشواهد فقد هاجمت قوة أمنية إستديو إذاعيا يديره المغني الشاب مازن حامد واقتادته بقسوة بالغة الي جهة مجهولة، وفي ذات اليوم هاجمت قوة أمنية أخري منزل الدرامي محمد حامد من فرقة أضواء المدينة واقتادته بطريقة وحشية الي المجهول .
تلك مجرد لمحة خاطفة عن البناء التأسيسي للدولة البوليسية التي يسعي الانقلابيون علي إقامتها دون اكتراث بحركة التاريخ ونزعة الشعب تحو التحرر والانعتاق من براثن الاستبداد لذلك الحكم الشمولي الذي تطاول لثلاثين عاما بعد أن أطلقوا يد زبانيته وعملائه السريين وتفعيل تجاربهم في القمع والإرهاب . وفي عمق تلك الأزمة فقد إعترضت قوة شرطية قاضي محكمة جنايات بحري في منطقة الحلفايا ورغم إبراز بطاقته الشخصية والمهنية لتلك القوة التي يقودها ضابط برتبة عميد ونقيب بالشرطة إلا أنه تم استفزازه وامتهان كرامته ومن ثم نهبه ومصادرة هاتفه الجوال وهواتف أسرته من الذين كانوا معه في السيارة، وتلك بالطبع رسالة واضحة للمجتمع أن لا أحد بمقدوره النجاة من قبضة الدولة البوليسية .
وتشهد كل مدن السودان وأريافه تلك الحملات القمعية والتي لم تثتثن حتي تروس الشمال في تصديهم للنهب الممنهج لموارد الدولة السودانية من قبل ذوي الامتيازات المرتبطة بالفساد والتهريب .
فهل يستطيع الإنقلابيون تحضير روح دولة فاشية أصبحت في متون التاريخ ومتاحفه وبسط نفوذهم على السودان وإيقاف مد الثورة الشعبية المتطلعة الي الحرية والسلام والعدالة في سياق متطلبات العصر وليس ركوناً الي أوهام ساذجة تداعب أخيلة الانقلابيين ؟ كل الشواهد تقول أن ذلك ما يكذبه الواقع و تصاعد المقاومة وتمددها في طول البلاد وعرضها وهي تنتج وتستحدث كل يوم نمطا جديدا للمقاومة .
وأن هزيمة المشروع البوليسي قد بات وشيكا (والوطن سيصبح جيدا حينما يصبح ذلك الإنقلاب ميتا ).
musahak@hotmail.com