أحداث دارفور تكشف أن سلام جوبا بِيش … بقلم: فيصل بسمة

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.


صرح أحدهم:

سلام جوبا بِيش...

و قيل في معاني البِيش أنه الصفر و عدم القيمة ، و يقال ذلك الشيء مِبُوِّش بمعنى أنه غير محكم الإغلاق و متسع يسرب السوآئل و الأشيآء ، و يقال بَاشَ الرجلُ إذا خالط و صاحب الغوغآء ، و في سياق مماثل يُوصَفُ السفلة و الأراذل و الأوغاد بأنهم أوباش...

و لقد بينت الأحداث الأخيرة مدى (بِيشِيَة) سلام جوبا و من حاكوه ، و كذلك هلامية و عبثية الوضع الأمني و التنفيذي في بلاد السودان و خصوصاً إقليم دارفور ، و بات جلياً أن حاكم إقليم دارفور ، من على البعد ، السيد مني أركو مناوي لا يملك من أمر الأهلية و المقدرة على إدارة الحكم و إنفاذ السلام على الأرض شيئاً (حاكم سَاي... و حرس و مواتر و هيلامانة في الفاضي) ، و أنه قطعاً تنقصه الجدارة و الخبرة و المؤهلات و القبول ليكون حاكماً فعالاً لإقليم بحجم و عظمة دارفور...

و لقد ذكر مراقبون أن السيد مني أركو مناوي فاقد تربوي ، و عاطل سياسياً ، و لا يحظى بالقبول لدى غالبية شعوب إقليم دارفور ، و دعك من بقية الشعوب السودانية ، إذن فإذا كانت مؤهلات السيد مني أركو مناوي فقيرة إلى هذا الحد فلا عجب أن يكون أدآءه في دارفور و غيرها رديئاً و مزرياً و بهذا السوء...

عدم القدرة و نقص الإمكانيات لا تنفي عن السيد مني أركو مناوي المسئولية عن الأحداث المؤسفة ، هذا إذا علمنا أن السيد مني أركو مناوي كان قد سعى سعياً حثيثاً و شق الصف و جرى (جري الوحوش) و حتى حفيت قدماه من أجل نيل هذا المنصب الرفيع و الحكم الكونفدرالي (و مراراً من زمان المساعد)...

و كان الأجدر بالسيد مني أركو مناوي أن لا يتقدم لمثل هذا المنصب الحساس الذي يتضمن المهام الجسام و الذي يتطلب الحكمة و البصيرة و القدرة على الفعل و التنفيذ و هو يعلم جيداً في قرارة نفسه أنه يفتقر إفتقاراً عظيماً إلى جميع تلك الصفات (و لا بس هي شُوبَارَة و عناد و قوة عين و حاكونا... حاكونا)...

و يبدوا أن السيد مني أركو مناوي (البيش) قد فسر الحكم الكونفدرالي على أنه (كمية من القُفَف و البُقَج الملانة قروش) تجلب إلى مكاتب الحاكم ، و أنه كومباوند سكني Compound و عمآئر و مباني مستأجرة أو حيازة بوضع اليد في (المركز) القومي المسمى الخرطوم عليها لافتات بأسمآء الحاكم و مفوضيات الحكم الإقليمي ، و طبعاً مع ما يتبع ذلك من الحسابات البنكية و أرتال السيارات و جنود الحراسة الخآصة المدججين بالسلاح و حشود العاملين و الخدم و المساكن الفاخرة في الأحيآء ذات الدرجات العليا و الأسمآء الأجنبية المستعارة من شمال الوادي أو دول شبه الجزيرة الأعرابية و الخليج الفارسي...

الأحداث على الأرض تبين أن صراع دارفور ، هو لعبة قذرة إفتعلها الطامحون الطامعون في السلطة و الموارد و الجاه من المغامرين و المرتزقة في المركز و الإقليم ، غرروا فيها بالبسطآء من الشعوب السودانية و ساقوهم جهلاً إلى الإحتراب و الإقتتال لتحقيق مطامحهم الشخصية و ذلك بعد أن باعوا لهم الوهم و أمدوهم بالسلاح و زينوا لهم القتل...

الصراع و النزاعات و الإحتراب في دارفور قديم و تقف ورآءها الأطماع و الصراعات الشخصية لقادة الإرتزاق و أمرآء الحروب و من ورآءهم الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و جهات أخرى ، و قد سيقت و زجت في الإقتتال و الحروب جماهير البسطآء تحت دعاوى عديدة يجمع بينها و يفرقها الجهل و الباطل!!!...

و لقد إجتهدت الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و وكلآءهم و المغامرون و أمرآء الحروب و المرتزقة من المحليين و الأجانب في إزكآء نيران الفتن القبلية و الإثنية ، فاقتتل الناس البسطآء ، و اشتعلت الحرآئق ، و سالت الدمآء ، و خربت الديار ، و ازدادت أعداد الأرامل و اليتامى و العجزة من المهجرين و النازحين...

و قد جذبت الفوضى و فرص الإرتزاق التي خلقتها الحرب العديد من المغامرين الأجانب القادمين من دول الجوار الأفريقي ، و لما تعقدت الأمور و طال أمد الحرب إتسعت و تمتددت طموحات المرتزقة الأجانب لتشمل الحصول على الهويات السودانية من أجل كسب النفوذ السياسي و من أجل نهب الأراضي و الموارد و الثروات السآئبة...

و قد كان من إفرازات الحرب أيضاً أن تناسلت و تداعت إلى الإقليم منظمات الإغاثة و العمل الطوعي المدني من كل أرجآء العالم ، و تحت هذا الغطآء الإنساني النبيل تعاظم أمر نشاط العملآء و أجهزة المخابرات الأجنبية من لدن المخابرات المصرية و رصيفاتها الأفريقيات و الخليجيات إلى تلك الروسية و الصينية و المركزية و ما دونها من مخابرات الدول الغربية و الصهيونية...

و قد وجدت جهات أجنبية في الفرقآء و الأنفس الضعيفة المرتزقة و العميلة و الأجنبية و فوضى الحرب المناخ و البيئة المثلى و الأدوات الطيعة التي تخدم مصالحها و تساعدها في نهب الثروات و الموارد بأبخس الأثمان و أقل الخسآئر تحت غطآء ندآءات باطلة إتخذت شعارات حق براقة لتبرر بها التدخلات في الشأن السوداني ، شعارات ممتدة من دعاوى التحرير و الثورية و العدل و المساواة مروراً بالسلام و حقوق الإنسان و المرأة و معاقبة مجرمي الحرب و التعويضات و التوطين و تنمية الهامش و إنتهآءً بالحكم اللامركزي...

و لما جلس المرتزقة و أمرآء الحرب إلى طاولات المفاوضات في جوبا و عواصم أجنبية أخرى لم تكن تلك الشعارات و لا إستقرار و تنمية بلاد السودان و رفاهية الإنسان السوداني البسيط ضمن الأجندة ، و ذلك لأنها ليست من الأولويات ، لقد كان جل هم الفرقآء (البيش) المجتمعين المحاصصات و الحصول على المناصب السيادية و الوزارية و الإمتيازات و الإستحواذ على الثروات و الموارد لأنفسهم و الأقربين...

سلام جوبا (البيش) و تنصيب مني أركو مناوي (البيش) سلطاناً على جميع إقليم دارفور و منح أخرين (بيش) إدارات بيت المال و الحقانية و الثروات المعدنية و مناصب سيادية و وزارية و تنفيذية أخرى هذا عدا صكوك الأراضي و الڨلل و الزيجات الخرطومية الفاخرة لم يوقف القتال في دارفور و لم يجلب للإقليم السلام و الإستقرار و ترف التنمية...

و مما ساعد على الفوضى في دارفور ضعف السلطة المركزية (البيش) و غيابها التآم و التي تسببت فيه تدخلات قادة الجيش و الأجهزة الأمنية (البيش) ، الغير جديرين بالقيادة ، في أمور السياسة و الحكم ، فحكموا و تجبروا و طغوا و بطشوا و من حولهم إجتمعت أرتالٌ غفيرةٌ من بيش: الفاقد التربوي و الأرزقية و السقط و الطفيلية السياسية يصفقون و يهللون و يزينون لهم سوء إداراتهم و أعمالهم و أفعالهم...

و الحل لجميع هذه الفوضى و الهَردَبِيس السياسي/الأمني/التنفيذي/الإقتصادي/العدلي الذي يجري في بلاد السودان و الوقف النهآئي لهذا العبث و ببساطة يكون في الثورة الباطشة و الشاملة التي تَجُبُّ ما قبلها...

الثورة الشاملة التي تحدث التغيير الحقيقي الشامل في: المفاهيم و القوانين و السلطات و الأجهزة و سبل أنظمة الحكم و علاقات الأقاليم بالمركز حتى و لو أدى ذلك إلى التضحيات و خسآئر في الأنفس و الثمرات...

و لقد تغنى مغني سوداني الجنسية من قبل في هذا الإطار و السياق و قال:

وطن الجدود...

نفديك بالأرواح نجود...

و قال آخر من بني جلدته:

فداك مالي و دمي...

و لهذا فعلى الثوار مواصلة الثورة حتى النصر من أجل أن يكون هذا النظم حقيقة و واقع يجسد الإيمان الصادق بمعاني الفدآء و الوطنية...

و ذلك حتى لا يندرج هذا النظم و التضحيات تحت ملف الكلام الساكت...

و حتى لا يسجل التاريخ في دفاتره أن الذي حدث في بلاد السودان كان حقاً (بِيش) ، أو على أحسن الفروض (نطيط و رقيص و غنآء طَمبَارَة) من شاكلة جوبا مالك عَلَيَّا!!!...

و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.


فيصل بسمة


FAISAL M S BASAMA


fbasama@gmail.com

 

آراء