إسلاميون فى التيه .. والشتات
على دهب عبد الجابر
18 July, 2022
18 July, 2022
ما عادت الحركة الاسلامية تعرف ما يتوجب عليها ان تفعله حيال ثورة ديسمبر القوية الجارفة التى أقلقت منامهم وتركت الحليم فيهم حيرانا.
رد فعل الاسلاميين تجاه الثورة اتسم بالارتباك والارتجال.
كل الذى اهتدت إليه الحركة ان تتبناه كموقف تجاه الثورة هو الإساءة لقوى الحرية والتغيير والسخرية من رموزه وازدراء شباب الثورة ووصفهم بأوصاف لا تليق بالرغم من استعدادهم للموت من أجل قيم إنسانية كبيرة مثل الحرية والسلام والعدالة. إن موقف الاسلاميين من الثورة قبيح ومزري ويدل على اننا لم نتأدب بأخلاق الاسلام ابداً فى مسيرتنا منذ البداية.ولا حرصت قيادة الحركة فى يوم من الأيام على تعليم إتباعها أدب التعامل مع الآخرين واحترامهم وفوق ذلك ينم عن عجز فاضح فى تقييم حدث كبير ذو تداعيات عميقة على الخارطة السياسية والاجتماعية. أليس من المخجل أن نصف شباب الاحتجاجات بأنهم يفعلون ما يفعلونه تحت تأثير المخدرات؟ أليس من المؤسف ان يصف استاذ جامعى شباب الثورة بأنهم صعاليك؟ واضح اننا لا نملك القدرة على التفكير الاستراتيجى فى اللحظات المصيرية الفارقة.
ان كانت الحركة تعمل بمنهجية فقد كان من المفترض أن تكلف ذوى الاختصاص من مثقفيها بالدراسة الجادة لهذه الثورة العارمة التي يدرك كل غبى ان مالات هذا الحدث الغريب المتأجج اواره منذ ثلاثة سنوات سوف تحدث تغييرا كبيرا فى النسيج الاجتماعى للسودانيين. كان من المفترض أن نبحث عن الأسباب التى دعت الشعب السودانى للافصاح عن بغضه ومقته الاسلاميين بأشد العبارات الجارحة .لم نكترث لذلك مع انه معلوم بداهة ان السياسي او الداعية اذا أخفق فى كسب ود الجماهير فهو فاشل فى سعيه.
يقول راشد الغنوشي الاسلامى التونسى ان أسوأ ما يمكن أن يصيب الاسلاميين ان يحبهم الناس قبل وصولهم إلى الحكم ثم يكرهونهم بعد وصولهم اليه وكان الامام حسن البنا دائما يقول...سنقابل الناس بالحب.وما دام الداعية داعية فليعلم ان سلطانه الوحيد على الناس هو ان يحبوه فيحبوا ما يدعوهم إليه.. من حق الدعوة على الداعية ان يكون محبوبا.
اذاً ما الذي جعل الناس يبغضوننا؟ما الذى دفع مئات الالاف من الشباب ان يهتفوا ويقولوا...اى كوز ندوسو دوس؟؟!!ويا له من هتاف جارح ومؤلم لإنسان يحسب انه يدعو للاسلام.مؤلم ان يواجهنا الشعب بمثل هذا الهتاف ..ونحن الذين نزعم اننا خرجنا لنحقق له سعادة الدنيا والآخرة بالاسلام.!!
كرهنا الشعب لأننا لم نكن صادقين. ندعي الاسلام ولا نعمل به بل نعمل بنقيضه.كرهنا الشعب لأننا سجلنا السودان وثرواته باسم الحركة الاسلامية.نغدق من المال العام على احتياجات الحركة .آثرنا أنفسنا على الشعب صاحب الحق .ولو كنا اسلاميين حقا لاثرنا الاخرين على أنفسنا ولقدمنا من مال الحركة للشعب.لقد شكل عدد من قيادات الاسلاميين فى نهاية حكم الإنقاذ طبقة من الأغنياء كان المال دولة بينهم .
وكرهنا الناس لأننا كنا نشمخ بانفنا. دائما نتعالى عليهم .نبخس من قدر المعارضة ونسخر منها.كان الوجدان الجمعى للإسلاميين دائما موبوءا بالزهو والتعالى والغرور. كنا نعانى من تضخم الانا. وربما كانت اللقاءات التى اجرتها قناتى الجزيرة وسودانى٢٤ مع الدكتور امين حسن عمر خير دليل على ذلك.
وأمين حسن عمر أنموذج لتعالى الاسلاميين واخصائي الاستخفاف بالمعارضة والتقليل من شأنها.سئل مرة فى لقاء تلفزيوني قبل سقوط النظام عن قدرة المعارضة على إسقاط النظام. قال هؤلاء لن يسقطوا بيضة..! وهى اجابة خالية من التهذيب.
ومع ان امين حسن عمر يعد من ابرز الاسلاميين من ذوي الرصيد الثقافي الواسع والاهتمامات الفكرية الا اجاباته فى اللقاءات التى أشرنا إليها لم تكن بمستوي مكانته الفكرية أو شهرته الثقافية. كان متوترا بعض الشئ واحيانا يرفع صوته بانفعال ظاهر ويشير باصبعه السبابة متوعدا.وكان يكثر من كلمة نحن ..نحن عندنا عشرات الآلاف من الناس المتدربين...نحن موجودون فى الساحة...نحن عندنا ترتيبات طوارئ...احنا عندنا آلاف الناس حملوا سلاح....نحن أغلبنا يعنى نستخدم ..سلاح...
كان الدكتور امين مثل الخائف الذى يبادر بالتهديد ليدفع عن نفسه الخطر الذى يتهدد.وهو تصرف غريزي تلجأ إلي مثله الحيوانات الخائفة فتصرخ وتحدث جلبة لتخفيف عدوها.
الدكتور امين لم يكن صادقا فى بعض اجاباته...وتأمل هذه الطريقة فى الاجابة...يقول...
طيب ليه ما ظهرت كتائب الظل؟هل عجز منها كانت عاجزة ولا كان فى قرار ان لا نستخدم قوة عسكرية فى هذا الجو.....
ثم يتحدث عن وجود ترتيبات طوارئ ..ووجود خمسمائة الف مقاتل عبر السودان مستعدين للدفاع عن السودان...ثم يقول...
كان هناك قرار احنا لن نستخدم السلاح ضد شعبنا..هذا قرار ثابت طوال الوقت....
تعجبت كثيرا ان يتحدث إسلامي فى مقام امين حسن عمر بهذه الطريقة الفجة التى تفترض البلاهة في المشاهدين.بالطبع لم يكن هناك قرار بهذا المعني بل استخدام السلاح ضد المتظاهرين كان مفهوما ومفروغا منه. والدليل الذي لا نحتاج إلي ذكره ان السلاح تم استخدامه وقتل خلق كثيرون..ولا أدرى ما الذي يرمى إليه الدكتور امين. ويكفى الفيديو الذى ظهر فيه علي عثمان محمد طه ويقول ...
والتعليمات شووت أو كيل ؟؟؟!
فما معنى هذا..
ويقول امين
في خمسمائة الف مقاتل عبر السودان كله مدربين علي السلاح .لو في واحد قال ليهم انهضوا...الناس بنهضوا ويحملوا السلاح ويدافعوا عن البلد...
لماذا إذن لم تصدر اليهم التعليمات لتحرير حلايب؟؟
انا اعتقد ان هذا كلام للاستهلاك الاعلامى ليس اكثر.
كان الدكتور امين فى اجاباته يعكس حالة الحركة الاسلامية فى فقدانها للمنطق وقراءتها الخاطئة للأحداث.
الاسلاميون يعيشون حالة من الارتباك والتخبط فقدوا معها القدرة علي تمييز الطريق.فهم بين النوستالجيا واستحقاقات عودة الوعى كما وصفهم الاخ خالد التجاني النور وذلك فى مقال بهذا العنوان فى صحيفة ايلاف في فبراير ٢٠١٢.
وحتى هذه اللحظة لم يدركوا استحقاقات عودة الوعى التى فى ظني تبدأ بتقديم الاعتذار للشعب السودانى عما اقترفوه وجنوه فى فترة حكمهم فهل نملك القدرة على ذلك؟
نصيحتي ان نلوذ بالصمت ونكف عما نحن عاكفون عليه من الكيد للثورة ومحاولة تعطيل مسيرتها وتلفيق التهم لرموزها فقد تأكد للشعب ان اعضاء لجنة التمكين اكثر أمانة منا.
والذى أراه ان ارهاصات انتصار الثورة قد لاحت فى الافق فلينظر الاسلاميون فى الصيغة التى يمكنهم بها معايشة الوضع الجديد القادم فأن مقالات حسن اسماعيل وعادل الباز لن تستطيع أن توقف طوفان الثورة الزاحف.
على دهب عبد الجابر
١٧ مايو ٢٠٢٢
رد فعل الاسلاميين تجاه الثورة اتسم بالارتباك والارتجال.
كل الذى اهتدت إليه الحركة ان تتبناه كموقف تجاه الثورة هو الإساءة لقوى الحرية والتغيير والسخرية من رموزه وازدراء شباب الثورة ووصفهم بأوصاف لا تليق بالرغم من استعدادهم للموت من أجل قيم إنسانية كبيرة مثل الحرية والسلام والعدالة. إن موقف الاسلاميين من الثورة قبيح ومزري ويدل على اننا لم نتأدب بأخلاق الاسلام ابداً فى مسيرتنا منذ البداية.ولا حرصت قيادة الحركة فى يوم من الأيام على تعليم إتباعها أدب التعامل مع الآخرين واحترامهم وفوق ذلك ينم عن عجز فاضح فى تقييم حدث كبير ذو تداعيات عميقة على الخارطة السياسية والاجتماعية. أليس من المخجل أن نصف شباب الاحتجاجات بأنهم يفعلون ما يفعلونه تحت تأثير المخدرات؟ أليس من المؤسف ان يصف استاذ جامعى شباب الثورة بأنهم صعاليك؟ واضح اننا لا نملك القدرة على التفكير الاستراتيجى فى اللحظات المصيرية الفارقة.
ان كانت الحركة تعمل بمنهجية فقد كان من المفترض أن تكلف ذوى الاختصاص من مثقفيها بالدراسة الجادة لهذه الثورة العارمة التي يدرك كل غبى ان مالات هذا الحدث الغريب المتأجج اواره منذ ثلاثة سنوات سوف تحدث تغييرا كبيرا فى النسيج الاجتماعى للسودانيين. كان من المفترض أن نبحث عن الأسباب التى دعت الشعب السودانى للافصاح عن بغضه ومقته الاسلاميين بأشد العبارات الجارحة .لم نكترث لذلك مع انه معلوم بداهة ان السياسي او الداعية اذا أخفق فى كسب ود الجماهير فهو فاشل فى سعيه.
يقول راشد الغنوشي الاسلامى التونسى ان أسوأ ما يمكن أن يصيب الاسلاميين ان يحبهم الناس قبل وصولهم إلى الحكم ثم يكرهونهم بعد وصولهم اليه وكان الامام حسن البنا دائما يقول...سنقابل الناس بالحب.وما دام الداعية داعية فليعلم ان سلطانه الوحيد على الناس هو ان يحبوه فيحبوا ما يدعوهم إليه.. من حق الدعوة على الداعية ان يكون محبوبا.
اذاً ما الذي جعل الناس يبغضوننا؟ما الذى دفع مئات الالاف من الشباب ان يهتفوا ويقولوا...اى كوز ندوسو دوس؟؟!!ويا له من هتاف جارح ومؤلم لإنسان يحسب انه يدعو للاسلام.مؤلم ان يواجهنا الشعب بمثل هذا الهتاف ..ونحن الذين نزعم اننا خرجنا لنحقق له سعادة الدنيا والآخرة بالاسلام.!!
كرهنا الشعب لأننا لم نكن صادقين. ندعي الاسلام ولا نعمل به بل نعمل بنقيضه.كرهنا الشعب لأننا سجلنا السودان وثرواته باسم الحركة الاسلامية.نغدق من المال العام على احتياجات الحركة .آثرنا أنفسنا على الشعب صاحب الحق .ولو كنا اسلاميين حقا لاثرنا الاخرين على أنفسنا ولقدمنا من مال الحركة للشعب.لقد شكل عدد من قيادات الاسلاميين فى نهاية حكم الإنقاذ طبقة من الأغنياء كان المال دولة بينهم .
وكرهنا الناس لأننا كنا نشمخ بانفنا. دائما نتعالى عليهم .نبخس من قدر المعارضة ونسخر منها.كان الوجدان الجمعى للإسلاميين دائما موبوءا بالزهو والتعالى والغرور. كنا نعانى من تضخم الانا. وربما كانت اللقاءات التى اجرتها قناتى الجزيرة وسودانى٢٤ مع الدكتور امين حسن عمر خير دليل على ذلك.
وأمين حسن عمر أنموذج لتعالى الاسلاميين واخصائي الاستخفاف بالمعارضة والتقليل من شأنها.سئل مرة فى لقاء تلفزيوني قبل سقوط النظام عن قدرة المعارضة على إسقاط النظام. قال هؤلاء لن يسقطوا بيضة..! وهى اجابة خالية من التهذيب.
ومع ان امين حسن عمر يعد من ابرز الاسلاميين من ذوي الرصيد الثقافي الواسع والاهتمامات الفكرية الا اجاباته فى اللقاءات التى أشرنا إليها لم تكن بمستوي مكانته الفكرية أو شهرته الثقافية. كان متوترا بعض الشئ واحيانا يرفع صوته بانفعال ظاهر ويشير باصبعه السبابة متوعدا.وكان يكثر من كلمة نحن ..نحن عندنا عشرات الآلاف من الناس المتدربين...نحن موجودون فى الساحة...نحن عندنا ترتيبات طوارئ...احنا عندنا آلاف الناس حملوا سلاح....نحن أغلبنا يعنى نستخدم ..سلاح...
كان الدكتور امين مثل الخائف الذى يبادر بالتهديد ليدفع عن نفسه الخطر الذى يتهدد.وهو تصرف غريزي تلجأ إلي مثله الحيوانات الخائفة فتصرخ وتحدث جلبة لتخفيف عدوها.
الدكتور امين لم يكن صادقا فى بعض اجاباته...وتأمل هذه الطريقة فى الاجابة...يقول...
طيب ليه ما ظهرت كتائب الظل؟هل عجز منها كانت عاجزة ولا كان فى قرار ان لا نستخدم قوة عسكرية فى هذا الجو.....
ثم يتحدث عن وجود ترتيبات طوارئ ..ووجود خمسمائة الف مقاتل عبر السودان مستعدين للدفاع عن السودان...ثم يقول...
كان هناك قرار احنا لن نستخدم السلاح ضد شعبنا..هذا قرار ثابت طوال الوقت....
تعجبت كثيرا ان يتحدث إسلامي فى مقام امين حسن عمر بهذه الطريقة الفجة التى تفترض البلاهة في المشاهدين.بالطبع لم يكن هناك قرار بهذا المعني بل استخدام السلاح ضد المتظاهرين كان مفهوما ومفروغا منه. والدليل الذي لا نحتاج إلي ذكره ان السلاح تم استخدامه وقتل خلق كثيرون..ولا أدرى ما الذي يرمى إليه الدكتور امين. ويكفى الفيديو الذى ظهر فيه علي عثمان محمد طه ويقول ...
والتعليمات شووت أو كيل ؟؟؟!
فما معنى هذا..
ويقول امين
في خمسمائة الف مقاتل عبر السودان كله مدربين علي السلاح .لو في واحد قال ليهم انهضوا...الناس بنهضوا ويحملوا السلاح ويدافعوا عن البلد...
لماذا إذن لم تصدر اليهم التعليمات لتحرير حلايب؟؟
انا اعتقد ان هذا كلام للاستهلاك الاعلامى ليس اكثر.
كان الدكتور امين فى اجاباته يعكس حالة الحركة الاسلامية فى فقدانها للمنطق وقراءتها الخاطئة للأحداث.
الاسلاميون يعيشون حالة من الارتباك والتخبط فقدوا معها القدرة علي تمييز الطريق.فهم بين النوستالجيا واستحقاقات عودة الوعى كما وصفهم الاخ خالد التجاني النور وذلك فى مقال بهذا العنوان فى صحيفة ايلاف في فبراير ٢٠١٢.
وحتى هذه اللحظة لم يدركوا استحقاقات عودة الوعى التى فى ظني تبدأ بتقديم الاعتذار للشعب السودانى عما اقترفوه وجنوه فى فترة حكمهم فهل نملك القدرة على ذلك؟
نصيحتي ان نلوذ بالصمت ونكف عما نحن عاكفون عليه من الكيد للثورة ومحاولة تعطيل مسيرتها وتلفيق التهم لرموزها فقد تأكد للشعب ان اعضاء لجنة التمكين اكثر أمانة منا.
والذى أراه ان ارهاصات انتصار الثورة قد لاحت فى الافق فلينظر الاسلاميون فى الصيغة التى يمكنهم بها معايشة الوضع الجديد القادم فأن مقالات حسن اسماعيل وعادل الباز لن تستطيع أن توقف طوفان الثورة الزاحف.
على دهب عبد الجابر
١٧ مايو ٢٠٢٢