حكومة الكلبتوقراط .. ذهب السودان ما بين محمد علي باشا وقيصر روسيا
عبدالرحمن حسين دوسة
12 August, 2022
12 August, 2022
التحقيق الاستقصائي الذي قدمته الصحفية نعمة الباقر على شاشات ال CNN بشأن تهريب الذهب السوداني يعد تقريراً احترافيا بامتياز ويمكن تكييفه قانونياً على أنه بلاغ للنائب العام للبدء في تحقيق جنائي علي غرار ما جري لتقرير الصحفي الأمريكي "بوب وودوارد" الذي كشف فضحية ووترقيت حيث أدت تفاعلاتها النهائية الي الإطاحة بالرئيس نيكسون من البيت الأبيض من دون تقديمه للمحاكمة حسب توصية المدعى العام.
النائب العام في أي دولة تحترم القانون يعتبر ممثلاً للشعب في إنفاذ القانون وتحريك الدعاوي من تلقاء نفسه استنادا الي ما يصل لعلمه من ووقائع ومعلومات عن احتمال وقوع جريمة من الجرائم ضمن حدود اختصاصه المكاني.
المعلومات التي وردت في التقرير – وهي بينات وقرائن مبدئية تكفي لبدء التحري لا الإدانة – كشفت عن متلازمة الاستبداد والفساد وكيف أن النخبة الحاكمة المستبدة خاصة المنظومة العسكرية والأمنية منها قد تحولت الي كيانات فاسدة متحاصصة تفترس المال العام بنهم وشراهة تفوق شراهة الأشعب عند مائدة هارون الرشيد.
ما حفز على استحلال موارد الوطن وثرواته بالصورة التي رسمها التقرير هو هذا الفراغ الدستوري والسياسي الذي أحدثه الانقلاب، إذ تفككت البني المؤسساتية للدولة وتعطلت المرجعيات القانونية فغابت الرقابة والحوكمة الرشيدة علي سلوكيات الوزراء والمسئولين وبالتالي انكب الجميع علي النهب والبلطجة بالأيدي والبنادق ودونكم مئات السماسرة الذين يجوبون شوارع الخرطوم حاملين أختام وتوقيعات الوزراء يعرضون مقدرات الوطن من عطاءات وحقوق امتياز وموارد استخراجية من ذهب وبترول ومعادن.
ثم تأتي المفارقة من أحد المسئولين – والحرامي بطبعه يتمتع بقوة العين – الذي شرع في تكليف مكتب محاماة في الولايات المتحدة الأمريكية لمقاضاة ال CNN والصحفية نعمة الباقر بتهم عدة.
لو كنت في محل هذا المسئول – لا قدر الله - لترددت في إقامة مثل هذه الدعوى لأنه وفي ظل الفراغ القائم وانحسار مفهوم السيادة مقروءة مع التطورات المتلاحقة في فقه القانون الجنائي الدولي فإن هناك إمكانية حقيقية في استقلال هذه القضية – إن أقيمت – للطعن في الاعتراف الدولي بشرعية الحكومة القائمة ووزرائها ومحاكمتهم جنائياً بتهم نهب وسرقة ثروات الشعوب علماً بان هناك اتفاقيات دولية تؤسس أطراً قانونية قوية لمثل هذه المحاكمات.
قدر الشعب السوداني أن يبتلي بنخب تحترف الإجرام واللصوصية فقد عجزنا عن ترسيخ حواضن الحكم الرشيد وتوغلت الجريمة في أوصال مؤسسات الدولة.
آمل من النائب العام أن يملأ قاشه.
عبدالرحمن حسين دوسة
مستشار قانوني
hatemgader@yahoo.com
النائب العام في أي دولة تحترم القانون يعتبر ممثلاً للشعب في إنفاذ القانون وتحريك الدعاوي من تلقاء نفسه استنادا الي ما يصل لعلمه من ووقائع ومعلومات عن احتمال وقوع جريمة من الجرائم ضمن حدود اختصاصه المكاني.
المعلومات التي وردت في التقرير – وهي بينات وقرائن مبدئية تكفي لبدء التحري لا الإدانة – كشفت عن متلازمة الاستبداد والفساد وكيف أن النخبة الحاكمة المستبدة خاصة المنظومة العسكرية والأمنية منها قد تحولت الي كيانات فاسدة متحاصصة تفترس المال العام بنهم وشراهة تفوق شراهة الأشعب عند مائدة هارون الرشيد.
ما حفز على استحلال موارد الوطن وثرواته بالصورة التي رسمها التقرير هو هذا الفراغ الدستوري والسياسي الذي أحدثه الانقلاب، إذ تفككت البني المؤسساتية للدولة وتعطلت المرجعيات القانونية فغابت الرقابة والحوكمة الرشيدة علي سلوكيات الوزراء والمسئولين وبالتالي انكب الجميع علي النهب والبلطجة بالأيدي والبنادق ودونكم مئات السماسرة الذين يجوبون شوارع الخرطوم حاملين أختام وتوقيعات الوزراء يعرضون مقدرات الوطن من عطاءات وحقوق امتياز وموارد استخراجية من ذهب وبترول ومعادن.
ثم تأتي المفارقة من أحد المسئولين – والحرامي بطبعه يتمتع بقوة العين – الذي شرع في تكليف مكتب محاماة في الولايات المتحدة الأمريكية لمقاضاة ال CNN والصحفية نعمة الباقر بتهم عدة.
لو كنت في محل هذا المسئول – لا قدر الله - لترددت في إقامة مثل هذه الدعوى لأنه وفي ظل الفراغ القائم وانحسار مفهوم السيادة مقروءة مع التطورات المتلاحقة في فقه القانون الجنائي الدولي فإن هناك إمكانية حقيقية في استقلال هذه القضية – إن أقيمت – للطعن في الاعتراف الدولي بشرعية الحكومة القائمة ووزرائها ومحاكمتهم جنائياً بتهم نهب وسرقة ثروات الشعوب علماً بان هناك اتفاقيات دولية تؤسس أطراً قانونية قوية لمثل هذه المحاكمات.
قدر الشعب السوداني أن يبتلي بنخب تحترف الإجرام واللصوصية فقد عجزنا عن ترسيخ حواضن الحكم الرشيد وتوغلت الجريمة في أوصال مؤسسات الدولة.
آمل من النائب العام أن يملأ قاشه.
عبدالرحمن حسين دوسة
مستشار قانوني
hatemgader@yahoo.com