تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية (2/7)
تيسير حسن إدريس
5 November, 2022
5 November, 2022
tai2008idris@gmail.com
(2) التغيير حتمية وضرورة تاريخية
المبتدأ: -
(الثورة يصنعها الشرفاء، ويرثها ويستغلها الأوغاد). تشي جيفارا.
الخبر: -
(10)
وصلت القاعدة الشعبية العظمى وكتلتها الحرجة لقناعة تامة بان لا مخرج من الأزمة الشاملة التي تطحن الوطن، ولا نهاية للحروب الاهلية والفواجع، ولا انطلاق للبلاد نحو تنفيذ مشروع نهضة وطنية، من دون حدوث تغيير جذري يحرر الشعب السوداني من نير نظام الحركة الاسلامية الدكتاتوري. فقد استنفذ النظام بعد تفريطه المذل في ثلث التراب الوطني، واشعاله الحروب الاهلية على امتداد اقاليم الوطن كل مبررات وجوده، وانحسرت قاعدته الاجتماعية، وتحوّل إلى عائق حقيقي أمام أي مخرج مشرف للسودان من ازماته؛ وبات مشروعه المسمى زورا بـ(الحضاري) ينحصر فقط في كيفية المحافظة على السلطة وبأي ثمن كان.
(11)
كانت الجماهير والقوى السياسية تدرك الطبيعة القمعية الاستثنائية لنظام الشيوخ؛ الذي تضخمت أجهزت بطشه وسعت جاهدة لتجريد المجتمع السوداني من جميع أشكال التنظيم والتعبير الحر المستقل. على مدى ثلاثة عقود عمل النظام البائد على تخريب الأحزاب السياسية وضرب القوى المعارضة له في الرأي. ولم يكتفي بذلك وواصل مسيرة الحاق الاذى والخراب بعموم الشعب؛ بإيقاظه للفتن القبلية والعنصرية؛ واشعاله للحروب الاهلية العبثية؛ والحصار الدولي الشامل الذي تسبب في فرضه على شعبنا لزهاء العقدين، وما نجم عن ذلك من سقوط الاف الضحايا، خاصة وسط الشباب والأطفال؛ وتدمير شبه كامل للاقتصاد الوطني؛ ولم يستحي بعد هذا من تقديم خدمات مجانية للنظام الإمبريالي في مجال الاستخبار والتعاون الامني طمعا في دعم دوله له في صراعه مع الشعب من اجل البقاء في السلطة.
(12)
اقترنت الازمة الداخلية المتفاقمة لنظام الحركة الاسلامية، بعزلة خانقة للسودان عن محيطه الدولي والاقليمي، وظل النظام بسبب طبيعته العدوانية وتوجهاته الاقصائية، يفاقم ويزيد برعونة من هذا المأزق حتى تحول هو نفسه الى عقبة كأداء امام أي مسعى لخروج البلاد من النفق المظلم الذي حشرت فيه. ورغم كل هذه التعقيدات التي خلقها النظام البائد؛ والتدخلات الإقليمية والدولية في شؤون السودان الداخلية؛ استطاعت طلائع شعبنا الثورية تبني مشروعاً للتغيير ولف الشارع حوله؛ لقد واصل شعبنا نضاله ضد نظام الطغمة الاسلاموية رغم القمع الدموي، وتفنن اجهزته الارهابية في اساليب الترويع والتصفيات الجسدية، ومؤسساته الإعلامية في شن حملات الكذب والتضليل والتشويه، في محاولة بائسة لترميم قاعدته الشعبية.
(13)
تواصلت مقاومة جماهير شعبنا واخذت اشكالاً متعددة واعتمدت أساليب سلمية عديدة؛ منها الانتفاضات والهبات الجماهيرية، ومظاهر الرفض السلبي. وامتد السخط والتذمر والاحتجاج الى فئات وشرائح واسعة داخل مؤسسات الدولة. لكن اتساع الرفض الجماهيري لنهج النظام الدموي لم يقترن بنمو مناسب في النشاط النضالي المنظم ضده؛ بسبب عوامل مختلفة، كان في مقدمتها تعثر جهود توحيد عمل الاحزاب والقوى المناهضة للدكتاتورية؛ فتعددت الكتل المعارضة فنجد كتلة (نداء السودان) وكتلة (الإجماع الوطني)؛ بالإضافة لفصائل الكفاح المسلح وكل ظل يغرد منفردا ويبكي على ليلاه.
(14)
ارتبط التعثر أيضا في جانب اساسي منه بالاستقطاب الذي نِشأ اوساط القوى المعارضة، ما بين تياري التغيير الجذري وتيارات المساومات والتسوية الإصلاحية؛ وتجلى الاستقطاب في مراهنة اغلب أطراف المعارضة الاصلاحية على عقد تسوية مع النظام الدكتاتوري في محاولة لزحزحته بالتدريج عن السلطة وفق مشروع الهبوط الناعم الأمريكي؛ في حين رأت القوى الثورية ضرورة الاعتماد على الجماهير، وعلى وحدة قواها واحزابها الوطنية، من أجل اسقاط النظام بثورة شعبية رافضة بذلك التدخل الأجنبي المباشر في الشؤون الداخلية للبلاد.
(15)
جانب آخر من التعقيدات قد تمثل في بنية المجتمع السوداني؛ ومكوناته الطبقية التي تعرضت خلال حكم الحركة الإسلامية؛ إلى تبدلات متواصلة فرضتها حالة عدم الاستقرار ونهج النظام البائد الذي أطلق حراكاً اجتماعياً غير حميد أفضى إلى طمس المعالم والحدود الفاصلة بين الفئات والشرائح الطبقية وأعاق عملية تبلورها. ازيحت خلال تنفيذ الحركة الاسلامية لسياسة (التمكين) سيئة السمعة؛ قوى اجتماعية وطنية من مواقع النفوذ والتأثير السياسي والاقتصادي؛ وبالمقابل ظهرت شرائح اجتماعية جديدة تتداخل أنشطتها الاقتصادية والتجارية مع عمليات النهب التي رافقت سياسة التمكين وتحويل دولة الوطن لدولة الحزب.
(16)
لقد اتخذ هذا التحول الدراماتيكي طابعا طفيليا، ذلك ان جميع النشاط الاقتصادي للدولة قد تركز بصورة رئيسية في المجال الطفيلي؛ وليس في مجال الانتاج وخلق القيم المضافة؛ فراكمت الفئات الاجتماعية المنتسبة للحركة الاسلامية مداخيلاً وأرباحاً من أنشطة مشبوهة قائمة على الوساطة؛ فضلاً عن الأنشطة اللاشرعية كالتهريب وتجارة المخدرات وغسيل الأموال والاستحواذ بالباطل على مؤسسات الدولة الإنتاجية؛ وثروات الفئات الاجتماعية الوطنية التي حوربت في ارزاقها وازيحت دون رحمة من الأسواق والقطاعات الإنتاجية.
(17)
أدى نهج نظام الحركة الإسلامية وسياساته الاقتصادية إلى تعميق " التفاوت والاستقطاب الاجتماعيين وكرس هيمنة البرجوازية الطفيلية على مقدرات البلاد ومصالح المجتمع. وقد تمخضت مراحل حكم (الشيوخ) عن تحول في بنية الائتلاف الطبقي السابق (ائتلاف البرجوازية البيروقراطية) لصالح الفئات البرجوازية الطفيلية، بعد أن ظلت البرجوازية البيروقراطية تهيمن على البلاد لعدة عقود. الفئات البرجوازية الطفيلية التي نمت في كنف النظام البائد وشكلت أحد مكونات ائتلافه الحاكم؛ شرعت في لعب دور السمسار؛ ومثلت حلقة الوصل بين أقسام من رأس المال الدولي المشبوه في الخارج وبين عمليات تفكيك وتصفية ركائز العمليات الإنتاجية وانتشار الفساد الاقتصادي في الداخل.
(18)
لم تنحصر ظاهرة النشاط الطفيلي في عهد شيوخ الحركة الاسلامية على القطاع الخاص بل إنها امتدت لكافة قطاعات الدولة، مما يدل على أن الطفيلية مرتبطة في الاساس بالشرائح المختلفة للبرجوازية. وهذا التحديد ليس حكماً اخلاقياً بل نابع من تحليل وفهم عميق لطبيعة الشرائح الاجتماعية، التي احتلت خلال سنوات حكم النظام الدكتاتوري مواقع متقدمة في هرمية التشكيل الاجتماعي، والتي لم تكمن سمتها الأساسية تحقيق التراكم الرأسمالي المطلوب لتقدم المجتمع السوداني، بل العيش عالة على المجتمع السوداني وامتصاص ثرواته واستنزاف قواه الانتاجية.
(19)
رفع رايات (الاصلاح الاقتصادي)؛ و(الخصخصة) دون قيد؛ كان هو المدخل الأكثر خبثا الذي ولجت من خلاله مجموعات النشاط الطفيلي لعمق الاقتصاد الوطني واحتلت خاصرته؛ مفجرة حالة من الصراع والاستقطاب العشائري والجهوي الذي انعكس سلبا على وحدة الانتماء الطبقي؛ وعلى تبلور الوعي الخاص بكل طبقة، مؤديا الى تشظي طبقات المجتمع على اساس عشائري وجهوي؛ الامر الذي جعل الولاء والانحياز القبلي من المعالم المميزة لهذه المرحلة. أثر هذا التشظي سلبا على تبلور الوعي على أساس طبقي، كما أثر على بناء وحدة الطبقة على اساس مصالح طبقية مشتركة، وليس على اساس الانتماء للقبيلة او الطائفة؛ وقد ظلت هذه الظاهرة البدائية الملعونة تتطور حتى شكلت في نهاية المطاف ردة حضارية وعائقاً حقيقياً أمام عملية ترسيخ فكرة المواطنة وتبلور الوعي بالمصالح الوطنية العليا.
نواصل.
(2) التغيير حتمية وضرورة تاريخية
المبتدأ: -
(الثورة يصنعها الشرفاء، ويرثها ويستغلها الأوغاد). تشي جيفارا.
الخبر: -
(10)
وصلت القاعدة الشعبية العظمى وكتلتها الحرجة لقناعة تامة بان لا مخرج من الأزمة الشاملة التي تطحن الوطن، ولا نهاية للحروب الاهلية والفواجع، ولا انطلاق للبلاد نحو تنفيذ مشروع نهضة وطنية، من دون حدوث تغيير جذري يحرر الشعب السوداني من نير نظام الحركة الاسلامية الدكتاتوري. فقد استنفذ النظام بعد تفريطه المذل في ثلث التراب الوطني، واشعاله الحروب الاهلية على امتداد اقاليم الوطن كل مبررات وجوده، وانحسرت قاعدته الاجتماعية، وتحوّل إلى عائق حقيقي أمام أي مخرج مشرف للسودان من ازماته؛ وبات مشروعه المسمى زورا بـ(الحضاري) ينحصر فقط في كيفية المحافظة على السلطة وبأي ثمن كان.
(11)
كانت الجماهير والقوى السياسية تدرك الطبيعة القمعية الاستثنائية لنظام الشيوخ؛ الذي تضخمت أجهزت بطشه وسعت جاهدة لتجريد المجتمع السوداني من جميع أشكال التنظيم والتعبير الحر المستقل. على مدى ثلاثة عقود عمل النظام البائد على تخريب الأحزاب السياسية وضرب القوى المعارضة له في الرأي. ولم يكتفي بذلك وواصل مسيرة الحاق الاذى والخراب بعموم الشعب؛ بإيقاظه للفتن القبلية والعنصرية؛ واشعاله للحروب الاهلية العبثية؛ والحصار الدولي الشامل الذي تسبب في فرضه على شعبنا لزهاء العقدين، وما نجم عن ذلك من سقوط الاف الضحايا، خاصة وسط الشباب والأطفال؛ وتدمير شبه كامل للاقتصاد الوطني؛ ولم يستحي بعد هذا من تقديم خدمات مجانية للنظام الإمبريالي في مجال الاستخبار والتعاون الامني طمعا في دعم دوله له في صراعه مع الشعب من اجل البقاء في السلطة.
(12)
اقترنت الازمة الداخلية المتفاقمة لنظام الحركة الاسلامية، بعزلة خانقة للسودان عن محيطه الدولي والاقليمي، وظل النظام بسبب طبيعته العدوانية وتوجهاته الاقصائية، يفاقم ويزيد برعونة من هذا المأزق حتى تحول هو نفسه الى عقبة كأداء امام أي مسعى لخروج البلاد من النفق المظلم الذي حشرت فيه. ورغم كل هذه التعقيدات التي خلقها النظام البائد؛ والتدخلات الإقليمية والدولية في شؤون السودان الداخلية؛ استطاعت طلائع شعبنا الثورية تبني مشروعاً للتغيير ولف الشارع حوله؛ لقد واصل شعبنا نضاله ضد نظام الطغمة الاسلاموية رغم القمع الدموي، وتفنن اجهزته الارهابية في اساليب الترويع والتصفيات الجسدية، ومؤسساته الإعلامية في شن حملات الكذب والتضليل والتشويه، في محاولة بائسة لترميم قاعدته الشعبية.
(13)
تواصلت مقاومة جماهير شعبنا واخذت اشكالاً متعددة واعتمدت أساليب سلمية عديدة؛ منها الانتفاضات والهبات الجماهيرية، ومظاهر الرفض السلبي. وامتد السخط والتذمر والاحتجاج الى فئات وشرائح واسعة داخل مؤسسات الدولة. لكن اتساع الرفض الجماهيري لنهج النظام الدموي لم يقترن بنمو مناسب في النشاط النضالي المنظم ضده؛ بسبب عوامل مختلفة، كان في مقدمتها تعثر جهود توحيد عمل الاحزاب والقوى المناهضة للدكتاتورية؛ فتعددت الكتل المعارضة فنجد كتلة (نداء السودان) وكتلة (الإجماع الوطني)؛ بالإضافة لفصائل الكفاح المسلح وكل ظل يغرد منفردا ويبكي على ليلاه.
(14)
ارتبط التعثر أيضا في جانب اساسي منه بالاستقطاب الذي نِشأ اوساط القوى المعارضة، ما بين تياري التغيير الجذري وتيارات المساومات والتسوية الإصلاحية؛ وتجلى الاستقطاب في مراهنة اغلب أطراف المعارضة الاصلاحية على عقد تسوية مع النظام الدكتاتوري في محاولة لزحزحته بالتدريج عن السلطة وفق مشروع الهبوط الناعم الأمريكي؛ في حين رأت القوى الثورية ضرورة الاعتماد على الجماهير، وعلى وحدة قواها واحزابها الوطنية، من أجل اسقاط النظام بثورة شعبية رافضة بذلك التدخل الأجنبي المباشر في الشؤون الداخلية للبلاد.
(15)
جانب آخر من التعقيدات قد تمثل في بنية المجتمع السوداني؛ ومكوناته الطبقية التي تعرضت خلال حكم الحركة الإسلامية؛ إلى تبدلات متواصلة فرضتها حالة عدم الاستقرار ونهج النظام البائد الذي أطلق حراكاً اجتماعياً غير حميد أفضى إلى طمس المعالم والحدود الفاصلة بين الفئات والشرائح الطبقية وأعاق عملية تبلورها. ازيحت خلال تنفيذ الحركة الاسلامية لسياسة (التمكين) سيئة السمعة؛ قوى اجتماعية وطنية من مواقع النفوذ والتأثير السياسي والاقتصادي؛ وبالمقابل ظهرت شرائح اجتماعية جديدة تتداخل أنشطتها الاقتصادية والتجارية مع عمليات النهب التي رافقت سياسة التمكين وتحويل دولة الوطن لدولة الحزب.
(16)
لقد اتخذ هذا التحول الدراماتيكي طابعا طفيليا، ذلك ان جميع النشاط الاقتصادي للدولة قد تركز بصورة رئيسية في المجال الطفيلي؛ وليس في مجال الانتاج وخلق القيم المضافة؛ فراكمت الفئات الاجتماعية المنتسبة للحركة الاسلامية مداخيلاً وأرباحاً من أنشطة مشبوهة قائمة على الوساطة؛ فضلاً عن الأنشطة اللاشرعية كالتهريب وتجارة المخدرات وغسيل الأموال والاستحواذ بالباطل على مؤسسات الدولة الإنتاجية؛ وثروات الفئات الاجتماعية الوطنية التي حوربت في ارزاقها وازيحت دون رحمة من الأسواق والقطاعات الإنتاجية.
(17)
أدى نهج نظام الحركة الإسلامية وسياساته الاقتصادية إلى تعميق " التفاوت والاستقطاب الاجتماعيين وكرس هيمنة البرجوازية الطفيلية على مقدرات البلاد ومصالح المجتمع. وقد تمخضت مراحل حكم (الشيوخ) عن تحول في بنية الائتلاف الطبقي السابق (ائتلاف البرجوازية البيروقراطية) لصالح الفئات البرجوازية الطفيلية، بعد أن ظلت البرجوازية البيروقراطية تهيمن على البلاد لعدة عقود. الفئات البرجوازية الطفيلية التي نمت في كنف النظام البائد وشكلت أحد مكونات ائتلافه الحاكم؛ شرعت في لعب دور السمسار؛ ومثلت حلقة الوصل بين أقسام من رأس المال الدولي المشبوه في الخارج وبين عمليات تفكيك وتصفية ركائز العمليات الإنتاجية وانتشار الفساد الاقتصادي في الداخل.
(18)
لم تنحصر ظاهرة النشاط الطفيلي في عهد شيوخ الحركة الاسلامية على القطاع الخاص بل إنها امتدت لكافة قطاعات الدولة، مما يدل على أن الطفيلية مرتبطة في الاساس بالشرائح المختلفة للبرجوازية. وهذا التحديد ليس حكماً اخلاقياً بل نابع من تحليل وفهم عميق لطبيعة الشرائح الاجتماعية، التي احتلت خلال سنوات حكم النظام الدكتاتوري مواقع متقدمة في هرمية التشكيل الاجتماعي، والتي لم تكمن سمتها الأساسية تحقيق التراكم الرأسمالي المطلوب لتقدم المجتمع السوداني، بل العيش عالة على المجتمع السوداني وامتصاص ثرواته واستنزاف قواه الانتاجية.
(19)
رفع رايات (الاصلاح الاقتصادي)؛ و(الخصخصة) دون قيد؛ كان هو المدخل الأكثر خبثا الذي ولجت من خلاله مجموعات النشاط الطفيلي لعمق الاقتصاد الوطني واحتلت خاصرته؛ مفجرة حالة من الصراع والاستقطاب العشائري والجهوي الذي انعكس سلبا على وحدة الانتماء الطبقي؛ وعلى تبلور الوعي الخاص بكل طبقة، مؤديا الى تشظي طبقات المجتمع على اساس عشائري وجهوي؛ الامر الذي جعل الولاء والانحياز القبلي من المعالم المميزة لهذه المرحلة. أثر هذا التشظي سلبا على تبلور الوعي على أساس طبقي، كما أثر على بناء وحدة الطبقة على اساس مصالح طبقية مشتركة، وليس على اساس الانتماء للقبيلة او الطائفة؛ وقد ظلت هذه الظاهرة البدائية الملعونة تتطور حتى شكلت في نهاية المطاف ردة حضارية وعائقاً حقيقياً أمام عملية ترسيخ فكرة المواطنة وتبلور الوعي بالمصالح الوطنية العليا.
نواصل.