استقرار وسُبات عميق ..!
هيثم الفضل
3 January, 2023
3 January, 2023
صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
(الجنيه السوداني سجَّل إستقراراً في وقتٍ يتآكل فيه اليورو والدولار) ، هذا التصريح المنسوب إلى جبريل إبراهيم وزير المالية (الفارض نفسو على هذا المنصب بقوة السلاح وموشَّح التباكي الكاذب على مواجع غُبش دارفور الشرفاء) ، طاردني في اليومين السابقين عبر معظم صفحات ومنابر التواصل الإلكتروني ، وكنت أعتقد في البداية أن التصريح مُفبرك ومُجرَّد إشاعة أطلقها أعداء الرجل الذين تكاثروا وأصبحوا يتزايدون يوماً بعد يوم بسبب ما تحصدهُ يداهُ من تجاوزات وتصريحات ومواقف جميعها تشير إلى إبتعاد (إهتمامات) الرجل عن تحقيق المصلحة العامة ، بل أنها تشير إلى (جنوح) واضح نحو تحقيق أجندة ضيِّقة ومحدودة في أهدافها ومنافعها المحصورة في (مصالح) الحركات المسلحة التي (جنتها) في ليلةٍ دهماء عبر إتفاقية سلام جوبا المعيبة ، والتي يعتبرها معظم المهتمون بتحليل وقائع الشأن السياسي السوداني أُس المشكلات التي وقفت في وجه مسيرة التحوُّل الديموقراطي ، وهي أيضاً السبب الرئيسي الذي أطاح بحكومتي حمدوك الأولى والثانية ، طبعاً كان ذلك عبر سُبل ودهاليز عديدة سلكها جبريل إبراهيم وفي مُقدِّمتها التحالف الخؤون مع الإنقلابيين وفلول الإنقاذ البائدة.
وبعد كل ما أنتجتهُ ثورة ديسمبر المجيدة من معالم وطنية مضيئة في ضمير الأمة السودانية ، عبر منهج ثوري يدعم أسمى القيِّم والأخلاقيات والمباديء وعلى رأسها الحرية والسلام والعدالة ، ما زال جبريل إبراهيم (كإنقلابي مُستنير) يُراهن على ضعف مستوى وعي الشعب السوداني ، كما يُراهن ايضاً على قدرة نظامهُ الإنقلابي القمعي على (تهديد) كل من (يتطاوَّل) من المُدركين لحقيقة الأمر (بإعلانهم كهاربين من العدالة ) حتى لا ينبروا ويشرحوا لعامة الناس كيف ولماذا وبأية مؤشرات شهد الجنيه السوداني إستقراراً في الأشهر الأخيرة من العام 2022 ، وأغلب الشعب السوداني يعيش على حافة الفقر والعوز والحاجة ، ألا يوجد رجل عاقل يلفت إنتباه جبريل إبراهيم إلى أن الحالة الإقتصادية للسودان لم يعُد يحتاج المواطن السوداني في معرفتها لتصريحات وزير أو إحصائيات أو نظريات إقتصادية ؟ ، فحسب المواطن البسيط فيما يخص أمر إقتصاد الدولة مجرَّد قدرتهُ على (التمَّني) لينال حياةً بسيطة وكريمة ، لا تتجاوز مواصفتها الحصول على رغيف الخبز والقدرة على العلاج والتداوي وحصول الأبناء على تعليم بمواصفات معقولة حتى ولو كان مدفوع الثمن ، حيث أن مجانية التعليم في السودان منذ 89 قد أصبحت مجرَّد خُرافة و(حجوة حبوبة) خيالية ، وخيرُ شاهدٍ على ذلك (الدلالة التجارية الصاخبة ) للتعليم الخاص ، الذي تستفيد من إيرادتهُ وزارة التربية قبل مُلَّاكه الأساسيين ، حتى أصبح للوزارة (مصلحة) في تمدَّد وإتساع دائرة التعليم الخاص وبالمُقابل إضمحلال وتدهوُّر التعليم الحكومي.
هل يعلم جبريل إبراهيم أن إستقرار الجنيه السوداني وإن فرضنا صحة المعلومة ، هو مؤشر لتدهور إقتصادي مُريع يُشير إلى قُرب وقوع كارثة الإنهيار الإقتصادي العظيم الذي ليس بعدهُ عودة ، والذي من خصائصه إعلان إفلاس الدولة والبنك المركزي وفقدان المودعين ثقتهم في النظام المصرفي وبالتالي هجرة رؤوس المال المتبقية في البلاد بلا عودة ، مع سيادة تامة للعملات الأجنبية وإختفاء (واقعي ومنطقي) للعملة المحلية في الأسواق وفي حركة التداول التجاري العام والخاص إن وُجدت ، هذا الأمر حدث في الصومال ولبنان وأفغانستان ، حيث تُباع أبسط الإحتياجات والخدمات الضرورية في تلك البلدان بالعملات الأجنبية بما في ذلك إبر الخياطة وأُجرة ماسح الأحذية ، كل ذلك بسبب (الإستقرار) والسُبات العميق وأحياناً الغيبوبة التي تعيش فيها عملاتهم الوطنية ، كيف لجبريل وهو يعلم حال الحركة الإنتاجية والتنموية والإستثمارية في البلاد وما تعانيه من مشكلات أن يعتبر إستقرار الجنيه السوداني مؤشر إيجابي يفيد سير إقتصادنا المنكوب بجبريل وأمثالهِ في الإتجاه الصحيح ؟ ، ألا يعرف الرجل أن ضعف القوة الشرائية وإحجام الناس عن الشراء والبيع هو مؤشر إقتصادي سلبي يفيد إنكماش حركتي العرض والطلب ويسميه الإقتصاديين الركود الإقتصادي ؟ ، وهو معلم أساسي من معالم إنهيار الإقتصاديات الوطنية ، كيف لا يستقر الجنيه السوداني وهو فعلياً خارج دائرة التداول النقدي المحدود الذي تحتكرهُ الحكومة وبعض الشركات والمؤسسات الكبرى ؟ ، كيف لا يستقر وقد قارب السودانيون من فرط (التضخم) الذي أهلك الجنيه السوداني أن يعودوا إلى عهد دولة الغاب وأسواق التبادل والمقايضة بحسب الحاجة وحُكم العرض والطلب .
haythamalfadl@gmail.com
سفينة بَوْح -
(الجنيه السوداني سجَّل إستقراراً في وقتٍ يتآكل فيه اليورو والدولار) ، هذا التصريح المنسوب إلى جبريل إبراهيم وزير المالية (الفارض نفسو على هذا المنصب بقوة السلاح وموشَّح التباكي الكاذب على مواجع غُبش دارفور الشرفاء) ، طاردني في اليومين السابقين عبر معظم صفحات ومنابر التواصل الإلكتروني ، وكنت أعتقد في البداية أن التصريح مُفبرك ومُجرَّد إشاعة أطلقها أعداء الرجل الذين تكاثروا وأصبحوا يتزايدون يوماً بعد يوم بسبب ما تحصدهُ يداهُ من تجاوزات وتصريحات ومواقف جميعها تشير إلى إبتعاد (إهتمامات) الرجل عن تحقيق المصلحة العامة ، بل أنها تشير إلى (جنوح) واضح نحو تحقيق أجندة ضيِّقة ومحدودة في أهدافها ومنافعها المحصورة في (مصالح) الحركات المسلحة التي (جنتها) في ليلةٍ دهماء عبر إتفاقية سلام جوبا المعيبة ، والتي يعتبرها معظم المهتمون بتحليل وقائع الشأن السياسي السوداني أُس المشكلات التي وقفت في وجه مسيرة التحوُّل الديموقراطي ، وهي أيضاً السبب الرئيسي الذي أطاح بحكومتي حمدوك الأولى والثانية ، طبعاً كان ذلك عبر سُبل ودهاليز عديدة سلكها جبريل إبراهيم وفي مُقدِّمتها التحالف الخؤون مع الإنقلابيين وفلول الإنقاذ البائدة.
وبعد كل ما أنتجتهُ ثورة ديسمبر المجيدة من معالم وطنية مضيئة في ضمير الأمة السودانية ، عبر منهج ثوري يدعم أسمى القيِّم والأخلاقيات والمباديء وعلى رأسها الحرية والسلام والعدالة ، ما زال جبريل إبراهيم (كإنقلابي مُستنير) يُراهن على ضعف مستوى وعي الشعب السوداني ، كما يُراهن ايضاً على قدرة نظامهُ الإنقلابي القمعي على (تهديد) كل من (يتطاوَّل) من المُدركين لحقيقة الأمر (بإعلانهم كهاربين من العدالة ) حتى لا ينبروا ويشرحوا لعامة الناس كيف ولماذا وبأية مؤشرات شهد الجنيه السوداني إستقراراً في الأشهر الأخيرة من العام 2022 ، وأغلب الشعب السوداني يعيش على حافة الفقر والعوز والحاجة ، ألا يوجد رجل عاقل يلفت إنتباه جبريل إبراهيم إلى أن الحالة الإقتصادية للسودان لم يعُد يحتاج المواطن السوداني في معرفتها لتصريحات وزير أو إحصائيات أو نظريات إقتصادية ؟ ، فحسب المواطن البسيط فيما يخص أمر إقتصاد الدولة مجرَّد قدرتهُ على (التمَّني) لينال حياةً بسيطة وكريمة ، لا تتجاوز مواصفتها الحصول على رغيف الخبز والقدرة على العلاج والتداوي وحصول الأبناء على تعليم بمواصفات معقولة حتى ولو كان مدفوع الثمن ، حيث أن مجانية التعليم في السودان منذ 89 قد أصبحت مجرَّد خُرافة و(حجوة حبوبة) خيالية ، وخيرُ شاهدٍ على ذلك (الدلالة التجارية الصاخبة ) للتعليم الخاص ، الذي تستفيد من إيرادتهُ وزارة التربية قبل مُلَّاكه الأساسيين ، حتى أصبح للوزارة (مصلحة) في تمدَّد وإتساع دائرة التعليم الخاص وبالمُقابل إضمحلال وتدهوُّر التعليم الحكومي.
هل يعلم جبريل إبراهيم أن إستقرار الجنيه السوداني وإن فرضنا صحة المعلومة ، هو مؤشر لتدهور إقتصادي مُريع يُشير إلى قُرب وقوع كارثة الإنهيار الإقتصادي العظيم الذي ليس بعدهُ عودة ، والذي من خصائصه إعلان إفلاس الدولة والبنك المركزي وفقدان المودعين ثقتهم في النظام المصرفي وبالتالي هجرة رؤوس المال المتبقية في البلاد بلا عودة ، مع سيادة تامة للعملات الأجنبية وإختفاء (واقعي ومنطقي) للعملة المحلية في الأسواق وفي حركة التداول التجاري العام والخاص إن وُجدت ، هذا الأمر حدث في الصومال ولبنان وأفغانستان ، حيث تُباع أبسط الإحتياجات والخدمات الضرورية في تلك البلدان بالعملات الأجنبية بما في ذلك إبر الخياطة وأُجرة ماسح الأحذية ، كل ذلك بسبب (الإستقرار) والسُبات العميق وأحياناً الغيبوبة التي تعيش فيها عملاتهم الوطنية ، كيف لجبريل وهو يعلم حال الحركة الإنتاجية والتنموية والإستثمارية في البلاد وما تعانيه من مشكلات أن يعتبر إستقرار الجنيه السوداني مؤشر إيجابي يفيد سير إقتصادنا المنكوب بجبريل وأمثالهِ في الإتجاه الصحيح ؟ ، ألا يعرف الرجل أن ضعف القوة الشرائية وإحجام الناس عن الشراء والبيع هو مؤشر إقتصادي سلبي يفيد إنكماش حركتي العرض والطلب ويسميه الإقتصاديين الركود الإقتصادي ؟ ، وهو معلم أساسي من معالم إنهيار الإقتصاديات الوطنية ، كيف لا يستقر الجنيه السوداني وهو فعلياً خارج دائرة التداول النقدي المحدود الذي تحتكرهُ الحكومة وبعض الشركات والمؤسسات الكبرى ؟ ، كيف لا يستقر وقد قارب السودانيون من فرط (التضخم) الذي أهلك الجنيه السوداني أن يعودوا إلى عهد دولة الغاب وأسواق التبادل والمقايضة بحسب الحاجة وحُكم العرض والطلب .
haythamalfadl@gmail.com