هواجس على هوامش الثورة!
عبد العظيم سر الختم الشوتلي
22 July, 2023
22 July, 2023
ليس هذا مقالا.. بل مجرد هواجس،،
للكاتب الجميل العميق عامر محسن مميزات كثيرة جدا وعميقة جدا، من بينها أنك حين تقرأ له تكتشف أنك تعيد إنتاج ما يكتبه وأنك تكتب أكثر من كونك تقرأ...وهذه الهواجس شئ من ذلك!
ومن مميزاته أيضا أنه يمتع خيالك ويثريه بخاصية (نجر المصطلحات) فهو يأتيك بالمصطلح في شكل ومضة!.. يبهرك به كأنه فلاش يسطع بقوة غير أنه يبقى ولا يختفي!..من ذلك مثلاً، عنوان مقال له، #إدارة_التفليسة، يذكرك بحال السودان بجبريل البائس ،ومنذ عقود، يذكرك بكل من تعاقبوا على إدراة تفلسيتنا التالدة !!
وفي نفس هذا المقال ينجر مصطلح آخر (المفهوم النيوليبرالي للنضال) عندما يكتب عن ذلك النمط للاحتجاج الذي ظهر حول العالم منذ بداية التسعينيات في شرق أوروبا، ويتشابه في أسلوبه وخلفيته الايديولوجية، وكيف أنه النموذج المفضّل لدى الغرب ولدى النخب القريبة من الغرب:
-تظاهرات أشبه بمشاهد التسلية الاستعراضية!
-مع دورٌ مركزي لاعلام مُساند للحراك بأحدث أساليب التضليل الإعلامي!
-والنموذج دائما هو(الثورة الملونة)التي تجمع غالبية شعبية في لحظةٍ معيّنة ضدّ نظام ما)
وإذا أسقطنا كتابات عامر محسن على الحالة السودانية سنجد كيف أن الغرب ونخبه المزروعة بالداخل أو تلك المصدرة إليه حديثاً لا تكف عن محاولات تدجين ثورتنا برغم أنها قد نبعت وصمدت واستمرت من خارج سياقات الثورات الملونة،ومع ذلك يحاول الغرب، إعادة ضبط حركتها (ليبراليا)! وحجب، بل، وقمع كل توجهاتها التي تغوص في عمق الأزمة حيث الأسئلة الحادة لقضية (العدالة الاجتماعية) لتحيلها لمجرد فصل مشوه في سياق هذه الحركات المصنعة غربيا والتي تكتفي بالمطالبة بتطبيق ما يمكن تسميته (الأممية النيوليبرالية) البسيطة وهي إحدى تجليات مفهوم العولمة، فلا يكون الهدف إعادة النظر بأسس النظام وتثويرها، والنظام هنا هو الرأسمالية، (قولا واحدا) بل يكون الخطاب هو أنّ الليبرالية لا يتمّ تطبيقها(كما يجب) فهناك فساد وغشّ يمارسه الطاقم الحاكم ويشوّه النظام الرأسمالي!.. ويتم تزييف الصراع الاجتماعي من خلال الوعي الزائف ولعن (الأيدولوجيا) والأيدولجيين ليل نهار فالمشكلة إذن ليست في كارثة إسمها (التبعية) فهذا مصطلح خرافي ومُتَوَهم يروج له اليسار اللعين بلغة (خشبية) من مخلفات القرون الوسطى، والمشكلة ليست في الرأسمالية ولا في وصفات البنك الدولي بل في فساد وجهل الطاقم الادراي للمالية والاقتصاد!
وسياسة التحرير أو رأسمالية مدرسة شيكاغو ليست سيئة، السيئ هو الكوز! حمدي أو معتز موسى، والأزمة في فساد الكوز والحلّ دائماً هو في وضع (طاقمٍ جديد على رأس الهيكل نفسه!)... الهيكل نفسه! (الهيكل الذي لا تصبح أي ثورة،..ثورة، إلا بهدمه أولا.. ثم بناء الجديد على أنقاض أنقاضه)!
المطلوب إذن، فقط، كادر جديد ومختلف! كادر نظيف وشاب، كادر اصلاحي(تكنوقراطي) (براغماتي) يحلّ محلّ الفاسدين ويبني الحلم النيوليبرالي كما يجب!
كادر ما فيه شق ولا طق!.. كييييف؟ وهو تربية البنك شخصيا وإبن مدلل جدا للصندوق!
وفي العادة، يبدأ عهده باتفاقات مع صندوق النقد والمانحين، الذين يصممون اقتصاد البلد ويربطونه بالنظام العالمي!
ولكن مشكلة هذا النموذج أنه مصطنع! وهذه بدورها تقود إلى مشكلة منهجية لأنها تفرض على هذا الكادر (المختار) خيار مستحيل التحقق! ذلك أن مثل (هذا البطل الخارق الآتي من خلف الحدود ومن خلف الثورة ومن شرفات الفنادق ) لن يتوفر له الزمن الكافي لبناء تراكمي طويل الأمد!.. بل مطلوب منه حصراً أن يأت بتغيير يشبه (الانقلاب) فكما أتى بغتة عليه أن (يباغت) الناس (بنجاح) صاعق يمكنه على الأقل بالظهور بمظهر (الأصيل) في الثورة والمجتمع وليس (الدخيل) عليها الغريب عنها والمريب بنظر مجتمعها ! (ثمة أيضا مشكلة أخرى هنا وهي مشكلة مضحكة جدا! وهي أن الغرب ذات نفسه بحكم سايكلوجيته وطبيعة الجشع الرأسمالي يحد من قدرة مرساله السامي على إنجاز رسالته.. فيفشل! )
الشاهد من هذا هو ،....
-أن ليس لدى أمثال حمدوك الفرص الكافية للعب الدور المكلف به !!!!
-وأن هذه الثورة المستمرة قد قامت على أكتاف قوى اجتماعية كبيرة وحركت أحلامها، وهي قوى عريضة وشابة في معظمها غير أنها ذات جذور ضاربة في عمق الأرض، وبالتالي فليس بمقدور حفنة أشرار أن تحتويها! خاصة وأن هذه الحفنة مجرد شلة تقاصرت حتى عن (مفهوم النخبة) فأنزوت في مزرعة على طريقة مقرات المافيا بأفلام الآكشن كما رأيناها في بدايات العصر الحمدوكي! أو داخل كيان ميت وغير حقيقي، كما في مركزية(قحت) الآن!
-كما أن لحظة التحولات الاجتماعية الكبرى هي لحظة تاريخية تُمسك بها كتل اجتماعية أو قائد تاريخي تحت ظروف محددة ولكنها (قطع شك) تستعتصي على يد الخبير (المرسال) لذلك فإن أكثر الشعارات جنوحا في الهوى وبعداً عن الوعي، تجسد في ذلك الشعار الفارغ وهو شعار (شكرا حمدوك) باعتباره إحدى منتجات (التضليل الإعلامي) ونموذج مثير للشفقة لتجليات الوعي الزائف!
-لقد كان هذا الشعار بداية لمحاولة عبثية لشق مسار لممارسة ديمقراطية بدون المواعين المعلومة لممارستها وهي الأحزاب السياسية وكان استمرارا ممنهجا لحيلة ثنائي الفتنة أبوموسى الأشعري وعمرو بن العاص التي أعادت إنتاجها الإنقاذ وظلت تلوكها لثلاثة عقود من الزمان (نخلع أحزابنا) لنأتي حفاة عراة، لحزب النادي الكاثوليكي أو لحزب المزرعة، فالأمر سيان! المهم هي حالة الفراغ الغبي والقابلية للإمتلاء من جديد بأي شىء!.. وهذا كان المدخل لمحاولات إختراق حركة الشباب كعمود فقري للحراك الثوري ممثلاً في (لجان المقاومة)
-وإن تحويل الجيل الثوري إلى جيل فوضوي قد ظل دوماً أهم وسائل إجهاض الثورة!
-وعندما فشلوا في ذلك يقومون الآن بتحويل الوطن بحاله إلى حالة من السيولة الفوضوية عن طريق هذه الحرب اللعينة!
-ولدواعي الإخراج الناعم لعملية إجهاض الثورة وسلبها خاصية (شعبيتها) توطئة لافراغها من (تقدميتها) فإن شخصية (الخبير) الأجير ، تصبح مهمة جدا ومطلوبة وبشدة!! مطلوبة كبديل عن الجماهير وعن الأحزاب وبديل حتى عن المثقف! وهذا في الوقت الذي باتت فيه الثورة بحكم عوامل كثيرة بحاجة أكثر من أي وقت مضى للصعود بمفهوم (المثقف الكوني)إلى المثقف الكوني معرفيا والثوري المنتمي فكرا وحركة للمقاومة ليجسد أنبل دلالات مفهوم المثقف المشتبك!!
ولذلك أيضاً، َلازالت ثورتنا بحاجة لجهد في اتجاه معركة الوعي والتنظير الثوري لمراحلها بالقدر الذي يحقق الوضوح الكافي للرؤية لكل خطوة إثر خطوة، فلقد أخفقنا مثلاً في إبراز العلاقة الجدلية بين التنظيم/الأداة،، وبين الهدف!،، بين تحالف قوى الحرية والتغيير كتحالف مرحلي مرتبط بالضرورة بمقتضيات (تسقط بس) وبين التحالف الجديد الذي كان من المفترض يعقب انجاز هدف(تسقط بس) نحو هدف بناء الدولة الجديدة على أنقاض السودان القديم!
وفي الحقيقة فإن شعار (تسقط بس) لم يكن شعاراً عجولا ومرحليا فقط بل يحتوي مضمونه الحاسم على بذور أهداف ما بعد الاسقاط، تسقط بس عنت في حينها ألا تفاوض لا تجميل لا تحسينات على النظام القائم وعليه أن يسقط فحسب! وهذا إذن سينسحب بدوره على مرحلة ما بعد اسقاط الانقاذ ويلَمِّح إلى طبيعة القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في التغيير الحقيقي والمناط بها وحدها الانخراط في التحالف الجديد، ليمثل شرعية الثورة واستمراريتها!
إن أي تحليل معرفي لطبيعة الصراع الحالي ولقواه الاجتماعية والسياسية سيكشف بلا أدنى التباس أو توهم، أن ما تبقى من تحالف قوى الحرية والتغيير قد فقد شرعية تمثيل الثورة، وهو في الحقيقة لا يمثل فقط تحالف الردة عن أهداف وغايات الثورة، بل يرتد في النكوص إلى ما دون شعار (تسقط بس) فيعيد سناريوهات الهبوط الناعم وتجميل الانقاذ بدل اسقاطها عبر انتخابات ٢٠٢٠ ومسارات إمبيكي،، الخ، والتي تبنتها قبل الثورة مجموعة نداء السودان!
عبد العظيم سر الختم الشوتلي
٢٠ يوليو ٢٠٢٣م
albashir2015@hotmail.com
للكاتب الجميل العميق عامر محسن مميزات كثيرة جدا وعميقة جدا، من بينها أنك حين تقرأ له تكتشف أنك تعيد إنتاج ما يكتبه وأنك تكتب أكثر من كونك تقرأ...وهذه الهواجس شئ من ذلك!
ومن مميزاته أيضا أنه يمتع خيالك ويثريه بخاصية (نجر المصطلحات) فهو يأتيك بالمصطلح في شكل ومضة!.. يبهرك به كأنه فلاش يسطع بقوة غير أنه يبقى ولا يختفي!..من ذلك مثلاً، عنوان مقال له، #إدارة_التفليسة، يذكرك بحال السودان بجبريل البائس ،ومنذ عقود، يذكرك بكل من تعاقبوا على إدراة تفلسيتنا التالدة !!
وفي نفس هذا المقال ينجر مصطلح آخر (المفهوم النيوليبرالي للنضال) عندما يكتب عن ذلك النمط للاحتجاج الذي ظهر حول العالم منذ بداية التسعينيات في شرق أوروبا، ويتشابه في أسلوبه وخلفيته الايديولوجية، وكيف أنه النموذج المفضّل لدى الغرب ولدى النخب القريبة من الغرب:
-تظاهرات أشبه بمشاهد التسلية الاستعراضية!
-مع دورٌ مركزي لاعلام مُساند للحراك بأحدث أساليب التضليل الإعلامي!
-والنموذج دائما هو(الثورة الملونة)التي تجمع غالبية شعبية في لحظةٍ معيّنة ضدّ نظام ما)
وإذا أسقطنا كتابات عامر محسن على الحالة السودانية سنجد كيف أن الغرب ونخبه المزروعة بالداخل أو تلك المصدرة إليه حديثاً لا تكف عن محاولات تدجين ثورتنا برغم أنها قد نبعت وصمدت واستمرت من خارج سياقات الثورات الملونة،ومع ذلك يحاول الغرب، إعادة ضبط حركتها (ليبراليا)! وحجب، بل، وقمع كل توجهاتها التي تغوص في عمق الأزمة حيث الأسئلة الحادة لقضية (العدالة الاجتماعية) لتحيلها لمجرد فصل مشوه في سياق هذه الحركات المصنعة غربيا والتي تكتفي بالمطالبة بتطبيق ما يمكن تسميته (الأممية النيوليبرالية) البسيطة وهي إحدى تجليات مفهوم العولمة، فلا يكون الهدف إعادة النظر بأسس النظام وتثويرها، والنظام هنا هو الرأسمالية، (قولا واحدا) بل يكون الخطاب هو أنّ الليبرالية لا يتمّ تطبيقها(كما يجب) فهناك فساد وغشّ يمارسه الطاقم الحاكم ويشوّه النظام الرأسمالي!.. ويتم تزييف الصراع الاجتماعي من خلال الوعي الزائف ولعن (الأيدولوجيا) والأيدولجيين ليل نهار فالمشكلة إذن ليست في كارثة إسمها (التبعية) فهذا مصطلح خرافي ومُتَوَهم يروج له اليسار اللعين بلغة (خشبية) من مخلفات القرون الوسطى، والمشكلة ليست في الرأسمالية ولا في وصفات البنك الدولي بل في فساد وجهل الطاقم الادراي للمالية والاقتصاد!
وسياسة التحرير أو رأسمالية مدرسة شيكاغو ليست سيئة، السيئ هو الكوز! حمدي أو معتز موسى، والأزمة في فساد الكوز والحلّ دائماً هو في وضع (طاقمٍ جديد على رأس الهيكل نفسه!)... الهيكل نفسه! (الهيكل الذي لا تصبح أي ثورة،..ثورة، إلا بهدمه أولا.. ثم بناء الجديد على أنقاض أنقاضه)!
المطلوب إذن، فقط، كادر جديد ومختلف! كادر نظيف وشاب، كادر اصلاحي(تكنوقراطي) (براغماتي) يحلّ محلّ الفاسدين ويبني الحلم النيوليبرالي كما يجب!
كادر ما فيه شق ولا طق!.. كييييف؟ وهو تربية البنك شخصيا وإبن مدلل جدا للصندوق!
وفي العادة، يبدأ عهده باتفاقات مع صندوق النقد والمانحين، الذين يصممون اقتصاد البلد ويربطونه بالنظام العالمي!
ولكن مشكلة هذا النموذج أنه مصطنع! وهذه بدورها تقود إلى مشكلة منهجية لأنها تفرض على هذا الكادر (المختار) خيار مستحيل التحقق! ذلك أن مثل (هذا البطل الخارق الآتي من خلف الحدود ومن خلف الثورة ومن شرفات الفنادق ) لن يتوفر له الزمن الكافي لبناء تراكمي طويل الأمد!.. بل مطلوب منه حصراً أن يأت بتغيير يشبه (الانقلاب) فكما أتى بغتة عليه أن (يباغت) الناس (بنجاح) صاعق يمكنه على الأقل بالظهور بمظهر (الأصيل) في الثورة والمجتمع وليس (الدخيل) عليها الغريب عنها والمريب بنظر مجتمعها ! (ثمة أيضا مشكلة أخرى هنا وهي مشكلة مضحكة جدا! وهي أن الغرب ذات نفسه بحكم سايكلوجيته وطبيعة الجشع الرأسمالي يحد من قدرة مرساله السامي على إنجاز رسالته.. فيفشل! )
الشاهد من هذا هو ،....
-أن ليس لدى أمثال حمدوك الفرص الكافية للعب الدور المكلف به !!!!
-وأن هذه الثورة المستمرة قد قامت على أكتاف قوى اجتماعية كبيرة وحركت أحلامها، وهي قوى عريضة وشابة في معظمها غير أنها ذات جذور ضاربة في عمق الأرض، وبالتالي فليس بمقدور حفنة أشرار أن تحتويها! خاصة وأن هذه الحفنة مجرد شلة تقاصرت حتى عن (مفهوم النخبة) فأنزوت في مزرعة على طريقة مقرات المافيا بأفلام الآكشن كما رأيناها في بدايات العصر الحمدوكي! أو داخل كيان ميت وغير حقيقي، كما في مركزية(قحت) الآن!
-كما أن لحظة التحولات الاجتماعية الكبرى هي لحظة تاريخية تُمسك بها كتل اجتماعية أو قائد تاريخي تحت ظروف محددة ولكنها (قطع شك) تستعتصي على يد الخبير (المرسال) لذلك فإن أكثر الشعارات جنوحا في الهوى وبعداً عن الوعي، تجسد في ذلك الشعار الفارغ وهو شعار (شكرا حمدوك) باعتباره إحدى منتجات (التضليل الإعلامي) ونموذج مثير للشفقة لتجليات الوعي الزائف!
-لقد كان هذا الشعار بداية لمحاولة عبثية لشق مسار لممارسة ديمقراطية بدون المواعين المعلومة لممارستها وهي الأحزاب السياسية وكان استمرارا ممنهجا لحيلة ثنائي الفتنة أبوموسى الأشعري وعمرو بن العاص التي أعادت إنتاجها الإنقاذ وظلت تلوكها لثلاثة عقود من الزمان (نخلع أحزابنا) لنأتي حفاة عراة، لحزب النادي الكاثوليكي أو لحزب المزرعة، فالأمر سيان! المهم هي حالة الفراغ الغبي والقابلية للإمتلاء من جديد بأي شىء!.. وهذا كان المدخل لمحاولات إختراق حركة الشباب كعمود فقري للحراك الثوري ممثلاً في (لجان المقاومة)
-وإن تحويل الجيل الثوري إلى جيل فوضوي قد ظل دوماً أهم وسائل إجهاض الثورة!
-وعندما فشلوا في ذلك يقومون الآن بتحويل الوطن بحاله إلى حالة من السيولة الفوضوية عن طريق هذه الحرب اللعينة!
-ولدواعي الإخراج الناعم لعملية إجهاض الثورة وسلبها خاصية (شعبيتها) توطئة لافراغها من (تقدميتها) فإن شخصية (الخبير) الأجير ، تصبح مهمة جدا ومطلوبة وبشدة!! مطلوبة كبديل عن الجماهير وعن الأحزاب وبديل حتى عن المثقف! وهذا في الوقت الذي باتت فيه الثورة بحكم عوامل كثيرة بحاجة أكثر من أي وقت مضى للصعود بمفهوم (المثقف الكوني)إلى المثقف الكوني معرفيا والثوري المنتمي فكرا وحركة للمقاومة ليجسد أنبل دلالات مفهوم المثقف المشتبك!!
ولذلك أيضاً، َلازالت ثورتنا بحاجة لجهد في اتجاه معركة الوعي والتنظير الثوري لمراحلها بالقدر الذي يحقق الوضوح الكافي للرؤية لكل خطوة إثر خطوة، فلقد أخفقنا مثلاً في إبراز العلاقة الجدلية بين التنظيم/الأداة،، وبين الهدف!،، بين تحالف قوى الحرية والتغيير كتحالف مرحلي مرتبط بالضرورة بمقتضيات (تسقط بس) وبين التحالف الجديد الذي كان من المفترض يعقب انجاز هدف(تسقط بس) نحو هدف بناء الدولة الجديدة على أنقاض السودان القديم!
وفي الحقيقة فإن شعار (تسقط بس) لم يكن شعاراً عجولا ومرحليا فقط بل يحتوي مضمونه الحاسم على بذور أهداف ما بعد الاسقاط، تسقط بس عنت في حينها ألا تفاوض لا تجميل لا تحسينات على النظام القائم وعليه أن يسقط فحسب! وهذا إذن سينسحب بدوره على مرحلة ما بعد اسقاط الانقاذ ويلَمِّح إلى طبيعة القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في التغيير الحقيقي والمناط بها وحدها الانخراط في التحالف الجديد، ليمثل شرعية الثورة واستمراريتها!
إن أي تحليل معرفي لطبيعة الصراع الحالي ولقواه الاجتماعية والسياسية سيكشف بلا أدنى التباس أو توهم، أن ما تبقى من تحالف قوى الحرية والتغيير قد فقد شرعية تمثيل الثورة، وهو في الحقيقة لا يمثل فقط تحالف الردة عن أهداف وغايات الثورة، بل يرتد في النكوص إلى ما دون شعار (تسقط بس) فيعيد سناريوهات الهبوط الناعم وتجميل الانقاذ بدل اسقاطها عبر انتخابات ٢٠٢٠ ومسارات إمبيكي،، الخ، والتي تبنتها قبل الثورة مجموعة نداء السودان!
عبد العظيم سر الختم الشوتلي
٢٠ يوليو ٢٠٢٣م
albashir2015@hotmail.com