إنقسام وتشرذم القوي المدنية! مالسبب؟

 


 

 

تسأل منه، يقولون أنه يدعم الجيش ليتخلص من الجنجويد، من ثم سيسقط سلطة الجيش والكيزان عبر ثورة جديدة!
تسأل منه، يقولون يدعم تقدم بقيادة حمدوك! و الحقيقة أن حمدوك كان حاكم لمدة سنتين و قاد حكومتين إنتقاليتين و لم ينفذ حرفاً واحداً من شعارات الثورة. يعتقد كثيرون أن حمدوك له قبول في المجتمع الدولي . هذا لا يعود لقدرات فريدة يتوفر عليها، إنما يرجع فضل ذلك للثورة و زخمها. أما هذه الأيام و نتيجة لرفض المجتمع الدولي للإنقلابات العسكرية يعتقد الكثيرون من قادة الدول أن حمدوك هو رئيس الوزراء المدني الذي تم الإنقلاب ضده و لكن علي المستوي الرسمي يتعامل المجتمع الدولي مع حميدتي ( سويسرا، الإمارات و الدول الأفريقية) و البرهان( الأمم المتحدة و السعودية و مصر و تركيا و إيران و الصين) و يتم إستقبالهم في المحافل الدولية بما يشبه إستقبال الرؤساء. بالنسبة للمجتمع شرعية حمدوك منقوصة لأم مشاركة بينه و بين العسكر .
السببان أعلاه وراء إنقسام قوي الثورة و مجمل القوي المدنية.
يتفق الطرفان ناس الجيش و ناس تقدم في أن الحزب الشيوعي هو سبب إنقسام القوي المدنية. هذا هو العقل السياسي السوداني. يسود فيه عدم المنطق و عدم الإستقامة، لا بل أحيانا تفوت علي عقولهم و تلتبسها دعاية الكيزان السياسية.
هنالك قسم من السودانيين كبير، فسروا الحرب من منظور إثني و جغرافي. دارفور ضد الشمال و الوسط! عرب دارفور ضد غير عرب دارفو! أما الكيزان فيقولون إن الحرب بين مرتزقة أجانب و جيش الوطن و هم يقصدون جيش الحركة الإسلامية.
التعامي عن الحقائق و التعامل مع الأوهام و عبر الأوهام صار ديدن المتعلمين الذي كان الأجدر بهم تبصير أبناء شعبهم بما يحيق بهم من كوارث سياسية و حرب و جوع و مرض و يساعدونهم في تسمية أعداءهم و هم الكيزان لا فرق في الجنجويد و أو في الجيش الذي تسيطر عليه بالكامل الحركة الإسلامية أو كما نعرف الكيزان!
نريد جميعا وقف الحرب، أقصد كل الشعب عدا الكيزان في الجنجويد و الكيزان في الجيش. من يريد الحرب و إستمرارها هم الكيزان و هم العدو المشترك لنا جميعا يجب أن نتوحد ضدهم. لماذا الإنقسام إذاً؟ بيننا قسم كبير من القوي السياسية يعتقدون أن الجيش و الجنجويد جزء من الحل السياسي و ليس الأمني فقط و يمثل هذا التيار التسووي تقدم و انصارها. ببساطة هذا تكرار لمشاكل الفترة الإنتقالية و شراكة ضارة كما ثبت بالفعل. الصحيح أن نشرك المجتمع الدولي و نسانده علي تنفيذ بروتوكولات (دي دي آر) لتشمل جميع المليشيات بما فيها الجيش أو علي الأقل مليشيات الإسلاميين فيه و ضباطه الكيزان . و نسمح لوجود قوات دولية أفريقية تنفذ ذلك بمساندتنا نحن المدنيون و تشترك القوي المدنية مع البعثة الدولية في ترتيب أمر المسلحين حسب البرتوكولات المعروفة. بناء الجيش الواحد فعل سياسي و قانوني و ليس عمل عسكري . أكرر فعل قانوني و سياسي لا مكان فيه للوردات الحرب . الأمر المهم يجب أن نتفق علي ضرورة المحاسبة و نقبل بصيغة من العدالة الإنتقالية لأن عدد الضحايا خرافي يفقو الملايين و لكن هذه المحاسبة يجب أن تنجز عدالتها علي المجرمين المحددين و الذين يعرفهم ضحاياهم أو ذوي الضحايا. نحن نخدم الضحايا و لا نتكلم نيابة عنهم أو نفكر لهم. الطريق الدوغري واضح و عديل و التهرب من المشي فيه سقوط أخلاقي ليس أكثر.

طه جعفر الخليفة
كندا – اونتاريو
اكتوبر 2024م

taha.e.taha@gmail.com

 

آراء