منظمة “المؤتمر الفكري الشعبي العربي والإسلامي”
19 August, 2009
"مؤسسة الفكر العربي"
مقابل
ألم يحن الوقت أن يصنع السودانيون الثقافة ويصدرونها بدلا من تهميش الذات؟؟
Shawgi Osman [shawgio@hotmail.com]
* مقالة منقحة مجددا، وكتبت في 3 فبراير 2003م، ولم تنشر وقتها..
مقدمة:
"مؤسسة الفكر العربي" تقيم مؤتمرها الثاني للفكر العربي في الفترة من 4 إلى 6 ديسمبر 2003 ببيروت. فما هي طبيعة هذه المؤسسة؟ ومن هم المؤسسون ولماذا؟ هل هي ردة فعل لمنظمة الشيخ الترابي أم لها أبعاد تتجاوز ذلك؟ فحتى وإلى وفاة الرئيس المصري الراحل عام 1970، كانت لفظة "عربي" من المحرمات الإسلامية، هكذا روج الأخوان المسلمون المصريون في الفضاء الإقليمي العربي. فلفظة "الوحدة العربية" كانت مرفوضة وكانت تهمة مثل تهمة الزندقة أو الكفر، وقابلتها لفظة "وحدة إسلامية" - أي قل "وحدة إسلامية" ولا تقل "وحدة عربية"، وقس على ذلك كل مسألة اقتصادية أو سياسية..إلخ.
وعندما رحل الرئيس المصري، ومسح خلفه السادات آثاره وهدأ المد القومي الناصري وتقزم، برزت الشعارات العربية والقومية من الخليج، لا بل من المملكة العربية السعودية. كيف نفهم هذا التحول؟ ولماذا كان الصراع إذن؟ وكيف نفهم أن تؤسس المملكة العربية السعودية مؤسسة الفكر العربي؟ ولماذا إذن حارب الخليج المنظمة التي أسسها الشيخ الترابي، منظمة مؤتمر الفكر الشعبي العربي والإسلامي، وما هو الفرق ما بينهما؟ هذا التحقيق الصحفي يلقى الضوء على هذه المؤسسة – مؤسسة الفكر العربي.
ما بين العفوية والإستراتيجية:
لقد أجمعت الكثير من الدراسات الراصدة والحيثيات، أن مجلس التعاون الخليجي يترصد ويحارب أي مؤسسة إقليمية عربية أخرى، مهما كان نوعها، بما فيها جامعة الدول العربية، التي أصبحت بفضل مجلس التعاون مجرد مؤسسة ديكورية. فبينما يؤسس مجلس التعاون الخليجي مؤسساته، ويعطيها الطابع الشمولي والإقليمي والدولي ويفرضها على الواقع العربي، تقفل الأبواب في وجه أي مؤسسة عربية أخرى ولا تلقى القبول والاعتراف، بل قد تواجه بسيل من الهجوم الإسلامي المحلي أو الإقليمي ولا يتردد في وسمها بالانحراف عن الثوابت الإسلامية أو التكفير الصريح، أو لها علاقة بالإرهاب، كما وصفت منظمة الشيخ الترابي، التي أصر مجلس التعاون الخليجي على حلها لكي يطبع علاقته مع السودان. فهل هذه صدفة؟ كثير من الصحف العربية، صحفيين أو مفكرين، يقعون في خطأ قاتل عندما يفسرون هذه الظاهرة بأنها غيرة. أي مجرد غيرة قطرية! أي أن العواصم العربية تغير من بعضها البعض. نحن لسنا من هذا الرأي إطلاقا.
هل هنالك إستراتيجية خليجية خلفية تتفعل من الخلف للسيطرة على العالم العربي؟ لماذا تقف دول الخليج مثلا في وجه الوحدة العربية أو شعاراتها بينما يتوحد الخليج في صمت وفي إطار مجلس التعاون؟ هل سأل أحدكم نفسه هذا السؤال؟ أو كيف بنا إذا قام الرئيس ناصر من قبره ألن تصيبه الدهشة؟ نعم هنالك إستراتيجية خليجية تعمل بصمت، وينشط فيها الأمراء والشيوخ من هم في سن الشباب في الخليج، خاصة أولئك الذين قد تعلموا في أرقى الجامعات الغربية الأوروبية والأمريكية، وقد فهموا أن ديمومة حكم أسرهم مرهونة بلحاظ أخذ الأسباب بالدراسات والإستراتيجيات. ولا شك أنهم وعوا أهمية دور هذه الإستراتيجيات عندما درسوا تاريخ المنطقة العربية، أي تاريخ بلادهم، بلحاظ الاستعمار البريطاني والمعاهدات أو الأساليب والإستراتيجيات التي طبقها الدهاة البريطانيون سابقا. فعلى سبيل المثال لا الحصر انشأوا "مركز زايد للدراسات والمعلومات"، و"مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية"، و"مركز زايد للتنسيق والمتابعة ZCCF" و"مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية GCSS" البحريني، و"مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية"، و"المركز السعودي للدراسات الإستراتيجية والدولية"، وكثير من المراكز التي لا أدري، ولا شك أنها تنسق مع بعضها البعض، ويصب جهدها بالمجموع في تانكTank فكري واحد. وغير ذلك كثير مثل الجوائز "جائزة الملك فيصل"، وجائزة "الشيخ زائد الدولية"..الخ، وتهدف هذه الجوائز إلى خلق "معيارية" تروج لها هذه المؤسسات، تكون مثالا يحتذي من قبل المفكرين والمثقفين العرب، وأيضا تخدم هذه "المعيارية" الإستراتيجية الخليجية في الهيمنة على العالم العربي لصالح دولة الخلافة المعاصرة. وفي الجانب الاقتصادي تجد شاكلة "مؤسسة النقد العربي السعودي"، و"مؤسسة النقد العربي"، و"البنك العربي الأفريقي"، و"بنك التمويل المصري السعودي"، ..الخ.
الآليات التي تخدم الإستراتيجية:
هذه المراكز لو أنها انبثقت من ذات جامعة الدول العربية وبمشاركة الدول العربية الطوعية، لأصبحت الدول العربية قوة دولية. وليس صدفة أن تسمى دول الخليج مجلسهم "بمجلس التعاون الخليجي"، فكلمة "الخليجي" وليس "العربي" أو "الإسلامي" قصد منها إقصاء بقية الدول العربية. فلو أسموه بمجلس التعاون العربي لأفترض أن تشارك بقية الدول العربية، وهذا بدوره ينسخ جامعة الدول العربية. ولو أسموه مجلس التعاون الإسلامي لاستحقت عضويته الدول الإسلامية قاطبة. ولكنهم عندما يؤسسون مؤسسة يقصدون بها اختراق الدول العربية يسمونها "مؤسسة عربية"، مثل "مؤسسة الفكر العربي"، هذه الازدواجية، أو المعيار بمعيارين يؤكد عدم العفوية، وأن هنالك إستراتيجيات ترسم.
تمثل وحدة دول الخليج الستة في مجلس التعاون نواة "دولة كبرى" مركزية والجهاز العصبي المركزي، وبينما هم يتوحدون، يقفون في وجه أية وحدة عربية أخرى، يشككون فيها، ويخلقون كل العراقيل في وجهها، بل قد يتآمرون ضدها. وكذلك ليس صدفة أن سمت بغداد مجلسها ب "مجلس التعاون العربي"، المرحوم، الذي كان في عضويته مصر، والأردن واليمن، والعراق. فالاسم له مغزى لمن يفهم. فعاقب الخليج بغداد! بل وفاة الإتحاد المغاربي العربي حيرت العقول، فكيف أستطاع القذافي أن يوحد القارة الأفريقية ولم يستطع توحيد خمسة دول عربية مغربية؟ وقف في وجه الوحدة المغاربية الغرب، بل ألصقوا تهمة لوكربي لليبيا زورا حتى يعطلوا مسيرة هذا الإتحاد.
لقد أستخدم أعضاء مجلس التعاون الخليجي العديد من الآليات التي تتغير من مرحلة لأخرى بلحاظ حجم السيطرة ودرجة إذعان بقية الدول العربية. فبالإضافة لإعلامهم الذي بدأت مسيرته في عام 1973 وهو حديث عهد، وضعوا جزءا منه في لندن لكي يصبغوا عليه صبغة حيادية، ويكسبوه صبغة شمولية عربية، بينما كان التوظيف في الخليج أحد وسائل الترويض لبقية العرب الفقراء، بكل طوائفهم. فمجلس التعاون لم يضع ثروته المالية طواعية لخدمة أشقائهم العرب في التنمية، بل أحجم وأستخدم هذه الثروات لترويضهم في اتجاه خدمة إستراتيجية دولة كبرى ولعلها حلم دولة الخلافة. ولقد عبر أحمد الربعي، وهو كاتب وصحفي ووزير كويتي سابق، بشكل عفوي عن طبيعة التكتيك الخليجي في خدمة الإستراتيجية أفضل تعبير، وهو السلاح الخليجي السري في تعامله مع الدول غير الخليجية، إذ قال:"..كلما أقترب تفكيرك من تفكيرنا نحن الخليجيين وكلما اقتربت من طريقة تفكيرنا انفتحت لك الأبواب وقبلناك، وكلما أختلف تفكيرك عن تفكيرنا كلما ابتعدنا عنك وأوصدت الأبواب في وجهك".! ومعنى كلامه عليك أن تقبل بهم كما هم..! بقواعدهم الأمريكية وتسبح للأمريكان كما يسبحون وإلا ذبلوك! فهم لا يأتون إليك أبدا!
وكذلك، استخدموا المئات من المؤسسات الإسلامية الخيرية والدعوية والإغاثية في خدمة الإستراتيجية، ويعتبر الباحثون أن الجمعية الخيرية، وجمعية الإصلاح الاجتماعي الكويتيتين أهمهم، وهن من يمول تنظيم الأخوان المسلمين بالكامل.
أما أخطر هذه الآليات فهي "الواجهات المالية"، على شاكلة الوليد بن طلال، ورفيق الحريري، ويوسف ندى..الخ، وهنالك ربما العديد من المؤسسات والشخصيات التي تخفى نفسها خلف هذه الواجهات، ويجمع الراصدون، أن أموال هؤلاء الثلاثة وملايينهم ليست أموالهم، إنما المالك الحقيقي مجهول، وهؤلاء يلعبون دور الواجهة المالية فقط. فهل في السودان يوجد مثل هذه الواجهات؟
الطابور الخامس. وهو اخطر من الواجهات المالية، لأن عدد ممثليه كبير، وقد ينتشرون في مفاصل الدولة وأجهزتها، أية دولة، فهم يمثلون كافة الطبقات والشرائح الاجتماعية والمهنية، ابتداء من الطالب وحتى رئيس مجلس إدارة مؤسسة، وانتهاء بالعامل أو الدعاة. لكن الجهاز الإعلامي هو الأهم في نظر الاختراق الإستراتيجي، لأهميته، ويتشكل هذا الطابور الخامس بسلاح الدعوة السلفية أو بسلاح إغراء التوظيف في الخليج أو في المؤسسات الخليجية التي تؤسس في الدول العربية.
مؤسسة الفكر العربي مؤسسة إقليمية:
رغم أن عنوانها يحمل كلمة "العربي" فهي خليجية بحتة، وليس كلمة العربي إلا لإضفاء البعد الشمولي والإقليمي عليها، ولكنها تخدم الإستراتيجية الخليجية، وتهدف إلى مصادرة وتوظيف المثقفين العرب في اتجاه خدمة الإستراتيجية. وبما أننا قلنا أن الهدف الإستراتيجي هو دولة الخلافة، وبما أن الإسلاميين العرب تم مصادرتهم لهذه الإستراتيجية الخليجية منذ الخمسينيات، فالمقصود بهذه المؤسسة العربية هم بقية الشرائح التقليدية والمثقفة العربية في كل الاتجاهات من يسار ووسط ويمين في الدولة العربية القطرية. مما لا شك فيه أن هذه المؤسسة ستنشئ لها فروعا في كل الدول العربية.
رأس مال مؤسسة الفكر العربي:
مائة مليون دولار.
مجلس الأمناء:
يتكون من 39 عضوا - بكر بن محمد بن لادن، عبد الله الفيصل، بندر بن خالد الفيصل، عبد الله بن محمد باشراحيل، بهية الحريري، عبد المحسن بن عبد الملك آل الشيخ، جمعة الماجد، عبد المقصود خوجه، حمد السليمان، غازي بن محمد بن طلال، حمزة الخولي، فؤاد بن محمد ثنيان الغانم، خالد التركي، فاتك بن فهر آل سعيد، خالد الفيصل بن عبد العزيز، فهد بن خالد السديري، خالد بن حسن القحطاني، فيصل بن سعود بن محمد، خالد بن سلطان بن عبد العزيز، فيصل بن عبد المجيد، سعود بن خالد بن عبد الله، لبنى العليان، سعود بن عبد الرحمن الفيصل، مانع سعيد العتيبة، سعود بن نايف، محمد أبو العينين، سلمان بن حمد آل خليفة، محمد العبد الله الفيصل، صالح كامل، محمد عبد العزيز الشايع، عبد الرحمن بن حسن الشربتلي، مسلم بن علي بن مسلم، عبد العزيز البابطين، ناصر الرشيد، عبد العزيز بن قاسم كانو، نجيب ساويرس، عبد الله بن أحمد زينل، نواف بن فيصل بن فهد، يحيى أحمد الكومي.
وهؤلاء هم من يحدد فلسفة وإستراتيجية المؤسسة، خاصة من أشرنا إليهم بالخط الغليظ، فما عدا بهية الحريري، ومانع سعيد العتيبة، ونجيب ساويرس، و يحيى أحمد الكومي، ومحمد أبو العينين فالبقية 34 أمينا كلهم أمراء وشيوخ سعوديون. ولكي تكون عضوا في مجلس الأمناء عليك أن تدفع مليون دولار. يقول قانون العضوية، عضو مجلس الأمناء: هو من حضر الاجتماع التأسيسي الأول في القاهرة، والتزم بدفع مبلغ مليون دولار أو أكثر، أو من التحق بعد ذلك بالمجلس بموافقة أعضائه، على أن يدفع الأمناء الجدد الحصة كاملة عند قبول العضوية، أو تقسط على ثلاثة دفعات سنوية كحد أقصى، وفي كل الأحوال تعتبر حصة المساهم وقفاً للمؤسسة مدى الحياة، إلا أن تصفي المؤسسة أعمالها فيعود المبلغ للعضو أو ورثته. أليس هذا تعجيز؟ أما إذا ترغب أن تكون عضوا مشاركا، يقول قانون المؤسسة: عضو مشارك: تمنح للأفراد الذين يتم قبول عضويتهم من مجلس الأمناء مقابل مساهمة قدرها 10.000 آلاف إلى 100.000 ألف دولار فأكثر ويحق له حضور اجتماعات الهيئة العامة للمؤسسة، وانتخاب الأعضاء الثمانية من الهيئة الاستشارية لمجلس الإدارة، والاستفادة من الخدمات التي تقدمها المؤسسة لأعضائها.
مؤسسة الفكر العربي مقرها لبنان، حضر اجتماع تأسيسها في القاهرة أمين عام جامعة الدول العربية، عمرو موسى، وبارك تأسيسها وألقى كلمة في آخر الجلسة، وبفضل رفيق الحريري كرئيس وزراء (لاحظ أن زوجته أحد الأمناء) وافق الرئيس (الهراوي أو معوض لا أدري) قبل عقد كامل أن يعطي مثل هذه المنظمات امتيازات: (المرسوم الجمهوري اللبناني لتسجيل المؤسسة، مرسوم رقم 6605، إن رئيس الجمهورية، بناءً على الدستور: (بناء على القانون رقم 114 تاريخ 7/12/1991م (منح بعض الإعفاءات والمزايا والحصانات للمنظمات العربية والدولية غير الحكومية أو الاتحادات الإقليمية). بناءً على اقتراح وزيري الخارجية والمغتربين والمالية (فؤاد السنيورة)، وبعد موافقة مجلس الوزراء بتاريخ 18/10/2001م منحت مؤسسة الفكر العربي وموظفوها كافة المزايا والحصانات اللازمة لأداء مهامها أسوة بالمنظمات الدولية والإقليمية العاملة في إطار الأمم المتحدة).
مؤسسة الفكر العربي ليست سوى شركة محدودة:
هذه المؤسسة ليست سوى شركة محدودة في ثوب المنظمات الإقليمية، وقد منحت غطاء من جامعة الدول العربية، وببركة رفيق الحريري الذي أعطاها صفة وإمتياذات غير عادية أصبحت مثل أحد منظمات الأمم المتحدة! وبهذه الطريقة ضربوا كذا عصفور بحجر واحد، فهم، "شركة" لا تعمل في السياسة! وهذه طبعا لا تصدق! ولكنهم يمتلكون حصانة المؤسسات الدولية ورزانتها! والعضوية مقفولة!! وهكذا تخترق مؤسسة الفكر العربي الدول العربية.
حملة علاقات واسعة لتجيير نشاط المؤسسة:
تحرك الأمير خالد الفيصل حركة واسعة ومذهلة لتمهيد الأرض لهذه المؤسسة، فلقد عقد اجتماعا مع جامعة الدول العربية مرتين، وأعلن موسى أنه يرغب في التعاون معها، وشرف عمرو موسى بحضوره جلسة القاهرة التأسيسية وألقى كلمة شكر فيها الحريري على البعد فقال:" "فأود أن أشير إلى مبادرة إنشاء مؤسسة الفكر العربي كمؤسسة تضامنية بين الفكر ورأس المال، والتي تعتبر مبادرة عربية رائدة، وتأتي في ظروف أحوج ما نكون فيها إلى التلاحم والتقارب وتجميع الطاقات للنهوض بواقعنا العربي على المستوى الفكري والثقافي والاجتماعي، ولتقديم الصورة الحضارية الحقيقية والتاريخية لأمتنا العربية. وإنني إذ أعرب عن سعادتي لاختيار المؤسسين لبنان دولة لمقر المؤسسة لما لهذا البلد العزيز من مكانة لدى العرب جميعاً، فأتمنى على دولتكم إعطاء هذه المؤسسة العربية كافة أشكال المساعدة والتسهيلات القانونية والإدارية".
وقابل الأمير خالد في هذا الصدد بشار الأسد، الملك محمد الخامس، حسني مبارك، الشيخ خليفة ولي عهد الإمارات، أميل لحود، الملك عبد الله ملك الأردن، والملك حمد بن عيسى، ورئيس الوزراء التونسي، والرئيس بوتفليقة، وعلي عبد الله صالح، وأمير قطر الشيخ حمد.
ولقد وقعت المؤسسة "اتفاقيات تفاهم" مع كل من: جامعة الدول العربية، معهد العالم العربي بباريس ، منظمة اليونسكو بباريس، مؤتمر دافوس ، المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (الإليسكو)، مكتب التربية العربي لدول الخليج، المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم.
أما المؤسسات والشخصيات الدينية التي زارها الأمير خالد الفيصل لتدشين مؤسسته: فضيلة الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي، الأزهر، فضيلة الشيخ أ.د. أحمد الطيب مفتي الديار المصرية، قداسة البابا شنوده الكنيسة المرقصية، البطريرك نصر الله صفير، الكنيسة المارونية، فضيلة الشيخ محمد رشيد قباني مفتي لبنان، فضيلة الشيخ عبد الأمير قبلان نائب المجلس الأعلى لشيعة لبنان.
وتلقى الأمير خالد الدعوات التالية للتعريف بمؤسسته: الكاتب نجيب محفوظ، الجامعة الأمريكية بالقاهرة، حفل السفير السعودي بسوريا، حفل السفير السعودي بالأردن، ديوانيات الكويت، لقاء مجلس الغرف التجارية السعودي، لقاء اتحاد الغرف التجارية اليمنية، لقاء البحرين، النادي الدبلوماسي بقطر، لقاء الغرفة التجارية التونسية. وكمثال للترحيب صرحت ديوانيات الكويت: التي اشتهرت بالديوانيات فقد أقام الأستاذ عبد العزيز البابطين يوم الاثنين 25/1/1423هـ الموافق 6 أبريل 2002م حفلاً على شرف رئيس المؤسسة حضره عدد كبير من المدعوين الكويتيين، وقدم خلاله رئيس المؤسسة نبذة عن المؤسسة لقيت استحسان الحضور وتأييدهم، كما تلا ذلك زيارة لبعض الديوانيات التي أجاب فيها رئيس المؤسسة عن الأسئلة التي طرحت بخصوص المؤسسة. وفي يوم الثلاثاء 26/1/1423هـ الموافق 7 أبريل 2002م كان اللقاء بالقيادات والنخبة الكويتية في الحفل الذي أقامه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء بالنيابة ووزير الخارجية، وقد ألقى رئيس المؤسسة كلمة تحدث فيها عن المؤسسة والدور الذي سوف تقوم به في دعم المفكرين والعلماء والمثقفين والدفاع عن الأمة وعن قضاياها المختلفة وخاصة العلمية والفكرية والثقافية.
ولقد وضح دور المؤسسة رئيسها الأمير خالد بن الفيصل بقوله "..دعم المفكرين والعلماء والمثقفين والدفاع عن الأمة وعن قضاياها المختلفة..".
عناوين اللقاء الأول للمؤسسة:
في اللقاء الأول للمؤسسة الذي أنعقد تحت رعاية فخامة الرئيس محمد حسني مبارك عقد مؤتمر الفكر العربي الأول بالقاهرة خلال الفترة منن 21-23 شعبان 1422هـ الموافق 27-29 أكتوبر 2002م، تمت مناقشة المواضيع التالية: الجلسة الأولى: نحو علاقة عادلة بين العرب والغرب. الجلسة الثانية: ماذا لو فشل خيار السلام؟ الجلسة الثالثة: تكامل الاقتصاد العربي وأسباب الفشل. الجلسة الرابعة: التعليم العربي: الواقع والمستقبل. الجلسة الخامسة: الشورى والديموقراطية: رؤية عصرية. الجلسة السادسة: الديانات السماوية والهوية العربية. الجلسة السابعة: المعالجات الإعلامية للمشكلات العربية. الجلسة الثامنة: متى يصبح العرب منتجين للتقنية؟ الجلسة التاسعة: إسهام المرأة في الفكر العربي. الجلسة لعاشرة: اللغة العربية وروح العصر. وشارك في هذه الورش:
إدوارد ووكر (رئيس معهد الشرق الأوسط بأمريكا). جميل الحجيلان (أمين عام مجلس التعاون الخليجي سابقا)، أ.د. جون وتربري (رئيس الجامعة الأمريكية في بيروت)، صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل (وزير الخارجية السعودي)، د. غسان سلامه (وزير الثقافة اللبناني)، د. مصطفى الفقي (رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري)، رضوان السيد (أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية)، عبد السلام المجالي (رئيس جمعية الشؤون الدولية (رئيس وزراء الأردن سابقا)، عمرو موسى (الأمين العام لجامعة الدول العربية)، أحمد أحمد جويلي (الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية - مصر)، إلياس غنطوس (أمين عام الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية)، حازم الببلاوي (مستشار صندوق النقد الدولي - الإمارات)، د. عبد الرحمن بن عبد الله الزامل (عضو مجلس الشورى السعودي)، الشيخة لبنى القاسمي (الرئيس التنفيذي لتجاري دوت كوم بالإمارات)، د. المنجي بو سنينة (مدير عام منظمة الإليسكو - تونس)، د. فكتور بله (مدير مكتب اليونيسكو الإقليمي - بيروت)، د. حامد مصطفى عمار (جامعة عين شمس بالقاهرة)، د. عبد العزيز بن عثمان التويجري (رئيس منظمة الإيسسكو - المغرب)، د. محمد جواد رضا (مستشار وزير التربية والتعليم بالبحرين)، د. وضحى علي السويدي (جامعة قطر)، أ.د. أحمد فتحي سرور (رئيس مجلس الشعب المصري)، الصادق المهدي (رئيس مجلس الوزراء السوداني سابقا)، د. برهان غليون (مدير مركز دراسات الشرق المعاصر بجامعة السوربون بباريس)، د. صالح بن عبد الله بن حميد (رئيس مجلس الشورى السعودي)، نبيه بري (رئيس مجلس النواب اللبناني)، البابا شنودة الثالث (رئيسة الكنيسة القبطية - مصر)، الشيخ عبد الأمير قبلان (نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان)، الشيخ تيسير التميمي (قاضي قضاة القدس)، د. محمد سيد طنطاوي (شيخ الأزهر - مصر)، المطران يوسف ضرغام (مطران الموارنة بالقاهرة)، جهاد الخازن (رئيس تحرير جريدة الحياة (سابقا) – لندن)، صالح القلاب (وزير الإعلام الأردني سابقا)، د. فهد العرابي الحارثي (رئيس مجلس إدارة صحيفة الوطن السعودية)، د. محمد عبد الرؤوف الباسطي (رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية)، د. محمد جابر الأنصاري (مستشار ملك البحرين)، حسن حامد (رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري)، أنطوان زحلان (المستشار الدولي للتخطيط الاستراتيجي - لندن)، د. صالح بن عبد الرحمن العذل (رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالسعودية)، د. عبد الله عبد العزيز النجار (رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا - الإمارات)، أ.د. علي عبد الله الشملان (مدير عام مؤسسة الكويت للتقدم العلمي)، د. فاروق الباز (جامعة بوستن بأمريكا)، د. هدى محمد النعيمي (مسئولة الرقابة الإشعاعية بمؤسسة حمد الطبية بقطر)، السيدة بهية الحريري (نائب بمجلس النواب اللبناني)، السيدة رجاء حسن خليفة (الأمين العام للإتحاد العام للمرأة السودانية)، أ.د. رفيعة عبيد غباش (رئيس جامعة الخليج العربي بالبحرين)، د. زهور ونيسي (عضو مجلس الأمة الجزائري)، د. فرخنده حسن (عضو مجلس الشورى والأمين العام للمجلس القومي للمرأة بمصر)، د. ليلى شرف (وزيرة الثقافة بالأردن سابقا)، د. الطيب صالح (مجلة المجلة بلندن)، عبد الحافظ حلمي محمد (رئيس اللجنة التعريبية لتاريخ وفلسفة العلوم)، أ.د. عبد القادر فاسي فهري (مدير معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بجامعة محمد الخامس بالمغرب)، د. محمود السيد (وزير التربية السوري).
المؤسسة التعجيزية وأوهام المثقفين :
لقد هيج الأمير خالد الفيصل الساحة الثقافية العربية بفكرته التي أطلق الدعوة لها في الكلمة التي وجهها في افتتاح مؤتمر الثقافة العربية بعد عام 2000م بالعاصمة اللبنانية بيروت في 22 مايو 2000م حيث وجدت الفكرة والدعوة التي أطلقها استجابة واسعة في الأوساط الثقافية العربية ودوائر رجال الأعمال العربي.
ويقول مراسل صحيفة الرياض بالقاهرة في 2 يونيو 2001: (وصل الى القاهرة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير ورئيس جائزة الملك فيصل التقديرية وذلك للمشاركة في افتتاح الاجتماع التأسيسي "للمؤسسة الأهلية للفكر العربي" التي كان سموه قد..).
توهمت الشريحة المثقفة المصرية أن "مؤسسة الفكر العربي" ستعنى بشؤون الفكر وهموم المثقف، وطنطناته الذاتية والموضوعية، وهمومه الوطنية والقومية، وحلم كل مثقف أن كتابه سيرى النور، وتوهموا أن النهضة العربية قادمة، تفوق تلك النهضة الإيطالية، ففرحوا وهللوا للأمير، وزفوه كما يزف العريس.
فبعنوان كبير وصف مراسل صحيفة الرياض زفة العريس، حتى أنه وصف الذين جلسوا معه بأنهم مؤسسين، ولم يدر المسكين ماذا يخبيه الأمير لهؤلاء، إذ لكي تكون مؤسسا أي عضوا في مجلس الأمانة، عليك أن تدفع مليون دولارا، ولكي تكون عضوا مشاركا عليك أن تدفع ما بين 10 ألف و100 ألف دولار، وإلى هذه اللحظة –لحظة قدوم الأمير- لم يدر المثقفون أنهم مخدوعون، فحقيقة الأمر لم يك سوى ثلاثة مصريين من المؤسسين.
ولنواصل مع وصف مراسل الصحيفة الرياض في 2 يونيو 2001 :"..أشاد المثقفون المصريون بدعوة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بتأسيس مؤسسة الفكر العربي في محاولة لبلورة مشروع حضاري عربي يساهم في استعادة الأمة العربية لمكانتها الرائدة في العالم في ظل صراع الحضارات. وكان عدد من المؤسسين المصريين المشاركين في مؤسسة الفكر العربي قد أعلنوا استجابتهم الفورية لدعوة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل تأكيداً لدعوة سموه أن مهمة النجاة بالأمة إنما تقع على عاتق أرباب الفكر باعتبارهم الأقدر على تأسيس المفاهيم السلوكية التي تربط بين الناس وتشكل ملحمة حضارية ولاسيما أن الوحدة التي تنشدها الأمة العربية وهي حقها الطبيعي لابد أن تبدأ بدايتها الصحيحة بوحدة الفكر والثقافة لكل الأنشطة الإنسانية.ومن جانبه فقد أشاد المهندس نجيب ساويرس أحد المساهمين في مؤسسة الفكر العربي بدعوة سمو الأمير خالد الفيصل ولاسيما أن المنطقة العربية لم يصبح لها صدى عالمي. وقال ساويرس أن الغرب لم يعد يسمع عن صدى ثقافي للأمة العربية رغم أن الحضارة العربية وصلت حتى الأندلس اسبانيا باعتبارها منشأ الحضارات، وأوضح انه يتمنى أن تساهم دعوة سمو الأمير في بلورة وإعادة صياغة الفكر العربي بحيث يصبح قادراً على انطلاق شرارة المبادرة في كافة مجالات الإبداع الفكري.وأضاف المهندس نجيب ساويرس أن مؤسسة الفكر العربي سترصد العديد من الجوائز المالية بحيث تساهم في زيادة التحريض على الإبداع في شتى مجالات الفكر والثقافة معرباً عن أمله أن تتساوى جوائز مؤسسة الفكر العربي بجائزة الملك فيصل العالمية وجائزة نوبل.وأوضح طارق حجي أحد كبار المؤسسين في مؤسسة الفكر العربي أن هناك العديد من المؤسسات الثقافية الحكومية وغير الحكومية في العالم العربي التي ترعى الثقافة والمثقفين والمبدعين وبعضها يقدم جوائز قيمة تشكل دافعاً قوياً للنهضة بالإبداع إلا أن هذه المؤسسات إما مصرية أو سعودية أو كويتية أو إماراتية إلا أن مؤسسة الفكر العربي فهي لا تتبع دولة بعينها وإنما تتكون من مثقفين عرب يجمعون بين كونهم شخصيات اقتصادية وأخرى ثقافية ورغم أن صاحب المبادرة وهو صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وهو رئيس مؤسسة جائزة الملك فيصل العالمية إلا انه أراد أن تكون المؤسسة الجديدة ثقافية وعربية فقط وقد اختار سموه المجموعة المؤسسة والتي تتكون من 23عضواً من مختلف الدول العربية سيجتمعون في القاهرة في 2، 3 يونيو القادم بهدف وضع الخطوط العامة لسياسات وأهداف وبرامج المؤسسة الوليدة والتي سيكون دستورها الأول أن يجتمع الفكر والمال معا لإحداث نهضة ثقافية عربية.. وأضاف طارق حجي (تعليقنا: لم نجد أسمه من المؤسسين الأمناء، وربما أنسحب، ولكنه له مقالة أسمها "الإسلام المصري والتواصل الحضاري"، وهو يصر أن هنالك ما يسمى بالإسلام المصري، تمييزا له من إسلام البادية والصحراء الأجلاف!) احد الأعضاء المؤسسين لمؤسسة الفكر العربي انه مع زملائه المؤسسين يعتقدون أن الفكرة العربية تقوم على روابط ثقافية أكثر منها روابط سياسية أو اقتصادية بمعنى أن المشروع العربي عندما قدم في الخمسينات والستينات على صحن السياسة لم ينجح كذلك على صحن الاقتصاد إما تقديم الفكرة العربية على صحن الثقافة فهو بمثابة مشروع مضمون النجاح فأحمد شوقي وطه حسين ومصطفى العقاد وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس ومحمد عبده يماني وخالد الفيصل وسعاد الصباح ونزار قباني والطاهر بن جلون ومحمود درويش وفدوى طوقان وأدونيس ليسوا جميعهم منتجات مصرية أو عراقية أو سورية وإنما منتجات عربية وقل نفس الشيء على محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وفيروز وطلال مداح، فكل هذه الظواهر ظواهر ثقافية فنية عربية وليست ظواهر محلية، وفي زمن الفضائيات العربية فإن لدينا فرصة كبيرة لدعم وحدة الفكرة العربية ثقافياً، خاصة بعد أن فشلت محاولات فرضها سياسياً لأن الفكرة العربية في أساسها ذات نسيج ثقافي وليست ذات نسيج سياسي.ومن جانبه أوضح الدكتور مصطفى محمود أن فكرة مؤسسة الفكر العربي ستساهم في بلورة فكر عربي شامل ولاسيما بعد أن زادت الحاجة لوحدة ثقافية في ظل تحديات العولمة وأوضح أن أولى مميزات مؤسسة الفكر العربي أن تصبح بلا قيود حكومية تعوق انطلاقها نحو مزيد من حرية الإبداع والخلق وقال مصطفى محمود أن هناك صلة وثيقة بين الثقافة والاقتصاد فكلاهما وجهان لعملة واحدة يمكن أن تساهم في إبراز الوجه الثقافي والحضاري للأمة العربية. انتهى.
شبح الشيخ الترابي:
بما أن وصف هذه الزفة التي أستعرضها المراسل، أي زفة التبشير بالمؤسسة كان في 2 يونيو 2001، وكانت أول مظاهرة لقائية رسمية لمؤسسة الفكر العربي في 27-29 أكتوبر 2002م بالقاهرة كما سلف، برعاية حسني مبارك، وبما أننا شرحنا كل تحركات الأمير خالد الإقليمية والدولية للتعريف بالمؤسسة، هذه التحركات في تقديرنا لم يفهم أبعادها "مثقفي" الزفة، تفاجأوا لاحقا أن مؤسسة الفكر العربي تجلس على برج عالي وتفتقد "للشعبية" أو "الأهلية". فباستعراض للأسماء المشاركة، أو "اتفاقيات التفاهم" التي عقدها سمو الأمير مع المنظمات الإقليمية والدولية، باسم الثقافة الشعبية، والعربية، لا تصبح مؤسسة الفكر العربي سوى احتلال موقع كانت تشغله إقليميا منظمة مؤتمر الفكر الشعبي العربي والإسلامي للشيخ الترابي، بعدها غسل الأمير يده من المثقفين والمفكرين الشعبيين – وفي مقدمتهم الشيخ حسن الترابي!
بقية العضوية:
فإضافة إلى عضو الأمانة، والعضو المشارك كما سلف، يقول قانون المؤسسة هنالك عضو استشاري: وتمنح سنوياً ضمن فعاليات الاجتماع السنوي لمجلس الأمناء للمفكرين وأصحاب الخبرات والتخصصات العرب المعنيين بمجالات تتصل بالمؤسسة. وعضو فخري: تمنح العضوية الفخرية من مجلس الأمناء لرموز الأمة العربية الذي يقدمون دعماً معنوياً أو مادياً للمؤسسة. وعضو مؤتمر: تعطى لمن يطلب حضور مؤتمر معين تعقده المؤسسة وتنتهي عضويته بانتهاء ذلك المؤتمر. حجب العضوية: يتم حجب العضوية عن الأعضاء الذين يرى مجلس الأمناء أنهم يمارسون أعمالاً تتنافى مع أهداف المؤسسة.
غلق الباب:
تمارس دول الخليج في هذه العقود الأخيرة، أرقى الأساليب التكتيكية في إدارة الصراعات الإستراتيجية، فالكرة أولا دحرجها الواجهة المالية السعودية رفيق الحريري بأن أعطى لمؤسسة الأمراء السعوديين (مجلس الأمناء) صفة مؤسسة إقليمية، ذات إمتيازات فوق العادة، وفرضها على الجامعة العربية لكي تحظى بالقبول. ولكن قبل أن توضح ملامحها، بلفوا جمهور المثقفين العربي وهيجوا أشواقهم، لكي يعطوها البعد العربي والشعبي.
وتستمر الخدعة، بأن تعقد مؤسسة الفكر العربي لقاء واحدا سنويا، يتحدث فيه بعضهم، من حملة بروفيسور والألقاب الكبيرة، ثم ينفض الجمع، ولا يتجاوز حديثهم ما يقرأ عادة في الصحف العربية الخليجية، بينما تكون المؤسسة صادرت كلمة "العربي" وصادرت كلمة "الفكر" ولكن ليس قبل أن يزوقوها بالأهلي أو الشعبي، ألم يتواضع الأمراء بالجلوس مع مثقفي الأمة؟ فمن هو سيء الحظ الذي يتجرأ بعدها أن يدعي أنه يمثل الفكر، أو يمثل ضمير العرب أو المفكرين العرب ومثقفيهم؟!
وبسلاح رأس المال الذي يبلغ ال 100 مليون دولار، ستتلاعب مؤسسة الفكر العربي بالمثقفين العرب، وستفتك بهم، وستضربهم بعضهم البعض، وستركعهم. ولأن المؤسسة شركة في جوهرها، سيستثمر مالها بشكل تجاري، وبشكل حقيقي، فلا بد أن تفترس سوق الكتاب وستفترس المثقفين، وقد وضعوا على رأسها جهاد الخاذن وبهية الحريري. ونهمس في إذن المثقفين المصريين أن أحد الأمناء في هذه المؤسسة عبد الرحمن بن حسن الشربتلي لن ينسى أن جمال عبد الناصر قد طرد والده حسن الشربتلي من منزله في منشية البكري شر طرده، ومن المنشية رحل حسن الشربتلي مطرودا إلى مطار القاهرة ومن ثم إلى بلده وكان ذلك في الستينيات. والقصة مشهورة! قليل من الناس يدرك أن تمثيلية عادل إمام شاهد ما شافش حاجة مأخوذة من قصة حسن الشربتلي!!
وبينما مؤسسة الفكر العربي ستتلاعب بالمثقفين العرب، خاصة المصريين، وستروضهم بشكل موارب، ستملأ المؤسسة كل الثغرات المطلوب سدها من برجها العالي على المستوى الإقليمي أو الدولي حرصا على مصلحة (!؟) الأمة العربية، وهكذا يغلقون الباب على كل صوت شعبي. ولن يسمع بعد اليوم صوت سوى صوت المؤسسة بدلا من صوت العرب؟
مؤسسة الفكر العربي (..والإسلامي!):
أشار مراسل صحيفة الرياض أن المؤسسة الجديدة ثقافية وعربية فقط. فهل يعني أنها ليست معنية بالشأن الإسلامي؟ ربما. فخطاب الأمير خالد الفيصل يقطر قومية، يحسده عليها الناصريون، ولأهميته، رغم أننا لا نؤمن بصدقيته، وأن كلمات الخطاب تصنف على أنها تسويقية، وعبارات قيلت فقط لتجبير إنشاء مؤسسته، نضيفها هنا للقارئ إذ قال:"..لقد مل الناس من دروس التاريخ والجغرافيا وموضوعات الإنشاء التي تتغنى بمقومات التشابه والتكامل بين العرب.. ومن أحاديث المجالس، والتصريحات التي غدا معظمها حبرا على ورق دون خطوة وحدوية (حقيقية) في أي اتجاه..حتى أوشكت أن تضيع كل الآمال في تقارب ينتظم مع التوحد الإنساني والطبيعي لعالمنا العربي.. وبدلا من طريق الإخاء، وجدنا أنفسنا في طريق الشقاق والشتات، وأصبحت إرادة الأمة الثابتة عبر تاريخها التراكمي البعيد قيد الاعتقال.. ومع إننا نكثر الحديث عن نظرية التآمر علينا من قبل الآخرين فالواضح مع الأسف الشديد أن جراحنا التي بفعل أيدينا ليست بالقليلة. أيها السيدات..والسادة..لعلكم معي إن الأمر يقتضي صحوة جماعية نطالب فيها كل عقل عربي أن يفكر بضمير الجميع، لا بضمير المفرد الشخصي..أو الحزبي.. أو الإقليمي.. على الجميع أن تذوب ذواتهم في أتون الوطن الكبير، لتصنع بالفكر والعرق وطوق النجاة للأمة بكاملها.. وعلينا أن ندرك أن قطارنا قد تأخر كثيرا ولم يعد هناك وقت للمزيد من المشاحنات وتبادل الاتهامات.. بل يتحتم الانصراف إلى وصف الدواء والسير حثيثا بالجماهير تجاه الحل..الإخوة الأفاضل..إن أحدا لا يجحد جهود المخلصين من الساسة.. والمفكرين.. ورجال المال والأعمال..وكل المهمومين بالشأن العربي.. ولا يقلل من شأن الأصوات النبيلة التي تتردد على ساحة الوحدات الإقليمية..والسوق العربية المرتقبة..وتلك المنادية بتضافر إمكانات البحث العلمي، وغير ذلك من الجهود التي تسعى نحو الحلم العربي.ومع كل هذه الجهود..فالأمل يظل معقودا على العقول العربية، كي تخرج علينا ببرنامج فكري متكامل، يؤصل معادلة الوحدة الفكرية عقيدة وسلوكا.. وذلك لن يتأتى إلا من خلال خطوة تصحيحية نبدأ بها الطريق الشاق الطويل نحو تحقيق الحلم..أيها الإخوة والأخوات..أيها الحفل الكريم..ولكل ما تقدم فاني استأذنكم في نداء أتوجه به من فوق هذا المنبر الجليل باسم كل مواطن عربي بات بأمر أمته مهموما.. إلى المفكرين العرب في كل مكان كي يأخذوا زمام المبادرة بخطوة حقيقية فاعلة تضمن لامتهم النجاة وتحجز لهم صفحة الشرف والفخار في سجل التاريخ الإنساني..إن الوحدة التي تنشدها الأمة العربية..وهي حقها الطبيعي لابد أن تبدأ بدايتها الصحيحة بوحدة الفكر والثقافة الفاعلة لكل الأنشطة الإنسانية". انتهى.
من يصدق هذه الكلمات، أو أن يصدق أن مؤسسة الفكر العربي ستخدم القضية العربية فهو جاهل بتاريخ المنطقة العربية، وساذج، فبينما يقول الأمير كلماته هذه يتآمر مجلس التعاون الخليجي لسحق العراق، بل يبيعونه بأبخس الأثمان. فكيف هم يخلقون الأزمة ويطلبون من المثقفين أو المفكرين العرب حلها؟
المؤتمر الثاني 4 إلى 6 ديسمبر في بيروت:
وكما ذكر سابقا، نبعت الدعوة "لمؤسسة الفكر العربي" في الكلمة التي وجهها الأمير خالد الفيصل في افتتاح مؤتمر الثقافة العربية لعام 2000م بالعاصمة اللبنانية بيروت في 22 مايو 2000م، وهذا التاريخ يعطي الانطباع، أن فكرة المؤسسة في حينها هي فكرة مضادة لمنظمة الشيخ الترابي، التي أزعجت الخليج، حتى السيد رئيس الجمهورية أكد هذه المسألة لفظا لقناة الجزيرة بقوله: "أن الخليج عبر له أنه غير راضي عن منظمة المؤتمر الفكري الشعبي العربي والإسلامي"، فتوفت منظمة الشيخ الترابي بالضربة القاضية. ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فبعد صاعقة 11 سبتمبر التي حطمت برجي التجارة، أصبحت لهذه المنظمة هم أو وظيفة واحدة: الدفاع عن المملكة السعودية بلحاظ الهجمة الأمريكية الرسمية والإعلامية على أعشاش المنظمات والمؤسسات الوهابية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والسعودية معا - والتي عبر عنها الأمير بأنها هجمة على الإسلام.
قال الأمير خالد الفيصل في أحد مقالاته الصحفية واصفا تجربته في مؤتمر دافوس: " وبعد.. فأقول - وعلى الله اتكالي - إنني لا أكتب هذا تقريرا لمسئول. ولا أقول هذا الكلام لأبناء بلدي فقط، وإنما لكل عربي ومسلم. فالهجمة الشرسة التي نتعرض لها اليوم موجهة ضد الإسلام والمسلمين, وضد العرب والعروبة. وما التركيز على المملكة العربية السعودية إلا لأنها تمثل الرمز الإسلامي الأكبر في العالم، والذي لو اهتز - لا سمح الله - لاهتز معه الكيان الإسلامي أجمع، ففيها الكعبة المشرفة - قبلة المسلمين - التي يتوجه إليها المسلمون في بقاع الأرض خمس مرات كل يوم، وفيها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبره، وإليها يفد ملايين المسلمين كل عام للحج والعمرة، وهي أول دولة عصرية جعلت القرآن والسنة دستورا ومنهجا وحيدا لها..". فمن حضر المؤتمر الثاني؟ الأمير تركي الفيصل سفير السعودية في لندن والرئيس السابق لأجهزة الأمن السعودية: "علينا أن نقوم بنقد ذاتي قبل أن نلقي اللوم علي الآخرين. ورأي أن المقياس في العالم العربي يبقي السلطة المطلقة في اتخاذ القرارات، حتى في الدول التي لديها برلمان. وشدد علي أهمية تصحيح طريقتنا في الحكم من اجل الخروج من الطريق المسدود، مطالبا بفصل حقيقي بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. ودعا إلى اعتماد تنظيمات للمؤسسات العربية علي غرار غيرها من المنظمات العالمية مثل الكومنولث والاتحاد الإفريقي، من اجل أن يحاسب القادة العرب علي أفعالهم ويحاكموا عليها. وقال أتمنى أن ينجح الشبان حيث فشلنا نحن".
وإليكم أسماءهم:
في الجلسة الأولى التي تحمل عنوان مراجعة الوضع العربي الراهن، ينسقها غسان تويني، ناشر ورئيس تحرير جريدة النهار اللبنانية، ويتحدث فيها كل من نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني وعمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية ومحمد بن عيسى وزير خارجية المملكة المغربية.
أما الجلسة الثانية: استشراف المستقبل السياسي العربي، وينسقها د. كلوفيس مقصود مدير مركز دراسات عالم الجنوب بالجامعة الأميركية في واشنطن، ويتحدث فيها الباحثان د. رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية ود. عثمان الرواف عضو مجلس الشورى السعودي، ويعقب عليها، د. بثينة شعبان، وزيرة المغتربين في سوريا، وعبد الرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج ود. محسن العيني، رئيس وزراء اليمن السابق، ومحمد أبو العينين عضو مجلس الشعب المصري.
وفي الجلسة الثالثة التي تحمل عنوان استشراف المستقبل الثقافي العربي، والتي تنسقها السيدة ليلى شرف وزيرة الإعلام الأردني السابقة، ويتحدث فيها الباحثون د. احمد كمال أبو المجد المفكر والوزير المصري السابق ود. محمد غانم الرميحي استاذ الدراسات الاجتماعية في جامعة الكويت، وسيساهم بالتعقيب فيها د. أحمد محمد الضبيب عضو مجلس الشورى بالسعودية، ود. جابر عصفور أمين عام المجلس الأعلى للثقافة في مصر، وعبد العزيز البابطين رئيس مؤسسة جائزة عبد العزيز البابطين للابداع الشعري بالكويت ود. علي اومليل سفير المغرب في بيروت، ود. نجاح العطار وزيرة الثقافة السورية السابقة، أما الجلسة الرابعة: استشراف المستقبل الاجتماعي العربي التي ينسقها د. ابوبكر قادر استاذ علم الاجتماع بجامعة الملك عبد العزيز بالسعودية، ويشارك فيها الباحثان د. احمد صدقي الدجاني كاتب ومفكر من فلسطين ود. حليم بركات استاذ علم الاجتماع بجامعة جورج تاون في واشنطن، ويعقب عليهم د. بثينة براق المحامية وعضو مجلس النواب التونسي السابقة، ود. رفيعة عبيد غباش، رئيس جامعة الخليج العربي في البحرين، ود. محمد جابر الأنصاري المستشار الثقافي والعلمي لملك البحرين ود. منى ذو الفقار المحامية والخبيرة المصرية في شؤون المنظمات المدنية.
الجلسة الخامسة التي تحمل عنوان استشراف المستقبل الاقتصادي العربي، تنسقها د. ميرفت التلاوي وكيل الأمين العام والأمين التنفيذي للاسكوا في بيروت، ويشارك فيها الباحثان د. حازم البيلاوي مستشار صندوق النقد العربي في الأمارات ود. مصطفى النابلي خبير اقتصاد الشرق الأوسط بالبنك الدولي ويعقب عليهما الشيخ صالح كامل، رئيس مجموعة شركات دلة البركة من السعودية، ود. طاهر حمدي كنعان أمين عم المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا من الأردن، وعبد العزيز قاسم كانوا نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات يوسف كانو بالسعودية، والأمير عبد الله بن فيصل بن تركي محافظ الهيئة العامة للاستثمار في السعودية ود. فتح الله ولعلو وزير المالية والخصخصة المغربي والمهندس نجيب ساويرس رئيس مجلس إدارة اوراسكوم تليكوم القابضة في مصر.
الجلسة السادسة استشراف مستقبل العلاقات العربية الأميركية، ينسقها د. بول سالم مدير عام مؤسسة فارس في لبنان ويتحدث فيها الباحثان، د. فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سارا لورنس في نيويورك، وأديب الجارد الوزير العراقي السابق، ويعقب عليها كل من جهاد الخازن رئيس تحرير صحيفة الحياة اللندنية وخالد التركي رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات خالد التركي السعودية، وروبرت جوردن السفير الأميركي في الرياض ود. شبلي تلحمي استاذ العلوم السياسية بجامعة ميرلاند الأميركية، ود. كريستوفر روس مستشار في وزارة الخارجية الأميركية للعلاقات العامة بالعالم العربي ومحمد ابو الحسن وزير الإعلام ورئيس المجلس الوطني للثقافة بالكويت.
الجلسة السابعة وتحمل عنوان استشراف مستقبل العلاقات العربية الإفريقية، ينسقها د. عبد الله ولد أباه الكاتب والمفكر اللبناني، ويتحدث فيها الدكتور حيدر إبراهيم رئيس مركز الدراسات السودانية ويعقب عليها الشيخ إبراهيم محمد جوب أمين عام رابطة علماء المغرب والسنغال، ود. بطرس غالي أمين عام هيئة الأمم المتحدة السابق ود. سليمان حداد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب السوري، وسيمون ويلفرد سفير الغابون في بيروت ود. مجدي حماد مدير الجامعة اللبنانية الدولية ببيروت ومرتضى بن حسن بن علي، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولي العماني،
اما الجلسة الثامنة: استشراف مستقبل العلاقات العربية الآسيوية وينسقها د. عبد الله عبد الرحمن المدني المتخصص في الدراسات الآسيوية في السعودية ويتحدث فيها د. محمود عبد الفضيل أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، وأسماء انيسا سفيرة باكستان في بيروت، ود. افتاب كمال باشا رئيس مركز الدراسات الغرب آسيوية والإفريقية بنيودلهي، ود. تشووي ليه مدير معهد دراسات الشرق الأوسط في الصين ود. علي عتيقة أمين عام منتدى الفكر العربي السابق بليبيا، ود. محمد سعيد نعماني مستشار وزير الثقافة والأستاذ للشؤون الدولية بإيران، ود. مسعود ظاهر أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية، الجلسة التاسعة والأخيرة تحمل عنوان: استشراف مستقبل العلاقات العربية الأوروبية، ينسقها د. صالح بكر الطيار رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي في باريس ويتحدث فيها الدكتور ناصيف حتى رئيس بعثة جامعة الدول العربية في باريس، ويعقب فيها الأمير تركي الفيصل سفير المملكة العربية السعودية في لندن، وجيل كيبيل مفكر متخصص في شؤون الحركات الإسلامية في فرنسا، ود. سامية الفاسي من مركز الدراسات الدولية والمتوسطية في تونس ود. فيتالي نوفلين رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية في روسيا، ود. محيي الدين عميمور رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة الجزائري وهوبير فيدرين وزير خارجية فرنسا السابق.
فهم القضية العراقية تاريخيا يلقى الضوء على مؤسسة الفكر العربي:
العراق منذ تأسيس دولته الحديثة سنة 1921م تم حكمه بصيغة برسي كوكس- النقيب، والنقيب هو عبد الرحمن النقيب أحد شيوخ وأعيان السنة ووالي بغداد وقتها. لقد حكم العراق سنيا بهذه الصيغة البريطانية رغم أن الأغلبية شيعة! لقد عزل البريطانيون الشيعة منذ ذلك الوقت من أية موقع مهم وألصقت بهم تهمة العجمة الفارسية! ويعود السبب لأن شيعة العراق كانوا وقود ثورة العشرين 1920م العظيمة ضد الإنجليز، ولقد هزم الثوار العراقيين الشيعة الانجليز بالرغم من استعمالهم السلاح الكيميائي – بينما كل أعيان السنة مثل عبد الرحمن الكيلاني وجمهور السنة، إضافة لعشائر الدليم وعنزة والشمر الحلفاء التقليديين لتركيا، تحالفوا بالمجموع مع الإنجليز ضد تركيا! ووفرت بريطانيا مرتبات شهرية بلغت 17 ألف جنيه إسترليني لرؤساء هذه العشائر الثلاثة – فكانت قاصمة الظهر للأتراك في الحرب العالمية الأولى. وبالطبع هنالك أسباب أخرى طائفية لكون السنة هي الأقلية في العراق! وكقانون اجتماعي سياسي تعمد الأقلية إلى قوة خارجية كرافعة لها للسلطة وإلى أساليب غير ديمقراطية وقد تصل إلى أساليب غير مألوفة – ومثال ذلك دولة البحرين التي تزور الانتخابات وتجنس مئات الآلاف من العرب السنة مثل الفلسطينيين واليمنيين، والسوريين وحتى السودانيين - لصنع تغيير ديموغرافي مذهبي مرغوب فيه، وقد تستعين بالأسطول الخامس الأمريكي على شواطئها، لكون الشيعة البحرانية تمثل 90%. ورغم قدم محاولة تعجيم العرب الشيعة العراقية من قبل البريطانيين ومن قبل العرب السنة الأقلية وإلصاق تهمة العجمة بهم –أي أنهم فرس وصفويين- لإلغاء كونهم الأغلبية كتبرير لحرمانهم من التمثيل السياسي في السلطة والتمتع بالثروة بثقلهم العددي، إلا أن التعجيم وصل ذروته على يد صدام حسين وجلاوزته، لقد طرد صدام حسين أربعة ملايين عراقيا بتهمة الدماء الفارسية في عروقهم.
وفي الواقع بدأت صياغة التعجيم لعرب العراق الشيعة في بداية العشرينيات على يد البريطاني اليهودي رجل المخابرات برسي ذكريا كوكس ومسز جيرترودا بيل. وكما يمكن الاستنتاج من فهم الحالة الشيعية لا تنفع معها ديموقراطية ويستسيمنستر في العراق، إذ هذا النوع من الديمقراطية سيضع الأغلبية الشيعية وثوار الثورة العشرينية وكلهم شيعة على سدة السلطة، وهنا سارع عبد الرحمن النقيب لتقديم خدماته للبريطانيين قبل دخولهم العراق بكتابة رسالة ترحيبية لهم. كذلك لعب التركي المتعربن ساطع الحصري الذي لا يحسن العربية والذي قدم مع الإنجليز من مصر وأصبح أول وزير للمعارف العراقية، لعب دورا محوريا في صياغة معادلة كوكس- النقيب في زحلقة الشيعة ومحاصرتهم بأنهم عجم وفرس. ولاء ساطع الحصري هو لعثمانيته التركية أولا وأخيرا، والحصري ثلاثة أعمار وثلاث مراحل مختلفة لم يعرف المثقفون العرب (البعثيون) سوى الأخيرة منها. كان مناوئا للوطنيين العراقيين لحد البغض سنة كانوا أم شيعة، ومناوئا للوطنيين العراقيين الشيعة لحد البغض وطنيين كانوا أم عملاء، ومناوئا للأكراد في الحالتين!! فمن أفعاله أحضر في العشرينيات مدرسين عرب من خريجي الجامعة الأمريكية للترويج الطائفي لبث العداء ضد الأغلبية العربية الشيعية، فالكتاب الذي أصدره المدرس اللبناني أنيس النصولي المنتدب من الجامعة الأمريكية للعراق والذي عرض فيه بشخصية الإمام علي وفرضه الحصري على طلبة المدارس كان عملا مدبرا ينسجم مع سياق الدور الذي أنيط بساطع الحصري، ولا يخرج عن رغبات الحصري في استفزاز الوطنيين العراقيين وإثارة موضوع طائفي خطير يكون وحده قادرا على إحداث شرخ في الحركة الوطنية. ساطع الحصري يدرك تماما ماذا يعني صدور كتاب في العراق ينال من الإمام علي ويمجد يزيد –قاتل الحسين- خليفة للمسلمين، وماذا يعني أيضا اتهام أحد أبناء ثورة العشرين بالعجمة الفارسية! فقد وضع أنيس النصولي كتابه هذا في ظروف كان الوطنيون فيها ما زالوا يعارضون اتفاقية النفط مع الشركات البريطانية والغربية، وكذلك فصل ساطع الحصري سنة 1927م الشاعر محمد مهدي الجواهري من وزارة التعليم لكي يحدث فرقعة يشغل بها الرأي العام عن موضوع البترول. وباختصار، فقد كان الرجل عضوا أساسيا في طاقم السلطة المحمول بريطانيا من القاهرة إلى بغداد. وعندما تقرأ ماذا يكتب حزب البعث العربي الاشتراكي عن ساطع الحصري كونه أبو القومية العربية لا تتمالك نفسك أن تشخ على نفسك من الضحك! هكذا لعبت إمبراطورية صدام حسين الإعلامية بعقولنا!؟ وما أشبه اليوم بالبارحة؟
وبإيعاز من ياسين الهاشمي وساطع الحصري في الثلاثينيات تورطت صحف عربية في مهاجمة العراقيين الشيعة أثناء مذابح الهاشمي المروعة في الكاظمية والفرات الأوسط. وكانت الثورة الفلسطينية تشتعل ضد سياسة الاستيطان الصهيوني. كما قدمت معلومات لكتاب مصريين –ونقود طبعا- تورطوا بإصدار كتب تهاجم الشيعة وتربطهم بالفرس، وتشوه عقائدهم الإسلامية، فبادر الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء إلى وضع رسالة في أصل الشيعة وأصولها موجهة إلى الرأي العام العربي، وتصدى توفيق الفكيكي لهذه الحملة بكتابة دراسات لإعادة العروبة إلى شعراء عرب بارزين.
وفي الستينيات في الفترة الناصرية نجح أشخاص محيطون بعبد السلام عارف في تسريب معلومات معادية للأغلبية العراقية العربية - الشيعة، فتورط مسئول مصري هو محمد عبد القادر حاتم بكتابة رسالة يربط فيها الشيعة العراقية بالشعوبيين من دون أن يكون على دراية بخلفيات هذه المسألة وعلاقتها في تمذهب السلطة القومية العراقية (سنيا) وصراعها ضد الأغلبية الشيعية. وقد رد عليه كاتب عراقي لم يضع اسمه على غلاف الرسالة التي نشرت عن مطابع صوت الخليج في الكويت بعنوان الشعوبية والشيعة، أهداها إلى السيدين جمال عبد الناصر وعبد السلام عارف. كذلك أصدر الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر فتواه المشهورة في المذهب الشيعي لتبصير عوام المسلمين السنة لكي لا يقعوا في التعصب المقيت.
لذا تلويث البيئة العربية بأفكار العسكريين البريطانيين وعبد الرحمن النقيب والسعدون وساطع الحصري، هي محاولة لا تستهدف الإضرار بالهوية القومية للشيعة العراقية بقدر ما تستهدف سحب المثقفين العرب إلى ساحة غير ساحتهم، وإبعادهم عن الإسهام التقليدي في مواجهة الحركة الصهيونية والنفوذ الاستعماري في المنطقة العربية. إن توقيت الخلاف ضد الأغلبية العربية الشيعية ففضلا عن كونه يأتي في سياق الإساءة إلى نوعية هذه الأغلبية، دفاعا عن مشروع تمذهب السلطة، فإنه يأتي دائما مرافقا لمؤامرة دولية تحاك ضد مستقبل الأمة العربية. فيجري التعتيم عليها ومشاغلة الرأي العام العربي بها. سواء في أوساط الثلاثينيات أم أواخر الأربعينيات أم أواسط الستينيات أم أواخر السبعينيات أم الآن. حيث تبدأ رحلة الصلح مع إسرائيل وحيث تشهد المنطقة العربية أعنف معاركها الإعلامية ليس ضد الحركة الصهيونية ولكن ضد الأغلبية الشيعية في العراق. وقد برز دور خير الدين حسيب صارخا في هذه المرحلة ناسيا خصوماته السياسية متجاوزا ما كان قد مس كبرياءه الشخصي من قبل سلطة صدام، داعيا لوحدة اليمين واليسار القومي تحت غطاء لافتة اعتقد الناس أنها غير طائفية، فيما نعتقد أنها غطاء طائفي أوسع مما يتحمله الصراع الطائفي، وكانت ندوات ممولة مما دفع كاتبا مصريا مرموقا هو فهمي هويدي إلى نشر مقال في جريد الأهرام (العدد الصادر في 15 سبتمبر 1987م) تحت عنوان (انتبهوا أيها السادة..معركتنا ليست ضد الشيعة). لقد عذب جلاوزة البعث خير الدين حسيب 1968م، وكان سبب اعتقاله هي نقطة محددة: (كان ضحية انتقاما لدوره الرافض لمنح امتياز الكبريت لشركة أمريكية، وكرد فعل لتنديده بتحالف البعث مع الشركات الأمريكية التي جاءت به إلى الحكم). وأسئلة المحققين كانت تدور في هذه النقطة. مما شجعه أن يطرح نفسه ممثلا لاتجاه قومي يساري وبديلا قوميا لحكم البعث بمشروع ديموقراطي برلماني. وجعل حادثة اعتقاله سببا لدفع بعض اتباعه للعمل في هيئة حقوق الإنسان العربي دون الحديث عن انتهاك حقوق الإنسان في العراق. ففي ندوات المركز التي اشرف عليها الدكتور خير الدين حسيب وخصصت لحقوق الإنسان في الوطن العربي لم يعض اهتماما لما يمكن أن توصف بأهم عملية انتهاك معاصرة لحقوق الإنسان حين أقدمت الحكومة العراقية على تهجير أربعة مليون عراقي بعد مصادرة أموالهم ومساكنهم وحرمان أبناءهم من حق التعليم. وسلب ما لديهم من وثاق بشرية أو علمية. وتركهم في العراء خلف الحدود العراقية مما شجع قطاع الطرق على استباحة العوائل والأطفال. وكان المركز قد اصدر كتابا في 350 صفحة شارك فيه 18 كاتبا لم يأت أحد فيه على حقوق الإنسان في العراق لا شيعة ولا كرد!. وهو الكتاب الرابع من سلسلة كتب المستقبل العربي – الديموقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي، عام 1983م.
أخذ خير الدين حسيب على عاتقه القيام بتأسيس مركز واسع للنشر وبإمكانيات غير معهودة في دور النشر العربية وهو مركز دراسات الوحدة العربية. وطاف خير الدين الحسيب على الدول الخليجية وشخصياتها التي قد تكون أمدته بالمال اللازم وبمباركة دول عربية أخرى وبإسناد من الجامعة العربية. إن تحويل الوحدة العربية من طابعها الجماهيري وسحبها من حياة الناس إلى صالات الفنادق يعني أمرا في منتهى الغرابة. وسيكون الأغرب أن يتم تحنيط أحد أنبل الأهداف المركزية للنضال القومي العربي في مؤسسة دراسات تجعل الوحدة العربية وكأنها أصبحت أثرا من الآثار القديمة التي تدور حولها عمليات البحث والتنقيب. في الوقت الذي يستبد بالشارع العربي جيل المنتمين إلى الإسلام السياسي. ورغم ذلك فإن وجود مركز للتنقيب عن الوحدة سيكون مقبولا إذا كرس وبصدق جهوده على اقتناص الملامح الجميلة لوحدة العرب من تراثهم الجميل. لكن ذلك لم يكن كما يبدو من أهداف هذا المركز إذ اغفل وبطريقة تثير الانتباه الإشارة إلى التراث العربي. ولم يصدر منه أو عنه كتاب يعني بقضية أساسية من قضايا الحضارة العربية. وعلى طريقة الحصري ابعد حسيب عن كتب المؤسسة أي موضوع يتعلق بنضال الشعب العراقي ضد الاحتلال البريطاني في 1920، 1940، 1958 وكانت بعض إصدارات المركز تبدو وكأنها مخصصة للتقليل من أهمية النضال الوطني في حركة الجهاد وثورة العشرين.
وأقصى حسيب عن برنامج المؤسسة كما أقصى ساطع الحصري عن مناهج التربية أي شاعر أو مفكر أو كاتب عربي قديم او معاصر ينتسب إلى أصول شيعية. ولم يضع في محاضراته ولو لذر الرماد في العيون أحدا ممن ينتسبون إلى أصول شيعية رغم توافقه معه في الطروحات. باستثناء كتاب لسعدون حمادي الضالع في المشروع نفسه. وقد تبنى خير الدين حسيب المشروع البريطاني في التشهير بالشيعة وطعن أصول الأغلبية في العراق بالطريقة الاستفزازية التي وردت في مذكرات الحصري وعلى لسان غلاة طائفيين. ولما كان معروفا أن الحركة القومية في العراق تشكو من فقر ثقافي وعدم وجود كتاب سياسيين ومفكرين لجأ حسيب إلى عبد العزيز الدوري الذي يلتقي معه في عدد من المواقف رغم أن أحدهما يقف في أقصى اليمين ويقف الآخر - كما طرح نفسه- في أقصى اليسار أن مشروع استشراف مستقبل الوطن العربي الذي اعتمدت له مبالغ هائلة واستمر العمل به سبعة سنوات عقدت له ندوات وحلقات دراسية وصدرت عنه مجموعة كبيرة من الكتب سينتهي بإصدار التقرير النهائي الذي يقع في 575 صفحة ويحمل اسم الدكتور خير الدين حسيب مشرفا ورئيسا للمشروع، يكشف عن اخطر دور ينهض به مركز أو مؤسسة أو جماعة طائفية في تفتيت الوحدة الوطنية والإضرار بالوحدة العربية عن طريق طعن أحد المذاهب الدينية للأغلبية العربية في العراق بأنه مذهب من مذاهب القومية الفارسية. فقد جاء في الصفحة 216 من التقرير النهائي الذي يحمل اسم مستقبل الأمة العربية أن المذهب الشيعي امتزج بالقومية الفارسية. وبهذا ينجز حسيب الدور المرسوم له ولهذه المؤسسة وتحت عباءة قومية عربية.
إن طعن 80% من عرب العراق وقبائلهم بكونهم ممتزجين بالقومية الفارسية هي المهمة التاريخية لهذا الفكر المتورط بمشروع كوكس-النقيب والمسز جيرترودا بيل والمشحون بمشاعر العداء والانتقام من جغرافية الحركة الاستقلالية والمقاومة الوطنية، ورفض الاحتلال البريطاني والاستسلام لسياسة المعاهدات التي ربطت العراق بالرأسمال الغربي ومصالح الدول الغربية وجعلته بعد سبعين عما عاجزا ومشلولا لا يستطيع مثقفو السلطة أن يقدموا سوى هذا الذي يقدمه خير الدين حسيب في آخر كتاب وفي آخر شهر من عام 1988م.
والذي يبدو واضحا أن مهمة هذا المركز – مركز دراسات الوحدة العربية- تتجاوز الحدود الإقليمية العراقية للظاهرة الطائفية وجعله محطة ترحيل طائفية لنقل الظاهرة إلى أقطار عربية ومثقفين عرب لم يعرفوا في تاريخهم شيئا من هذا الصراع وتوريطهم في كتابات من هذا القبيل (صدرت هذه الطائفية بشكل خاص إلى مصر وتونس والمغرب وهي أقطار عرفت بالتسامح الديني والمذهبي وترفعها من الأعمال الطائفية ضد المسلمين. لا يخفى أن هذه الكتابات إنما تعبر عن رغبات المؤسسات المرتبطة بالأجهزة الحكومية التي تمول هؤلاء المثقفين ورجال الدين. ومن الغريب أن يتورط قوميون وناصريون وماركسيون ومسيحيون عرب بمهاجمة الشيعة).. أن النص الذي كرسه خير الدين حسيب في نهاية تقريره هذا (بامتزاج المذهب الشيعي بالقومية الفارسية) يمكن أن يفهم بالطريقة التالية:
انه أطلق هذا الحكم كحقيقة ثابتة ونهائية خالية من شرطي الزمان والمكان مما يشكل تطورا لا حدود له في ايذاء التشيع وطعن الشعب العربي في العراق ولبنان وسوريا والجزيرة العربية واعتبر الشعب العربي في العراق بأغلبيته الشيعية المطلقة وفي الأقطار العربية وحيثما وجد في التاريخ ممتزجا مع القومية الفارسية. إن هذا الحكم يمكن أن يقدم قراءة جديدة لتاريخ التشيع، فيظهر الإمام جعفر الصادق مؤسسا للقومية الفارسية، وزيد بن علي أحد قادتها البارزين، ويكون من شعراء القومية الفارسية الكميت بن زيد الاسدي والمتنبي وأبو العلاء المعري ومحمد رضا الشبيبي، ويكون من أدبائها الخليل بن احمد الفراهيدي ومهدي المخزومي وباقر الشبيبي وتوفيق الفكيكي.
إننا نعذر خير الدين حسيب ونبرر هجومه على الشيعة لكونه عربونا وعرابا للأوساط المعنية بترشيح الزعامات العراقية، وعربونا وعرابا للجهات العربية الممولة له. لكنه لم يذكر لنا كيف سيتصرف كزعيم جديد مع (القوميين الفرس) الذين يشغلون 82% من السكان العرب العراقيين. وهل سيكون زعيما لحركة القومية الفارسية في العراق؟ أم انه يعد لعملية إجلاء جديدة للشعب العراقي واستبداله بشعب عربي؟ أم سينهض بحملة لتعريب الشعب العراقي ومنح العروبة لقبائله الممتدة من أعالي كربلاء حتى الفاو؟ ولم يذكر حسيب كيف سيتصرف مع القوميين الفرس المحيطين بمؤسسته في لبنان، وهم أكثر من نصف مجموع السكان العرب؟
إن تصدير الطائفية –كما فعل ويفعل خير الدين حسيب- ومشاعر العداء ضد الأغلبية العربية العراقية الشيعية، وضد التشيع بالمطلق، وتوريط المثقفين العرب وإدخالهم في عباءة المشروع البريطاني، بالترافق مع قرار وزارة المستعمرات البريطانية بتمذهب الدولة القومية الجديدة في العراق – هي نفسها المهمة التي ستقوم على عاتق مؤسسة الفكر العربي السعودية، وإذا نظرنا لأهدافها وطبيعة المحاضرات ومن من الشخصيات تحاضر في مؤتمراتها من العرب والغربيين الأجانب، ستفهم أن المطلوب ليس محاربة إيران والتشيع فقط، بل المطلوب أيضا التطبيع مع الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني باسم السلام الوهمي. ولكن قبل كل شئ ستروج مؤسسة الفكر العربي إقليما – كما فعل خير الدين حسيب- أن العرب والقومية العربية والقوميين العرب لا يمكن أن يكونوا إلا سنيين! أما التشيع والمذهب الشيعي بالمطلق هم حالة فارسية!! هذه هي وظيفة مؤسسة الفكر العربي القادمة، لا غير.
تنويه: لقد نقلنا ما يتعلق بالعراق في الفقرات أعلاه مع التصرف من كتاب الكاتب العراقي حسن العلوي: الشيعة والدولة القومية.
لو تمعنا ابتدءا تاريخ إنشاء مؤسسة الفكر العربي عام 1991م أيضا يتضمن إقصاء مؤسسة الشيخ الترابي السابقة وكذلك سحب البساط من تحت أرجل الصوت العربي والإسلامي الشعبيين الحقيقيين وتجييرهما لصالح ديمومة حكم العوائل في الخليج، وقد تم تنشيط مؤسسة الفكر العربي فجأة عام 2001م رغم تأسيسها 1991م، وهو الظرف المناسب لكي ترث ما بناه خير الدين حسيب في نهاية الستينيات والسبعينيات والثمانينيات للترويج لمفاهيم وإستراتيجيات جديدة: أن القومية العربية سنية ولا يمكن أن تكون شيعية!! وسنجد أيضا دورا وظيفيا إضافيا لمؤسسة الفكر العربي بعد 11 سبتمبر 2001م، وهو تبرئة ذوات الخليجيين وطمس حقيقة أن المد الوهابي الإقليمي والدولي الذي يتميز بالعنف كأنه ليس من صنع هذه العوائل نفسها وأنظمتها، والتي وبشكل مغالط تسمى الدوائر الخليجية الهجمة الأمريكية على الإرهاب الوهابي بالهجمة على الإسلام.
في الختام أخاطب المثقفين السودانيين، وأقول أولا، أن المثقف الحقيقي يفصل ما بين تناقضاته الخاصة (مثل السعي خلف وظيفة، أو حب الظهور في المؤتمرات..) وما بين تناقضات وطنه الوطنية، الإسلامية أو القومية. نقول ألا يخلط بينهما وأن يفصل تناقضاته الخاصة عن العامة. فمن العار أن يحل تناقضاته الشخصية على حساب التناقض الوطني، أو الإسلامي أو القومي - المثقف الحقيقي لا يبيع نفسه. ونؤكد، أن من تبهره الشهرة، فالشهرة الحقيقية تنطلق من جذور المحلية بلحاظ الصدق والإبداع، ولا يمكن القفز نحو الإقليمية، أو العالمية دون المرور بالمحلية. ونؤكد أن كل المشهورين في العالم، في الأدب أو الفكر أو في الاقتصاد أو في العلوم الطبيعية أثبتوا أولا عبقريتهم في محيطهم المحلي أو الوطني، وبعدها انتقلت شهرتهم خارج أوطانهم، وثانيا، حتى وإلى 11 سبتمبر كان المزاج العربي مغترا بنفسه حتى اكتشفت الولايات المتحدة خطر الوهابية وبدأت في محاربتها تحت اسم مكافحة الإرهاب، هنا حدث شيء طريف، أصبح توظيف الخطاب العربي القومي لصالح الخط الإسلامي السلفي خدمة للوهابية بصفتها زعما أنها الإسلام – فكيف يفوت هذا على المفكرين والمستشارين العرب الذين افتتنوا بهذه المنظمة، كيف يجوز هذا الخلط؟ وعليه، يجب ألا نغتر بهؤلاء الذين شاركوا في مؤتمرات هذه المؤسسة، فهم لا يمثلون الرأي العربي الشعبي أو الإسلامي في العمق.
وهنا، علينا ألا ننخدع بجيراننا العرب، علينا ابتداءً أن نركز خطابنا الثقافي والإعلامي على الشخص السوداني، وهو المادة الحقيقية، في الأدب أو الاقتصاد، أو الإسلام..الخ. وعلينا تأسيس مدرسة إعلامية سودانية – ونرفض أن نكون إمعات للمدرسة المصرية أو للخليجية اللواتي يزيفن الكثير من الحقائق التاريخية، وعندما نجود مدرستنا الخاصة سيتزاحم المتزاحمون لاقتناء أعمالنا أو الإقتداء بنا. ولكن تبقى مسألة تؤلمني، وهي، من من الرأسمالية الوطنية السودانية يستثمر في صناعة الورق؟ وغيره في مجال الطباعة؟ لنقل أولا في صناعة الورق، لأنه مادة هامة لصناعة فكر الإنسان وتربيته وتثقيفه (وصل إلى علمي أن دولة السودان قطعت أشواطا محمودة في هذا الاتجاه الطيب، ولكن يجب ألا يخطف هذا المشروع لصالح الخط السلفي). ألم يحن الوقت أن يصنع السودانيون الثقافة ويصدرونها؟ بدلا من تهميش الذات وبدلا من التسكع في مؤتمرات لا تمتلك الحد الأدنى من المصداقية؟
شوقي إبراهيم عثمان
كاتب ومحلل سياسي
shawgio@hotmail.com