الإقتصاد أساس الوحدة

 


 

جمال عنقرة
13 October, 2009

 

          عندما استضافت المذيعة المتألقة بقناة النيل للأخبار إيمان عبد الباقي في برنامجها الرائع (من زوايا مختلفة) الذي يعده الزميل المتميز أيمن عطية، رئيس البعثة الدبلوماسية السودانية بالقاهرة السفير المدهش عبدالرحمن سرالختم، سألته عن آلياته ووسائله وخططه لتحقيق مابشر به من وحدة شاملة بين السودان ومصر، هي سقف مهمته التي أوفده الرئيس عمر البشير من أجلها. فقال السفير سرالختم أن عوامل الوحدة بين مصر والسودان كامنة في كل مكونات البلدين المتكاملين المكملين لبعضهما البعض، الكاملين ببعضهما بكل عناصر القوة والمنعة. ولكنه زاد أن أساس تفعيل كل ذلك وتنشيطه وتحريكه هو الإقتصاد. بمعني بناء مصالح إقتصادية مشتركة يعضد هذا التواصل الطبيعي ويقوده إلي نتيجته المحتومة، وهي وحدة منشودة بين مصر والسودان، تقوم بها دولة وادي النيل الموعودة بالنصر والريادة، والمأمور الناس بالهجرة إليها متي ما سألوا خيرات الدنيا وبركاتها.

          وهذا الفهم الموضوعي المتقدم الذي طرحه السفير السوداني بالقاهرة، هو بالطبع فهم الحكومتين السودانية والمصرية، وهو كذلك فهم كل الذين يفهمون طبيعة الأشياء وقوانينها. ولكن الفهم وحده لايكفي إذ لابد أن يصدق القول العمل. فالمطلوب بناء مصالح إقتصادية حقيقية بين البلدين علي كافة المستويات. ويهم في هذا المجال الجانب الشعبي أكثر من الرسمي، وإن كان الجانب الحكومي مطلوب للمشروعات الإستراتيجية، ولبناء القاعدة الأساسية للتواصل، ولسن القوانين والتشريعات التي تعين الشعب في مصر والسودان علي التواصل والإنسياب شمالاً وجنوباً بلا حواجز أو تعقيدات.

          ونشهد بما يشهد به غيرنا من تطور ملحوظ في بناء مصالح مصرية سودانية مشتركة في السنوات الأخيرة، ولكن لابد من الإشارة إلي أن هذه المصالح مازالت دون الطموح، ودون المتاح بدرجة كبيرة. فالإستثمارات المصرية في السودان كلها لم تتجاوز المليار دولار بكثير، رغم أن دول أخري أبعد من مصر تجازت العشرات. ولئن قلنا أن هذه أقدر علي ولوج مجالات ضخمة في الإستثمار وبإمكانات كبيرة، فإن مصر تأتي الثالثة علي دول المنطقة التي لاتزيد عليها في شيء. ومما يلفت النظر ويستوجب التوقف هنا أن أضعف إستثمار مصري في السودان هو الإستثمار الزراعي إذ تبلغ قيمته 85مليون دولار فقط. ونحسب أن الزراعة هي أساس النهضة والمدخل الحقيقي لوحدة دولتي وادي النيل الشقيقتين، اللتين لابد أن يصيرا دولة واحدة، حتي ولو احتفظت كل دولة باستقلالها وبعض خصوصياتها.

          ونركز علي الإستثمار الزراعي المصري في السودان ليس لتجربة مصر المتميزة في هذا المجال وحدها، ولالإمكانات السودان الزراعية الهائلة فحسب، لكن نركز عليه أيضاً لأنه المدخل الأقوي للتواصل لو أن الفرصة أتيحت لصغار المستثمرين الزراعيين المصريين لدخول السودان للزراعة في حيازات صغيرة وبإعتماد أساسي علي الإنسان. فهذا النوع فضلاً عن نقله المباشر للخبرات المصرية للسودانيين الذين يختلطون معهم، فإن هذا الإختلاط تنتج عنه علاقات متعددة هي أساس الوحدة المنشودة. وأحسب أن تجربة ولاية سنار في هذا المجال تجربة رائدة تستحق أن تدعم ويحذا حذوها. وهي قد خصصت أفضل أراضيها الزراعية للإستثمار المصري في حيازات مختلفة تصل إلي أدناها. وتقدمها جاهزة ومعدة للزراعة مباشرة عبر الشركة المصرية السودانية التي اتفقت معها علي ذلك.

 

Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]

\\\\\\\\\\\\\\\

 

آراء