لمن يشكو سلفاكير؟ … بقلم: هاشم بانقا الريح

 


 

 

 hbrayah@yahoo.com

المتابع لتصريحات الفريق سلفاكير ميارديت، النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس حكومة الجنوب، يرى أن هذه التصريحات غالباً ما تُحمّل حكومة الخرطوم أو المؤتمر الوطني مسئولية عدم جعل الوحدة جاذبة للجنوبيين. هذا بالضبط ما ظل يردده السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس حكومة الجنوب، وهو ما كرره في تصريحات صحفية عقب لقاءه خافيير سولانا Javier Solana ، مسئول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي في بروكسل في وقت سابق من شهر نوفمبر المنصرم.

قال سلفاكير، ضمن ما قاله إن حكومة الخرطوم لا تعمل باتجاه تكريس الوحدة مع الجنوب، وأن حكومة الجنوب بذلت الكثير من الجهد نحو إبقاء السودان موحدًا.

لم تخرج هذه التصريحات عن النمط السائد للتصريحات التي ظل يطلقها السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية، والذي تمثل حركته أي الحركة الشعبية لتحرير السودان، الشريك الرئيس في الحكم القائم. هذا هو الواقع الذي أسسته اتفاقية نيفاشا للسلام عام 2005م والتي وقّعت عليها الحركة الشعبية.

ولم تخرج هذه التصريحات أيضًا عن التصريحات الكثيرة والمستمرة من بعض قيادات الحركة الشعبية، التي تُحمّل الخرطوم تارة، والمؤتمر الوطني تارة أخرى مسئولية بطء تنفيذ الاتفاقية. هذه الاتفاقية بها عيوب كثيرة لاشك في ذلك وبها جوانب يكتنفها الغموض كذلك، ولكن ما يوجب قبول هذه العيوب والإقرار بها والعمل على تصحيحها، هو أن هذه الاتفاقية وضعت حداً لأفظع الحروب الأهلية التي ظل السودان يعاني من ويلاتها لعشرات السنوات. هذه الميزة الكبيرة تجعل من الشكوى المستمرة من قيادات الحركة أمر ليس بمقبول، إذ أن هذه الحركة وقعت على هذه الاتفاقية بكل بنودها، وأظنها كانت تعلم علم اليقين أن الطريق نحو تطبيقها ليس بالأمر الهين. وثانيًا الحركة الشعبية، وبنص هذه الاتفاقية، هي الشريك الرئيس في الحكم، ولها قسمتها من السلطة والثروة.

وفي ظني أن هذه القسمة توجب على الحركة الكف عن الشكوى لوسائل الإعلام ومسئولي الدول الأخرى والمنظمات الدولية. 

الغريب في الأمر أن هذه الشكوى المتكررة التي ظل يطلقها الفريق سلفاكير ميارديت لم تكن جديدة، بل بدأت قبل عدة سنوات، أي بعد نحو عام أو أقل من توقيع الاتفاقية.  فإذا رجعنا للوراء قليلاً وعلى وجه التحديد شهر يوليو من عام 2006م نجد الشكوى حاضرة في اللقاء الذي جمع بين الفريق سلفاكير ميارديت والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن في واشنطن. ففي ذلك اللقاء شكا النائب الأول لرئيس الجمهورية من تلكؤ شريكه في الحكم المؤتمر الوطني في تنفيذ اتفاقية السلام. وفي ذات اللقاء هدد سلفاكير بأن "للحركة قابلية العودة إلى مربع الحرب، وخوضها بقوة أكثر شراسة." 

وكرر سلفاكير نفس الشكوى أثناء لقاءه بقيادات الحركة الشعبية في الولايات المتحدة وكندا خلال نفس الزيارة المشار إليها. لكنه هذه المرة قال إن أن السبب الأول لهذا البطء هو الرحيل المفاجئ للنائب الأول السابق لرئيس الجمهورية الدكتور جون قرنق.

إن استمرار السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس حكومة الجنوب في الشكوى على المنابر المحلية والدولية يشير إلى أننا أم مشكلة حقيقية في تركيبة "حكومة الوحدة الوطنية". فما دام كل شريك، أو على الأقل، الكثير من ممثلي الشريكين في الحكومة يرددون على مسامعنا عبارة "حكومة الوحدة الوطنية" فلماذا لا يقومون بحل مشكلاتهم بعيداً عن التراشق بالعبارات والاتهامات التي مللنا تكرارها. فممن ينتظر السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس حكومة الجنوب أن يأتيه الحل، وهو الذي عجز، وهو على قمة السلطة أن يحل مشكلاته مع شركاءه في الحكم؟

وإذا كانت اتفاقية السلام الشامل قد أقامت شرعية الرئاسة والدستور والقانون على التفاهم الثنائي، فمن باب أولى أن يحسم السيد سلفاكير ميارديت خلافاته مع شريكه في الحكم بالطرق الدبلوماسية المبنية على الحوار والتفاهم، لا على التصريحات والأحاديث المليئة بالشكوى التي تظهره دائماً في مظهر الشريك الضعيف الذي يعمل على حشد الدعم الخارجي ضد شريكه. وعلى الحركة الشعبية أن تدرك أنها منذ توقيع اتفاقية السلام ومشاركتها في سيناريو اقتسام السلطة والثروة أصبحت مسئولة، مثلها مثل المؤتمر الوطني، أمام الشعب عن كل إخفاق طال الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالبلاد، ولن تكون هذه الشكوى المتكررة مبرراً للإعفاء من أي مساءلات.

* مترجم وكاتب صحفي يعمل بالمملكة العربية السعودية

 

 

آراء