خواطر وقراءات عن أعوان السلطه واعلام السلاطين! … بقلم: تاج السر حسين
30 December, 2009
royalprince33@yahoo.com
تذكرت موقفا خلال عهد مايو وقد كنت وقتها طالبا فى المرحله الثانويه، جاء لى احدهم وقال لى اعرف انك تجيد الكتابه والخطابه وأريد منك ان تنضم الى حملتنا الأعلاميه لدعم الدكتوره / فاطمه عبدالمحمود، التى كانت مرشحه فى الدائره التى أسكن فيها.
فضحكت وقلت له:-
"نحن اهل أم درمان لا ننفع ان نتبع رجلا أو أمراة، ولذلك لا استطيع دعم ترشيح الرئيس نميرى راس النظام وقائده دعك من أدعم واساند من يدينون له بالطاعة والولاء، بالحق أو الباطل".
ومن يستطيعون ذلك فى الحقيقة لا علاقة لهم بام درمان وثقافتها بل هم دخلاء يدعون انتماء لها لأنهم يعرفون بان ذلك الأنتماء يضيف للأنسان مجدا وشرفا وعزة وكرامة، لا لشئ خاص سوى انها تمثل ملخص اهل السودان وبوتقه تجمع كل قبائله فى نلك المدينة الساحره.
اهل ام درمان قادة لا يقادون مثل القطيع !!
قال الامام علي بن أبي طالب : " لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا ".
وقال المفكر المصري مصطفى لطفي المنفلوطي: " إن الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس، ومن عاش محروما منها فقد عاش في ظلام حالك ".
إن الحرية ليست منحة تمنح، أو علما يكتسب، إنها إحساس عميق كامن في ثنايا الروح، وقابع في دهاليز النفس.
الحرية إحساس سحري لا يعرف معناه إلا من شعر به، وعرف عميق أسراره .. وأسرار الحرية مشاعر كامنة في النفس.
إنها شعور خاص .. فطري .. لا يعدلها أي شعور آخر .. شعور يولد مع الإنسان ويكبر معه، ومهما حاول الآخرون نزعه من داخلك فلن يستطيعوا.
قد تكون سجينا في غياهب السجون والمعتقلات في سابع أرض .. لكنك تحلق عاليا بحريتك، وتشعر بانفرادك عن الآخرين .. وقد تكون أكثر حرية بداخلك من سجانك وحراسك.
الحرية ليست فعلا فرديا انانيا .. اي لا يجب أن تستمتع انت بالحرية بينما يعاني الآخرون من القمع الظلم والاضطهاد .. ان حريتك الحقيقية تكمن في قدرتك على الدفاع عن الآخرين، وان تسعى كي يحصلوا على ما تنعم به، فالحرية فعل جماعي يجب أن تكون متاحة للجميع، ويتمتع بها كافة الناس دون تحديد او تخصيص.
واجمل مشاعر الحرية هو ان تدافع عمن سلبت حريتهم وتقاتل من اجل ان تعاد اليهم.
يقول الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا: " الحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات، فالمرء إما يكون حرا أو لا يكون حرا ".
ولعل نيلسون ماتديلا اراد أن يقول ( لا توجد منطقة وسطى فالمرء اما ان يكون حرا أو عبدا).
وهناك أمثلة كثيرة .. لعبدة السلاطين .. الذين يقضون حياتهم مناضلين .. مكافحين .. معارضين .. وعند أول قطعة لحم ترمى لهم من قبل السلطة .. نراهم يلهثون نحوها .. ويعضون عليها بالنواجذ .. وقد تخلوا عن نضالهم القديم، وكفاحهم القويم، في سبيل الكرسي الوثير .. وغيروا من مبادئهم وقناعاتهم وأفكارهم .. ورموا بتاريخهم بعرض الحائط .. ودفنوه في سابع ارض.
وعندما تذكرهم بذلك .. إما يكابرون ويدعون أنهم ما زالوا على مبادئهم .. أو يسخرون منك .. ويقول لك احدهم .. كنا سذجاً !! هذا اذا لم يتهمك بعضهم بالحقد والحسد!!.
انظر في أعينهم جيدا .. إنهم أناس تعودوا على ذلك القرب، ومتعة الدفء في محيط الحاكم !! إنهم لا يستطيعون العيش بعيدا عنه ! حياتهم أصبحت مرتبطة به .. أحاسيسهم ومشاعرهم متعلقة بالحاكم، إذا رضي فرحوا وإذا غضب اسودت الدنيا في أوجههم.
انظر جيدا .. تفحصهم وهم في قربه .. انظر في أعينهم وتأمل شفاههم وتعابير وجوههم .. ستلحظ بالتأكيد تلك الابتسامة المصطنعة، والرضا المصطنع، والحب المصطنع، والولاء المصطنع!!
قال الامام الشافعي:-
ِنَّ المُلُوكَ بَلاَءٌ حَيْثُمَا حَلُّوا
فَلاَ يَكُنْ لَكَ فِي أَبْوَابِهِمْ ظِلُّ
مَاذَا تُؤَمِّلُ مِنْ قَوْمٍ إِذَا غَضِبُوا
جَارُوا عَلَيْكَ وَإِنْ أَرْضَيْتَهُمْ مَلُّوا
َاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عَنْ أَبْوابِهِمْ كَرَمَاً
إِنَّ الوُقُوفَ عَلَى أَبْوَابِهِمْ ذُلُّ
وعن حرية السلطه يقول المفكر المصري عباس محمود العقاد: " إن المذهب السياسي او الاجتماعي الذي يسلبنا الحرية، يسلبنا أعز نعمة في الحياة الإنسانية، بل يسلبنا كرامة الإنسان ويستحق منا المقت والازدراء ".
وللسلطة أعوان .. أي سلطة كانت لها أعوان ومؤيدون ومساندون ومريدون .. وهناك في كافة المجتمعات سواء المتحضرة أو المتأخرة عشاق للسلطة، لا يهنأ لهم عيش إلا بقربها والاسترخاء تحت ظلها.
وأي سلطة كانت لا تغلب ولا تجهد نفسها بالبحث عن أعوان لها وطامعين في رضاها فهؤلاء كثر، ويعرضون خدماتهم بطرق شتى ووسائل مختلفة، ويضعون أنفسهم تحت تصرف السلطة بأي شكل.
ولكن المعضلة التي تواجه أي سلطة هي أن تجد لها شركاء!!
هناك سلطه من لا يعرف قيمتها لا يستحق أن ينتمى اليها انها (السلطة الرابعة) وهي الإعلام أو الصحافة، والتي اكتسبت هذا الاسم من تعليق اللورد ادموند يورك الذي قال في مجلس العموم البريطاني " توجد سلطات ثلاث و لكن عندما ينظر الإنسان إلى مقاعد الصحفيين يجد السلطة الرابعة" .. وهذه تملك قوة خطيرة، بالرغم من أن سلطتها غير مباشرة، لكنها تملك الوسيلة الأساسية للترويج والدعاية .. ولها دور كبير في التأثير على الرأي العام وتسييره.
لذلك نجد الحاكم دائما يسعى لعقد اتفاق تراضي مع الصحافة ووسائل الإعلام، ويسعى لتلبية طلباتها وسد حاجاتها .. ويعمل على استقطابها لصفه .. وهو ينجح أحيانا مع بعض وسائل الإعلام .. ويخفق أحيانا أخرى مع بعضها الآخر.
وفي عصرنا الحديث كان الحكام دائما يقربون الكتاب والصحفيين والاعلاميين والادباء والمثقفين والمفكرين من مجالسهم ، ولا زالوا .. وان كانوا ينتقون منهم من يتمتعوا بصفات خاصة ، ويكون هؤلاء عادة هم حلقة الاتصال بين الحاكم ووسائل الاعلام والاعلاميين.
والسلطة اذا رضت عن رجال الاعلام والصحافة قربتهم واكرمتهم واغدقت عليهم . ومن أبرز وسائل الاعلام كذلك التي تلجأ السلطات دائما لاستغلالها واستخدامها والاستحواذ عليها, وفرض قيود وقوانين مشددة لشل حركتها .. الصحافة.
إن العلاقة بين السلطة والاعلام علاقة شائكة وغريبة.فنجد أن هناك تجاذبا وتنافرا بين الطرفين في ذات الوقت، وهناك درجة شديدة من الحساسية بالتعامل بين هذين القطبين المليئين بالغموض والخصوصية .. وهناك دائما شعرة معاوية بين الرضاء والغضب لكل طرف من الطرفين.
السلطة هنا ليست فقط سلطة الحكم فحسب .. بل أي سلطة كانت .. الحكم ، المال ، المنصب ، النفوذ .. وغيرها ، وهذان القطبان المتناقضان لا يمكن أن يعمل أحدهما دون الحاجة للآخر.
فعندما تكون الدولة سلطوية، فانها أول ما تسعى اليه هو بسط نفوذها على وسائل الاعلام والصحافة، ومصادرت الحريات وقمع التفكير، وتبدأ باطلاق وسائل اعلامها الخاصة والصحف المملوكة للدولة ، ويصبح الصحفيين والاعلاميين موظفين لديها ، وابواق لسياساتها.
وعندما تكون الدولة ديموقراطية، فانها تمنح الصحافة والاعلام حريات واسعة ومطلقة، حتى وان كانت هناك قوانين تنظم الحرية، فانها لا تلتزم بها بحجة الديموقراطية والحرية.
وعندما تكون الدولة بين الحالتين (سلطوية / ديموقراطية) فهنا تقع الاشكالات الكبيرة، فحين يرضى الحاكم ينعكس رضاه على المزيد من الحريات للاعلام والصحافة، وحين يغضب يلقي بالمفكرين والكتاب في غياهب السجون.
إن العلاقة بين السلطة والاعلام علاقة شائكة .. ولا يمكن أن تحسم لصالح طرف من الاطراف .. فالسلطة تسعى وراء الاعلام اما لاستقطابه او قمعه .. والاعلام دائما لديه السلطة الاقوى والكامنة في قدرته بالتأثير على الرأي العام.
ذات مرة ضاق الرئيس الأمريكي هاري ترومان وهو الرئيس الأمريكي الثالث
والثلاثون بما تكتبه عنه الصحافة خاصة بعد أن أمر بإلقاء القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين خلال الحرب العالمية الثانية، واراد اتخاذ قرارات سلبية بحق الصحف وبعض الصحفيين، ولكن مستشاريه نصحوه قائلين:-
( كيف تعادي من يشترون الورق والحبر بالجملة ).
وهو دليل قاطع على قوة تأثير الصحافة ووسائل الإعلام.
لهذا أحذر من الكذبه المنافقين كتاب السلاطين، الذين لا عمل لهم غير قام الحاكم وجلس الحاكم ونام الحاكم وضحك الحاكم واذا بعدوا قليلا كتبوا عن نوابه أو مناديبه وهم معروفين بسيمائهم واقوالهم وقد بدأوا فى ارتداء ثوب الأنحياز لقضايا الشعب والوطن والمستضعفين بعد أن اغمضوا عيونهم وملاءوا جيوبهم لفترة طويله.
احذروا المنافقين كتبة السلاطين حتى لا تتكرر التجارب التى أجهضت الأنتفاضات والمسيرات والمطالب المشروعه للمواطنين وهم – اعنى المنافقين - اقدر الناس على التسلل وتسجيل الأهداف فى الدقائق الأخيره.
لا احد ينسى مواقف البعض حينما أستشهد من استشهد وعذب من عذب وجلد من جلد وشرد من شرد .. والآن يتحدثون عن مواقف نضاليه كاذبه وعن تاريخ قبيح يسعون لتجميله وهم طيلة حياتهم ما كانت تهمهم غير مصالحهم الشخصيه كانوا يكتبون وهم لا يملكون مواهب او مؤهلات غير التى تساعدهم فى التقرب من اصحاب القرار سواء ان كانوا فى السلطه أو خارجها، لقد أدمنوا العمل فى بلاط القتله والظالمين حتى اصبحوا عاجزين على ان يمارسوا اى عمل غيره!
هل ينسى الشرفاء مواقفهم وهم من دعموا الأنظمه الدكتاتوريه والشموليه وساندوها وساهموا فى بقائها لعدد من السنوات وزينوا لكل ديكتاتور ان كلما يفعله صحيح وسليم؟
هل ينسى الناس كيف تصدوا للأقلام الشريفه ودعوا لقمعها وشككوا فى نزاهتها واغتالوا شخصياتها؟
ولكم تمنيت عمل سجل يحفظ فيه اسماء الصحفيين والأعلاميين الذين والوا السلطه فى وقت كانت تبطش فيه بالشرفاء وتذيقهم الوانا من العذاب والقمع والتشريد والأغتيال النفسى والمعنوى.
نحن لا ندعو مثلهم للهمجيه وللفوضى وللأغتيالات أوالتعذيب أو الأضطهاد وانما نطالب بمحاكمات عادله توفر لهم ما حرموا منه غيرهم.
شعب السودان شعب عملاق لا يستأهل الذل والهوان والقمع والتشريد.
شعب السودان شعب صبور وحليم ولطيف ويجب ان يعامل على نفس قدره.
لن يخضع شعب السودان بعد اليوم لأى كائن من كان الا من يستجيب لنبضاته ويحس بالامه واحزانه ويوفر له ضرورات الحياة وما يجعله يعيش كريما وحرا ومن يدعو للعدل والمساواة وسيادة القانون.