اللهاث وراء عظم ناشف

 


 

 

حلم السودان الجديد او مشروع السودان الجديد  لم ينته بموت جون قرنق لانه ليس حل فردي او رؤية احادية . وقد بات واضحا الآن أن (المؤتمر الوطني) قد عبث بإتفاقية نيفاشا وأعد الساحة لجعل الوحدة خيارا غير جاذب  و(أبى) التمهيد لإنتخابات نزيهة و ديمقراطية، المؤتمر الذي يعرف جيدا ما معنى أن تكون الوحدة خيار جاذبا  يعرف أن في هذا موات مشروعه المهترئ ونهاية أكذوبة الدولة الدينية، الآن يسعى الى فصل الجنوب وإشاعة ثقافة الإختلاف بدلا عن  التنوع ولأن مشروع السودان الجديد أُس عماده  الوحدة، يريد  أرشفته وركنه . الخيار الوحيد أمام كل قوى السودان الجديد هو المقاومة بمقاطعة الإنتخابات لقطع الطريق أمام تحسين وجه السلطة  الطريد من قبل الجنائية  و الإصرار على كشف المسؤلية الجنائية لعصابة إنقلاب يونيو  في دارفور وفي الدمار والتخلف الحادث للبلد  وعدم الإعتراف بهامش الحريات والإصرار  على إسقاط النظام وعدم الإعتراف بفرية التعداد السكاني والإنتخابات الجزئية والتنبه لعدم  الصاق صفة الشرعية به مهما فعل . الطريق الذي تنكبه المؤتمر الوطني هو  درب واحد طريق يفضي  لجعل الوحدة غير جاذبة ليدفع بالحركة الشعبية لخيار الإنفصال، لقد غاب عن الكثيرين أن الشهيد جون قرنق لم يجعل من  هذا شرطا وحيدا لتحقيق حلم السودان الجديد بل كان هذا واحد من الوسائل التي يمكن ان تخط قاعدة مشتركة للعمل لهذا الهدف.  ومنذ توقيع الإتفاقية، عمل هذا النظام على إشعال كمائن العنصرية وسُميّتْ صُحفٌ بحالها صوتا للعنصرية الكالحة وزينوا للناس من - غير خجل- أنها صوت الأغلبية الصامتة!! و  على نفس المنوال تريد  السلطة أن تبقي على القوانين المقيدة للحريات لتسهّل انتخابات مزوّرة وغير متكافئة، تشغل بها الآخرين لتمد في عمرها . هذا كله يأتي بعد أن أعد المؤتمر الوطني عدته خلال كل السنوات العجاف الماضية.

إن إنتخابات مُزوّرة  من شأنها إشاعة وهم نهاية حلم السودان الجديد . القيادات الحزبية (الصدَقتْ) لعبة المؤتمر الوطني وصارت تَعِدُ لخوض الإنتخابات، هؤلاء لا يرون الا  من سم الخياط، والفرق بينهم والمؤتمر الوطني من حيث عتاقة التفكير ومحدوديته، فقط تباين  المراكز: ديل في الحكومة وديل خارجها. كيف تُسمّى انتخابات وهي بين خصمين احداهما انقلابي لا يُراعي إلا ولا ذمة مثخن بجرائره والآخر منهك مسلوب ومقيّد؟

أما بالنسبة للحركة الشعبية فهنالك إشكال في أذهان الكثيرين من المناصرين لمشروع السودان الجديد، إشكال التأييد أو المعارضة  خاصة عندما تتناقض مواقف الحركة مع رؤى السودان الجديد،  وفاتهم أن الحركة الشعبية  ليست بالضرورة المعادل لمشروع السودان الجديد  لأن  هذا الأخير أصبح هما جماعيا ساعة غادر المسلحون الغابة و شاع بالتزكية يوم أن اتجهت  الجموع الحاشدة لإستقبال قرنق في ذات الزمان حين   لم تتح له فرصة مخاطبة الناس في الساحة الخضراء حين قال المشهد الكثير. إن الحركة  بلا منازع هي الرائد في حمل هذا الأمل والمُتبني الأصلي له وحاربت من أجله سنينا ونازلت،  ولكن لأن هذا الحلم كبر  وانداح لأجيال وقطاعات كبيرة في السودان  هذا الحلم أصبح أكبر من حركة مسلحة او تيار سياسي معين ، بل قد يتجاوزها إذا هي إستمرت في تصديق أن السلطة قد تنفذ إتفاق نيفاشا بعد كل الإنتهاكات المستمرة. (سلفا كير) بإنحيازه لخيار الإنفصال كحل ساهل يبعده عن إشكال الشمال وتعقيداته (برضو) بتقاصر عن المشروع لأن  خيار الإنفصال على الرغم من مشروعيته ، أفضل منه  أن يبقى الجنوب داخل سودان موّحد وفق الأسس التي نادى بها قرنق و الإنفصال خيانة لمشروعه العظيم وابتسار لكل تضحياته ونفس الوقت تراجع عن حلم السودان الجديد. إتفاقية نيفاشا مِلك للحركة الشعبية والمؤتمر لا نزاع،  و للحركة الشعبية أن تتحمل مسئولية تصرفها تجاهها أما مشروع السودان الجديد فهو ملك لنا ولسوانا لكل فرد على خارطة الوطن. إن  الاحزاب السياسية الآن ، عين على الكراسي وأخرى على  التكويم ،قبيلتي  وأهلي واتباعي، تلهث تجري وراء عظم ناشف رمت به  حكومة المؤتمر الوطني باسم الإنتخابات، إنها أحلام العصافير  التي لا تدري ان يد الكيزان -واهبة القمح- تعرف كيف تسن سلاح (التزوير).

زعامات الأحزاب السياسية - يسارها قبل يمينها- فشلت في قيادة أحزابها وفشلت في تقديم حلول لقضايا السودان المستعصية والآن تساهم في غش المواطن بمشاركتها في هذة التمثيلية اليافعة بارتضائها (التلمُّظ) حول الطعام المتاح  و بولوغها في إنتخابات طرفها شخص طريد للمحكمة الجنائية . الإصرار على مشروع السودان الجديد يبقى الدرب العديل والوحيد لإنجازسودان مساواة وعدالة اجتماعية سودان واحد،  لا مكانة فيه لقوانين دينية متنوع الثقافات و الاديان واللغات، يبدأ  بمقاطعة الانتخابات والتمسك بتقديم البشير  للمحكمة الجنائية والعمل على اسقاط نظام الجبهة بشقيه الوطني والشعبي ،العصيان المدني والمعارضة اليومية الدؤوبة والمظاهرات  يصبح الطريق الوحيد لإبقاء نار السودان الجديد متقدة. مظاهرات ديسمبر الماضي رغم إختلاف أهدافها عرّتْ النظام و (ورّتْ) إنه مهترئ وواقف بالعافية .

 

salah abuzaid [abuzaidsalah@yahoo.com]

 

آراء