” الاشارات والتنبيهات”…كمال الجزولي والبعث والنشور في الحياة الدنيا:
9 January, 2010
د. عبدالسلام نور الدين
جامعة اكستر – المملكة المتحدة
لم يك ثمة مفر أمام ذلك النفر المرتاع الذى وقعت على أم رأسة الواقعة التي ليس لوقعتها كاذبة ، حينما اتاه الخبر البهيم يجر ظلامة بان الجبهة القومية الاسلامية التي أعلن نوبانها ، وعربانها ، وعرابها ، واربابها، انتقالها الي الرفيق الاعلى ، وارتفاعها الي الامجاد السماوية منذ نهايات القرن الماضي واضحي تاريخها ملحقا ومستلحقا بالالفية الثانية التي مضت وتقضت ، ونعاها في حينه الكاتب الحصيف الدكتور عبدالوهاب الافندي فى صدر كبرى الصحف الصادرة بالعربية والانجليزية الي الامة الاسلامية قاطبة في مشارق الارض ومغاربها وشدد في نعيه الرصين لها ان باطن الارض ستر لسوءات هذه الجبهة ، وان ذهابها خير من بقائها الذى اضحي اوضارا ووبالا على المسلمين والاسلام والسودان .
لم يك امام هذا النفر المرتاع وقد نفضت الجبهة القومية الاسلامية عن جثمانها الذى تمثل بشرا حيا سويا- احجار، واعواد، واكفان ،ووعثاء تراب و تربة المقابر، وانسلت من لحدها كما ينسل الذى غرق او كاد من ترعة الطين ، وعادت الي الحياة الدنيا في مؤتمر اطلقت عليه السادس الا ان يلوذ بحكيمة عموم النوبان والعربان في بلاد السودان السيدة الفضلى البصيرة ام حمد علها ان تجد لهم مفتاحا لتغلق به هذا الباب الذى تفتح على مصراعيه لتهب منه رياحا من اصل الجحيم .
..... يا حكيمة النوبان والعربان من بلاد السودان السيدة الحكيمة البصيرة ام حمد – كيف لتلك الحركة الاسلامية المسماة الجبهة، التي لحقت كما تعلمين بما لحق طسما وجديث في غابر الزمان ، ان تقوم من الاجداث قبل يوم البعث والنشور الموعود لتستوى امامنا في مؤتمر حاشد تتحدث فيه الى الاحياء بلغات الموتى .
..... ماذا اقول لافراخ زغب الحواصل مثلكم ؟ سوى الاشارة بالتنبيه الي امرين : الاول : من صحب الدنيا طويلا مثلي تقلبت على عينه حتي يرى كذبها صدقا . الثاني : ان حياة الجبهة القومية الاسلامية بعد موتها المؤكد ونعيها من قبل كل الاطراف المعنية بامرها يثبت بما لا يدع مجالا للشك ان البعث والنشور ممكن ليس فقط في اليوم الاخر ولكن كما ترون في الحياة الدنيا ايضا.
..... حسنا اذا كان الامر كذلك يا حكيمة النوبان والعربان في بلاد السودان فان السؤال مايزال قائما اذ كيف اضحى مؤتمر الموتى الاحياء الاول بضربة لازب سادسا ؟ الامر الذى دفع بخيول الكاتب كمال الجزولي الى تيهاء الحيرة والاضطراب .
..... ان يكون السادس هو الاول او الاول هو السادس فان ذلك بعض اسرار علم الحساب في عالم الموتى وكان ينبغي على منظمي المؤتمر السادس الاول ان يقوموا بترجمة فورية من لغات كتاب الموتى في العالم السفلى وهي اللغة السرية المعتمدة لدى هؤلاء القوم الي لغات عالم الاحياء الاحياء ، ويبدو ان ذلك لم يكن متيسرا لهم لسببين الاول :غياب وفقدان وسائط الترجمة والمترجمين واللغة المشتركة بين الاموات والاحياء في ذلك المؤتمر. والثاني : ان المؤتمرين كانوا يتحدثون الي انفسهم باللغات الميته التي لا يعرفها سواهم ، اما اعضاء الشرف والمراقبين من الاشباح والعالم السفلى وشياطين الجن والبعاعيت فقد قرروا بحزم التزام جانب الصمت داخل المؤتمر وستغشوا اصابعهم في اذانهم حتي لا يتأتى لهم سماع خطبة الافتتاح او المداولات احتجاجا على عدم دعوة نصفهم الاخر من المؤتمر الشعبي الذين حرموا من دخول هذا المؤتمر بدعوى انهم تعجلوا الخروج من القبور قبل الاوان وانهم حاولوا بشتى الطرق خداع الاحياء بانهم لم يموتوا اصلا وان البعث والنشور ليس من اصول الدين.
خلاصة القول – ان معنى ان يكون الرقم الاول هو السادس طبقا لكتاب الموتى – ان كل من سلك سبيله لهذا المؤتمر الاخير قد مات مثني وثلاث ورباع وخماس وسداس من قبل ثم انتفض حيا منقلبا على اعقابه يسعى وفقا لاحسن التقاسيم في معرفة تناسخ الارواح الذى ما فتىء ساريا في اقانيم هذا التنظيم منذ نشأته الاولى السادسة، حتي هذا المؤتمر السادس الاول، وبالعكس. (( 1- الاخوان المسلمون 2- حزب التحرير – 3 – الاخوان المسلمون – 4-جبهة الميثاق الاسلامي – 5- الجبهة القومية الاسلامية – 6- المؤتمر الوطني – الشعبي )).
ثم استرسلت في حديثها حكيمة النوبان والعربان في بلاد السودان قائلة :
ان البلاغ الذى انذر به هذا المؤتمر السادس كل الاعضاء الموتى الاحياء والاحياء الموتى ان لم يبق امامهم سوى ميتة واحدة ثم يذهبون بعدها الى غيابة قاع الجحيم الابدى التى لا عودة للروح بعدها ، وليبلغ الحاضر الغائب ، كما تقول ديباجة الخطبة النهائية للمؤتمر ان قد اضحى فقه الضرورة ان انجو سعدا فقد هلك سعيد .
..... لله درك ايتها البصيرة وعندك الخبر الليقين ياحكيمة النوبان والعربان في بلاد السودان فاذا كان الامر كذلك فلم غرق هذا الشاعر المرهف كما الجزولي في بحيرة الحيرة حينما راى موتى المؤتمر السادس الاول يخرجون من الاجداث سراعا وكأنهم الي نصب يوفضون .
..... يبدو ان شاعركم الجزولي الذى ينطبق عليه قيل الفرزدق في ذلك الفتي القرشي قد تقبل اخيرا وبعد لأي وجهد فكرة البعث والنشور في اليوم الاخر ثم استراح من ذلك القلق الميتافيزيقي الذى تبطنه مطارفا وحشايا امادا ثم فؤجيء بغتة ولم يهنأ بغنائم الطمائنية الروحانية بعد بما لم يكن في الحسبان ابدا اذا خرج له من كل قبر عميق من يقول له ان القيامة الان وان البعث والنشور ليس بعدا ولكنهما في هذه الحياة الدنيا وعلى عينك ايها الحائر.
عبد السلام نور الدين.
Abdelsalam Hamad [abdelsalamhamad@yahoo.co.uk]