نعم الحاضر يكلم الغائب

 


 

 

سعيد عبدالله سعيد شـاهين

كنـــدا - تورنتـو

 

waladasia@hotmail.com

       كم هو معلم وكم هو عظيم هذا الشعب السودانى رغم تكاثف الأعاصير والسحب المثقلة بأمطار مدمره ، هطولها كان يعنى سيولا تكتسح وفيضانات تدمر كل ما شيدته وأرسته تضحيات  ودماء وأرواح أجيال ضاربة فى عمق التاريخ ، خلقت مزيج بشرى متفرد حمل فى جيناته  أرقى خصائص ومكونات الإنسانيه فى مسيرتها عبر دروب البشريه نحو التقدم والرقى ، ومن تمازج هذه الجينات وتلاقح العنصر البشرى فى هذه البقعة من العالم شيد شعب السودان حضارته الراسخة فى عمق مسيرة الإنسانية وتطورها ، مستوعبا كل روحانيات العبادات بكل مكوناتها ، العبادات الوثنية متجسده فى آلهة عبدوها مرتقيا سلم تطور الأديان كافة  مختتما إياها بتجسيد زبدة العبادات فى الأديان التى تهدف فى خلاصتها السماحة  وتكريم الإنسان بما فيها إختلاف المعتقدات ، حيث يوجد فى المنزل الواحد ،الحى والفريق الواحد ، الشارع الواحد ، الفصل الدراسى الواحد ، كل ديانات وعبادات الإنسان ومعتقداته ، ولم تسجل محاضر التاريخ أن شعب السودان إقتتل فى مذهب أو فكر عقائدى ضد آخر ، بل شهدت بأم عينى إحتفال رأس السنة الميلادية ورأس السنة الهجرية فى وجود القاضى الشرعى بمدينة واو فى حفل ترم ترم وأطفئت الأنوار الساعة الثانية عشر منتصف الليل  وتواصل الرقص والإبتهاج الى طلوع الفجر ، رغم التناقض (المعتقدى) فى حفل رأس السنة الهجرية وطقوسها ، إلا أن (الرمزية) هى التى سادت فيه ، رمزية ما دعا له الإسلام ( لكم دينكم ولى دين) ، بل وطدت لعلائق إنسانيه للحضور ، وكل من بعد ذلك ذهب لدار عبادته مطمئنا ، بل فى قمة القهر (الترابى) إبان دورة الإنقاذ الأولى كان تجسيد ( وأدعو لعبادة ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) هى درس الشارع السودانى بكل مكوناته ، حيث يقيم المسيحين حفل إفطار للمسلمين ويذهب المسلمين لمشاركة إخوتهم المسيحين فى كنائسهم ودورهم حفلات أعيادهم ، فى رسالة شعبية هادئة  تزيل رهق عبث العصبة المتشنجة فى عباراتها (هى لله هى لله لا للسلطة ولا للجاه) متناسية أن هنالك رجال تدثروا بكل سماحة الإسلام وأدبه وأرسوا ما تعارف على تسميته بالطرق الصوفية حاول الإسلام (الترابى) الذى أراد إحتكار الإسلام فى السودان ، حاول أن يمحى هذا التسامى الإنسانى الراقى من وجدان هذا الشعب رغم أن هتيفة الشعار إياه رضعوا من (لبن) هذه الصوفية ولكنه عقوق التربية الذى لا يؤدى الا للهلاك أو الندم .

   نعم حدثت تفلتات أخلاقيه فى مسيرة شعبنا هذا وبالأسف من تسلط على رقابه وقيادته ، وجذبهم طمع الدنيا المادى وباعوا إنسانيتهم وضمائرهم وشاركوا فى( بيع) بنى وطنهم فى سوق النخاسة الإنسانية وأتبعوا( ملة) عدوهم  وملأوا جيوبهم بالمال الحرام فى أقذر تجارة للبشر (إنكسف) لها التاريخ لأنها سودت سجل من صفحاته ، ويتململ منها الضمير السودانى وصار يسدد ثمنها دماء وأرواح  وإمكانات هائلة  تهدر فى سبيل غسل ذلك العار ومن المبكيات  أن من ساقوا تلك الزمرة الفاسدة أخلاقيا لبيع بنى وطنهم ، نجد نفس الزمرة تزين لمن أهدرتهم حقوقهم ولمناصريهم من بنى وطنهم للإقتال لتنمو تجارة سلاحهم وتمتلىء خزائنهم من عائدات (حاصدات) الأرواح بدلا عن (حاصدات) خيرات الأرض الخضراء المعطاء ودارت حروب العبث الإنسانى بالروح الأنسانية

   وحديثا جدا وفى هوج وقمة تنفيذ سياسة ( الفوضى الخلاقة ) ومن ازقة وحوارى ومجارى دماء أرض أفغانستان والعراق والصومال وفلسطين  يحاولوا( تصدير) بشاعتهم ونهمهم للدماء وخيراتتنا ، ورغم جبال التوحش الأخلاقى تحت ستار أرقى مدارج التسامح البشرى (الإسلام) جاءت (ذئاب) بشرية عطشى متفلته لمحاولة زلزلة ثوابت الإنسان السودانى بثوابت هشه تذروها (نسيمات) وعى شعبنا هباء رغم كل المعانات والألم إجتاز الناس مكيدة المدعو أوكامبو وعصبته وسارت الأمور حيث أذهلت الكل وعلى رأسهم أولو العصبة القابضة !؟  ومن ثم رأى ذى الأسنان الصفراء أن الأوان وأزف  فى (تسنامى) الإنتخابات وأتت (كل عيون) العالم لتنقل مشاهد الإقتتال والإحتراب لكل أنحاء العالم ولكنهم رحلوا صبيحة غدهم  بخفى حنين وكاميراتهم (محتجه) لعدم تسجيل عظمة هذا الشعب فى تنوعه ورقيه وتساميه حتى على أبنائه المارقين والذين فتحوا (حرماتنا) لكل غريب مريب كل بمسبباته الواهية !؟

حاكمين ومعارضين (معرضين) شموخ شعب لذل الإهانة وما وجفت قلوبهم ؟ وقال (آل) الفوضى الخلاقة أنه رغم الخج والتزوير إلا أننا سنباركها من أجل إستقلال الجنوب ليتمكنوا من (إستغلال )

كل السودان  . وفرح المعارضين لكلمة التزوير وغضب أولو العصبة منها ، ووجهوا غضبتهم نحو (الإستقلال) .

   ورغم الدرس القاسى الذى لقنه الشعب بوعيه و(قرصة) الأذن لم يتعظ من (تسنموا) قيادته فى (غفلة) من زمان ، وتسامى شعبى فى شموخ بعد أن طاشت سهام صبية الوطن ومن (عبأ) نبالهم وملأ رغائبهم المريضة من أجل سلطان زائف حتى لو كان على أشلاء من رباهم وعلمهم وأى عقوق هذا؟

  والآن يتراقص ابالستهم ويزين لهم أن فى الشتات والتفرق نصر وأن( رؤوس) الوطن قد (دنت) وحان (قطافها) وأنتم كل( لليلاه) لقاطفها؟؟ وإن الإنفصال قادم قادم ولم يسأل أحد ولم هو قادم؟

     هم الدول المسماه عظمى وعظمتها بنيت على أسس وعمد إبادات جماعيه وإغتصابات إنسانيه وحضاريه وتاريخيه وكونوا مجموع مضخاتهم المالية وصنعوا بقرتهم الحلوب من بين دماء ودموع وأرواح ما زالت هائمه وصاروا فى عبادتها عاكفون  وإتحدت كلمتهم ودولهم وأموالهم وحتى ( يلهوا) يقظة الضمير الإنسانى من ملاحقتهم ( فتنوا) الآخرين بالإقتتال والتهافت لفتات يرمونه لهم تحت دعاوى صكوك الرضا ، وإبتلع (جهال) الوطن وصبيته طعم الإغراء الزائف !!؟ متناسين أنهم مجرد( طوب) يبنون بهم عمائرهم الخربة و(سلالم) يصعدون بها لمجد زائف على حساب أم حملتهم (وهنا) وأرضعتهم (عزة) لم يراعوا حرمتها وأمثالهم (رموهم) عظما بعد أن (أكلوهم) لحما لا فرق بين من نصبوه طاغية إنتهت دورته وبين مناضل أو متناضل .

   وفى سوداننا وقد أزفت ساعة قطف ثمار ما زرعوه بعون جهال بلدى نسأل ما العمل ؟ وهل يمكن إبطال مفعول حاصدات ما زرعوه وقد نمت باسقة زراعاتهم؟

نعم بعبقرية ووعى شعب مارس لعبة الإنتخابات المعقده بكل يسر رغم كمية أميته وشظف عيشه وإنتهاك آدميته إلا أنه تسامى ليكمل مسيرة سنين تمتد فى جذور الإنسانية الضاربة فى القدم وستأتى لحظة الحساب لاحقا ، فالأهم الإبقاء على الوطن على الأرض التى من خلالها يمكن التحرك  ، ولكن عندما تضيع الارض والوطن فالحديث عن الحساب يصير عبثا وترفا لامكان له فى مجارى الحياة .

    حقا لقد حانت لحظة الإستحقاق الوطنى ليبقى هذا الوطن وتستمر دورة عطائه للإنسانية فى مسيرتها تبادل لمنافع يتمتع بها الكل ، إنها اللحظة التى تلزم الجميع وقف العبث فى حق هذا الشعب ، وجب على الجميع الإنصياع لدفع إستحقاقات المرحلة الفاصلة فى أن نكون أو لا نكون ، وحتى فكرة أن نكون لاحقا بعد إرضاء غرور (طفولى) كمن يدمر لعبته ، سيكون ثمنها باهظا بكل الحسابات بل سنكون قد القينا على كاهل أجيال لم تولد بعد تبعات وظلامات لا ذنب لهم فيها غير أنهم أتو من أصلاب غير جديره .

لهجة التعالى الأجوف والمكايده غير المجديه إنتهى أوان ممارستها وحانت ساعة الجدية والإلتفات للخطر الماحق الذى لن يستثنى أحد .

   على كافة القوى السياسية التى فرضت نفسها كقيادات لهذا الشعب أن تتواضع لتنفيذ برنامج يعيد للوطن لحمته التى تكاثرت الأكله لإلتهامه من غيرتسديد ثمن اللحم بل ومن غير كلمة شكرا لحسن الحفاوة و(هبل) الضيافه لأنه لحظتها (الحجر) على (السفيه) ضرورة لا بد منها !؟؟

    على هذه القيادات دون فرز أن تتواضع لوضع برنامج عاجل وإعادة هيكلة وترميم كل ما دمر ، بإختصار جلوس الجميع والتوافق على الإشكالات ككل دون تجزئه ، ولنستفيد من تجارب من يدعون أنهم الأعظم  ، حيث توحدوا بعد حروب مدمره رغم التباين الواضح فى ثقافاتهم ولهجاتهم ولغاتهم ، أن تنال كل مجموعه حقوقها كاملة وتدير شؤن مجتمعاتها بما يتوافق ومكوناتهم الخاصه  وأن يتكافل الجميع متخذين من ثقافة وإرث النفير هاديا حتى يبلغ الجميع متكأ الإستقرار . للإنطلاق نحو العطاء لمن الهبت ظهورهم وإمتصت دمائهم (حاصدات) الأرواح ومضخات الخزائن النهمه ، فليجتمع الجميع فى أبيى أو عند الربان الماهر فى دمازين العطاء الواعد ، وليكون جهدا سودانيا خالصا تحت حماية ورعاية شعبهم الملهم الواعى ، لا تستلزم إستحقاقت دفع آجل . وهنا يجب أن يكلم الحاضر الغائب ...

 

آراء