لتكفير أخطائها … القوى السياسية: الوحدة خيارنا الاستراتيجي … تقرير: خالد البلولة ازيرق

 


 

 

خطوات حثيثة بدأتها القوى السياسية ناحية ترتيبات تحقيق الوحدة علي ضوء حق تقرير المصير المقرر مطلع يناير القادم، ويبدو ان جميع القوى السياسية بدأت مشوار التنسيق للخروج من أزمة الاستفتاء والحفاظ علي الوطن موحداً وتجنيبه خيار الانفصال الذي يلوح في الافق القريب، نتيجة كثير من التداعيات السياسية التي سادت الساحة خلال الخمس سنوات الماضية والتي بدأ معها خيار الانفصال تبدو كفته أرجح علي خيار الوحدة علي ضوء الحيثيات المطروحة للانفصاليين خاصة الجنوبيين.

ومع عتمة الانفصال التي بدأت تخيم علي الساحة السودانية، تبرز بين الفينة والأخري شارات أمل تضخ في شرايين الوحدة، وتحاول التغلب علي خيار الانفصال الذي صار لدي كثيرين نتيجة حتمية تنتظر ميعاد الاعلان، فأحزاب المعارضة يبدو أنها طوت صفحة الانتخابات بألآمها واتجهت نحو معركة تحقيق الوحدة من خلال لقاء قادتها «الأحد الماضي» بنائب رئيس الجمهورية، رئيس الحركة الشعبية الفريق سلفاكير ميارديت، وطرحت من خلال اللقاء مشروع وطني لاعادة بناء البلاد علي أسس جديدة تحدد العلاقة بين الشمال والجنوب في اطار خصوصية الأخير وتقديمه مهراً للوحدة، واكدوا العمل علي الحفاظ علي وحدة السودان، وضرورة اجراء حوار حول الاستفتاء مع كافة القوى السياسية دون استثناء، لأن قضية الاستفتاء ليست مسؤولية حزب بعينه وانما مسؤولية الكل. ومن خانة المعارضة التي رفعت راية خوض معركة الوحدة والعمل المشترك لها، تبدو المعركة في خانة الحكومة والمؤتمر الوطني أكبر، لكثير من الحيثيات، فالحزب رفع شعار الوحدة ودعمها في الانتخابات الماضية، وتعهدت قيادته بتسليم السودان كما ورث من الاجداد، كما انه الحزب الممسك بكل مفاصل الدولة وباستطاعته تسخير كثير من الآليات لجعل خيار الوحدة جاذباً للجنوبيين خاصة بعد أن تحدثت قيادته بأن الوقت المتبقي ليس قليلا لجعل هذا الخيار ممكناً، كما يرتب الحزب والدولة للدفع بنائب الرئيس علي عثمان محمد طه للبقاء بجوبا طيلة الفترة المتبقية لدعم خيار الوحدة هناك، اذاً كيف تبدو فرص معركة الوحدة القادمة علي ضوء التباينات التي تشهدها الساحة السياسية بين القوى السياسية العاملة لتغليب خيار الوحدة وماهي فرصها!!. الدكتور ابيغو أكوك، مدير مركز السلام والتنمية بجامعة جوبا، قال لـ»الصحافة» ان فترة السبعة اشهر المتبقة علي تقرير المصير ليست كافية لجعل خيار الوحدة جاذباً بعد الفشل في اقامة اي من مشاريع التنمية، وعدم انعكاس ثمرات السلام علي خدمات التعليم والصحة بالنسبة للمواطن الجنوبي، وقال ابيغو ان وجود علي عثمان نائب الرئيس بالجنوب يمكن ان يشجع روح الحوار ويعزز التعاون مع الجنوبيين أكثر، ويمكن ان يكشف أشياء غائبة علي الجنوبيين في موضوع الانفصال، واضاف «ان وجوده هناك في الميدان يمكن ان يوضح للطرف الآخر اين المشكلة وكيفية الحل، وان وجوده في جوبا يمكن ان يعطي ثمارا افضل في الميدان» ، ووصف أبيغو تحركات المعارضة لدعم الوحدة بأنها ستكون بلا فعالية، لأنها تتعامل مع قضية الاستفتاء كأنها قضية حزبية وليست قومية حينما تتحدث عن وحدة بأسس جديدة تتعاون فيها مع حكومة الجنوب وفي نفس الوقت لاتتعامل مع الحكومة المركزية، وقال ابيغو ان التعامل مع الاستفتاء كقضية قومية يتطلب التعامل مع كل الاطراف».

وفيما وصف مراقبون موقف المؤتمر الوطني واحزاب المعارضة، القوي باتجاه تعزيز خيار الموحدة بانه نوع من التكفير عن خطأ ادراج حق تقرير المصير والمناداة به منذ وقت مبكر في مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية 1995م لأحزاب التجمع الوطني الديمقراطي، ومن ثم اعتماده من قبل المؤتمر الوطني في مفاوضات السلام الشامل بالعاصمة الكينية نيروبي وادراجه في بروتكول ميجاكوس «يوليو 2002م» لتبدأ هذه الاحزاب من جديد مسيرة البحث عن الوحدة وتعزيزها بعد ان تضاءلت آمالها في الجنوب، حيث كشفت الحركة الشعبية يوم تنصيب الرئيس عمر البشير «الخميس الماضي» عن ترتيبات تمت لانتقال نائب الرئيس علي عثمان محمد طه الي جوبا في اطار جهود ترجيح كفة الوحدة عند اجراء الاستفتاء علي حق تقرير المصير يناير القادم، واعلنت عن مقترح دفعت به لشريكها المؤتمر الوطني لنقل كافة المهام المتعلقة باستفتاء أبيي والجنوب للامم المتحدة لاغلاق الباب أمام المهاترات ما بين الطرفين حول الاستفتاء، وأكد وزير الخارجية دينق الور القيادي بالحركة الشعبية، وجود خلافات بين الشريكين في القضايا العالقة ووصف بعضها بالصعبة، وقال ان المؤتمر الوطني يحاول الالتفاف حول حق تقرير المصير واشار لاثارته قضية تأمين الاستفتاء رغم حسمها في القانون، واوضح أن المؤتمر الوطني لديه محاولات لاشراك الشرطة القومية في عملية تأمين الاستفتاء رغم ان القانون يضع مسؤولية التأمين في الجنوب لشرطة الاقليم بجانب قوات جهاز الأمن الموجودة هناك، علي أن تؤمنه في الشمال الشرطة القومية. ولكن الدكتور خالد حسين مدير مركز السودان للبحوث والدراسات وصف لـ»الصحافة» اتجاه نائب الرئيس علي عثمان للاقامة في جوبا، واتجاه المعارضة كذلك لدعم مشروع الوحدة بالعمل الصحيح، لأن فرص العمل المادي في الجنوب ليس لها وقت لتحقيق الوحدة الجاذبة، خاصة وان طيلة الخمس سنوات الماضية لم يكن هناك عمل مادي، واضاف «حتي لو تم عمل منشآت احساس المواطن بها يحتاج لوقت» فالمطلوب الآن العمل علي اقناع الداعين للانفصال وتطمين الراغبين في الوحدة، وهذه تحتاج لحوار عميق ووضوح كذلك، وأشار خالد لثلاث مجموعات تمثل المجتمع الجنوبي الآن في قضية الاستفتاء، المجموعة الأولي هي «الانفصاليين» وهذه تحتاج لحوار ونقاش للوصول لتفاهم معها لتقديم تنازلات في حدها الأدني عدم الوصول للانفصال «كونفيدرالية» وقال ان هؤلاء ليسوا كثيرين ولكنهم مؤثرون، والمجموعة الثانية «الوحدويين» هؤلاء قناعاتهم وبرنامجهم وحدوي ولكن بعدائهم للمؤتمر الوطني والحكم في الشمال يمكن ان يبذلوا قصاري جهدهم للانفصال الذي يسعي المؤتمر الوطني لغيره، وقال هي مجموعة مؤثرة وتعمل بفعالية ولها دور كبير في الحركة الشعبية، لذا يحتاج المؤتمر الوطني لحوار معها، حتى يكون رأي الحركة الشعبية موحداً اتجاه الوحدة والذي سيكون له بدوره تأثير كبير، أما المجموعة الثالثة فهي «عامة الجنوبيين» وهؤلاء يتأثرون بالرأي الغالب وغالبيتهم العظمي مع الوحدة خاصة بعد تجربة الحركة الشعبية في حكم الجنوب والاقتتال القبلي هناك، وقال خالد بالاضافة لذلك الحكومة محتاجة لادارة حوار مع العوامل الخارجية المؤثرة في قضية الاستفتاء خاصة الرأي الرسمي في الادارة الامريكية الداعم للوحدة لأنها مؤثرة جداً في الرأي العام العالمي والحكومات.

وكان رئيس الجمهورية عمر البشير قد قال في خطاب تنصيبه «الخميس الماضي» ان قيام الاستفتاء في الجنوب واعظام فرص الوحدة الطوعية، أؤكد أننا ملتزمون بما نص عليه اتفاق السلام الشامل من اجراء الاستفتاء للجنوب في الموعد المحدد، وهو التزام لن نحيد عنه، فكما وعدنا وأعطينا العهد، سنوفى به، ولكننا نريد أن يقول اخوتنا في جنوب السودان كلمتهم دون املاء ولا اكراه ولا تزييف لارادتهم، وفق ما نص عليه اتفاق السلام الشامل، من أن تنجز عملية الاستفتاء في جو حر يشهده مراقبون محليون ودوليون، وأؤكد كما قلت من قبل مراراً، ألا عودة للحرب، ولا مجال لزعزعة الأمن والاستقرار، فاننا سنقبل عن رضى بالاختيار الحر لأبناء الجنوب، ومهما يكن الاختيار، فهنالك ما يجب التوفر عليه واكماله قبل اجراء الاستفتاء بحكمة وشجاعة وبلا ابطاء، اذ تنتظرنا محادثات الاتفاق على ترتيبات ما بعد الاستفتاء بالنظر الى كل واحد من الخيارين، وهى قضايا مصيرية جليلة الخطر، بعيدة الأثر على مستقبلنا المشترك، تحتاج منا اعمالاً للفكر وبذلاً للجهد، وهناك العمل من أجل الوحدة... فلئن كنا راضين بأن يمارس الجنوبيون حق تقرير المصير، فان موقفنا هو الايمان بالوحدة...ندعو لها، ونخطط لها ونعمل على ترجيح كفتها، وفي هذا السياق أجدد صدق العزم على استكمال مستحقات السلام، من ترسيم للحدود بين الشمال والجنوب وتكوين لمفوضيتى استفتائي الجنوب وأبيى، كما سأشرف شخصياً على انفاذ كل المشروعات التنموية والخدمية التى وعدت بها أهلى ومواطنى في ربوع جنوبنا الحبيب.

 

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

 

آراء