“المرتكزات الأساسية للدستور” والتفاف الشعب حولها يفتح بوابة المستقبل
Salimahmed1821@yahoo.fr
تنادي قيادات وأطراف الحكومة بعضها بعضا إلى كتابة دستور دائم للسودان، وأقول نحن جاهزون تماما لمناقشة ووضع دستور للسودان. من المؤكد أن يقول لي قائل الحكومة أن النداء لم يوجه لي أو لغيري، بل موجه حصريا لمتنفذي الحكومة لتقديم "مقترح لنواة دستور دائم". وبديهي أنني أعرف والحكومة تعرف ويعرف غيري أنني لست طرفا في الحكومة ولا ينبغي لي. وطبيعي أعرف أن قيادات الحكومة لم تتوجه بطلبها لي ولا إلى غيري من خارج الحكومة الراهنة. لكن رئيس الحكومة قال أنه بعد انفصال الجنوب بصدد تطبيق "شريعة القتل الجلد والقطع والبتر من خلاف" وأنه لا مجال إلى تعدد اثني أو ديني في السودان. لا نريد أن نسال عن موقع كلام رئيس الحكومة من الإعراب الديني أو الأخلاقي أو الإنساني، ولا نريد أن نسأل رئيس الحكومة عن هوية "الشرع" الذي مورس في السودان على مدى عقدين حتى استعاذ منه الناس برب الناس. ومع ذلك فإن القتل وتقطيع الأوصال والبتر من خلاف والفصل العنصري والنقاء العرقي التي أعلن عنها رئيس الحكومة تحتاج إلى دستور وقانون يتم نشره على ما تبقى من "ملاية" السودان. والأستاذ علي عثمان محمد طه بدوره طلب من جهاته التنفيذية "كتابة دستور دائم للبلاد". وطبعا البلاد المعنية هي السودان، والسودان هو لنا جميعنا. ولو كان الطلب من أجل وضع دستور لحزب الحكومة لما قلت نحن جاهزون لأن حزب الحكومة شيء يخصها لوحدها، أما السودان فأنه يخص كل السودانيين.
لذلك يتوجب على الحكومة الحاكمة من لدنها وعلينا جميعنا، اتفقنا أو اختلفنا، أن نقر جميعنا بحقيقتين باهرتين:
أولا: السودان شيء والحكومة شيء آخر، وهذا مبدأ دولي لا يقبل المحاجة، لذلك تزول الحكومات وتبقى الأوطان والشعوب،
ثانيا: لا يحق لأي حكومة في الدنيا أن تضع بمفردها دستورا أو تعدّله بمفردها حتى لو كانت حكومة منتخبة ديموقراطيا بواسطة الشعب وبرضاه ناهيك عن حكومتكم هذه.
برغم هذه الأسس التي كرستها التجربة الإنسانية، من المؤكد أن تزعم الحكومة أنها هي فقط وحدها لا شريك لها من يمثل الشعب السوداني، وبموجب هذا "التمثيل" من حق الحكومة وحدها أن تضع الدستور ونفعل ما نشاء. وهذا بالضبط ما قاله رئيس الحكومة قبل أيام أنه جاء بالشرعية الثورية (يعني انقلاب عسكري!) وأنه يحكم اليوم بموجب الشرعية الديموقراطية (!) عن طريق صناديق الانتخابات. الشرعية الانتخابية أو الديموقراطية التي يعنيها رئيس الحكومة، كما يعرف القاصي والداني، هي تلك الانتخابات المخجوجة خجا والمرجوجة رجا والتي خرج زبدها صديدا زعافا أصفرا عقربي اللون والنزعة. لذا لا داعي أن نقول أن تلك الانتخابات لا تعطي مشروعية أيا كانت، ولا داعي أن نقول أنها وبكل ما احتوته من غش وكذب وتزوير باسم الله تخالف شرائع الله في الأمانة والعدل ومكارم الأخلاق، لكن نستطيع أن نقول أن تلك المسماة بالانتخابات قد لدغت آخر أمل في تحول ديموقراطي "سلمي" وتأكد للشعب أن الجماعة الحاكمة لا تقبل بغيرها حاكما أو مشاركا .. " والما عاجبو يلحس كوعو" على حد تلك العبارة السوقية التي تفوه بها رئيس الحكومة، وهي عبارة أصبحت دارجة بين زعامات الجماعات الحاكمة ضمن ثقافة وأدبيات المشروع الحضاري الذي لا يعدو ذلك كراع بعوضة! وإزاء هذه الحالة الدكتاتورية الممعنة في الإقصاء، كان من الطبيعي أن يتحول عقل الشعب تلقائيا إلى وسائله الأخرى التي من شأنها أن تحقق رغبته الواحدة في الحرية والحياة الكريمة بالغ ما بلغ مهرها ومقدم صداقها. وحتى لو تمظهرت تلك الانتخابات المزعومة بالحد دون الأدنى من القيم وفازت فيها الحكومة، فإن الفوز كما قلنا لا يعطي الحكومة مشروعية كتابة أو تعديل فقرة واحدة في دستور. ومن قبل ومن بعد فإن الحكومة نفسها فاقدة الشرعية منذ أول يوم من عمرها، لم تكتسبها ولن تكتسبها وليس لها أن تكتسبها حتى لو اعترف بها العالم أجمع، فشعب البلاد هو الذي يعطي المشروعية طوعا ويسحبها اقتدارا وإن كرهت الحكومات.
وطالما أن الجماعة الحاكمة لا تخفي عوار دكتاتوريتها المستغلظة، لماذا إذن تريد هذه الجماعات تفصيل دستور جديد؟ فقد فصّلت الجماعات الحاكمة للشعب السوداني مقامع من حديد الدساتير وأغلال القوانين ونكال اللوائح وسلاسل الإجراءات ثم أجلست الشعب معقوفا في ظل من يحموم لا بارد ولا كريم وصبت على رأسه حمم الدكتاتورية الاستعمارية والمهانة والمسغبة. وكما ذكرت في سياق سابق فإن الحكومة الراهنة لا تعدو كونها واجهة للجماعات الاسلاموية العالمية التي تستعمر السودان استعمارا استيطانيا عنصريا بشعا من خلال قوانين عنف وقتل مستوردة ولم تتورع عن ارتكاب الفظائع ضد الرجال والنساء والولدان، وهذا سلوك المستعمر الغريب، لذلك "لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً" ولا صلة رحم. وفي ظني، حتى لو أرادت الحكومة الراهنة كتابة دستور جديد، لا أظنها ستكون قادرة على "إبداع" دستور وقوانين أسوأ من دستورها وقوانينها السارية على إرادة الشعب وكرامته وآدميته. فلم إذن تجهد الحكومة نفسها بوضع دستور جديد؟
الإجابة يكشف عنها الظرف الدقيق الذي يمر به السودان خلال هذه الأيام الحاسمة. فالجماعة الحاكمة تدرك قبل غيرها أنها ظلت على امتداد سنوات مضت على حال من الضعف والاهتزاز وتفتقر إلى مقومات الصمود، وقد بدا ذلك واضحا منذ دخول قوات حركة العدل والمساواة للخرطوم العاصمة. واليوم تدخل المتغيرات الجارية حيز النفاذ، خاصة انفصال الجنوب، الذي سوف يحدث زلزالا عنيفا في باقي السودان والجنوب والمنطقة بأسرها والعالم من الصين حتى جزر الكناري. لذا بدا اضطراب الجماعة الحاكمة واضحا تكشف عنه الأحاديث المضطربة المتضاربة التي تصدر عن قيادات الجماعات الحاكمة داخل وخارج السودان. ولا أظننني أعدو الحقيقة بالقول أن غالبية أركان الجماعات الحاكمة أضحت على شبه قناعة أنه الفصل الأخير من فصول استعمارها للسودان. لكنهم يتجملون بالثبات. والأهم في ذلك أن الاستيلاء على السودان أضحى محور الارتكاز الثابت في خطة شبكة الجماعات الاسلاموية العالمية للاستيلاء على كل المنطقة العربية خاصة مصر وأقطار الخليج. وعليه فإن انهيار حكمها في السودان سوف يجعلها تفقد الأرض الثابتة في خطة الانقضاض على المنطقة وتعود شبكة الجماعات الاسلاموية العالمية إلى حالة الشتات التي سبقت استعمارها للسودان. ولما كانت الجماعات المستولية تدرك أن هذا الشعب السوداني "المسردب" على قهرها هو وحده الذي سوف ينفضها عن كرسي الحكم بلا مظلة، فإن الهدف الوحيد من افتراء دستور جديد هو فرض المزيد من القيود والأغلال لقمع الشعب وترويعه مع المزيد من إحكام القبضة خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي المتصاعد والذي يحرض الشعب على اختلاف توجهاته على الثورة. وما يزيد من ضعف الجماعات الحاكمة أنها تقف عاجزة تماما أمام الغلاء الطاحن الذي وحد الشعب! لذلك أخرجت شبكة الجماعات الاسلاموية مجددا ورقة الدين والشريعة التي كذبت بها وعليها طيلة السنوات الماضية لعلها تنفع مرة أخرى. وحتى لا تعود شبكة الجماعات الاسلاموية إلى حالة الشتات، فإن ورقة الدين ستكون بمثابة "رخصة استيراد مفتوحة" تستورد بموجبها الجماعات الاسلاموية آلاف أتباعها من خارج السودان للدفاع عن "شريعة الله ودين الله" استيراد جماعات مسلحة من الخارج لأن الجماعات الحاكمة لا تثق مطلقا في الجيش السوداني برغم الغربلة المستمرة. ففي المنعطف القادم سوف ينحاز الجيش لأهله لا محالة .. وبالعدم، عندما يصبح الاحتفاظ بالشرف العسكري في حكم المحال، ربما يلقي الضباط والجنود بزاتهم العسكرية حفاظا على الشرف الوطني وعزّ الأهل.
ولا يغيب عن الفطنة أن قائل شبكة الجماعات الاسلاموية العالمية، سوف يتساءل هذه المرة عن "الصفة" التي تجعلني أو غيري أن نقول باسم الشعب السوداني "نحن جاهزون لوضع دستور للسودان" لا نريد أن نسأل عن "الصفة" التي تقمصتها هذه الشبكة الاسلاموية العالمية واستعمرت بها السودان على مدى عقدين ونيف وأحالته إلى شظايا ورماد وطن وإلى أثر بعد عين، إذ يكفي أن شبكة الجماعات الاسلاموية هي مجموعات من الغرباء عن الهوية السودانية وإنْ تغلف بعضهم في جلود سودانية، وأنها تفرض بالقهر والجبروت استعمارا أجنبيا صريحا واغتصبا لإرادة الغالبية الغالبة من الشعب السوداني، وإلا لكانت طرحت نفسها في مزاد انتخابات "وطنية" حرة .. من غير نزيهة أو شفافة! كذلك نعلم أن شبكة الجماعات الاسلاموية الحاكمة قد تقمصت إرادة الله فكذبت وحنثت وقتلت وجعلت شرع الله مطية للاستعمار ولاستعباد عباد الله وسرقت باسم الله، وآلاف البراهين لا تعد ولا تحصى تقف أدلة مادية دامغة لا مجال لإنكارها. إذن نحن هذه الفئة الغالبة من الشعب التي تعمل على تحرير بلادها واستعادة الوطن والديموقراطية بالوسائل كافة. وما أطرحه هنا هو فرض عين على كل سوداني لا يسقط عني إن قام به آخر ولا يسقط عن الكل لو قمت به ضمن غيري.
وعليه أقول كما يقول غالبية الشعب نحن جاهزون لكتابة "المرتكزات الأساسية للدستور" فمعركة الدستور هي أم المعارك، بل تشكل البداية المنطقية لكل خطوة تقود في الاتجاه الصحيح نحو الحرية الوطنية، وأول خطوة فيها تثبيت عدم أهلية الجماعات الحاكمة على كتابة دستور للسودان منفردة. فلا دستور إلا ما تكتبه الإرادة السودانية الغالبة، ولا شرعية إلا لمن رضي عنه الشعب. لذلك نحن جاهزون، ولا مانع عندنا في جمعنا أن نجالس الجماعات الحاكمة لاحقا على الخطوط العريضة حول كيفية استعادة الشعب لمشروعيته الدستورية أولا كشرط لازم لاستعادة الوطن.
لكن قبل الجلوس إلى الجماعات المستولية، من الأهمية بمكان وأولا وقبل كل شيء يجب أن تقوم الرموز الفكرية والاجتماعية والقانونية والحزبية السياسية السودانية بكتابة مقترح "المرتكزات الأساسية للدستور" وعرضها على الشعب السوداني. ومن الضروري أن تتم عملية صياغة "المرتكزات الأساسية للدستور" في معزل عن الجماعات الحاكمة. وفي ذات الاتجاه لا ينبغي كتابة مسودة كاملة لدستور كامل، بل كتابة "المرتكزات الأساسية للدستور" في نقاط محددة وموجزة وفي بضع صفحات حتى يتم تداولها بسهولة بين المجتمعات السودانية عبر كل وسائل التواصل الممكنة. ورقة "المرتكزات الأساسية للدستور" هي وثيقة تحوي القواسم المشتركة التي يتم التوافق عليها، ومنها تستبين ملامح الدستور العام الذي سوف يكتبه الشعب لاحقا.
على أن أهم ما سوف تحققه ورقة "المرتكزات الأساسية للدستور" أنها سوف تكون "الوثيقة الرمز" التي يتبلور حولها الشعب والتيارات السياسية ويدافع عنها الجميع. فالجميع يعلمون أنه من الاستحالة بمكان التفاف الشعب خلال هذه المرحلة حول زعيم أو مجموعة زعماء بسبب الخراب السياسي الذي ألحقته الجماعات الحاكمة بالحياة السياسية منذ ستينات القرن الماضي. وطالما تعذر الالتفاف حول زعماء سياسيين، فإن وثيقة "المرتكزات الأساسية للدستور" هي الحل الوحيد لهذه المعضلة لأنها، أي "المرتكزات الأساسية للدستور" سوف تجسد الرمز المادي والمعنوي لحركة النضال من أجل تحرير البلاد، والشعار الذي يلتف حوله الشعب في مجاميع مجتمعاته وتياراته على اختلافاتها وخلافاتها. إن الالتفاف حول رمزية "مرتكزات الدستور" هو الذي يعالج حالة الشتات السياسي والاجتماعي، ومن شأنه أن يحدد بدقة قبلة العمل كل تحت راية حزبه وفكره دون طغيان أو غلبة لتيار أو حزب.
لا أظن أن الرموز القانونية الفكرية والاجتماعية والتيارات والحركات السياسية والأحزاب السودانية بحاجة إلى دعوة مني أو من غيري للتلاقي لوضع ملامح "المرتكزات الأساسية للدستور" فمن حق الجميع الطرح والتفاكر للخروج بالخطوط الأساسية لهذه الوثيقة التي تجمع ألوان الطيف والمجتمعات السودانية. ومع ذلك اسمحوا لي بتوجيه نداء وطني إلى جميع القانونيين السودانيين الوطنيين لحمل هذا المشروع خطوة هامة إلى الأمام. ومع أنني أتحاشى تحديد الأسماء في مثل هذه الحالات، لكن تحضرني بعض الأسماء التي اعتقد أنها تحظى بقبول عام وبتجارب ثرة مثل الدكتور أمين مكي مدني والأستاذ كمال الجزولي والدكتور فرانسيس دينق والقاضي عبد الإله زمراوي وغيرهم من العشرات من الخبرات القانونية والدستورية السودانية الذين "يغطون عين الشمش" وبينهم من أسهم في وضع قوانين ودساتير لشعوب أخرى.
ضمن الترتيبات العملية، لعلني اقترح:
في داخل السودان: أن تجتمع الرموز والأحزاب السياسية المعنية لوضع تصورها عن "المرتكزات الأساسية للدستور" ومن ثم التوافق عليها.
في خارج السودان: تجتمع الرموز القانونية الاجتماعية والفكرية والحركات والأقلام السودانية لذات الغرض. فالقوى الاجتماعية خارج السودان تعد بالملايين وقوة لا يستهان بها وتقوم بدور فاعل ومؤثر على الرأي العام السوداني في الداخل والخارج، وتكفي الإشارة إلى الدور الكبير الذي تؤديه المواقع على شبكات الانترنت. زد على ذلك أن الحركات الدارفورية متواجدة خارج السودان، وهي جزء أصيل في هذا الطرح وفي المرحلة السياسية القادمة ليس على صعيد دارفور فحسب، بل في كل السودان.
بعد مرحلة كتبة نقاط المقترحات في الداخل والخرج، يصبح من السهولة بمكان توحيد "المرتكزات الأساسية للدستور" بين داخل السودان وبين خارجه وصولا إلى ورقة واحده موحدة، فتقنيات العصر قد كفلت التواصل السلس وتبادل المقترحات بين داخل السودان وخارجه. وفي تقديري سوف تستغرق العملية اقل من أسبوع .. أو ينبغي لها .. فالزمن حاسم.
بعد ذلك يتم طرح موجز المرتكزات الأساسية للدستور" على الشعب السوداني بالوسائل كافة. ولا يخلو ذلك من خلق كيانات اجتماعية في كل مدينة ومعظم القرى لشرح الوثيقة والدفاع عنها. وبعد تغلغل هذه المرتكزات الدستورية المختصرة في أوساط الرأي الغالب، يكون الدخول في المرحلة الصعبة ألا وهي مرحلة التفاوض مع الجماعة الحاكمة.
وإزاء صعوبات الحوار مع هذه الجماعات وما مردت عليه من نقض العهود والمواثيق، لابد من كفالة الظرف الذي يمكن تطبيق ما يتم الاتفاق عليه. هنا تواجهنا صعوبة كبيرة. فالجماعات الحاكمة لا مانع عندها أن تفاوض وهي مسيطرة على الحكم، بل والاتفاق على أمور كثيرة. لكنها تستطيع من خلال سيطرتها المطلقة على الحكم استغلال الاتفاق إلى سنوات إضافية من حكمها مثلما عملت مع اتفاقات نيفاشا وغيرها. اعتقد أن حل هذه المعضلة يتوقف إلى حد بعيد على الدور الضاغط الذي سوف يمارسه الشعب المتضامن حول هذه المرتكزات الدستورية. وهذا الدور الشعبي يتوقف بدوره على مدى قيام الأحزاب والجمعيات والرموز بنشر المرتكزات وبلورة الرأي العام حولها. طبعا نقول هذا الكلام على المكشوف، فكل اللعب صار على المكشوف ونستطيع أن نرى كل الورق الذي تلعب به الجماعة الحاكمة وهو في يدها!
وبجانب قوة الدفع الشعبي، لعلني اقترح أيضا إيداع نسخة عن هذه "المرتكزات الأساسية للدستور" لدى الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومجلس الأمن الدولي وحكومات العالم وأقطار الجوار لكونها وثيقة تواثقت عليها المجتمعات والتيارات السودانية الغالبة كافة وتقدم حلا يرضى عنه الشعب في كل اتجاهاته. وفي تقديري أن المجتمع الدولي قوة ضغط لا يجب إغفالها.
خاتمة
في يقيني أن هذا الاقتراح قد ضمن أهم العناصر اللازمة وعلى رأسها إمكانية تجاوز حالة الشتات والتفكك الاجتماعي التي زرعتها الجماعات الحاكمة، كما أنه يرفع حرج "التابع والمتبوع" عن الزعامات الحزبية، فالجميع فاعل وموجود وطرف أصيل داخل وثيقة "المرتكزات الأساسية للدستور" بما لا يلغي الهوية السياسية لأي حزب، فالجميع على نقاط متساوية من أركان الوثيقة والمدافعة عنها. ثم إن هذه المرتكزات سوف "تفرز" للشعب السوداني مواقف قياداته وأيها يقف صراحة مع حقوقه .. فالاختفاء لم يعد ممكنا. وفي السياق العام لعلني أكون قد جاوبت على رسائل وتعليقات الأخوات والإخوة حول ما كتبته نحن عنوان "أيها السودانيون أنتم مستعمرون... " أو "الجماعات الباطنية احتلت السودان .." حيث قال الأخوات والإخوة أنه ينبغي عليّ تقديم مقترح للخروج، وها أنا ذا أفعل في هذا الاقتراح المبذول للجميع وحقهم في الإضفاء والإضافة والتعديل. وعلى ذكر مقترحات العلاج، فقد سبق أن قدمت اقتراحا تحت عنوان "المقترح الأخير لضمان الوحدة وتفادي الحرب" الذي ينادي بازدواجية رئاسية بين الشمال والجنوب، ومن ثم تنسحب الازدواجية على كل مستويات الحكم والأقاليم. لكن الجماعة الحاكمة تؤمن فقط بصفويتها وبنقائها الديني العرقي العربي، فتخلصوا من الجنوب حفاظا على نقاء منقوع في خيال أعضاء الجماعات خارج حدود السودان، فرفضوا المقترح وكل رأي سديد ولسان مقالهم كقول ثمود "قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ"
سالم أحمد سالم
ليلة 31 ديسمبر 2010