عتاب للدكتور نيال دينق نيال وزير البترول السودانى … بقلم: تاج السر حسين
royalprince33@yahoo.com
الدكتور نيال دينق وزير البترول السودانى رجل مثقف وذكى، شارك أول امس 8/1/2011 ضمن عدد من السياسيين والمثقفين والمفكرين السودانيين، فى برنامج اعدته قناة (الجزيره مباشرة) عن تداعيات انفصال الجنوب العزيز عن الشمال، على (الداخل) السودانى والعالم العربى والدولى، وكان د. (نيال دينق) بدون مجامله نجم ذلك البرنامج الذى بدأ فى التاسعة صباحا وأنتهى عند الساعه السابعه مساء، بما قدمه من طرح علمى وموضوعى فى جميع الجوانب التى تناولها مما جعل القيادى فى المؤتمر الوطنى قطب المهدى يعود الى رشده ويعترف باخطاء ارتكبتها الأنقاذ ويجب ان تصحح حتى لا تتكرر تجربة الجنوب مرة أخرى والتى أدت الى انفصاله بالأصرار على حكم السودان بصوره اقصائيه وديكتاتوريه وشموليه وبعد أستغلال بشع للاعلام السودانى والعربى بصوره لم تمكن الكثيرين من أن يعرفوا حقيقة المشاكل التى تدور فى السودان كما ظهر من حديث كثير من المشاركين فى الندوه من غير السودانيين خاصة الذين يظهر من كلماتهم انتماءهم (للفكر القومى العربى) وكما هو واضح تضامنوا وتحالفوا مع الأنظمه (الأسلامويه) فى المنطقه بعهد غير مكتوب، وأنحصرت جل مشاركاتهم فى قضية فلسطين والصراع العربى الأسرائيلى مركزين على نظرية (المؤامرة) ، ولم يهمهم الأنسان السودانى وكيف كان يعيش تحت سلطة الأنقاذ الديكتاتورية الباطشه لمدة 21 سنه عانى فيها من جميع اشكال الظلم الأجتماعى والأقتصادى والسياسى، ولم يهتموا لخصوصة مواطن الجنوب الأفريقى الذى لا تربطه بالعروبه سوى دعمه ومساندته لجزء من اشقائه فى الشمال، الذين يظنون بأنهم عرب (خلص) لا تجرى فيهم دماء زنجيه أو افريقيه.
لكن كما يقول المثل المصرى (الحلو ما يكملش).
فالدكتور/ نيال دينق الذى دافع عن مواقف الحركه الشعبيه بصوره أكثر من ممتازه وفند جميع الحجج (الأسلامويه) التى طرحت والهمزات والغمزات التى طالت الحركه الشعبيه من قبل (القوميين العرب)، الا أنه اخفق فى جانب واحد وذلك حينما طرح احد المشاركين السودانيين ضرورة أن يتنحى (عمر البشير) عن السلطه ومعه اتباعه بعد اعتراف (قطبى المهدى) بالخطأ صراحة ولأول مرة يصدر مثلا هذا الأعتراف من قيادى (اسلاموى) له مكانته فى الحركه وفى الحزب.
فما كان من الدكتور/ نيال دينق الا أن يتدخل ويعلق غاضبا فى استعجال وانفعال رافضا الأطاحه بالبشير ومرددا بأنه أشجع سياسى سودانى وهو من وافق على حق تقرير مصير الجنوب، ثم اضاف ما هو اسوا من ذلك كله قائلا ( عايزين تشيلو البشير عشان توقفوا الأستفتاء .. نحن لو ده حصل ح نحارب مع البشير)!!
اقول للدكتور (دينق نيال) ما كل من يرغب فى الأطاحه بالبشير يسعى لأبطال حق كفلته لكم اتفاقية تعلو على الدستور وهى اتفاقية نيفاشا.
وكثيرون من اخوانك الشماليين فى الحركه الشعبيه وفى غيرها من تنظيمات وحركات عملوا مخلصين ودعوا من أجل ان تكون وحده جاذبه وطوعيه تقوم على اساس (سودان جديد) وأن يكفل حق المواطنه المتساويه لكافة السودانيين دون تهميش أو اقصاء وأن يصدر دستور جديد يمنع اقحام الدين فى السياسه، وبخلاف ذلك يكون من حقكم أن تقرروا مصيركم فى حريه كامله بل فى هذه الحاله ، ندعو كافة احرار وشرفاء السودان المستنيرين أن يقفوا الى جانبكم وأن يدعموا رغبتكم فى الأستقلال عن دولة (الظلم) والفساد.
ومن يسعون للأطاحه بالبشير أخى (نيال دينق) فدون شك فى بالهم ان يحدث ذلك بعد ظهور نتيجة الأستفتاء والمتوقع أن يقضى بانفصال الجنوب عن الشمال.
وبعد أن تصبح دولتكم الجديده واقعا يعترف به كل العالم، مع امنياتهم بالعودة مرة أخرى للوحدة بين الشمال والجنوب على اساس جديد يراعى كلما تقدم اعلاه من متطلبات ويراعى قضية التعدد الدينى فى السودان والتنوع الثقافى.
ومن زواية أخرى أسأل اخى (نيال دينق) هل فعلا البشير كان اشجع سياسى سودانى؟ وهل من يوصل جزء أصيل وعزيز وهام من بنى وطنه للأحتفال بألأنفصال، يعتبر سياسى أو قيادى شجاع؟ اما الشجاعه فى اتخاز قرارات تاريخيه تؤدى الى الوحده والى ما يجمع لا ما يفرق؟
الم يتفق الراحل (قرنق) مع السيد/ محمد عثمان الميرغنى - حينما كان فى وعيه - عام 1988 على اتفاقية تحقق كافة مطالب الجنوبيين دون اراقة دماء، فانقلب (البشير) قبل توقيع تلك الأتفاقيه بأسبوع على النظام الديمقراطى القائم وقتها وصرح فى اول ظهور له بأنهم استعجلوا تنفيذ ذلك الأنقلاب من اجل ايقاف اتفاقية (الذل والعار) كما وصفها؟ فهل نعلم لماذا سماها اتفاقية الذل والعار؟
سماها كذلك لأنه كان يرى كما يرى (علماء السودان) الآن أن ارض الجنوب ارض اسلاميه لا يجوز التنازل عنها وتسليمها للكفار وحرام على كل من يصوت فى الأستفتاء لصالح الأنفصال؟
ثم الم يدخل معكم هذا القيادى الشجاع فى حرب جهاديه كان ثمنها 2 مليون و500 الف شهيد من اخوانك فى الجنوب، وعدد كبير من الصبيه المغرر بهم من اخوانك فى الشمال، فهل هذه الشجاعه التى تحدثت عنها؟
الم يتجه (البشير) وبطانته نحو الحوار وتوقيع اتفاقية نيفاشا بعد هزيمتهم فى المعارك العسكريه وخوفهم من سقوط النظام، مثلما هزموا الآن فى زمن السلام بانفصال الجنوب عن الشمال؟
وهل قيادى شجاع من قتل 400 الف فى دارفور واغتصبت مليشياته النساء وأحرقت القرى، وجلدوا المرأة السودانيه من أهل الجنوب والهامش والبسطاء من ارامل ومطلقات بتلك الصورة البشعه التى لا تقرها الأخلاق والقيم والأعراف السودانيه ولا يقرها دين وبالطريقه التى شاهدها العالم كله على الفضائيات دون أن يشعر ذلك القيادى بالحرج أو الألم؟
واذا كان القائد (سلفاكير) كما ذكر قد بكى فى اول يوم بدأ فيه (الأستفتاء) وهو فى تلك اللحظه دون شك شعر بظهور ضوء الحريه والأنعتاق من العبوديه والظلم من دولة (الظلام) وعدم المساواة واللا انسانية ولم يفارقه ذلك الشعور حتى بعد أن اصبح (نائبا اول لرئيس الجمهوريه)، فهل تستكثر على اهلك فى الشمال الذين كانت ولا زالت قلوبهم معكم فى ان تنعموا بذات الحريه والديمقراطيه والأنعتاق من الظلم والطغيان والديكتاتوريه.
وأخيرا .. اكثر ما اخشاه ان يسعى البشير وجماعته لتوقيع اتفاق معكم – أعنى دولة الجنوب - لأنهم دائما ما يتفقون مع من يحملون السلاح ومن يهددون بقاءهم على الكراسى، لكى تساهموا معهم فى قمع القوى الوطنيه فى دارفور بل فى كافة جهات السودان، وبذلك تتنكرون الى رؤية القائد (قرنق) الذى كان يهتم بحلفا قبل (جوبا).