البعد المائى وأثره على العلاقات بين دول حوض نهر النيل .. تأليف : عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج

 


 

 

 

Asim Elhag [asimfathi@inbox.com ]

بسم الله الرحمن الرحيم

البعد المائى وأثره على العلاقات بين دول حوض نهر النيل

تأليف : عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج

باحث وخبير إستراتيجى فى شؤون القارة الإفريقية ومتخصص فى شؤون القرن الإفريقى

إسم الكتاب : البعد المائى وأثره على العلاقات بين دول حوض النيل.

تأليف : عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج.

مراجعة : د. عبد الوهاب الطيب بشير

تاريخ النشر : الطبعة الأولى – اكتوبر 2012 م.

الناشر : آفرو ريسيرش للنشر عبرالشبكة العنكبوتية – الخرطوم – السودان

البريد الإلكترونى: - asimfathi@inbox.com afrogroup2012@gmail.com

afroresearchmail@gmail.com

جميع حقوق الطبع محفوظة للناشر

لا يجوز طبع أو نشر أو تصوير أو تخزين أى جزء من هذا الكتاب الإلكترونى بأية وسيلة الكترونية أو ميكانيكية أو بالتصوير أو خلاف ذلك الا بإذن كتابى صريح من الناشر.

بسم الله الرحمن الرحيم

البعد المائى وأثره على العلاقات بين دول حوض نهر النيل

الجزء الأول

المقدمة والفصل الأول والفصل الثانى

تأليف : عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج

باحث وخبير إستراتيجى فى شؤون القارة الإفريقية ومتخصص فى شؤون القرن الإفريقى

21 أغسطس 2011

الآية

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله سبحانه وتعالى فى محكم تنزيله

(وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين)

صدق الله العظيم

سورة الحجر الآية 22

الإهداء

إلى كل أبناء قارة أفريقيا السمراء أرض الحضارات

إلى أبناء إقليم حوض نهر النيل سليل الفراديس

إلى كل الباحثين عن المعرفة

إلى كل من علمنى حرفاً

قائمة المحتويات

الموضوع

رفم الصفحة

الآية

4

الإهداء

5

قائمة المحتويات

6

المقدمة

8

الفصل الأول: الإطار النظرى: صراعات المياه الدولية

11

الصراع حول المياه

11

العوامل المؤثرة فى قيام صراعات المياه

11

السياسة وإستخدام قضايا المياه

12

نماذج من صراعات المياه الدولية

13

الموقف الدولى من صراعات المياه

14

المبادىء والقوانين الدولية التى تنظم إستخدامات مياه الأنهار الدولية

16

الفصل الثانى: نهرالنيل إحصائيات المياه والدول المتشاطئة على حوضه

21

نبذة تعريفية عن نهر النيل

21

مياه النيل بالأرقام

22

الدول المتشاطئة على حوض نهر النيل

25

الفصل الثالث: أزمة تقاسم حصص المياه بين دول حوض النيل

38

الوضع القانونى الذى يحكم العلاقة بين دول حوض النيل

38

إتفاقية مياه النيل من وجهة نظر القانون الدولى

40

محور الخلاف حول تقاسم حصص المياه فى إقليم حوض نهر النيل

40

توقيع الإتفاقية الإطارية الجديدة بين دول المنبع فى إقليم حوض نهر النيل

41

الفصل الرابع: الأبعاد والمصالح الإقليمية والدولية فى إقليم حوض نهر النيل

47

البعد السياسى والإقتصادى والقانونى

47

البعد الدولى والإقليمى

49

هل هنالك إقتراب إسرائيلى يسعى لتصعيد الصراع فى إقليم حوض نهر النيل

58

الفصل الخامس: رؤية دول حوض النيل حول الأمور المختلف عليها فى شأن تقاسم المياه

63

المحاور الأساسية التى تشكل التفاوض بشأنها فى إقليم حوض النيل

63

موقف دول المنبع من مسألة تقاسم مياه النيل

66

موقف دول المجرى والمصب حول موضوع تقاسم المياه

72

تقييم مواقف دول إقليم حوض نهر النيل حول موضوع إقتسام المياه

75

الخاتمة

79

الملاحق

81

ملحق رقم (1) خريطة توضح نهر النيل ومنابع وروافده ودوله.

81

ملحق رقم (2) ترجمة غير رسمية لإتفاقية عنتبى الإطارية.

82

ملحق رقم (3) إتفاقية الأمم المتحدة لاستخدام المجاري المائية الدولية فى الأغراض غير الملاحية 1997

92

ملحق رقم (4) خلفية عن مبادرة دول حوض نهر النيل باللغة الإنكليزية.

99

المقدمة

المشهد السياسى الراهن فى القارة الإفريقية وبالتحديد فى منطقة القرن الأفريقى والبحيرات ومنطقة غرب أفريقيا يشير إلى أن القارة الأفريقية مرشحة لأن تكون مسرحا للعديد من الصراعات القادمة فى ظل التنافس الدولى على موارد القارة الأفريقية, وإن ما حدث من إستقطاب للدول الأفريقية فى عهد الحرب الباردة بين المعسكرين الغربى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية, والشرقى بقيادة الإتحاد السوفيتى السابق أخذ يعاود مكانه من جديد فى القارة الأفريقية ولكن بطرق ووسائل أخرى ولاعبين جدد, فالصين وجدت لها موطىء قدم فى القارة الإفريقية ورسخت علاقاتها معها فى كل المجالات الإقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية وأوفت بجميع إلتزاماتها فيما يخص دعم التنمية فى القارة الإفريقية, أما الولايات المتحدة الأمريكية التى إبتعدت عن القارة الإفريقية منذ إنتهاء الحرب الباردة فى مطلع التسعينات من القرن الماضى بعد إنهيار الإتحاد السوفيتى وبداية عهد الأحادية القطبية التى تقوده هى الآن أخذت تعود إلى المسرح الأفريقى للحد من سيطرة المارد الصينى وتأمين مصالحها فى القارة السمراء, وبالأخص النفط والمياه اللذان يشكلان أهمية كبيرة لها فى سياساتها الخارجية, كما هنالك الإتحاد الأوربى الذى ليس ببعيد عن هذا المشهد التنافسى القائم الآن بين القوى المتصارعة على الموارد الإفريقية, هذا بالإضافة للقوى الصاعدة الحديثة فى آسيا وأمريكا اللاتينية التى أخذت تحقق العديد من التفاهمات مع الدول الإفريقية فى المجالات الإقتصادية.

لقد تحول موضوع المياه فى إقليم حوض نهر النيل الذى أتناول إشكاليته فى هذا الكتاب إلى قضية مركزية في وضع أسس التنمية والسياسيات والصراع بين الدول فى عالمنا المعاصر، وأصبحت قضايا المياه تنال اهتماماً عالمياً واسعاً، وقد أصبحت قضية الأمن المائى فى إقليم حوض نهر النيل ومستقبل موارده المائية والطلب على المياه فيه من التحديات التي تواجه الأمن المائى لدول إقليم حوض نهر النيل, حيث أن الماء يشكل محور الجغرافيا السياسية في المراحل التاريخية المختلفة التى مرت بالمنطقة, كما تشكل المياه فى إقليم حوض نهر النيل أساس التفاعلات الحضارية والصراعات والتدخلات الخارجية, ومازالت المياه في بدايات القرن الحادى والعشرين تعتبر من أخطر التحديات التي تواجه العالم بأثره, إن نهر النيل الذى يجرى من منبعيه فى بحيرة فيكتوريا وبحيرة تانا حتى مصبه في البحر الأبيض المتوسط, والذى يضم عشرة دول تم تسميتها بدول حوض النيل وهى (بوروندي ورواندا وتنزانيا وكينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا وإثيوبيا والسودان ومصر)، ودولة إريتريا التى أضيفت لهم بوصفها دولة مراقبة, بالإضافة لدولة جنوب السودان التى إنبثقت إلى الوجود فى التاسع من يوليو من العام 2011 م ليصبح عدد الدول التى يضمها إقليم حوض نهر النيل أحد عشرة دولة أفريقية, وأخذت أزمة المياه فى إقليم حوض نهر النيل تبرز للسطح بين الدول المكونة لحوضه, وتشكلت حالة من الإستقطاب الحاد بين دول المنبع والمجرى والمصب, التى تشكل جزء من حلقات تصعيد الصراعات التى تخدم تحقيق مصالح أجندات خارجية فى القارة الإفريقية.

والمتابع للأخبار التى تتناقلها الصحف العالمية وبالأخص الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية فى هذه الآونة, نجد أن أغلبها يتحدث ويروج عن أن هنالك حرب قادمة فى المستقبل القريب بين دول إقليم حوض نهر النيل, مما يدلل على أن هنالك ترويج إعلامى لقضية المياه فى إقليم حوض نهر النيل قبل وبعد التباين والخلاف الذى برز بين دول المنبع والمجرى والمصب عقب إجتماعى الإسكندرية وشرم الشيخ, والذى بعده قامت خمسة من دول المنبع بتوقيع إتفاقية إطارية جديدة فيما بينهما فى 14 مايو 2010 م فى عنتبى دون السودان ومصر مما أدى إلى تأزيم الموقف وزيادة التوتر فى منطقة إقليم حوض نهر النيل.

إن الكثير من الباحثين فى شؤون المياه والسياسة والدراسات الإستراتيجية فى منطقة حوض نهر النيل يؤكدون ويتفقون أن حل الأزمة القائمة الآن بين دول المنبع والمجرى والمصب حول كيفية توزيع وإستخدامات المياه, يكمن فى ترسيخ مبدأ التعاون بين دول حوض نهر النيل وجعل نهر النيل أما مرضعاً لكل الدول المشتركة فى حوضه, عبر إقامة المشاريع الزراعية والكهرومائية المشتركة والتى تعود بالفائدة لكل دول حوض نهر النيل, أى بمعنى أن يخدم مسارات التنمية فى كل دول إقليم حوض نهر النيل دون الإضرار بمصالح أى دولة من دوله, ولكن السؤال المحورى والمركزى الجاسم أمامنا الآن هو كيف يتحقق هذا التعاون بين دول إقليم حوض نهر النيل فى ظل طغيان الأجندات الخارجية على المسرح السياسى, وتعارض المصالح وتباين المواقف بين صانعى القرار فى دول المنبع والمجرى والمصب لدول إقليم حوض نهر النيل, كما أن هنالك العديد من التساؤلات التى تطرح نفسها الآن حول هل أن هذا الصراع نجم فعلا من عامل داخلى, أى هل يوجد هنالك فعلا طلبا ملحاً أدى دول المنبع للمطالبة بإعادة النظر فى الإتفاقيات الموقعة فى السابق لتحديد حصص المياه بين دول حوض النيل؟ وهل أنها فعلا تحتاج للإستثمار فى المياه لأغراض النهضة التنموية فى بلدانها؟ إذا كان الأمر فعلا يتعلق بموضعات تخص التنمية فى دول المنبع, فمن الأجدى لها أن تتجنب الدخول فى صراعات قد تؤدى لوأد التنمية التى تنشدها, إذن من البديهى أن تسلك دول المنبع سلوك تعاونى عبر التفاوض من أجل الوصول إلى تحقيق مطالبها التى توفر لها الإنطلاق فى عملية التنمية, أما السؤال الآخر الذى يطرح نفسه فى ظل تأزم الأوضاع بين دول المنبع والمجرى والمصب, يسأل عن هل هذا الصراع مدفوع من قبل أطراف خارجية من أجل خلق فجوة فى العلاقة بين دول المنبع الأفريقية ودولتى المجرى والمصب الأفريقيتين العربيتين؟, وهنا إذا كان الأمر كذلك نستطيع أن نقول هذا يعنى أن هنالك قوى إقليمية ودولية تسعى لشرخ العلاقة بين العرب والأفارقة فى إطار إضعاف دولتى المجرى والمصب السودان ومصر عبر إستخدام ملف المياه لتحقيق مصالح تخصها, وحتما تأجيج هذا الصراع لن تجنى دول حوض نهر النيل منه غير عدم الإستقرار وتوقف التنمية إذا إستمرت حالة الإستقطاب الحالية بين دول إقليم حوض نهر النيل, لذا يجب على صانعى القرار فى دول حوض نهر النيل أن يبذلوا كل ما فى جهدهم من أجل تجاوز هذه الخلافات فى سبيل تحقيق التنمية المستدامة وإزالة الفقر فى دولهم وتفويت الفرصة للأجندات الخارجية التى تروج للحرب, من أجل الولوج إلى منطقة إقليم حوض نهر النيل والعمل على إعادتها إلى مربع التخلف والفقر وإنتشار الحروب وبالتالى تضمن هذه الأجندات الخارجية السيطرة على كل موارد دول إقليم حوض نهر النيل.

المؤلف

الأول من أغسطس من العام 2011 م

الفصل الأول

الإطار النظرى

صراعات المياه الدولية

الصراع حول المياه:

أصبحت الصراعات الدولية حول المياه تزداد يوماً بعد يوم, نتيجة للمحاولات المستمرة لمعظم الدول التى تنبع منها المياه العذبة للسيطرة على اكبر كميات من المياه العذبة التى تنبع من أراضيها, أو محاولة السيطرة عليها بأكملها إن إستطاعت تحويلها أو تخزينها، وهذا التصرف من قبل الدول التى تنبع منها المياه العذبة المتجددة, سوف تتضرر منه العديد من الدول المستهلكة لهذه المياه العذبة المتدفقة من المنابع, مما قد يصيبها فى المستقبل بنقص حاد فى كميات المياه العذبة المتجددة الصالحة للشرب والزراعة والصناعة والخدمات الأخرى، مما قد يقلل من متوسط نصيب الفرد من المياه العذبة فى هذه الأقطار لمواجهة إحتياجات الشرب، الزراعة, الصناعة والإستهلاك المنزلى, وحسب المنظور العالمى تحدد نصيب الفرد من المياه العذبة بحوالى 1000 متر مكعب من المياه المتجددة , أما من المنظور الإقليمى (الدول العربية) فنصيب الفرد المقترح من المياه العذبة لا يتجاوز 500 متر مكعب من المياه، وتشير معظم تقارير الأمم المتحدة, أن العام 2025 م(1) ستزداد فيه نسبة البشر الذين يعانون من نقص المياه فى العالم ليصل الضعف, ويتركز معظم البشر الذين يعانون من أزمات شح المياه في كل من أفريقيا وبعض مناطق غرب آسيا, والجدير بالذكر هنا أن المياه العذبة المتجددة تمثل نسبة 26 % من حجم المياه على سطح الكرة الأرضية.

العوامل المؤثرة فى قيام صراعات المياه:

هنالك الكثير من العوامل التى تساعد على إنفجار الصراعات حول مصادر المياه العذبة المتجددة بين الدول المختلفة, فعلى سبيل المثال نجد أن الكرة الأرضية يوجد بها حوالى 214 حوض نهرى يوجد منها حوالى 56 نهر فى قارة أفريقيا, وهذه الأنهار العالمية تتشاطأ على أحواضها العديد من الدول, وتصل نسبة عدد سكان هذه الدول التى تشترك فى أحواض تلك الأنهار حوالى 2 مليار نسمة (40% من إجمالى سكان العالم), وتزداد ازمة المياه العذبة فى العالم نتيجة لإرتفاع نسبة الحوجة العالمية للمياه سنوياً, حيث يزداد معدل إستهلاك المياه العذبة بنسبة تقدر بحوالى 90 مليار متر مكعب سنويا, وقد تساهم هذه الزيادة فى معدلات الإستهلاك السنوية فى خلق بئية صراعية أو تعاونية(2) بين الدول المشتركة فى الاحواض المائية المتمثلة فى مجارى الأنهار أو الأحواض المائية الجوفية, ونتيجة للمتغيرات المناخية التي تعاني منها كثير معظم أقاليم العالم خاصة الأقاليم الصحراوية الجافة, يتوقع العديد من خبراء المياه احتمال ظهور صراعات كثيرة حول مصادر المياه العذبة المتجددة بين الدول التي تعتمد على مصدر مائى مشترك, وقد يشكل إستخدام دولة المنبع لكميات هائلة من المياه بشكل يؤثر على خفض كمية المياه الجارية فى الحوض المائى المشترك, نوعاً من الإعتداء على نصيب سكان الدول التى تتشاطأ على الحوض المائى, وربما يشكل أيضاً إستخدام الدولة المتشاطئة على الحوض المائى لكميات كبيرة من المياه نوعاً من تهديد الأمن المائى لدول المنبع, وبالتالى تتصاعد الخلافات المائية بين الدول المتشاطئة على الحوض المائى, وربما تتصاعد هذه الخلافات المائية بين الدول وتتطور إلى نزاعات يصعب حلها, وقد أدى عامل التغير المناخى من جهة أخرى, لتدهور فى كمية المياه المنتجة من بعض منابع المياه العذبة المتجددة الأخرى المشتركة بين اكثر من دولة واحدة ( نهرى النيل والفرات), كما أدى التغير فى المناخ فى تقليل نسبة الأمطار وإنكماش رقعة الغطاء النباتى فى مناطق عديدة, وربما شكل أيضاً وجود اتفاقيات دولية أو ثنائية تمت أثناء الفترة الإحتلالية الأوربية لأفريقيا نوعاً من عدم الرضا لدى معظم الدول الأفريقية التى إستقلت من الإحتلال الأوربى فيما بعد, ولكن عدم وجود إتفاقيات دولية أو ثنائية لتنظيم استخدام المجارى المائية ساعد فى تطور الصراعات حول المياه, ولكن يبقى عامل زيادة الطلب العالمى على المياه العذبة المتجددة العامل المحورى فى تحول مصادرالمياه العذبة المتجددة إلى مصدر للصراعات الدولية.

السياسة وإستخدام قضايا المياه :

أستخدمت قضايا المياه فى تحقيق مكاسب سياسية منذ بداية تسعينيات القرن الماضى، وتم إستخدام مصطلح (حرب المياه) من قبل الصحافة الغربية وبالتحديد الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية(3) فى سياق التنبؤات المستقبلية التى تشير إلى أن الصراع حول مصادر المياه العذبة المتجددة هو أحد أهم مسببات الحروب المستقبلية, وهنالك العديد من التصريحات التى تم إستخدام المياه فيها لتحقيق أهداف السياسية, وعلى سبيل المثال نجد فى عام 1977 م أن الرئيس المصرى الأسبق الراحل أنور السادات قد أدلى بتصريح بعد ايام من توقيع اتفاقية كامب ديفيد قال فيه " الماء هو القضية الوحيدة التي يمكن لمصر أن تدخل حربا من أجلها" وقد كان يعنى فى حديثه أثيوبيا التى كانت فى تنافس مع مصر, كما جاءت اشارة بطرس غالي في عام 1989 عندما كان نائباً لوزير الخارجية المصرية, بأن سلامة الأمن القومي المصرى مرتبط بمسالة مياه النيل, وأن مسالة تهديد الأمن القومى المصرى تكمن فى الدول الأفريقية الواقعة جنوب مصر, والتي يمر بها مجرى حوض نهر النيل, وأشار بطرس إلى أنه كلما زاد عدد الدول التشاطئة على حوض نهر النيل سوف تزداد الخطورة على الأمن القومى المصرى, أما على صعيد الجانب الإسرئيلى فقد أشار أحد جنرالات الجيش الإسرائيلى المتقاعدين (مانسيا هو بيليد ) إن أحد أهم حروب إسرائيل القادمة سوف تكون من أجل المياه(4) العذبة المتجددة، وأشار فى حديثه أن لابد للعالم أن يتفهم بواقعية حاجات إسرائيل الاستراتيجية, وفى إطار الصراع الإسرائيلى على المياه العذبة المتجددة إستحوذت إسرائيل على كل المياه الجوفية فى الأراضى العربية المحتلة, كما أنها تمددت للإستحواذ على مياه نهر الليطانى, ومن تلك التصريحات التى إستخدمت قضايا المياه فى السياسة, التصريح التركى فى الثالث عشر من يناير 1990 م, حول خفض منسوب نهر الفرات لمدة شهر, بهدف الإسراع فى ملء بحيرة سد أتاتورك لرى مشروع جنوب شرق الأناضول الزراعى، بينما كان السبب الحقيقى لهذا التصريح التركى السياسى, هو قيام سوريا في إكتوبر من العام 1989 م باسقاط طائرة إستطلاع تركية داخل أراضيها، مما أدي لمطالبة تركيا بمبلغ يجاوز الأربع عشر مليون دولار تعويضاً للطائرة وطاقمها، ثم جاء بعد هذا الحدث تهديد رئيس وزراء تركيا (ترقت أوزال) بوقف تدفق مياه نهر الفرات إذا لم توقف مناوشات حزب العمال الكردى من داخل الأاضي السورية.


نماذج من صراعات المياه الدولية:

1. الصراع الهندي الباكستاني حول مياه (نهر اندوس) وقد تمكنت كل من الهند وباكستان من عقد اتفاقية بينهما حول تقسيم مياه النهر في عام 1960 م.

2. الصراع بين جمهوريات وسط آسيا, التي تقع جميعها في مناطق جريان الأنهار التي تصب في بحيرة ( آرال) حيث تتعرض البحيرة الى الجفاف بسبب كثرة استعمال المياه, ومانجم عنها من كوارث بيئية التى لايمكن معالجتها ألا بتوفير المزيد من المياه في بحيرة آرال.

3. الصراع على المياه بين الدول التي تشترك في حوض نهر الاردن, مما حدا بالأردن السعى إلى الشروع في إنشاء قناة لربط البحر الأحمر بالبحر الميت, لزيادة منسوبه والمحافظة علي بيئتها البحرية, وتشير بعض مراكز البحوث أن نهر الأردن سيواجه أزمة حقيقية نتيجة لزيادة حاجة دولة الاحتلال الإسرائيلى للمياه بنسبة 30%، بينما ستعاني الأردن من نقص يصل إلي 20% في الوقت الذي تم فيه استغلال السقف العلوي من مياه النهر.

4. الصراع حول مستودعات المياه الجوفية العابرة للدول, حيث تتصاعد احتمالات نشوب النزاعات بشأنها كلما اشتدت ازمة المياه, وكلما اصبح الحصول على الماء امراً مكلفاً بالنسبة للدول، مثل ما هو متوقع بين مصر، السودان، ليبيا، تشاد والنيجر حول الحوض الجوفى النوبى ، وبين السعودية و الاردن حول مياه حوض الديسي الجوفية.

5. الصراع بين الدول المتشاطئة على حوض نهر النيل (موضوع هذا الكتاب) فى منطقة شرق أفريقيا, والذى إحتدم الصراع فيه عندما وقعت دول المنبع إتفاقية إطارية دون السودان ومصر بعنتبى فى الرابع عشر من مايو من العام 2010 م, ولا زالت الأزمة مستمرة دون حل.

الموقف الدولى من صراعات المياه:

المجتمع الدولي أصبح مدركاً بقضايا المياه وأهميتها المتصاعدة وما تنذره به من صراعات مستقبلية, وعليه إهتم بالمعاهدات(5) والإتفاقات الدولية التى تعمل على وضع ترتيبات دولية تسهم فى الحد من صراعات المياه والمحافظة على مصادر المياه العذبة المتجددة فى العالم, ففى إطار برامج حماية البيئة، نجد أن إعلان استوكهولم 1972 م, قد ضمن فى إعلانه عدة إتفاقيات في مجالات البيئة العالمية المختلفة، منها إلتزام الدول بوقف عمليات إلقاء المواد السامة والضارة التى تلوث المياه, وتؤثر على النظم الايكولوجية المائية ومصائد الأسماك، وأهمية هذا الإعلان أنه يشكل نهج دولى لحماية الأنهار الدولية حتى لاتكون عرضة للتلوث عبر سكب المواد الخطرة فيها والتى تؤثر على صحة وحياة إنسان الدول المتشاطئة على حوض نهرى واحد, وقد أقامت الأمم المتحدة فى الخامس والعشرين من مارس من العام 1977 م أول مؤتمر عالمي للمياه فى مدينة "ماردل بلاتل" الأرجنتينية, حضرته حوالى 116 دولة, وحوالى 54 منظمة دولية, و47 منظمة غير حكومية، وقد قدمت الأم المتحدة فى هذا المؤتمر رؤيتها حول العديد من قضايا المياه مثل مشاكل الرى, ومشاكل التوطين والبيئة, وإدارة الموارد المائية, وتدريب العمالة التى تعمل فى مشروعات المياه، وإهتم مؤتمر "ماردل بلاتل" بإعتماد توصيات تختص بتوفير مبالغ مالية إضافية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى, لتلبية الإحتياجات الفنية والأبحاث ذات الصلة بتنمية الموارد المائية الدولية, وفى يناير من عام 1992 م, قامت هيئة الأمم المتحدة بتنظيم المؤتمر الدولي للمياه والبيئة (ICWE) فى مدينة دبلن الأيرلندية ، وقد صدر من قمة دبلن المائية العديد من المبادئ إهتم أغلبها بكيفية إدارة الموارد المائية الدولية المشتركة, وتحفيز التعاون المائى بين الدول التى تشترك على مجرى مائى واحد, أما في قمة الألفية التى نظمتها الأمم المتحدة فى عام 2000 م, فقد تضمنت أهداف قمة الألفية أهدافاً عديدة منها تقليص نسبة الأشخاص الذين لايمكنهم الحصول علي مياه صالحة للشرب بحلول عام 2015, ووقف الاستغلال غير الرشيد للموارد المائية والتعاون لحل قضايا المياه, وقد شكلت قضايا المياه بعداً مهماً لدى منظمة الأمم المتحدة, حيث أعلنت منظمة الأمم المتحدة أن عام1994 م عاماً للإهتمام بالمواد المائية الدولية، وتبنت أن يكون عام 1995 عاماً للمياه والمرأة, وعام 1996 م عاماً لمد المياه للمدن التى تعانى من شح المياه, وفي العام 1997 م شكلت رؤية حول هل المياه الصالحة للشرب فى العالم كافية أم لا؟, وفى نفس العام 1997 م, قامت الأمم المتحدة بإبرام معاهدة دولية لاستخدام المجارى المائية للأغراض غير الملاحية (أنظر ملحق رقم 3), وهى أول معاهدة تعرف الأنهار الدولية كمصدر للاستخدامات الهامة للمياه مثل الشرب, والرى, وعند دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ سيتم التخلى عن تعبير النهر الدولى وسوف يحل بدلاً عنه تعبير آخر هو المجرى المائي الدول, وفى العام 1998 م كان عاماً للبحث فى موارد المياه الجوفية, وفى العشرين من ديسمبر من العام 2000 م, أعلنت الأمم المتحدة فى قراراها رقم 55 - 196 أن العام 2003 م سوف يكون عاماً دولياً للمياه العذبة المتجددة فى العالم، وقامت بحث الدول الأعضاء فى منظمة الأمم المتحدة وكل المنظمات الحكومية والغير حكومية الفاعلة على مستوعى العالم للعمل من أجل زيادة الوعى الدولى بأهمية المياه العذبة فى هذه السنة, وفى الثاني من نوفمبر من العام 2002 م أكدت لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن الحصول على كميات كافية من المياه للاستخدام الشخصي والمنـزلى, حق أساسى من حقوق الإنسان, وبالرغم من أن هذا النص عام وليس ملزماً قانونياً للدول التي صدقت عليه ، نجد أنه يهدف أساساً لتعزيز تنفيذ العهد, وفي التعليق علي ما ورد فى المادتين الحادية عشر والثانية عشر من هذا العهد الدولى, شددت لجنة الأمم المتحدة للحقوق القانونية والإجتماعية والإقتصادية, على أن تقوم كل الأطراف الدولية تدريجياً بإعمال حق توفير الماء لكل فرد بتكلفة زهيدة للأغراض الشخصية والمنـزلية, كما أوصت بأن يجب معاملة المياه الصالحة للشرب كسلعة اجتماعية وثقافية وليس كسلعة اقتصادية, أما فى 23 ديسمبر من العام 2003 م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراها رقم 58-217 تحت عنوان الماء من أجل الحياة، وقررت الأمم المتحدة فيه زيادة التركيز على كل قضايا المياه وتنفيذ ما يتصل بها من برامج ومشاريع.

المبادىء والقوانين الدولية التى تنظم إستخدامات مياه الأنهار الدولية:

بما أن نهر النيل نهر الذى نحن بصدد دراسته فى هذا الكتاب, تتشاطأ على حوضه إحدى عشر دولة إفريقية, فهو يعتبر نهر دولى وفقاً لقواعد القانون الدولى التى تنظم إستخدامات مياه الأنهار الدولية وعليه من الأهمية التعرض للمبادىء والقواعد الدولية التى تنظم إستخدامات مياه الأنهار الدولية والنظريات التى تستخدم فى حل إشكاليات مياه الأنهار الدولية وهى كما يلى:

أولاً: تنقسم الأنهار من وجهة نظر القانون الدولى إلى قسمين هما(6):

1. أنهار وطنية: وهى الأنهار التى تقع بأكملها فى داخل إقليم دولة واحدة وبالتالى تتمتع الدول التى تقع بداخلها هذه الأنهار بالسيادة الكاملة على عليها.

2. أنهار دولية: وهى الأنهار التى تتشاطأ على حوضها دولتين أو أكثر.

ثانياً: المبادىء القانونية الدولية التى تنظم إستخدام مياه النهر الدولى(7):

أ. القواعد العامة:

وهى القواعد التى أقرها القانون الدولى العام فى عام 1961 م, والتى تختص بحقوق وواجبات الدول التى تشترك فى أنهار دولية وكيفية تعاونها فى إستخدام مياه النهر أو الأنهار المشتركة بينها, وهى كما يلى:

1. قاعدة المساواة القانونية بين الدول المشاركة في النهر الدولى.

2. قاعدة الاقتسام العادل لإستخدامات المياه للدول المتشاطئة لحوض النهر الدولى وفقاً للحقوق المكتسبة والعوامل الجغرافية والطبيعية والكثافة السكانية والظروف المناخية والاحتياجات الفعلية لكل دولة.

3. قاعدة احترام الحقوق التاريخية المكتسبة من المياه بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الثنائية أو الدولية.

4. قاعدة الإخطار المسبق والتشاور قبل تنفيذ أى أعمال على مجرى النهر.

5. قاعدة تحريم نقل مياه النهر لطرف غير شريك فى مجرى النهر مالم يتم ذلك بموافقة جميع الدول المتشاطئة على نهر النيل.

6. قاعدة تحريم الضرر.

ب.النظريات التي تحكم استخدامات مياه النهر الدولي:

وهى النظريات التى يعمل بها فى إطار القانون الدولى لحل مشاكل الأنهار الدولية وهى كما يلى:

1. نظرية السيادة الإقليمية المطلقة (Theory of Absolute Territorial Sovereignty or Harmon Doctrine) وهى النظرية التى تستند على مبدأ حق الدولة فى التصرف بحرية كاملة في الجزء من مجرى(8) النهر الذي يقع داخل حدود حتى لو ترتب على ذلك ضرر لدول أخرى.

2. نظرية السيادة الإقليمية المقيدة (The Theory of Limited Territorial Integrity ) وترتكز على مبدأ الإستخدام المتعادل للمياه دون إلحاق الضرر بدول الحوض الأخرى.

3. نظرية الوحدة الإقليمية المطلقة (The Theory of Absolute Integrity of the River) وهى النظرية التى تستند على مبدأ أن المجرى المائى يعتبر وحدة إقليمية واحدة لا تتجزأ بالرغم مرور حوضه عبر عدة دول وأنه يجب أن تحافظ الدول على الجريان الطبيعى لمياه النهر.

4. نظرية المصلحة المشتركة (The Theory of Community of Interest ) وتستند على مبدأ أن النهر الدولي هو ملك لجميع الدول التي تتشاطأ على حوضه ويجب أن يدار بنظام إدارى مشترك تشترك فيه جميع الدول.

ج.العوامل التى يجب مراعاتها عند تقسيم مياه الأنهار الدولية:

أولاً:العوامل الطبيعية(9):

1. المناخ السائد فى الدول المتشاطئة على حوض النهر الدولى.

2. حجم مساحة مجرى الحوض وطوله فى الدول المتشاطئة عليه.

3. إسهام الدول المتشاطئة فى صرف مياه النهر.

4. المناطق التى تصلح لإقامة المشروعات المائية فى الدول المتشاطئة على حوضه.

ثانياً:العوامل الاجتماعية:

1. عدد سكان الدولة.

2. نسبة النمو السكانى والتركيبة السكانية والهجرة فى الدولة.

3. نسبة سكان الحضر في الدولة.

4. تاريخ الدولة فى إستغلال مياه النهر الدولى.

ثالثاً:العوامل الاقتصادية:

1. إجمالى الناتج الوطنى ومستوى دخل الفرد من الناتج الوطنى الإجمالى.

2. مدى مشاركة القطاع الزراعى في الناتج الإجمالى الوطنى.

3. حجم الأراضى الزراعية التى تعتمد على مياه الأنهار.

4. حجم الأراضي الصالحة للزراعة ويمكن إستخدام مياه النهر لإمدادها بالمياه.

5. إنتاج واستيراد الغذاء.

6. نوعية النشاط الزراعى والنظام المتبع فى إنتاج المحاصيل المزروعة.

7. نظام استخدام المياه في الزراعة .

8. حجم استخدام المياه فى الإستخدامات المنزلية والصناعية والصحية.

9. إستخدام المياه فى توليد الطاقة الكهربائية .

10. مدي تطور شبكات المياه فى الدولة.

11. إستخدامات المياه فى الصناعات التحويلية.

قائمة المصادر

1. أنظر: سيف الدين يوسف محمد سعيد, البعد الخارجى فى تأجيج الصراع حول مياه النيل, شركة مطابع العملة المحدودة, الخرطوم, ط 1, 2009.

2. أنظر: قضية مياه النيل, نحو إستراتيجية شاملة للتعامل مع دول حوض نهر النيل, مركز دراسات المستقبل, الخرطوم, أغسطس 2010 م,ص1 ص2.

3. أنظر: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية, التقرير الإستراتيجى العربى 2004 – 2005 م, القاهرة, 2005 م, ص 273 .

4. أنظر: سيف الدين حمد, رؤية السودان حول قيام مفوضية دول حوض النيل, تقير فنى, الخرطوم أغسطس 2009 م.

5. أنظر: محمد سلمان طايع, الموقف التفاوضى لدول منابع حوض النيل, التقرير الإسترايجى الأفريقى 2007 – 2008 م, جامعة القاهرة, القاهرة, إكتوبر 2008 م, ص 430 ص 450.

6. أنظر فيصل عبدالرحمن على, مياه النيل السياق التاريخى والقانونى, مركز عبدالكريم ميرغنى, الخرطوم 2005 م,ص 115 .

7. أنظر محمد الحافظ غانم, مبادىء القانون الدولى العام, القاهرة 1962 م, ص 6 .

8. أنظر على أبراهيم, قانون المجارى الدولية, دار النهضة القاهرة,1997 م.

9. أنظر صبحى قنوصة, مشكلة تقاسم وإستخدام المياه بين دول حوض النيل, التقرير الإستراتيجى الإفريقى 2007 – 2008 م, مرجع سابق,ص 413 – 410

الفصل الثانى

نهرالنيل إحصائيات المياه والدول المتشاطئة على حوضه

نبذة تعريفية عن نهر النيل:

يعتبر نهر النيل من أحد أطول الأنهار الدولية فى العالم وتشترك فى حوضه إحدى عشر دولة أفريقية(1) وهى أثيوبيا ويوغندا وكينيا وتنزانيا والكنغو الديمقراطية وبورندى ورواندا ومصر والسودان وأرتريا بصفة مراقب بالإضافة لدولة جنوب السودان الوليدة التى إنفصلت عن السودان الأم فى التاسع من يوليو من العام 2011 م, وينبع نهر النيل من ثلاثة منابع أو مصادر (أنظر جدول رقم 1) هي الهضبة الإثيوبية والاستوائية وحوض السودان الفيضى (بحر الغزال), ويغطى حوض نهر النيل مساحة تبلغ 2,900,000 كلم مربع, والمسافة التى يقطعها النيل من أبعد منابعه على بحيرة فكتوريا فى أوغندا وحتى مدينة الرشيد المصرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط تبلغ (6700 كلم), فالنيل الأبيض ينبع من بحيرة فكتوريا حيث يلتقى مع النيل الأزرق القادم من بحيرة تانا فى الهضبة الأثيوبية فى منطقة المقرن بالخرطوم عاصمة السودان ومن هنالك يبدأ نهر النيل رحلته من السودان عابرا الصحراء الى مصر حيث مصبه فى البحر المتوسط, وهنالك العديد من الروافد التى تغذى النيل الأبيض والنيل الأزرق مثل بحر العرب ونهر الدندر والرهد والسوباط بالإضافة لنهر عطبرة الذى يغذى النيل فى شمال السودان عند مدينة عطبرة, وتقدر المياه القادمة عبر نهر النيل من أثيوبيا لكل من السودان ومصر حوالى 85 % من إجمالى المياه الواردة من دول حوض نهر النيل مما يضع أثيوبيا فى قائمة أولوية الإهتمامات بالنسبة للسياسة الخارجية السودانية والمصرية, اما بحيرة فكتوريا فهى فقط تغذى نهر النيل بحوالى 13 % من المياه وهو أيضا ما يدعو السودان ومصر سوياً للإهتمام بأوغندا كأحد مصادر الإمداد الهامة لنهر النيل, وحوض نهر النيل ينساب من منابعه فى الهضبة الإستوائية والهضبة الأثيوبية وحوض بحر الغزال الفيضى من الجنوب إلى الشمال عابراً أربعة مناخات مختلفة وهى المناخ الاستوائى والمدارى والصحراوي ومناخ البحر الأبيض المتوسط .

جدول رقم (1)

إيرادات الأنهار الرئيسية من المياه فى إقليم حوض نهر النيل

م

النهر

المنشأ

كمية المياه ـ مليار م3

نسبة إيراد النهر من المياه

1

النيل الأزرق

الهضبة الأثيوبية

50 مليار م م

50%

2

النيل الأبيض

الهضبة الإستوائية

22 مليار م م

22%

3

نهر عطبرة

الهضبة الأثيوبية

12 مليار م م

12%

4

نهر السوباط

الهضبة الأثيوبية

16 مليار م م

16%

5

الإجمالى

100

100%

الباحث بالإستعانة بالآتى:

1. تقرير حول قضية مياه النيل, مركز دراسات المستقبل, الخرطوم, أغسطس 2010 م.

2. رمزى سلامة, مشكلة المياه فى الوطن العربى, الإسكندرية, منشأة دار المعارف, 2001 م, ص38.

تحليل الجدول:

1. 85 % من مياه نهر النيل تأتى من الهضبة الأثيوبية.

2. 15 % من مياه نهر النيل تأتى من الهضبة الإستوائية

مياه النيل بالأرقام:

تختلف الدول المتشاطئة على حوض نهر النيل في نسب إستخدامها لمياه النهر نتيجة لعدة عوامل منها المناخية التى عادة ما تتسبب فى اختلاف كمية هطول الأمطار (أنظر جدول رقم 2) على دول الحوض، كما يدخل العامل الطوبغرافى والتضاريسى فى جعل بعض دول الحوض أن تكون غير قادرة على الإستفادة من مياه النهر, بينما يساهم التبخر أيضاً فى عدم ثبات إيرادات حوض نهر النيل, ونجد أن آخر دراسة إحصائية صدرت عن مياه النيل حددت الكمية الكلية لمياه النيل بحوالى (1.66)(2) بليون وستة وستون مليار م مكعب من المياه يأتى منها ما يعادل 85% من الهضبة الأثيوبية ونسبة 13% منها يأتى من بحيرة فكتوريا وما يعادل 2% منها من حوض السودان الفيضى, كما تفيد الإحصائية أن ما نسبته 5% فقط من المياه هو الذى يصل إلى السودان ومصر حيث تتقاسم كل من السودان ومصر نسبة 5% بواقع 65% لمصر أى ما يعادل 55.5 مليار م مكعب و 35% للسودان أى ما يعادل 18.5 مليار م مكعب أما بقية دول حوض النيل فتتقاسم الحصص بينها بنسبة 3% لأثيوبيا و 3% لبورندى و 2% لكل من كينيا ويوغندا ورواندا وتنزانيا والكنغو الديمقراطية وأن 60% من مياه نهر النيل تضيع بسبب التبخر وأن مياه نهر النيل المستفاد منها فى الأنشطة الزراعية وتوليد الكهرباء والأنشطة الإقتصادية الأخرى تقدر بحوالى 40% وهذه الكمية تساوى أقل من نصف المياه الكلية لنهر النيل وتشير الإحصائية إن الغالبية من دول المنبع لإقليم حوض نهر النيل لا تحتاج لكميات كبيرة من المياه نتيجة لمحدودية وضعف أنشطتها الإقتصادية وأن الحصص التى تستهلكها حاليا تكفيها على المدى القريب والمتوسط.

جدول رقم (2)

متوسط الأمطار بدول حوض نهر النيل ملم مكعب فى السنة

القطر

الحد الأدنى

الحد الأعلى

المتوسط

الكنغو الديمقراطية

895

1570

1110

بورندي

875

1915

1245

مصر

0

120

15

أريتريا

240

665

520

اثيوبيا

205

2010

1125

كينيا

505

1790

1260

رواندا

480

1935

1105

السودان

0

1610

500

تنزانيا

625

1630

1015

يوغندا

395

2060

1140

جنوب السودان

-

1610

500

الباحث بالإستعانة بالآتى:

قضية مياه النيل, نحو إستراتيجية شاملة للتعامل مع دول حوض نهر النيل, مركز دراسات المستقبل, الخرطوم, أغسطس 2010 م.

الدول المتشاطئة على حوض نهر النيل(3):

أثيوبيا:

وهى الدولة التى توجد بها بحيرة تانا التى ينبع منها النيل الأزرق الذى يسمى فى أثيوبيا بإسم (توكر أباى), ومعدل هطول الأمطار بإثيوبيا حوالى 2400 ملم فى العام، وتحتاج دولة أثيوبيا الفدرالية إلى مياه نهر النيل لتوليد الطاقة الكهربائية (أنظر جدول رقم 3), وتقدر إحتياجاتها من المياه بحوالى 6.5 مليار م مكعب في العام, وينحدر النيل الأزرق من منبعه فى بحيرة تانا الواقعة بين مدينتى قندار وبحر دار الأثيوبية (عاصمة إقليم قوجام الأثيوبى) خارجاً من شواطئها المطلة على المنطقة الجنوبية الشرقية من مدينة بحر دار إتجاه الجنوب عابراً تضاريس جبلية وعرة عميقة تتخللها منحدرات وشلالات خطرة تجعل شواطئه غير قابلة للزراعة أو للملاحة أو حتى للتواصل بين ضفتيه, ويعبر النيل الأزرق الأراضى السودانية عند منطقة بومبدى الأثيوبية الواقعة على الحدود السودانية الأثيوبية والتى من المفترض أن يقوم على بعد 40 كلم إلى الشرق منها سد الألفية(4) الأثيوبى الجديد, متجهاً نحو الشمال الغربى ليبدأ إنسياباً سلساً فى السهول السودانية حيث يصبح حوضه قابلاً للملاحة ومسهلاً التواصل بين ضفتيه وموفراً أرضاً خصبة صالحة للزراعة على طول ضفتيه, وعند مدينة الرصيرص السودانية يعترض النيل سداً تمت تسميته بسد الرصيرص لتوليد الطاقة الكهربائية, ثم يعبر منها متجهاً نحو الشمال ليعترضه خزان سنار الذى أنشأ لتوفير مياه الرى لمشروع الجزيرة ومنها ينساب إتجاه الشمال لتصب به مياه نهرى الدندر والرهد وعند وصوله الخرطوم يلتقى بالنيل الأبيض القادم من بحيرة فكتوريا عند منطقة المقرن ليشكل معه نهر النيل الذى يتجه شمالاً عابراً الصحراء نحو مصر.

جدول رقم (3)

السدود الكبيرة الحالية على حوض نهر النيل

الخزان

الارتفاع(متر)

السعة (مليون متر مكعب)

الغرض

النهر

العام

الويرو

16

6،74

ري

البارو اكبو

1995

أنقرب

34

3،5

شرب

تكزي

1991

فيشا

25

650

ري وكهرباء

اباي

1973

مديمار

33

10

شرب

تكزي

1996

شارشار

9

9100

تنظيم وكهرباء

اباي

1996

كوجا

21

-

ري

اباي

2007

تكزي

185

9840

ري وكهرباء

تكزي

2009

الباحث بالإستعانة بالآتى:

1. Gebre, Solomon (2008)

2. قضية مياه النيل, نحو إستراتيجية شاملة للتعامل مع دول حوض نهر النيل, مركز دراسات المستقبل, الخرطوم, أغسطس 2010 م.

خريطة رقم (1)

النيل الأزرق

أوغندا:

وتقع دولة أوغندا في وسط أفريقيا وتتميز بوفرة مصادر المياه, وتشكل المياه حوالى 15% من مساحة يوغندا الكلية حيث توجد بها بحيرة فكتوريا وكيوجا وألبرت(5)، وتعتمد أوغندا على مياه أنهارها في المواصلات وتوليد الطاقة الكهربائية والزراعة, وهى الدولة التى ينحدر من بين ثناياها النيل الأبيض الذى ينبع من بحيرة فكتوريا عند مدينة عنتبى والذى يخرج منها النيل الأبيض تحت مسمى نيل فكتوريا فى إتجاه الشمال, لتقابله عند مخرجه شلالات نياجارا التى أقيم بها سد أوين لتوليد الطاقة الكهربائية بالتعاون بين مصر ويوغندا ثم ينساب منها فى إتجاه الشمال الغربى ليصب فى الأطراف الجنوبية الغربية لبحيرة كيوجا, ليخرج منها متجهاً نحو الشمال الغربى ليلتحم بمخرج بحيرة ألبرت المشتركة بين يوغندا وجمهورية الكنغو الديمقراطية, ليعاود منها مسيرته نحو الشمال الشرقى تحت مسمى نيل ألبرت قاطعا محافظة كارموجا اليوغندية الزراعية ليخترق حدود دولة السودان الجنوبى عند مدينة نمولى الحدودية, وعند دخوله أراضى دولة جنوب السودان ينحدر منساباً نحو الشمال تحت إسم بحر الجبل ليمر بعاصمة جنوب السودان جوبا ثم ينساب منها مسرعاً نحو الشمال ليمر بتركاكا حاضرة قبائل المندارى ومنها إلى بور حاضرة دينكا علياب ثم يبطء السير عند ميناء شامبى نتيجة لدخوله منطقة المستنقعات التى يخرج منها فاقداً الكثير من مياهه نتيجة للتبخر, ولكن قدرة الخالق ترفده بمياه نهر السوباط القادم من الهضبة الأثيوبية وحوض بحر الغزال(6) الذى يتكون من (بحر العرب, نهر اللول, والتونج, ويرول, وبحر الزراف, ورنجو, وفيى وسويد) القادم من المرتفعات الغربية لينساب منها شمالاً مخترقاً جمهورية السودان ماراً بمدينة كوستى الميناء النهرى الذى عبره تنتقل السلع والخدمات والأشخاص والأموال بين جمهورية السودان ودولة جنوب السودان, ومن ثم ينطلق منساباً هادئاً فى مجرى يتسع عرضه ليصل إلى الخرطوم عاصمة جمهورية السودان ليلتقى بالنيل الأزرق القادم من الهضبة الأثيوبية عند منطقة المقرن بالعاصمة السودانية الخرطوم مشكلاً نهر النيل الذى يتجه صوب مصر ليصب فى البحر الأبيض المتوسط.

رواندا:

وتعتبر رواندا من أحد دول المنبع لنهر النيل حيث تغذى مياه نهر كاجيرا الذى ينبع من بحيرة إدوارد بحيرة فكتوريا بالمياه فى رحلة قدومه فى إتجاه الشرق مقسماً وعابراً الأراضى التنزانية ليعبر الحدود اليوغندية من جهة الجنوب الغربى ليصب فى الشواطىء الجنوبية لبحيرة فكتوريا, ومعدل نسبة هطول الأمطار فى دولة رواندا يتراوح بين 700 ملم إلى 1600 ملم مكعب في العام (أنظر جدول رقم 2) , وتشكل هذه النسبة مورداً هاماً لمياه نهر النيل, وتعتمد رواندا على مياه أنهارها في توليد الطاقة الكهربائية.

بورندى:

وهى أحد دول المنبع لنهر النيل حيث يجرى فيها نهران ينبعان من بحيرة تنجانيقا, هما نهرى رويويو ويويورونزا حيث تدعم مياه هذين النهرين مياه نهر كاجيرا الذى يصب فى بحيرة فكتوريا, وتقع دولة بورندى فى إقليم المناخ الاستوائي الذي يتميز بأمطاره الغزيرة, ويبلغ متوسط معدل هطول الأممطار بها حوالى هطولها 1140 ملم في السنة (أنظر جدول رقم 2) وهى تستفيد من المياه في توليد الطاقة الكهربائية والزراعة.

خريطة رقم (2)

توضح منابع النيل الإستوائية

الكنغو الديمقراطية:

جمهورية الكنغو الديمقراطية من أكثر المناطق فى الهضبة الاستوائية تهطل بها معدلات عالية من الأمطار, تبلغ نسبها حوالى 1500 ملم مكعب فى العام (أنظر جدول رقم 2)، وتشكل مصادر المياه المتجددة فيها حوالى 950 مليار متر مكعب سنوياً, وتعتمد على المياه فى توليد الطاقة الكهربائية, وهى من دول إقليم حوض نهر النيل وتقع على حدودها الشرقية بحيرة البرت(7) التى تغذى نهر فكتوريا القادم من بحيرة فكتوريا بالمياه ليخرج تحت مسمى نهر ألبرت فى طريق رحلته الطويلة عبر المناطق الإستوائية فى يوغندا ودولة جنوب السودان, ومنها إلى المناطق شبه الإستوائية فى شمال دولة جنوب السودان وجنوب دولة السودان ليعبر منها مخترقاً حزام السافنا الفقيرة فى أواسط السودان ليتجه نحو مصر عابر الصحراء متعرجاً حتى يصل لمصبه فى البحر الأبيض المتوسط, وتشترك جمهورية الكنغو الديمقراطية مع يوغندا أيضاً فى بحيرة إدوارد التى يقع معظمها فى الحدود الغربية لجمهورية الكنغو الديمقراطية وأطرافها الأخرى فى الجزء الغربى لجمهورية يوغندا.

تنزانيا:

وهى تتقاسم بحيرة فكتوريا مع كل من يوغندا وكينيا حيث يقع الجزء الجنوبى الأكبر من بحيرة فكتوريا فى أراضيها, وبذلك تعتبر أحد دول المنبع المهمة, كما يعبر نهر كاجيرا القادم من رواندا حدودها عند الجهة الشمالية الشرقية حيث يتجه ليصب فى الشواطىء الغربية لبحيرة فكتوريا داخل الحدود اليوغندية, ومتوسط معدل هطول الأمطار فيها يقدر بحوالى 945 ملم مكعب في العام، وتقدر نسبة المياه المتجددة فيها بحوالى 75 مليار ملم مكعب في العام, وتعتمد تنزانيا على المياه فى توليد الطاقة.

كينيا:

وهى أيضاً من دول المنبع, وتتشارك مياه بحيرة فكتوريا مع كل من يوغندا وتنزانيا, حيث يقع فى أطرافها الغربية جزء ليس بكبير من بحيرة فكتوريا, كما توجد بها بحيرة توركانا التى تقع عند أطرافها الشمالية, ومعدل نسبة هطول الأمطار بكينيا يبلغ حوالي 332 مليار متر مكعب في العام وتعتمد كينيا على المياه في توليد الطاقة الكهربائية والزراعة.

دولة جنوب السودان:

وهى أحدث دولة تشكلت فى إقليم حوض نهر النيل حيث إنبثقت لحيز الوجود فى التاسع من يوليو من العام 2011 م, وهى حضرت آخر إجتماع لدول حوض النيل بكينيا(8) مؤخراً بصفة مراقب حيث قدمت طلب إنضمامها لدول إقليم حوض نهر النيل وهى دولة منبع ومجرى, حيث يخترقها نهر السوباط وأكوبو القادمين من المرتفعات الأثيوبية, بينما يخترقها النيل الأبيض عند حدودها مع أوغندا ليسمى بحر الجبل الذى يتجه شمالا نحو جمهورية السودان كما توجد بها بحير نو التى تسهم فى زيادة حصة مياه النيل.

جمهورية السودان:

وهو دولة مجرى ومنبع للمياه, والسودان دولة زراعية توجد به أراضى خصبة صالحة للزراعة تقدر بحوالى 250 مليون فدان(9)، وتتراوح نسبة هطول الأمطار بالسودان ما بين 20 ملم مكعب فى الشمال وحوالى 1650 ملم مكعب فى مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق والأجزاء الجنوبية من ولاية النيل الأبيض، ودولة السودان تنحدر إليها المياه من الهضبة الأثيوبية والهضبة اليوغندية حيث يلتقى فيها النيل الأزرق القادم من بحيرة تانا فى الهضبة الأثيوبية والفروع التى تصب فيه, والنيل الأبيض القادم من المرتفعات اليوغندية وروافده التى تصب فيه ليشكل عند ملتقى النيلين الأبيض والأزرق عند منطقة المقرن بالخرطوم عاصمة السودان نهر النيل, الذى يخترق الأراضى القاحلة متجهاً نحو الشمال حيث يعترض طريقه شلال السبلوقة على بعد حوالى 65 كيلومتر تقريبا إلى الشمال من الخرطوم ثم ينساب بهدوء ليمر بمدينة شندى التى ترفد خيرانها الموسمية نهر النيل بمياه الأمطار الغزيرة, ثم عطبرة التى عندها تصب فيه مياه نهر عطبرة الموسمية المندفعة القادمة من الهضبة الأثيوبية ثم يتجه متعرجاً نحو الشمال ماراً بمدينة ابوحمد التى يصب فى منطقتها وادى أمور الذى يعتبر من أكبر الخيران الموسمية المنحدرة من جبال البحر الأحمر التى ترفد نهر النيل بمياه وفيرة, ومن ثم يمر بمروى التى أنشأ فيها سد مروى لتوليد الطاقة الكهربائية حديثأً ليتجه نحو الحدود المصرية عند بحيرة النوبة التى تشكلت عند قيام السد العالى فى ستينات القرن الماضى معترضة طريقه قبل أن يصلها العديد من الشلالات.

صورة (1)

بالأقمار الصناعية للإنحناء العظيم لنهر النيل في السودان

جمهورية مصر:

مصر تعتبر من أكثر دول حوض النيل إعتماداً على ميائه (أنظر جدول رقم 4) حيث ليس لديها بديل مائي غيره وذلك لقلة هطول الأمطار بها وشح مصادر المياه الجوفية, والإمكانيات المتاحة لمصر من الموارد المائية تبلغ نحو 60.7 مليار ملم مكعب من مياه النيل وحوالى 4.7 مليار مام مكعب من مياه الصرف الصحى, وحوالى 5 مليار ملم مكعب من المياه الجوفية, ويستخدم منها فقط حوالى 49 مليار ملم مكعب فى الزراعة وحوالى 3 مليار فى الإستخدام المنزلى, وحوالى 2 مليار فى الصناعة و4 مليار فى إنتاج الكهرباء, ومصر هى دولة المنتهى أو المصب فى رحلة النيل الطويلة الشاقة حيث يعبر النيل حدودها قادماً من السودان مشكلاً شرياناً مائيا وسط أراضى قاحلة واهباً مصر القدرة على الحياة كما أكسبها تاريخاً فى صنع الحضارات وجعلها مهداً للأنبيا, وحكمة الله أن يعبر النيل مصر ليجعل من أرض مصر الصحراوية تنتج فوماً وعدساً وبصلاً بإذنه سبحانه وتعالى, ويعترض النيل عند دخوله مصر السد العالى أضخم سد لإنتاج الكهرباء فى أفريقيا عند مدينة أسوان ليتجه منه شمالاً ليمر بمدينة القاهرة عاصمة جمهورية مصر مكوناً بعد عبورها الدلتا ليتفرع لفرعين هما الرشيد ودمياط ليصب بعدهما بالبحر الأبيض المتوسط.

دولة أرتريا:

وهى دولة تنتمى لدول إقليم حوض نهر النيل بصفة مراقب حيث أن هنالك مياه تنحدر من الأراضى الأرترية لتغذى نهر تكزى الذى يطلق عليه عند عبوره الأراضى السودانية بنهر عطبرة بينما يمثل نهر القاش مصدراً للمياه القادة من الهضبة الأرترية إلى السودان لتنتهى متفرقة عند دلتا طوكر.

جدول رقم (4)

فجوة الموارد المائية في مصر

1990 – 2050م

السنة

السكان بالمليون نسمة

متوسط نصيب الفرد من المياه سنوياً

الموارد المائية المتاحة بالمليار متر مكعب

الاحتياجات المائية بالمليار متر مكعب

فجوة الموارد بالمليار متر مكعب

1990م

52

1221

5،63

4،57

+1،6

1997م

66

1090

72

0،70

2+

2000م

1،68

1058

72

0،72

صفر

2025م

116

620

76

0،116

(-)49

2050م

174

460

80

0،174

(-)94

المصدر الباحث بالإستعانة بالآتى:

  1. رمزي سلامة ،مشكلة المياه في الوطن العربي الاسكندرية :منشأة المعارف،2001م،ص47

تحليل الجدول:

يوضح الجدول بان مصر تعاني من أزمة مائية تزداد شدتها بتزايد عدد السكان عاماً بعد عام مع عجز في زيادة مصادر المياه العذبة نكما يوضح الجدول بأن الفجوة تزداد لتصل الي 94 مليار متر3 عام 2050م.

صورة (2)

بالأقمار الصناعية للمسار الكامل لنهر النيل من المنبع للمصب

خريطة رقم (2)

توضح إقليم حوض نهر النيل

قائمة المصادر

1. أنظر: هالة عصام الدين،العلاقات البينية ومصير مبادرة حوض نهر النيل,التقرير الإستراتيجى الأفريقى, 2007 – 2008,مركز البحوث والدراسات الأفريقية, 2008 م,ص393 .

2. أنظر: عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج,أزمة تقاسم المياه بين دول حوض نهر النيل بين إحتمالات الصارع أو التعاون,جريدة الأحداث,العدد 1425 – 1432 ,الخرطوم,ص 11 – ص 11 .

3. المؤلف بالإستعانة بخريطة حوض نهر النيل, والزيارات الميدانية لدول المنبع والمصب فى الفترة من 1996 إلى 2010 م.

4. أنظر: سدود فى أثيوبيا تغيرات فى السودان, جريدة الأحداث, العدد 1505, الخرطوم, الأربعاء 28 ديسمبر 2011 م, ص 4.

5. أنظر: عبدالملك عودة,السياسية المصرية ومياه النيل فى القرن العشرين, مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية, القاهرة, 1999م, ص 61.

6. المؤلف, منطقة بحر الغزال, 1991 م – 1994 م.

7. أنظر: سيف الدين يوسف محمد سعيد, مرجع سابق, ص 11.

8. مصر والخرطوم تبحثان مشاركة جنوب السودان بأعمال فنية, جريدة الأحداث العدد 1462, الخرطوم, الإثنين 14 نوفمبر 2011م, ص 3.

9. أنظر: قضية مياه النيل, نحو إستراتيجية شاملة للتعامل مع دول حوض نهر النيل, مركز دراسات المستقبل, الخرطوم, أغسطس 2010 م, ص 17 – ص18.

الجزء الثانى من الكتاب يحتوى على الفصل الثالث والرابع

الجزء الأخير من الكتاب يحتوى على الفصل الخامس والخاتمة والملاحق

تحذير وتنويه

هذا الكتاب أعُد للنشر الإلكترونى, ولا يجوز طبعه أو نسخه أو نشره فى أى موقع إلا بموافقة المؤلف أو بترخيص من موقع سودانايل بعد أخذ موافقة المؤلف.

المؤلف

عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج

باحث وخبير إستراتيجى فى شؤون القارة الأفريقية ومتخصص فى شؤون القرن الأفريقى

asimfathi@inbox.com

 

آراء