تأملات واعترافات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر 4-5
أسباب تراجع الفعالية التنظيمية للحركة الإسلامية (مدخل قيمي )
الشكوي مستمرة من تراجع الفعالية التنظيمية للحركة الاسلامية التي كان مشهود لها بقدراتها الكبيرة في الفعل الاجتماعي والسياسي والدعوي ، ودائماً ما يكون منهج المواجهة لهذه العلة
القفز لمعالجات فنية واجرائية لمواجهة الضعف التنظيمي ، من شاكلة ( إعادة البناء التنظيمي ) أو ( إعادة الهيكلة ) وتكثيف الاجتماعات والمؤتمرات وتصنيف اللوائح ، والعودة من كل ذلك ببروق خلب لا تمطر فعلا ً ، ولا تحرك ساكناً ، آلاف المؤتمرات ، والحشود ، والتوصيات والتقارير ، والنتيجة العملية في الميدان متواضعة ، فأين العلة ، وكيف السبيل الي عافية في الجسد العليل .
يقيني إن المعالجات الإدارية والفنية المجردة لاتفضي الي نتيجة ، لأن دوافع الفعالية والحركة والتأثير في الجماعات الفكرية الرامية الي التغيير الاجتماعي والفكري ، تعتمد بالدرجة الأولي علي منظومة القيم والأبعاد المعنوية والثقافية ، قبل الإجراءات والشكليات ، ولذلك فإن هذه الوقفة تبحث في القيم والأفكار كمدخل لتحليل تراجع الفعالية التنظيمية ، فلن ينصلح شيئ ولوعقدت ألوف المؤتمرات ، والاجتماعات والمهرجانات ، دون غوص في العمق والمضمون
السؤال المفتاحي ما سر تراجع الفعالية التنظيمية للحركة الإسلامية الحاكمة في السودان؟؟ ، رغم تبدل الآستضعاف تمكيناً ، والخوف امناً والمطاردة والسجون سلطاناً، والفقر والعطالة والتشرد وظائف وأموال ووجاهات ، ولكن رغم كل ذلك يشتكي الجميع من فتور في الهمم ، ونجوي حزينة بين كل اثنين من أبناء الحركة تجمعهم جوامع الحياة في السودان ، ومفارقات بينة ومحيرة بين ضعف مخرجات ونتائج العمل حالياً رغم ما يتاح له من موارد وإمكانيات مادية وبشرية مقارنة بعهود الحركة قبل الوصول للسلطة ، فقد كان لكوادر الحركة قدرات عالية وبراعة و ذكاء وقبول ، وجرأة واقتحام ، وقدرة علي تحقيق نتائج باهرة في ظل موارد شحيحة وحصار أمني ومادي يحوله أهل العزائم الماضية والهمم العلية الي انتصارات ونجاحات جعلت الحركة الاسلامية في تقدم متصل حتي لحظة وصولها للحكم .
ان ظاهرة ضمور الفعالية التنظيمية تستحق أن تكون محل تأمل وعبرة ، لايغطي علي ذلك محاولات التخدير والقفز فوق الحقائق التي درج عليها بعض إخواننا الذين إستمرأوا تطمين النفس والقيادة بالحديث عن عدد المؤتمرات ، والمشاركين فيها والأرقام الفلكية حول العضوية والمناشط ، والولاء .
قلت في مقال سابق إن الحشود كبيرة والهتافات عالية ، والإبتسامات بيضاء ، والتقارير متفائلة ، ولكن العطاء في ميادين العمل وساحات التفاعل اليومي في المجتمع ، في المساجد والمراكز والجمعيات والأحياء والقري ، تكاد تكون معدومة ، فهل تحول معيار الفعالية لدي الحركة الي الحشود والمؤتمرات والهتافات في استقبال المسئولين ؟؟؟؟ هل وظيفة الحركة وحزبها الحشود والمؤتمرات ، حتي إقترح البعض تغيير إسم الحركة وحزبها الي ( حشد ) ليتطابق الإسم علي الوظيفة الغالبة ؟ ومن هنا يبرز السؤال ؟ اين بقية وظائف الحركة والحزب ، الفكر ، التزكية والدعوة ، التثقيف ، العمل الاجتماعي والتكافلي ، التوعية ، التخطيط ، التقويم والمراجعة ، الشباب والرياضة ، ؟؟؟ وبالجملة أين الحركة والحزب في المجتمع ؟؟؟ وأين هي من التخطيط والرقابة علي الدولة ؟
وماهي معايير القياس للفعالية التنظيمية ؟؟؟؟
(١) الشعبية والجماهيرية عبر الحشود ما ينبغي ان توهم الناس ، فيظنونها ولاء صادقاً ، معبراً عن اختيار حر ، ومستعداً للدفاع عن الحركة في أوقات الرخاء والشدة ، لقد رأينا الحشود والجماهير والعضوية المليونية ونتائج الإنتخابات الباهرة عند الأحزاب الحاكمة في مصر وتونس واليمن وليبيا والنميري ، ولكنها تبخرت لحظة الإختبار الحقيقي ، لأنها نشأت في مناخات إختبار ومنافسة غير متكافئة مع الأخر ، وكأنها ولاءات مؤقتة لضرورات ومصالح الناس مع السلطان ، وماأكثرها وما أخدعها خاصة في العالم الثالث حينما يكون أمام الناس فرص محدودة في الإختيار فيركبوا القطار المتاح الإجباري أوشبه الإجباري ليفارقونه في إقرب محطة ممكنة ، ليستبدلونه بخيارهم المفضل اذا أتيحت لحظة لبيئة ومناخ حر تعددي للإختيار ، وان لم تتاح لهم فرصة الخيار الحر ظلوا علي ولائهم المؤقت للممكن الحاضر المتاح ولكن دون القناعات الكافية، ويشقي بذلك الحزب الذي يري في عضويته كثرة عاجزة وجعجة دون طحين وحشد يغني فيه الجميع وكل يطرب علي ليلاه ، هو يبحث عن الولاء وهم يبحثون عن المصالح ، والجمع عامر ولكن القلوب شتي .
( ٢ )كانت الحركة فعالة يوم أن كانت تقرأ علي عضويتها ( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغني عنكم من الله من شيئ ، وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ) وتعرف إن اهم معايير ومطلوبات الفعالية هي الصدق وولده الصبر ( إن يكن منكم عشرون صابرين يغلبوا مائتين ) ، كانت تستزيد من الكم وتنفتح علي الناس مرحلة بعد أخري تمزق جلبابها القديم الضيق لآخر أكثر سعة ، ولكن لاتنسي معطي الفاعلية ، وتحرص علي المناخ والبيئة والمنهاج الذي يولد الفعالية فماهي مكونات وعناصر هذا المناخ
لعل الحرية أهم دوافع ومحفزات الفعالية ، فالإنسان الحر ، يفكر بطلاقة لايقيده الخوف من رأي يخشي أن يحاسب أو يعاقب عليه ، ثم يتفاعل معه الآخرون بذات الحرية فينتج الرأي ناضجاً ، محكم ، جراء التفاعل والتناصح ، لا مجال فيه لمجاملات أو فردية أو فرض من جهة عليا يخشي ه غضبها ، أو يخافون عقوبتها أو حرمان ما عندها ، أما إذا أصبح الجهر بالرأي يكلف الإنسان منصبه وعلاقاته و مصالحه ، أو يألب عليه أهل الحظوة والجاه ، فالأوفق للكثيرين في هذه الحال أن يؤثروا السلامة ، ويسيرون علي جانب الحيطان ، ويلعبون علي المضمون ، ويبادرون لتأييد رأي الرئيس الأعلي الذي يفصل ويعين ويبقي ، وإن تعذر عليك ذلك فلا أقل من أن الصمت ، والنتيجة أن يسود رأي الفرد لا الجماعة فيحرم التوفيق والسداد والبركة ، ولعل هذا سر هذا الضعف والخمول والتواضع الذي لازم أداء حركة كان طابعها الذكاء والنضج ، أو قل تواضعاً وحقاً بركة الشوري في صناعة الرأي وتنفيذه .
(٣) الرأي الذي يصدر عن الشوري الحرة ليس بالضرورة صائباً بدرجة مطلقة ، أو كاملاً ، وقد يكون خاطئاً ، أو ناقصاً ولكنه دائماً مدعاة للتنفيذ الفعال ، لأن الناس يتفانون ، ويبذلون غاية الجهد في تنزيله علي أرض الواقع بأفضل ما عندهم من طاقة روحية ومادية وجسدية ، لشعورهم بأنه نابع منهم ، وانه جزء منهم يعنيهم نجاحه ديناً وخلقا ً ، وحتي الذين كانوا يعارضونه في مرحلة المداولات يندفعون بذات حماس أصحابه للدفاع عنه وتبنيه ، كما كانت تقضي بذلك تقاليد العمل التنظيمي ، وميزة أخري تؤثر بها الشوري علي الفعالية التنظيمية ، وهي إن مرحلة التداول الحر الكثيف توفر حالة من التعرف علي جوانب المسألة موضوع الرأي ، وتتيح الفرصة لإدراك جوانبها المتعددة ، وهذا يساعد في التنفيذ بفعالية بأثر الإحاطة بالأمور وتفهمها ومعرفة معلومات كثيرة عنها توضحها مراحل الحوار والتداول والتشاور ، علي عكس القرارات الجاهزة التي لا يعرف عنها منفذوها شيئاً ، ببساطة لأنهم لم يشاركوا في صناعتها فيقل حماسهم لها وقت التنفيذ .
(٤) للفعالية التنظيمية صلة بالإخلاص والتفاني وهذه معاني مرتبطة بالطاعة وللطاعة صلة بالثقة والثقة موصولة بالقدوة ، والإخوة والمحبة ملح وعنصر رابط لهذه القيم المترابطة مع بعضها ، كل قيمة تولد الأخري وتتأثر بها.
الإخلاص دافع مهم للفعالية التنظيمية ، وهذا يفسر كيف إن قلة قليلة ، وبإمكانيات متواضعة ، ومعوقات كثيرة تحقق النجاحات الباهرة بفضل إخلاصها لما تعمل ، والعكس موارد وكثرة وحكومة والنتائج متواضعة .
إن من أهم مظاهر تراجع الفعالية في واقع الحركة الإسلامية ضعف العمل الطوعي لدي العاملين فيها ، فبدلاً من إنتظار الثواب من الله لدي العاملين ، شاع في الناس إنتظار حوافز الدنيا المباشرة وغير المباشرة ، ولعل مرد ذلك ان العضو يري إن الآخرين ينالون غنائم الدنيا من سلطان ووظيفة وجاه ويطلب منه إحتساب الأجر في الآخرة في ظل أوضاع إقتصادية متباينة ، فتكاسل الهمم وتتداخل النوايا وتعظم المفارقات أحياناًً كثيرة ، فيضطرب الأداء ، ويصبح أمر الدنيا حاضراً لا الآخرة ، فيقل المردود بقلة البركة وضعف السعي والمجهود .
(٥) التدافع والتنافس والتحدي عناصر حاسمة في الفعالية والإبداع والتدافع في ساحات المجتمع ضاع يوم أن ماتت المنافسة في الساحة الفكرية والسياسية بفعل إلغاء الأحزاب والقوي السياسية والفكرية المنافسة اول الأمر وإضعافها ومحاصرتها لاحقاً ، صحيح إن هدف إضعاف الأحزاب قد تحقق ولكن تحقق معه إضعاف الحركة الإسلامية نفسها بعد أن فقدت عنصر التنافس والتحدي ، ودخلت في سباق الحصان الواحد منذ نحو ربع قرن ، إنه بلا شك سباق ممل غير مشوق ولا جذاب وقاتل لإمكانيات وقدرات هذا الحصان الواحد التي لن تفرح بالفوز المضمون الخالي من المنافسة بسبب غياب أوتغييب الخصم ، لاسبيل لحيوية الا عبر سباق تعددي حقيقي ، يستفز الأنصار ويحي جذوة الحماس ، وصدق الله القائل : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً )
(٦) المفارقة الكبيرة في الدخل المادي مابين عامة عضوية الحركة ومتنفذيها ، جعل أعداداً كبيرة منهم يرون إنه لامعني لدفع الإشتراكات والمساهمات التي كثيراً ما يتحدث عن ضعف تحصيلها ، كيف لمن ينتظر الأجر والحافز ، أن يتحمس للإنفاق ، وكيف لمن يغلب عليه ظن إستئثار البعض بالمنصب والجاه وإحتكاره لعقود ، أن يكون مبادراً بطيب نفس للإقتطاع من قليله وأهل الدثور لا يفعلون ، خاصة حينما يري تبذيراً واسرافاً في الإنفاق علي العمل السياسي هو إنفاق من لايخشي الفقر ، وتقتيراوشحاً في الإنفاق علي الجاد من المشروعات والبرامج الأخري ، أما مايراه الإخوان بأعينهم وما ينقل اليهم من سلوك إخوانهم في التعامل مع المال العام فهو أمر ليس محبط لهم فيما يلي الإنفاق الطوعي فحسب ، وإنما هو واحد من أكبر العناصر المؤثرة سلباً علي الفاعلية التنظيمية .
والحديث عن تمويل الحركة الإسلامية يلزمنا بالتنبيه علي أمر خطير درج علي ذكره القادة حينما يسألون عن مصادر تمويلهم ، فلا يتردد معظمهم في الاجابة التي يعلم الجميع مفارقتها للحقيقة حينا يرجعون تمويلهم الي إشتراكات الأعضاء وتبرعاتهم ، وينفون تمويل الدولة ، الخطورة في هذا السلوك إنه إستسهال للكذب ، وياله من أمر كبير يضرب في مقتل صدقية الحركة ، وقدوة قيادتها ، وهل من ضررعلي الفعالية الحركية أعظم من تآكل القدوة ، إن وقود العمل الإسلامي أبداً هو القيم إن ضعفت في نفوس العاملين فما له من وقود ولو كان مال الأرض كله وسلطانها .
(٧) المبادرة والإبتكار والتجديد أمور هامة في الفعالية التنظيمية ، ذلك أن الأفكار والبرامج الرتيبة هي من سمات المؤسسات البيروقراطية الرسمية ، ولاتجدي نفعاً مع حركات التغيير والعمل الإجتماعي ، المبادرة في الأفكار والتجديد فيها وفي الوسائل والمداخل وطرائق العمل تحول العمل الإجتماعي والسياسي والدعوي من خانة الرتابة والروتين القاتل الي رحابة الطلاقة والإبداع الذي لإيجمد في قوالب بكماء ، ولكنه يحلق كل يوم بفكرة جديدة ومدخل رشيق ، ووسيلة مبتكرة ، ومغالبة الباطل بدفوع مؤثرة ، وذلك من سمات الحركات الحية التي تعرف إن قضايا ومشكلات وأجندة مجتمعها متحركة وغير جامدة ، تلزمها حيوية ورشاقة تقابل الجديد من القضايا والتحديات بالجديد من الأفكار والوسائل ، وقد كان هذا هو شأن حركتنا قبل أن يعتريها عارض البيروقراطية التي حولتها لما يشبه الإدارة الحكومية الساكنة ،
صحيح إن التغييرات الإجتماعية ، والعلمية والإعلامية والثقافية كانت متسارعة جداً في ربع القرن المنصرم موضوع هذه الوقفة مما كان يتطلب لياقة فكرية وتنظيمية تتناسب معه ، وتلاحق تحدياته ولكن الحقيقة إن البيئة السياسية والتنظيمية دفعت في الإتجاه المعاكس نحو الخمول والرتابة ، والا فكيف نفسر إن الحركة التي كانت بارعة في المبادرات السياسية والفكرية والمنشطية ، تراجع كل ذلك عندها ، لاتملك صوتاً أصيلاً في وسائل الإعلام ، وليس لها من وجود في شبكة الانترنيت ، والنشر والتأليف والمسرح والفنون ، والمعالجات الاجتماعية ، وتعجز عن مبادرة سياسية قادرة علي تجاوز حالة الحصار والضيق والتشظي الوطني انه الجدب واليباس وهل من بعده الا الفقر والعدم .
(٨) كان منهج الجرح والتعديل هو المعتمد في إختيار القادة وتوليد الكوادر ، ويقوم علي قاعدة التمحيص الدقيق لمن يرشح لموقع قيادي علي أي مستوي كان ، دون محاباة أو مجاملة ، والمرجعية حقاً لاشعاراً يومها ( إن خير من إستأجرت القوي الأمين ) ( و إنا لانولي هذا الأمر من يطلبه ) ( وإذا أوكل الأمر الي غير أهله فانتظر الساعة ) و( لاتزكوا أنفسكم )
اما وقد فعلت الدنيا فعلها فقد ساد التزاحم علي المناصب والتكالب علي المواقع ، ونشأت التكتلات والشلليات وبعد أن كان الناس يهربون من المسئولية خوف الفتنة والتقصير ، تحول الحال الي تزكية النفس وتوظيف القبيلة والأهل والأصدقاء والتودد لأهل القرار بالكلام المعسول والتأييد الأعمي والنفاق المذموم ، ثم التكلس و ( الكنكشة) في المواقع يجمدوا فيها ويجمدونها السنين ذوات العدد .
لقد كان منهج الجرح والتعديل حقاً لا شعاراً موفقاً دائماً في تقديم الحركة أفضل من عندها في كل مجال ، تسنده أخوة في الله لاتقيم الإخاء في الله بمقدار ما يقدم للإنسان من عرض الدنيا والمواقع الزائلة ، ولكنه دفء في المشاعر ونبل في العلاقات مع صفاء وتجرد للفكرة والدعوة .
ولكن الحال قد تبدل فأحجم الناس عن الصدع بما يرون خشية إفساد علاقات الزمالة بينهم ( والزمالة غير الإخاء) فكل رأي تجهر به يخالف رأي زميل ، أو يراجع أدائه ويستدرك عليه ، سيجلب علي صاحبه عداوات قد يري نفسه في غني عنها ، وقد شاعت في الناس نقل المداولات التنظيمية حتي للغائبين فتوغر الصدور ويتحاشي الجميع الجهر برأي مخالف يفسد عليهم علاقاتهم بشركاء المهنة وزملاء التكليف الواحد .
إن الحركة قد فقدت أعداداً كييرةً من بنيها الأكفاء ، ومن الذين كان يمكن أن ينضموا الي صفوفها ، ولكن بيئة ومنهاج الفرز للمواقع العامة ، بوصفه الذي تقدم ، أسهم بشكل كبير في إضعاف الفعالية التنظيمية ، وماذا ننتظر حينما يوكل الأمر الي غير أهله .
(٩) من اهم العوامل التي أضعفت الفاعلية التنظيمية للحركة الإسلامية ، الإعتماد علي الدولة للقيام بكل وظائف الدعوة والتغيير والعمل السياسي ، الكل ينتظر من الحكومة ، أن تتولي الشأن السياسي كله مبادرة بالمواقف والسياسات ، وحواراً وعراكاً مع الأصدقاء والأعداء ، وحسماً للصراع السياسي اليومي ، بأدوات وعصي وقدرات السلطة ببريقها وسيفها ، وإعلامها لا منافحة ومجادلة وأصطبار علي النتائج علي منهاج التدافع الحر ، فكرة بفكرة وحجة بحجة ، ورأي برأي ، فنشأت أجيال في الحركة تنتظر من السلطة أن تحسم لها كل شيئ ، ونتيجة ذلك كسل وضمور وتواكل وفقدان أجيال فرصة التدريب في مناخات وبيئة حرة ، وصراعات متكافئة مع الآخرين ، ومن ينشأ في مثل هذه البيئات يكون كالطفل المدلل لا ينجز أمراً ذي بال الافي حضن وحماية أبيه ، وحينما يضعف الأب أو يفلس أو يمرض ، يعجز المسكين عن مواجهة معارك الحياة ، ويتحول حب وتدليل الأب الي عجز وفقر وبوار ، فيكون الهلاك من حيث أردت الحماية ، والضعف بسبب من أراد قوتك ، تلك سنن ماضية في عالم الإجتماع وفي عالم الساسة والدعوة أيضاً .
الناس يرجون من السلطة نصرتهم في السياسة ، ويرجونها واعظاً ومرشدا ً ومربياً ، ومطعمة للطعام والشراب وقائمة علي شئون التنمية والخدمات والدفاع ، وهل يمكنها ذلك أبداً ، وفي كل الأوقات ؟؟ بالطبع لايمكنها ذلك ، وانتظار ذلك منها هو عين العجز عن التفريق مابين أدوار السلطة ، وواجبات المجتمع ، والتخليط في ذلك سبب كثير من ما نعاني .
لعل فيما مضي من السطور بعض تعليل لما أصاب الفاعلية التنظيمية ، إنه بحث في الأسباب القيمية والفكرية ، والعلاج مابين السطور من جنس العلة ، لا في مهرب الي الأمام بخطة جديدة للبناء وإعادة البناء
osman kabashi [osmankabashi@hotmail.com]
/////////////