عيد ميلاد الأمام الصادق المهدي والفجر الجديد .. بقلم: سليم عثمان
سليم عثمان
29 January, 2013
29 January, 2013
*بقلم: سليم عثمان
كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر
في الوقت الذي كنت أطالع فيه كاركاتيرا ساخرا يقول فيه السيد الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة والأنصار للشيخ الدكتور حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي : حزبنا اسلامي ويرفض التوجه الذي يقفز فوق المراحل ،ويؤدي الى نتائج سلبية ،فيرد عليه شيخ حسن ساخرا (هاها هاها هاه ) والله يا أبو النسب أنت لا بتجدع ، ولا بتجيب الحجار، كان زعيم حزب الأمة المعارض، السيد الصادق المهدي إمام طائفة الأنصار، يعلن عن ترتيبات يقوم بها لاعتزال العمل السياسي ،والتفرغ لإكمال ستة مهام فكرية واستثمارية، ويحتفل بداره في مدينة أمدرمان بعيد ميلاده الـ77 بمشاركة اجتماعية واسعة.
: رغم التأخر قليلا وعملا بمقولة أن تأت متأخرا خير من أن أن لا تأتي ،لابد أن نزجي التهاني الحارة للسيد الصادق المهدي ،ببلوغه هذه السن والرسول صلي الله عليه وسلم قال : أعمار أمتي بين الستين والسبعين ، وقليل من يتجاوز ذلك، والسيد المهدي إذ ينوى اعتزال العمل السياسي، في هذه السن بعد عمر حافل بجلائل الأعمال، سواء أاتفق الناس حولها أو أختلفوا ،واحد من القامات السامقة والمحترمة في تاريخ السودان الحديث، لا غرو فهو سليل أسرة سطرت أسمها بأحرف من نور في تاريخ السودان الحديث، وتعلم في أعرق الجامعات ،ودخل معترك العمل السياسي في سن باكرة بل وتبوأ أرفع المناصب في تلك السن ،ونحن إذ نتمني العمر المديد للسيد الإمام، نشكر له تعوذه كما فعل رسولنا الكريم ،من أن يبلغ أرزل العمر، ،وكان كثيرون يرجون أن تعتزل قيادتنا السياسية التى تقدم بها العمر في العمل السياسي، ليحل مكانهم جيل شاب يتحمل مسؤولية المرحلة الحالية، فالصادق المهدي حين يفعل ذلك، بمحض إرادته، وهو في قمة تألقه وعطاءه الفكري والسياسي والاجتماعي ، فهو يسن سنة حسنة، سيكون له ثوابها وثواب من يعمل بها .فلو شخصنا أبصارنا في أحزابنا القديمة منها والحديثة، لوجدنا من هم أكبر من المهدي، ولا يزالون يعضون بنواجزهم علي المواقع التي جلسوا فيها منذ عشرات السنين، ولا يريدون مبارحتها. لذا لابد أن نشكر المهدي على مبادرته الشجاعة هذه، حتى لو رأي البعض أنها أتت متأخرة بعض الشئ ، ولم أر شخصا تعرض الي النقد بل والتجريح الشخصي كالمهدي و نسيه الترابي في السودان، فهذا إن دل علي شئ فإنما يدل على أنهما قيمة انسانية عظيمة، غض النظر عن موقفنا منهما في كثير من القضايا التي تصديا لها ، فالناس دائما ما ترمي الاشجار المثمرة لترميهم بأطايب الثمر،وقد يقول قائل انهما لم يرمياني الإ بحنظل ، خاصة الترابي،حيث يفعل أولاده في الحزب الحاكم وتلامذته العجب العجاب على كل حال هل رمانا هؤلاء بأطايب الثمار؟؟ السيد الصادق المهدي دافع بقوة عن تولي أبنائه وبناته مناصب قيادية في الحزب والدولة، معتبراً أنهم توصلوا إليها بكفاءتهم وتقديم الآخرين لهم. وقال المهدي مخاطباً من حضروا تلك الاحتفالية، إن السن تقدّمت به، وأضاف: "مع سني هذه أشعربأن عطائي يزيد ولا ينقص، ولكن عطائي يحجب عطاء القيادات الاخرى". وتابع يقول: "لذا قررت أن أركز على كوكبة بصورة مكثفة من أجل أن يتولوا القيادة وأنا في قمة عطائي، وهذا هو برنامجي الأهم في الفترة القادمة". وقال المهدي أعتقد إنها ستكون تجربة فريدة في ثقافة الخلافة، والناس في العادة لا يفكرون فيها إلا إذا ردوا إلى أرذل العمر أو فرضتها عليهم المنية، ونحن بالفعل نرجو أن تتولي قيادة شابة زمام الأمور في حزب الأمة أحد أعرق الأحزاب السودانية على الإطلاق فقد تراجع دور الحزب مؤخرا لأسباب جمة لعل أولها أن الإنقاذ عمدت على تحطيم ما سواها من كيانات سياسية في المجتمع ولا تزال تحطمها.
على صعيد اخر قلل زعيم حزب الأمة القومي المعارض، الصادق المهدى، من النتائج التي يمكن أن تحرزها القوى السياسية الموقعة على وثيقة الفجر الجديد في كمبالا مع الحركات المسلحة في دارفور والحركة الشعبية قطاع الشمال بالنيل الأزرق وجنوب كردفان. الجدير بالذكر أنه جاء في الميثاق (أن هذه القوى جميعاً اتفقت على إسقاط نظام المؤتمر الوطني الحزب الحاكم بزعامة رئيس البلاد عمر البشير، وإقامة فترة انتقالية مدتها أربع سنوات تنتهي بإقامة انتخابات حرة ونزيهة، وينعقد خلالها مؤتمر دستوري يحقق إجماعا وطنيا حول كيفية حكم السودان بمشاركة فاعلة من شعوب وأقاليم وأحزاب السودان وقواه الحية ومجتمعه المدني(هذا كله جيد ولا غبار عليه). وعن وسائل إسقاط النظام نص الميثاق على أن “تعمل القوى الموقعة على هذه الوثيقة على إسقاط النظام بوسائل مختلفة وعلى رأسها العمل السلمي المدني الديمقراطي وهذا ايضا مقبول وشرعي والكفاح الثوري المسلح.(هنا نختلف مع من وقعوا تلك الوثيقة) وقد أجمعت على تلك الوثيقة كرؤية سياسية هادية ومرشدة لمنع الانزلاق نحو الفوضى والانهيار بالتراضي والتوافق بينها مع احتفاظ كل قوة بوسائلها) كما جاء في الميثاق: (تدعم الجبهة الثورية السودانية استمرار وتصاعد العمل السلمي الجماهيري وتحوله لانتفاضة شعبية سلمية كأداة رئيسية لإسقاط النظام، وتدعو جماهيرها للمشاركة في الانتفاضة السلمية ضد النظام، وتؤكد الجبهة الثورية السودانية أنها ستعلن وقف إطلاق نار فوريا وشاملا بمجرد إسقاط النظام)
وقال السيد الصادق المهدي الذي كان يتحدث في ندوة عن دور منظمات المجتمع المدني في التحول الديموقراطي بدار الحزب بأمدرمان، إنه لا مجال لتوحيد الصف الداخلي والخارجي إلا من خلال التركيز على العمل السياسي وليس عبر الوسائل العسكرية. وأشار إلى أن تلك المبادئ تم الاتفاق عليها في نوفمبر الماضي بين حزبه والجبهة الثورية لتبني العمل السياسي كأساس للعمل المعارض وإحداث التغيير بالبلاد.
وبالعودة الي ما سمي بميثاق الفجر الجديد الذي وقعت عليه بعض القوى المناهضة للنظام فأني أري أن اختيار المكان والزمان له عدة معان عند الموقعين فيوغندا في ظل حكم يويري موسفيني اكبر ديكتاتور في أفريقيا كانت تناهض السودان عداء واضحا حتي في ظل الديمقراطية الثالثة ،وكانت محضنا لحركة التمرد،بل وكانت داعما أساسيا لفكرة انفصال جنوب السودان عن شماله ولو كانت للإنفصال حسنة واحدة فهي أن يوغندا لم تعد جارة للسودان، ولكن من الطبيعي أن تحملها حميمية العلاقة مع حكام دولة الجنوب الجدد الى أستضافة أي عمل سياسي مناهض للسودان علي أراضيها، المعارضون الذين تخبطوا كثيرا وحاروا في كيفية التعامل الراشد مع حكم الانقاذ ،الذي تطاول حتى كاد يكمل ربع قرن من الزمان ،لم يهدهم تفكيرهم الفطير سوي الى توقيع هذه الوثيقة البائسة، التى خلطوا بتقديري من خلالها عملا صالحا باخر اكثر سوءا، من حق المعارضة أن تعمل على أسقاط النظام بالوسائل السلمية المشروعة ،ومن حقها أن تخرج مظاهرات مليونية لاسقاط النظام وليس من حقها البتة إدخال البلاد الي مستنقع اعمال مسلحة، تهدد أمنها وأستقرارها المهدد أصلا، نحن مع حاملي السلاح في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان لنيل حقوقهم المشروعة التي يطالبون بها ونأمل أن يجلسوا الى طاولة الحوار للوصول الي تسوية مرضية،ولكننا بكل تأكيد لا نؤيدهم في الزحف نحو الخرطوم لنسف استقرارها وترويع الآمنين فيها ، أو القيام بأية أعمال عسكرية تطال منشات حيوية قومية هي ملك للشعب السوداني، وليست لنظام البشير، بؤس الوثيقة تنم عن عجز كبير للمعارضة التى لم تقدم طوال سني الانقاذ، أي بديل مقنع للشعب ليلتف حولها ، فكثير من رموز هذه المعارضة ابتلعت الطعوم التى رمتها الانقاذ لهم فمنهم من دخل الحكم وشوه سمعته ومنهم من قبض ثمن سكوته ومنهم من اكتفى باستعادة املاكه ومنهم من خاف على حياته وحياة ابناءه ومنهم ومنهم الخ فاذا كان نظام الانقاذ بقيادة البشير سيئا، فالمعارضة بتصرفاتها غير الحكيمة هذه تصبح أكثر سوءا،لذا كان من الطبيعي ان يتبرأ منها الامام الصادق المهدي والمؤتمر الشعبي وكثير من القوي الوطنية،وخطورة هذه الوثيقة لا تكمن فقط فيما يمكن ان تجلبه تنفيذ بنودها من متاعب، في حال لجوء المعارضة للسلاح ،واستخدامه كلغة للحوار بل تكمن في أن الجهات التي تسمي نفسها بالهامش ،واقصد دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق والحركة الشعبية قطاع الشمال ،ستضعف قضيتها العادلة، التي طالبت الأمم المتحدة وامريكا والكثير من القوي الغربية حكومة الخرطوم بفتح الحوار حول كافة القضايا التي يقاتلون من أجلها ،لذا فإن فأي تحرك عسكري سوف يمنح الحكومة المزيد من عسكرة سياساتها ،ومن شأن ذلك أن يدخل بلادنا في دوامة من العنف لا تحمد عقباه،وفي الاذهان ما يحدث الان في سوريا، بل دخولنا دوامة العنف سوف يعني بالضرورة تعليق حل كل القضايا مع دولة جنوب السودان ،لأنها من خلال قطاع الشمال في الحركة الشعبية تعتبر طرفا أصيلا في ميثاق كمبالا، والغريب أن دولة جنوب السودان لا تزال تصر علي تسمية جيشها بجيش تحرير السودان، لا ادري بعد انفصالهم مم يريدون تحريرنا؟ إن كانوا يقصدون تحريرنا من البشير وحكمة، فنحن كفيلون به ولا شأن لهم بأمورنا الداخلية مهما تعقدت،ربما ظنت المعارضة وهي تختار هذه الأوقات العصيبة التى تمر بها البلد من تدهور للوضع الاقتصادي، وترد في خدمات التعليم والصحة ،وكل شئ أنه الوقت المناسب لإسقاط الحكومة ، الإسقاط يا هؤلاء ليس شعارات منمقة نطلقها في صالات وغرف فنادق الجوار الاقليمي، إسقاط الحكومة يتطلب رؤية ثاقبة يجمع عليها سواد السودان الاعظم، على الاحزاب المعارضة إن كانت جادة في اسقاط النظام أن لا تتخلي أبدا عن الوسائل السلمية، لأن من شأن ذلك أن يقوى ثقة الشعب فيها، اما العمل المسلح لا أظن أنه سيضيف فردا واحدا الي كتائبه ومليشياته، والغريب في أمر بعض احزاب المعارضة، أن قيادات الصف الأول فيها لا تريد تغبير أقدامها في قضية يعتقدون أنها عادلة وجوهرية ومركزية بالنسبة لهم، وهو اسقاط النظام، المعارضة باختصار ظلت تطلق الشعارات الجوفاء الفارغة من كل مضمون، تحلم بأن مجرد التوقيع على وثيقة (لاتساوي ثمن الحبر الذي مهرت به ) كفيل بأن يحملها الى كراسي الحكم الوثيرة، التي يجلس عليها الانقاذيون ولا يريدون التفريط فيها الا بعد ان تراق منهم كل الدماء كما يقولون: ونحن اذ ننتقد سلوك المعارضة وتفكيرها في اللجوء الى العمل المسلح، واعتماده ضمن خيارات اسقاط النظام نقول للحاكمين في الخرطوم: ان لغة التهديد والتخوين لن تحل قضايا السودان ،لذا لابد وهي تشرع في لم الشمل ان تقنع المعارضة بانها على اهبة الاستعداد الي تغيير سياساتها، التى جعلت هؤلاء ينفرون منها ويفرون فرار السليم من الاجرب، نعم نحن ضد أن يحاول البعض ابعاد الدين عن حياتنا، لأننا جميعا مسلمون بالفطرة ،ولكننا لابد ان نظهر لهؤلاء اننا مستعدون للتحاور معهم في كل هذه القضايا الرئيسية ،ونحن نضع وثيقة الدستور، التي نأمل ان تكون جامعة وموحدة لنا ،لا سببا في مزيد من الفرقة والشتات والتناحر،الدين وتقسيم الثروة والسلطة والعدل وغيرها من المسائل، تحتاج ان نتحاور حولها بأفق مفتوح بعيدا عن التخوين والتهديد بأستخدام السلاح من هذا الطرف أو ذاك.
من جانبه وصف مساعد الرئيس السوداني الدكتور نافع علي نافع ، إعلان "وثيقة الفجر الجديد" لإسقاط نظام الرئيس عمر البشير بأنه "فجر كاذب" . مشيرا إلى تبرؤ موقعيه من الشريعة الإسلامية وقال نائب الامين العام للمؤتمرالشعبي إبراهيم السنوسي في حديث لـ(السوداني) إن الوثيقة بها مسعى واضح لفصل الدين عن الدولة واستبداله بنظام علماني ، لافتاً إلىأن حزبه مع سياسية تغيير واسقاط النظام عن طريق العمل السياسي وليس المسلح.وأكدالسنوسي أن حزبه تبرأ من الشخص الذي وقع باسمه على تلك الوثيقة. وحذر السنوسيقيادات المعارضة من المضي في تنفيذ وثيقة كمبالا لأنها تفتح الباب لتقسيم السودانمن خلال بند الاقاليم الوارد بها، وجدد الدكتور التجاني سيسي رئيس السلطة الاقليمية لدارفور إدانته لوثيقة (الفجر الجديد) الموقعة في كمبالا مؤخرا بين أحزاب سودانية معارضة و (الجبهة الثورية) المتمردة ، مشيرا إلى أن قضايا السودان لا تحل إلا عبر الحوار باعتباره السبيل الوحيد لمعالجة كافة قضايا البلاد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا عقل كالتدبير، ولا كرم كالتقوى، ولا قرين كحسن الخلق، ولا ميراث كالأدب، ولا فائدة كالتوفيق، ولا تجارة كالعمل الصالح، ولا ربح كثواب الله تعالى، ولا ورع كالوقوف عند الشبهة، ولا زهد كالزهد في الحرام، ولا علم كالتفكر، ولا عبادة كأداء الفرائض، ولا إيمان كالحياء والصبر، ولا حسب كالتواضع، ولا شرف كالعلم، ولا مظاهرة أوفق من المشورة؛ فأحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وأذكر الموت وطول البلى.
وأنشد لأبي الجهم: السريع
والمرء منسوب إلى فعله ... والناس أخبار وأمثال
يا أيها المرسل آماله ... من دون آمالك آجالد
قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: اتق الله يا أمير المؤمنين، فقال له رجل: لا تألت أمير المؤمنين، فقال عمر: دعهم فلا خير فيهم إذا لم يقولوها، ولا خير فينا إذا لم تقل لنا، ومنه قوله تعالى " وما ألتناهم " أي ما نقصناهم
وقال معاوية لصعصعة بن صوحان: صف لي الناس، فقال: خلق الله الناس أطواراً، فطائفة للعبادة، وطائفة للسياسة، وطائفة للفقه والسنة، وطائفة للبأس والنجدة، وطائفة للصنائع والحرف، وآخرون بين ذلك يكدرون الماء ويغلون السعر.
*كاتب وصحافي سوداني مقيم في قطر
Saleem Osman [saleeem66@hotmail.com]