تدريس العلوم وحراك جامعة المستقبل الجديد

 


 

 



abusamira85@gmail.com
لا تشكل طرق تدريس العلوم حضورا ملفتا في المشهد التعليمي الوطني. وقد يثير القلق النظر إلى نتائج المعدلات في مواد العلوم بمختلف مسمياتها على مرّ السنوات القليلة الماضية. وهذا القلق الذي ينتظر أن يبدده حراك ما يعود إلى أن معظم النتائج لا تظهر تقدما فعليا في مستويات الطلاب في مواد العلوم.
وحتى لا نتوه في دهاليز أسباب التراجع نشير إلى أن هذا القلق ظاهرة عالمية، والشاهد هنا أن الصدارة عندما احتكرتها دولة مثل سنغافورة، دفع الأمر الولايات المتحدة الأمريكية إلى حفز  الباحثين والمدرّسين للتعمّق في دراسة محتوى مناهج الرياضيات والعلوم وأساليب تدريسها في سنغافورة. والمفارقة أن الباحثين الأمريكيين وجدوا بعض الأفكار المثيرة للاهتمام وهي قيد التنفيذ حاليا في عدد من المدارس الأمريكية.
وعودة إلى واقع الحال يفيد أن تدريس العلوم في مدراسنا العامة والخاصة يحتاج إلى قفزة كبيرة وفورية، ذلك أن طرق تدريس العلوم الحالية لا تسهم في رفد البلاد بعلماء ومخترعين وباحثين وهلمجرا.
هل هي أمنية أم مغامرة أن نبحث عن وسائل أو آليات لتطوير طرق تدريس العلوم في البلاد؟
يلتقط هذا السؤال الدكتور أبو بكر مصطفى محمد خير رئيس مجلس أمناء جامعة المستقبل ويجيب: (مثل هذا البحث المفيد لا يدخل في باب الأماني وبالقطع لا صلة له بالمغامرات، إذ أن المطلوب إحداث حراك جديد يستوعب الواقع السوداني ويستفيد من التجارب العالمية في هذا المجال). وأصل الحكاية أن الدكتور أبو بكر اعتاد أن يستغل الاجتماع الدوري السنوي لمجلس أمناء جامعة المستقبل الذي يضم شخصيات عالمية مرموقة في تنظيم منتدى أو ورشة عمل أو مائدة مستديرة حول موضوع علمي يعود نفعه على البلاد قاطبة.
وفي هذه الدورة تنظم جامعة المستقبل لقاءا عالميا ذي ثلاث أنشطة حول تطوير طرق تدريس العلوم في أفريقيا بصفة عامة والسودان بصفة خاصة، تستضيفه الخرطوم خلال الفترة من 14 إلى 18 أبريل الحالي.
وحول طبيعة هذا اللقاء الدولي يكشف الدكتور الطيب مصطفى فضل السيد رئيس جامعة المستقبل، أن الجامعة في إطار سعيها للاستفادة من علاقاتها الدولية المتميزة، تنظم مع المركز الدولي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار التابع لليونيسكو بماليزيا  ISTIC بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم الاتحادية ووزارة التربية بولاية الخرطوم والمنظمة الإسلامية للتربية والعلم والثقافة وأكاديمية العالم الثالث للعلوم بإيطاليا، وبمشاركة علمية من أكاديمية العلوم الأمريكية والأكاديمية الفرنسية للعلوم، لقاءا عالميا، يتضمن ثلاث فعاليات تتمثل في: ورشة عمل تدريبة، مائدة مستديرة، ومنتدي دوليا حول سبل تطوير العلوم بأفريقيا بصفة عامة والسودان بصفة خاصة. وتبدأ هذه الورشة التي تفتتحها الأستاذة سعاد عبد الرازق وزير التربية في فندق قراند هوليدي فيلا صباح بعد غد الأحد.
بما أن الدكتور الطيب مصطفى نفسه أحد الخبراء العالميين في المجال، إذ عمل في اليونيسكو لأكثر من ثلاثين عاما، تقلد خلالها منصب مدير إدارة سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، فإنه بلغة علمية مركزة أوضح أن الفعالية الأولى تتمثل في تسليط الضوء على تدريس العلوم بتنظيم ورشة عمل تدريبية، حول تدريس مناهج العلوم المستند على التقصي لأساتذة العلوم في البلدان الأفريقية، يشارك فيها نحو 40 مشاركا من أساتذة العلوم في البلدان الأفريقية والسودان، بغيىة تطبيق برنامج لتدريس العلوم يقوم على الاستفسار والفضول (لاماب)، وهو منهج أدخل في فرنسا عام 1996 بواسطة أكاديميون بارزون، خاصة جورج شاربارك وبيير لينا وإيف كيري، ويطبق حاليا في أكثر من 50 دولة.
وقبل أن تثير كلمة (لاماب) الفضول، يعود الدكتور الطيب مصطفى إلى أمدرمانيته القديمة ويحجينا مثل العجائز المشوقات: (لاماب) منهج يحفز التلاميذ على اكتشاف وتعلم العلوم بطريقة تلقائية وطبيعية لا تكلف ولا عنت فيها من خلال بناء المعرفة باستخدام مواد ومعدات مألوفة لديهم. ويضع هذا المنهج الأطفال في مواقف تُثير فيهم الفضول بشأن الظواهر الطبيعية، وتدفعهم إلى إثارة الأسئلة والاستفسارات واكتشاف الإجابات عن هذه التساؤلات وهم يخوضون تجربة الاستقصاء العلمي. ويخلص إلى أن المنهج يشجع التلاميذ على الحوار فيما بينهم أثناء البحث عن الحلول للمسائل المطروحة، مما يُنمي فيهم المواطنة البنّاءة.
أما الفعالية الثانية المائدة المستديرة التي تلتئم صباح يوم الثلاثاء المقبل بمقر جامعة المستقبل، والحديث للدكتور الطيب، فهي استعراض للتجارب الإقليمية والعالمية حول تدريس العلوم.
وعن الفعالية الثالثة المنتدي الدولي الذي يعقد صباح يوم الأربعاء المقبل بمقر جامعة المستقبل، يوضح الدكتور الطيب، أن المنتدى يدار بأسلوب منتدى دافوس الدولي في النقاش، والمتحدث الرئيسي في المنتدى البروفسير بروس البرت مبعوث الرئيس الأمريكي باراك أوباما للشئون العلمية والرئيس السابق لأكاديمية العلوم الأمريكية ورئيس مجلة تحرير مجلة العلم.      
وحسب الدكتور الطيب مصطفى، فإن اللقاء يحظى بمشاركة واسعة من كبار العلماء المختصين في هذا المجال في العالم منهم: البروفسيور يفي كيري السكرتير العام للأكاديمية الفرنسية للعلوم، البروفسير داتو لي كونق رئيس مجلس إدارة المركز العالمي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار بماليزيا، والبروفسير ماجد الشربيني رئيس أكاديمية البحث العلمي في مصر، إضافة إلى مدير أكاديمية العالم الإسلامي، مديرة الأكاديمية الأفريقية للعلوم، وغيرهم من العلماء.

 

آراء