السيسي… ثم رحيل عبد المجيد

 


 

 


(1 )
التغيير السياسي نقصد تغيير الانظمة  في دول العالم الثالث يتم عادة  بعدة طرق اكثرها شيوعا الانقلابات العسكرية واشهرها الانتفاضات والثورات الشعبية وفي افريقيا نوع ثالث هو الزحف على العاصمة من الاطراف اما التغيير عن طريق صناديق الانتخابات فهو مطلب تسعى تلك الدول الي تطبيقه وتثبيته وقد تم ذلك في بعض الدول ولكن الذي حدث في مصر من تغييير سياسي يمزج بين الهبة الشعبية والحركة العسكرية  ويبدو ان هذا التعقيد ناجم من طبيعة النظام المراد تغييره فهو نظام منتخب وبشرعية دستورية كاملة الدسم وناجمة من ثورة شعبية حقيقية وهي ثورة 25 يناير
(2 )
حكومة مرسي فقدت الفاعلية  واصبحت عبئا يهدد الاستقرار لابل الوحدة  الوطنية المصرية وهناك اسباب كثيرة ادت لذلك منها الموضوعي داخليا وخارجيا  ومنها الذاتي اي ما يرجع للظرف العام ومايرجع لتصور الاخوان لادارة الدولة  فالاخوان ضحايا في المقام الاول ثم جلادين بدرجة اقل وليس هذا موضوعنا فالمهم في الامر ان الحكومة فقدت الفاعلية والشرعية الدستورية لن تغني عن الفاعلية في شئ فالدولة في مصر هي التي تطعم وتسقي وتكسي وتعالج فاذا فقدت الفاعلية فان هذا يعني الفناء ولن يقبل شعبا في الدنيا ان ينظر للموت وهو يدب في اطرافه
(3 )
بعد ان خرج الشعب المصري في تظاهرات تحمل في جوفها روح المواكب لانها تظاهرات مدعومة ومحمية  من اجهزة الدولة العميقة ضد الحكومة استلم الجيش المصري السلطة وهو جيش منضبط متوحد صاحب رؤية متكاملة وقيادة مدركة للواقع ومخاطره ولكن يبدو لي ان الماذق الذي حدث هو ان  الجيش لم يرد الانفراد بالسلطة من اول وهلة لابل سعى لمشاركة المعارضة للنظام المبعد  الامر الذي زاد في اثارة سدنة النظام المبعد وجعلهم يتمسكون بورقة الشرعية الدستورية والمعلوم ان هؤلاء يتقنون المعارضة اكثر من اتقانهم للحكم بكثير
(4 )
من غير المعقول ان تاخد السلطة من من نالها بالصندوق ثم تعطيعها لمن لم يستطع كسبها عن طريق الصندوق وتدعي ان ذلك  قد تم عن طريق الشارع فطالما انك جعلت الشارع فيصلا فلن يجف بعد ذلك فالاخوان سوف يصرون على البقاء فيه طالما انه مصدر  الشرعية وليس الصندوق اما القول بان المرحلة انتقالية وهناك انتخابات قادمة فمن الذي سيضمن بقاء الحكومة المنتخبة القادمة لاكثر من عام طالما ان الشارع موجود والتظاهر حق مكفول ؟
(5 )
العسكري الذي يدخل السياسة لن يخفي (كابه) ولو اعلن السيسي استلام الجيش للسلطه وعزل مرسي وشكل حكومة تكنوقراط ووقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية الحاكمة والمعارضة لرحب به الشعب المصري والاقليم حول مصر فالشعب يريد حكومة تقود الدولة بفاعلية لكن السيسي لم يفعل خوفا من وصمة كلمة الانقلاب ولاادري ماذا قدمت المجموعة الدولية التي تعارض  الانقلابات في العالم الثالث لهذا العالم ؟
(6 )
لايمكن للجيش المصري ان يتفرج وهناك من يدعو لانشقاقه . لايمكن للجيش المصري ان يتفرج على الدولة والشلل يسري في اوصالها . الوضع الانتقالي يعني المزيد من البلبلة اي انتخا بات قادمة لن تحل الاشكالية لاتوجد منطقة وسطى بين عسكرة الحكم وشعبنته . يمكن ان تكون هناك عسكرة مستنيرة بها حرية تعبير واحزاب تلعب في ميدان محدد الابعاد  ورقابة كاملة  على اجهزة الدولة ودولة قانون   والسيسي لهكذا حكومة حتى ولو اضطر لخلع بزته العسكرية ولكن خلعها يحتاج لزمن والزمن ليس في صالح المحروسة  
(ب )
مصر ,, عالم يمخول
(1 )
شاعرنا المجيد الراحل صلاح احمد ابراهيم له مقولة من شقين فحواها اذا اردت ان تقف موقفا صحيحا في امر من الامور الداخلية انظر ان يقف (فلان) وقف في مقابلته  اي ضده طبعا صلاح بجسارته المعهودة ذكر الاسم ولكننا هنا لم نذكره ليس لنقص في الجسارة بل لحاجات تانية حامياني اما الشق الاخر من مقولته فهو اذا اردت ان تقف موقفا صحيحا في شان سياسي دولي انظر اين تقف امريكا وقف في مقابلتها
(2 )
يحيرني لابل يمخولني موقف اخوان مصر من امريكا  فيما جرى لهم مؤخرا فلم نسمع من قادتهم ان ما حدث لهم تدبيرا امريكيا صهيونيا  ومؤامرة صليبية ضد الاسلام والمسلمين بينما  قاعدة الاخوان لابل عامة المسلمين يتسامرون في مجالسهم بان امريكا واسرائيل تقف خلف مايجري في مصر وغيرها من دول العالم  العربي الاسلامي ولعل هذا بفضل ادبيات الاخوان والاسلام السياسي المتوارثة ولكن قادة الاخوان في مصر لم يقولوا  بهذا ايام حكمهم ولافي منصة ربعة العدوية والاتحادية هذة الايام  فاين ذهبت نظرية المؤامرة ؟
(3 )
يحيرني وما يتحير الامغير الفريق اول عبد الفتاح السيسي رجل المرحلة في مصر وبدون منازع وبعد ان طلب من شعبه اعطائه التفويض للتعامل مع اعتصامات رابعة العدوية والنهضة وغيرها طلب من المسؤل الامريكي الكبير الذي يزور مصر ان يطلب من الاخوان ان يفضوا الاعتصامات والمظاهرات والذي منه والوصول مع حكومة السيسي الي حلول وسط هذ يعني بصريح العبارة ان السيسي طلب من امريكا ان تتوسط لابل تتدخل في الشان المصري فالندع علاقة السيسي بالامريكان جانبا ونسال ماذا يعرف السيسي عن علاقة الامريكان بالاخوان ؟
(4 )
من المحيرات كذلك الموقف الغربي بصفة عامة والاتحاد الاوربي بصفة خاصة والامريكي بصفة اخص تجاه ما يحدث في مصر اذ لم يعد للاذهان موقف الغرب مما حدث في الجزائر 1992 عندما فاز الاسلاميون –عباس مدني وعلي بلحاج - بالانتخابات هناك حيث  وقف  كل الغرب مع الجيش عندما حال بين الاسلاميين والسلطة رغم انها مستحق انتخابي لهم وكذا عندما حدث نفس الشئ لا اربكان في تركيا ولكنهم في مصر لم يفعلوا هذا واعلنوا (بعض )  انحيازهم لشرعية مرسي الدستورية وبعضهم مسك العصاية من النص وبعضهم انطبق عليه غناء ترباس (بي قليبك تقول لي تعال وتعال وبي عيونك تقول لي لا ما في مجال)
( 5 )
اخشى ما اخشاه ان تكون الجماعة الدولية اياها قد وضعت مصر الان  في معملها فان ذلك كذلك –لاسمح الله – على جميع العرب ان يعلموا ان ليس الشعب المصري وحده هو الذي سيدفع الثمن بل كل البلاد و الشعوب العربية سوف تدفع الثمن مضاعفا . ان مصر هي صمام امان كل المنطقة واي تهتك في نسيج مصر سوف يمزق كل المنطقة ليت اخوان مصر يدركون ذلك وليت شعب مصر يدرك خطورة ما يحاك ضده . اللهم ببركة هذا الفضيل احفظ مصر وشعب مصر وارض مصر

( ج )
كيف  نكتب  يامجيد ؟
(1 )
حري بالكتابة ان تستحيل وحري بالحروف ان تتمحق فنعي عبد المجيد عبد الرزاق لن تتحمله لغة مهما اوتيت من قدرة على البيان . الحزن عندما يجوس في الدواخل  ويتربع  في الاعماق يحتاج لمعجزة لكي يعبر عن نفسه وكم هي مسكينة تلك الماقي التي تتكفل بدور الرسول بما ترسله من دموع  ولن نجد ابلغ من قول الشاعر ود بادى وهو ينعي اسماعيل حسن لكي ننعي مجيدو الذي  رحل عن دنيانا  هذة   (ارمي الدمعة فوق الدمعتين ياعين / بعد الليلة حابساها الدموع لى مين / نزيف الدنيا من حد البلد غربي / نزيف الدنيا لى حد البلد شرقي / وجوم عم الليالي العامرة / كل الدنيا خاتا الخمسة فوق الاتنين )
لئن صعبت الكتابة ورفضت الحروف ان تتجمع لكي تتحدث في رحيل (مجيد , يامجيد مجيدك وين ؟ ) كما كنت اترنم احيانا وانا ادخل عليه في مكتبه ولاعوام متتالية , لئن شق علينا رثاء مجيدو  الصديق العزيز والانسان صاحب القلب الكبير والرجل  المتفاني في خدمة غيره  فمن السهولة بمكان الكتابة عن عبد المجيد الرازق الكاتب الصحفي الرياضي المطبوع صاحب المدرسة المتفردة تلك المدرسة التي اسسها  بتجربته  الثرة الطويلة وباخلاصه وتفانيه وتجرده وفكره الثاقب , تلك المدرسة التي برحيله انهد بنيانها واصبحت خرابا ينعق فيها البوم  
ليس في الامر مبالغة او عاطفة جاش بها الحزن اذا قلنا ان عبد المجيد مدرسة  متفردة او اذا قلنا ان عبد المجيد  فريد عصره  ودرة زمانه فهذة دعوى تقوم على دعائم موضوعية وشواهد كانت ماثلة فمن غير عبد المجيد الرياضي المطبوع والكاتب الصحفي كا ن همه الاول والاخير الفريق القومي السوداني ؟ من غيره كان يزرف الدمع على الفريق القومي الذي اصبح لابواكي له ؟  من قبل عبد المجيد نبه كتابة لخطورة تهافت الهلال والمريخ على اللاعبين الاجانب على الفريق القومي ؟   مثل اخرين كان عبد المجيد يرفض النقد من منازلهم ويحرص على دخول المباريات وحجته في ذلك انه معلق رياضي فكيف يعتمد على تعليق معلق اخر في التلفزيون او الاذاعة ؟  ولكن وحده دون غيره كان يركز على اللاعبين الذين يمكن ان يرفعوا للفريق القومي بغض النظر عن الفرق المنتمين لها
عبد المجيد عندما يمسك القلم يخلع عن نفسه  كل انتماء ويتجرد للحقيقة  وقد تشاركه قلة من النقاد الرياضيين في هذا ولكن عبد المجيد دون غيره كان يهاجم الانتماء الضيق ويذكر زملائه الذين دابروا الموضوعية ويذكرهم بالاسم ويصفهم بانهم مشجعين  ومتعصبين وليسوا نقاد وفي جراة يحسد عليها يطالب بمحاسبتهم ووضعهم تحت طائلة القانون اذ كتبوا متجاوزين حدود القانون والذوق العام  ودوما تكون  ردة فعل هؤلاء شتيمة وتجريح وسباب وعبد المجيد يتقبل ذلك في جلد ويقول انها ضريبة قول الحق . قال له احد المحبين ذات مرة ياعبد المجيد خليك في نفسك واكتب ماتراه صحيحا ولاتتعرض  لما  يكتبه الاخرين وتخسر زملائك فرد عليه قائلا ياخي نحن كلنا نسبح  في بركة  وعلينا كلنا واجب تنظيفها  واذا نحن لم ننقد بعضنا فكيف ننقد الاخرين ؟
في ندوة تلفزيونية  رياضية قدم عبد المجيد مداخلة تلفونية وبمجرد انتهائه قال بروف شداد الذي كان داخل الاستديو معلقا  ومعجبا بالاراء التي ابداها عبد المجيد في الموضوع المطروح (عبد المجيد دائما عشرة على عشرة ) تقبلك الله ياعبد المجيد وانزل شابيب رحمته على قبرك الطاهر وجعل البركة في ذريتك الطيبة والعزاء لمحبيك الكثر في عموم السودان ولاهلنا الاعزاء  في قوز الناقة وكل الجزيرة

عبد اللطيف البوني [aalbony@gmail.com]

 

آراء