النيران فى حوش الجيران: افزعوا للإطفاء يا أهل السودان
نيران الحركة والجيش الشعبي لتحرير السودان من أجدر منا بالوساطة
g_ghanim@hotmail.com
الدنيا أم سفاريك كما كتلاك بوريك
هذا مثال من أمثلة أهلنا الفور وهو يقابل بيت الشعر العربي الذى كان يستشهد به كثيراً الرسول صلى الله عليه وسلم:"ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود", وبما أن إخواننا أهل دولة جنوب السودان قد اختاروا الإنفصال وقيام دولة مستقلة فقد تمنينا لهم بل ترجينا لهم كل تقدم وازدهار فى دولة مستقرة بقيادة راشدة، ولكن وسط التفاؤل بقيام دولة قابلة للنماء والإزدهار من المجتمع الإقليمي والدولي خذل القادة السياسون فى دولة جنوب السودان شعبهم وأهلهم أولاً قبل خذلان المجتمع الإقليمى والدولي! والسبب فى ذلك هو الحركة الشعبية لتحرير السودان! لماذا؟ وكيف؟
التهميش والإقصاء هو أساس البلاء فى الأحزاب السودانية والأفريقية
يرى بعض المحلليين السياسيين أن الصراع الدائر فى دولة جنوب السودان هو نتيجة صراع أفيال حول السلطة و آخرون يرون أنه نتيجة احتكار السلطة من طغمة متنفذة ومن حزب واحد متسلط هو الحركة الشعبية لتحرير السودان وبعض المحلليين السياسيين يظنونه صراع قبلي وجهوي، وما هذا إلا عرض من أعراض الأزمة والمرض المزمن، وإننى أري أن الأمر كله ناتج من إقصاء وتهميش تنظيمي فى داخل الحركة الشعبية أو ناتج من إقصاء وتهميش الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني بواسطة الحركة الشعبية – الحزب الحاكم.
الدولة الفاشلة والدولة القابلة للنماء والإزدهار
لقد أوضح أستاذنا الفاضل الراحل البروفسير محمد عمر بشير فى كتابه القيم "مشكلة جنوب السودان" (Southern Sudan Conflict) أن الجنوب لا يمتلك مقومات دولة لأنه أولاً منطقة قارية (ليس لها منفذ بحري) ولا يوجد لها تاريخ مشترك كما لا يوجد لها هدف ومصير مشترك بالإضافة لغياب لغة التواصل المشترك (Lingua Franca)، وهذه هي أهم مقومات الدولة، ولكن باصرار أهل جنوب السودان وعزيمتهم انفصلوا بدولتهم وحققوا استقلالهم بفضل ودعم المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي ونضال الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان ضد المظالم التاريخية التى لحقت بالجنوبيين فى السودان الموحد.
الحركة الشعبية والإخفاق فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي
لقد ظلت الحركة الشعبية وقادتها يبشروننا منذ عام 1983م بأطروحة ومشروع السودان الجديد: سودان العدل والمساواة والفرص المتكافئة، سودان التنمية الاقتصادية والاجتماعية، السودان الواحد المتحد ولكنها نكصت على عقبيها إنفصالية قبيحة بعد موت الزعيم الراحل قرنق ويبدو أن القائد المهلم أخذ معه إلى قبره مشروع السودان الجديد وبقى أولاد قرنق وجنرالات وعساكر الجيش الشعبي عريانين فى النقعة بدون مشروع سياسى إلا من الروافع الطموحة من المستشارين السياسيين والممثلين من هوليوود ومن الدول الغربية.
لقد كنت أظن أن الحركة الشعبية باعتبارها حركة تحررية ستهتم بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمواطنيين فى دولة جنوب السودان من خلال خطط وبرامج تنمية مدروسة قصيرة وطويلة الأجل مثل بقية حركات التحرر فى أفريقيا، على سبيل المثال "حزب المؤتمر الوطني" الحاكم فى دولة جنوب أفريقيا الذى حقق السلام الاجتماعي والاستقرار السياسي وأعلى معدلات التنمية الإقتصادية فى أفريقيا فى بلد متعدد الأجناس والأعراق وكذلك "الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الأثيوبية" الحزب الحاكم فى أثيوبيا الذى بدوره وفى بلد متعدد الأعراق والأجناس ويتجاوز سكانه ثمانون مليون نسمة حقق كذلك السلام الاجتماعي والاستقرار السياسى وأصبحت أثيوبيا اليوم أول دولة فى شرق أفريقيا وثالث دولة على مستوى أفريقيا تحقق أعلى معدلات التنمية وتنجز أكبر المشاريع الإنمائية وهي دولة غير بترولية.
المرض الهولندي واقصد به الاعتماد على مورد اقتصادي واحد اقعد الاقتصاد الهش لدولة جنوب السودان والذى صاحبه فساد مالى وإداري كبير طال معظم رموز وقياديى الحركة الشعبية وذلك نتيجة لإحتكار السلطة وغياب الديمقراطية فى مؤسسات الحزب الحاكم وفى مؤسسات الدولة حيث لم يكن برلمان الدولة قادراً على أن يهش وينش ويدلى برأي فى المسائل الوطنية المختلفة لأنه مكون بأغلبية الإجماع السكوتي للحزب الحاكم.
اقتسام السلطة والمحاصصة السياسية
بفوزها فى الانتخابات احتكرت الحركة الشعبية السلطة فى دولة جنوب السودان وأقصت بل استبعدت الأحزاب الجنوبية التاريخية ومنظمات المجتمع المدني وحتى أقرب المقربين إليها حزب الدكتور لام كول "الحركة الشعبية للتغير الديموقراطي".
إذا أرادت الحركة الشعبية تحقيق الاستقرار السياسي والتنمية الإقتصادية فى دولة جنوب السودان لابد لها من ترسيخ مبدأ الانتقال السلمي للسلطة وتعزيز روح الحوار الوطني وتبني روح التسامح والشراكة الذكية مع مكونات الطيف السياسى فى الدولة وذلك من خلال تعديل الدستور واجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة بالأخذ فى الاعتبار انتهاء مرحلة الشرعية الثورية والتحررية. وعليها الأخذ في الاعتبار اقتسام السلطة والمحاصصة المطبقة على أصولها فى الهند ونيجيريا ولبنان وذلك يايكال رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان لشخصيات من المجموعات الحامية (Hametic) والنيلية (Nilotic) والسودانية الاستوائية (Sudanese) على التوالي بالنظر إلى الثقل السكاني.
لابد للحركة الشعبية من الاعتراف بالتعدد والتنوع العرقي والإثنى فى دولة جنوب السودان حيث لن يقبل المواطنين فى دولة جنوب السودان خاصة النازحين من جمهورية السودان استبدل الجلابة بجلابة محليين وأقصد بالجلابة المحليين القبائل المهيمنة على السلطة والثروة فى دولة جنوب السودان.
الأجاويد والوساطة
كنت أتوقع أن يتنادى أهل السودان للوساطة وتطيب خواطر الفرقاء فى دولة جنوب السودان للوصول الى تفاهمات لحل المشكل القائم وكنت أرجو أن يقوم الرفقاء السابقين فى التجمع الوطني ببذل مساعيهم للتوسط ولحل المشكل بالتعاون مع مجموعة الايقاد وإننى أناشد اخواننا فى منظمات المجتمع السوداني وخاصة رجالات الدين المسيحي للتحرك السريع لاحتواء الأزمة الراهنة قبل أن يتنتقل الحريق إلى دارنا المشتعلة بالفعل بنيران الحروب الجهوية.
/////////