استيلا قاتيانو .. أحييت أحلام الطيب صالح!!!
الطيب صالح .. قيمة ورؤية .. ونموذج , لايكفي ان نفخر بأنة كاتب روائي .. عالمي ..رفع اسم ( السودان ) عاليا , ولكنه من خلال الكلمة و السرد العبقري لرواياتة القليلة نسبيا مقارنة بنجيب محفوظ مثلا ..كان عقلانيا في رؤيته للعالم , ومن دعاة الوحدة مع التنوع , بل خلق من التنوع ابداعا مذهلا داخل المجتمع الواحد , بل من خلال تصويره لأنفعالات الغير , كان دائم الأشارة بان هناك ثمة ارتباط بين مشاعر كافة الناس رغم اختلاف سحناتهم و معتقداتهم , وكروائي كان يبدع في تصوير التناقضات بين مختلف التيارات , ليعطي للمتلقي ابعادا .. تجعله أكثر قدرة علي قبول الاخر , بل و التعاطف معه رغم اختلاف الرؤي , وحين ادلهمت الامور في الخرطوم و ظهرت اصوات لاتشبه اصوات من عرفهم من السودانيين كان تساؤله الشهير من اين اتي هؤلاء !؟
صورة ورؤيه الطيب صالح تذكر الانسان بسودانيين اخرين امثال الراحيلين طيب الله ثراهم جمال محمد احمد , , و محمد عمر بشير , , سر الختم خليفة , فخر الدين محمد , بشير البكري , وامثال دكتور منصور خالد و فرانسيس دينق وابيل الير وابراهيم الصلحي متعهم الله بالصحة و العافية ..والقائمة تطول ..
وصباح الخميس التاسع عشرة من فبراير تحت بند افادات وشهادات ضمن برنامج احتفالات جائزة الطيب صالح , وقفت الأديبة استيلا قاتيانو واذهلت الجميع بمداخلة رصينة و بلغة عربية سليمة لتقول بأن هناك من سألها وهي في الجنوب لماذا تتحدثين و تكتبين بهذه اللغة, لتجيب علي السائل ولماذا انت تكتب بألانجليزية ؟ اهي لغتك ؟..وقالت بأنها احبت اللغة العربية وكتبت بها , وشرعت في تصوير نفسها بانها تكتب باللغتين طالما أصبحت الأنجليزية هي اللغة الرسمية بالجنوب .
وفي سياحة ممتعة حكت عن ظروف سكنها بالحاج يوسف وكيف ان كثيرا من مواطناتها اودعن السجون بحجة صناعتهن للخمور البلدية او لاسباب اجتماعية اخري , دون مراعاة لظروفهن المعيشية و النظر في معالجتها , وكيف طغت الرؤية الاحادية للنظر في الامور الاجتماعية و السياسية ,ليحس الجنوبي و الجنوبية بأنهما غير مرغوبين فيهما بين هؤلاء .
حين حكت استيلا القصة وعكفت علي تصوير بعض مراحل قصصها .. وكتاباتها .. بلغة سلسة وبروح مرحة منطلقة , أجهش الكثيرون في القاعة بالبكاء و لأول مرة احس بغصة في حلقي ودموع تتجمع في مقلتي . لتأتيني ذكري وداع الاستاذ منقو زمبيري عند نقله من معهد بخت الرضا الي ملكال في عهد الاستعمار ليقول لزميله الشاعر الراحل عبد اللطيف عبد الرحمان وهو يجهش بالبكاء :¬¬- لمتين الجماعة ديل يشتتوا فينا ويمكن الليلة اخر يوم و تاني مانتلاقي لتجود قريحة ابن المحس الراحل عبد اللطيف عبد الرحمان بقصيدته ذائعة الصيت
انتا سوداني وسوداني انا
ضمنا الوادي فمن يفصلنا
نحن روحان حللنا بدنا
منقو قل لا عاش من يفصلنا
وللرائعة استيلا نقول لقد ابكتنا كلماتك وذهل الحاضرون من غير السودانيين بنقاء عباراتك , لنقول معا لاعاش من يفصلنا , وتراءت لي الكلمات الرائعات و التحليلات العميقة التي كتبها د.منصور خالد في كتابه الرائع كثرة (الزعازع وتناقص الاوتاد)فنحن في حاجة الي التقليل من الزعازع والشروع في بث الكثير من الاوتاد , ليعود السودان الذي نعرفه بتنوعه و تفرده , ولك ايتها لأديبة الرائعة كل الود من اهل سودان الشمال المولعين بأمثال الطيب صالح واكرر صرخة الأديب الراحل حمزة الملك طمبل يا أدباء السودان اصدقوا .. , وازيد وسيروا علي هدي و خطوات الطيب لتصلح احوالكم .
salahmsai@hotmail.com