ربع قرن من الإساءة والتشويه: السودان نموذجا (2-3)
بسم الله الرحمن الرحيم
خصصنا كامل الجزء الأول من هذا المقال لبند ( التشويه الدستوري ) الذي بدأت به الإنقاذ ( نقول إنقاذ مجازا لأنها دمار فعلا ) حكمها للسودان ، لأهميته و رمزيته المعلومة ، وذلك تعظيما منا لمبدأين أساسيين ، الأول هو وجوب أقرار و أحترام الدول للنظام الديمقراطي كفيصل واحد رئيسي يحكم العملية السياسية بين مختلف الأحزاب للوصول للحكم ، وكمنهج سليم ومعيار راقي لسوس حياة الشعوب .
والمبدأ الثاني هو ضرورة احترام الحكام لخيارات هذه الشعوب داخل الصندوق الأنتخابي ، وعدم سرقتها بالأنقلاب عليها .
و كما أسلفنا فأن ( التشويه الدستوري ) عبر الأنقلاب العسكري و وئد الديمقراطية مثل المنبت الفاسد و الأساس الأول لبناء دولة الأنقاذ الأولى التي تحكم السودان اليوم ، وبما أن الأساس كان في الأصل باطلا ، فمابني عليه فيمابعد وماسارت عليه الأنقاذ خلال ربع قرن وهي تسوس العباد بالحديد والنار كان خرابا وهلاكا و باطلا أيضا .
وفي هذا الجزء الثاني نتابع الحديث عن بقية أشكال الأساءات المخزية و مختلف صنوف التشويه البشع الذي مني به السودان وشعبه خلال ربع قرن جراء سياسات هذا النظام الفاشلة .
ندلف ثانيا لبند ( التشوه التعليمي ) والذي أبدعت فيه العصبة الأنقاذية حينما بدأت بأزالة كل المناهج القديمة و التي أعدت سابقا في معهد بخت الرضا العظيم ومؤسسة لونغ مان البريطانية ( فيما يخص مادة اللغة الأنجليزية ) ، وأحلت وأستبدلت بدلا عنها مناهج دراسية تتوائم مع أيدولجيا النظام الجديدة ، أيدلوجيا الحرب وسفك الدماء والعنف وفرض الرأي الواحد والتمكين زورا بأسم الدين وتصوير كل تلك الهلوسات بأنها جهاد في سبيل الله ورسالة سماوية كلفوا بها من رب العالمين .
أليسوا هم الذين قال فيهم الله وعناهم ، كما ظلوا يرددونها للشعب السوداني طوال فترة حكمهم ، في سورة الحج الأية 41 ( الذين أن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) .
لم يكن للوطنية وتربية الناشئة عليها أي مكان في تصور الدولة الجديدة ، والتي قررت سلفا رفع لواء التمكين للأسلام وتحرير شعوب أفريقيا من دنس الكفر و الألحاد عبر مشروع هلامي سموه بالحضاري ، تكون بؤرته في الخرطوم وآفاقه تمتد شرقا وجنوبا و غربا في كل أرجاء المعمورة بشعار ( أمريكا روسيا قد دنا عذابها) .
أقر النظام لبس الصاقعة للطلاب ذكورا و أناثا ، تماشيا أيضا مع نفس الأيدلوجيا ، ثم وبجرة قلم شوه السلم التعليمي القائم مزيلا بكل بساطة مرحلة عمرية أساسية كاملة حساسة وهي ( المرحلة المتوسطة) ، لاغيا منها سنة ودامجا ماتبقى من السنتين في المرحلة الأبتدائية ( الأساس ) .
والطريف أنه وبعد أن أعلن الوزير السابق للتعليم العالي أبراهيم أحمد عمر ثورة الجامعات التي أفتتحت في كل بقاع وأصقاع السودان حتى وصلت بعض الكليات الحلال والقرى ، دون أدنى أي دراسات أو توفير لأي أساس لتلك الصروح المعلنة يمكن أن تبنى وتتأسس عليها ، كان مآل مباني هذه المدارس المتوسطة أن تم تنزيل لافتاتها لتعلق بدلا عنها لافتات كليات جامعية !!؟
ويبقى من المحزن في الأمر ان تجد اليوم أن مباني مدارسنا الأبتدائية ( الأساس ) بسبب أقرار تلك السياسة التعليمية الهمجية منذ فجر الأنقاذ ، تجمع بين طفل غض لم يعرف من الدنيا شيئا عمره يتراوح مابين الخامسة والسادسة سنوات مع آخر يافع بالغ بدأت حباله الصوتية تتخشن ! .
أي منطق تربوي هذا الذي جعل هؤلاء ( شذاذ الأفكار ) أن يسمحوا لأنفسهم بأقرار سلم تعليمي يجمع بين تلك الفئتين العمرية في ساحة مدرسة واحدة ، ولكن لا يبقى لنا ألا أن نقول أنه لا عزاء لنا ولعزاء للوطن وشعبه تحت أمرة هؤلاء ، ولا بواكي ولا ثاكلات تبارى ، فكما قيل كل أناء بمافيه ينضح !!؟
بل يبقى من المؤسف له أيضا وبسبب نفس تلك السياسات التعليمية الرعناء ، أننا بتنا نعاني اليوم من أعداد مهولة من خريجي الجامعات السودانية من حملة شهادات البكاليروس وأحيانا الماجستير ، أضحى مصيرهم الشارع والعطالة أما بسبب ضعف الخبرة والتأهيل أو بسبب أنعدام فرص التوظيف أمام هذا العدد الضخم من الخريجين .
فلا تتعجب يا هذا ولاتستغرب أن أثمرت هذه الثورة المزعومة في التعليم مواهب متعددة للخريج ( العاطل ) ، فأينعت لنا طبيبا نطاسا يعمل تاجرا في سوق الجملة ، أو مهندسا زراعيا يعمل كسائق ركشة أو أمجاد ، أو محاميا تخرج بمرتبة الشرف مصورا في أستديو أفراح ! ! ؟
***************
نتجه ثالثا لتناول كارثة تشويهية أخرى تشكلت تحت وطأة سياسات حكومة الأنقاذ الرعناء ، ألا وهي ( التشويه الدولي ) ونقصد به التشويه المريع الذي أصاب السمعة الدولية للسودان ، وتلك كما عاشها السودانيون وذاقوا فيها الأمرين بأنفسهم حكاية أخرى أدهى و أمر .
لا ندعي هذا الأتهام من باب الكيد السياسي ، ولكنها حقيقة جلية جلاء الشمس في وضح النهار و غير خافية عن أي مراقب أو متابع لتاريخ هذا النظام الفاشي الأنقلابي . فماهي المحصلة اليوم التي أنتهى أليها حال السودان جراء سياساتهم الخارجية ؟
وطن يعيش في حصار أقتصادي و عزلة دولية شبه كاملة ، يفتح أراضيه لتكون معبرا آمنا لتهريب الأسلحة لزعزعة أستقرار الدول المجاورة ، و يتصدر قائمة الدول الأكثر فسادا حسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية ،ويحتل المرتبة الثالثة عالميا كأكثر الدول فشلا حسب تصنيف مجلة الفورين بولوسي الأميركية المرموقة .
ماذا تبقى بعد ذلك ؟
ولأن الماعون ممتلىء عن آخره ، فسوف نحاول أن نتخير ونقطف أختصارا من كل بستان شوكة ، فننكأ بها جراحنا وجراح كل السودانيين ونحن نستذكر معك أيها القارئ الكريم سياسات و تخبطات و مغامرات هذا النظام التي لا تعد ولا تحصى .
سياسات و تخبطات شوهت و هزت صورة السودان الخارجية ، بعد أن كانت سيرتنا ناصعة بيضاء ذات يوم ، يحتذى بها ، و يضرب بها الأمثال في توازنها و حياديتها وأحترامها لخصوصية الآخرين ، وتقدمها على الجميع في مد يد العون للشعوب الغريبة قبل الصديقة ولاسيما شعوب أفريقيا في معاركها طلبا لنيل التحرر من نير الأستعمار .
المحطة الأولى بدأها النظام بدعمه السياسي لنظام صدام حسين في غزوه لدولة الكويت الشقيقة بحجة رفضه للتدخل الأجنبي .
و ماذا كان المقابل لهذا الدعم السياسي لنظام دموي كنظام البعث في العراق ؟
كان للأسف ثمنا بخسا ( دراهم معدودات و بضعة أسلحة عراقية وكوادر عسكرية بعثية أستخدمها النظام في حربه بالجنوب ضد المتمردين ) ، فأدخل السودان بسبب هذا الخطوة العبثية ضمن ماعرفه الأخوة الكويتيون آنذاك ( بمحور دول الضد ) ، وكانت صدمة الشعب الكويتي كبيرة في موقف حكومة السودان النشاذ ، فتردت العلاقات السودانية - الكويتية لردح من الزمان و فترت معها بقية علاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى .
وبعد أن فرغ النظام من أستعداء المحور الخليجي بمساندته لنظام صدام حسين ، أتجه بعدها نحو أستعداء المجتمع الدولي بأسره ، بعد أن أسس د.حسن عبدالله الترابي ( عراب النظام آنذاك ومفكره وعقله المخطط ) في العام 1991م ماعرف وقتها بالمؤتمر الشعبي العربي الأسلامي الذي كان يضم ممثلين من 45 دولة عربية وإسلامية ، وانتخب هو نفسه الأمين العام لهذا المؤتمر .
المؤتمر الشعبي العربي الأسلامي كان صنيعة أنقاذية كاملة الدسم بفكر شيخ حسن الترابي ،حيث أراد الأخير أن يخلق تجمعا أمميا لكل الأسلامين ( المطاريد والمطلوبين على لوائح دولهم وأجهزة أمنها كأرهابيين وجناة جنائيين ) من مختلف التيارات والأطياف و التنظيمات الأسلامية المعتدلة منها والمتطرف ، الذي يقبل أن يكون هناك نظام دولي ومعاهدات دولية تحكم العالم ، ونقيضه الذي يرفض حتى قيام أمم متحدة ويعتبرها كفر و صنيعة أستعمارية للغرب ليدمر بها العالم الأسلامي ، وكل تلك التيارات أستظلت داخل مظلة أسلامية واحدة (المؤتمر الشعبي العربي الأسلامي) تزعمها شخصه .
أجتمع كل هؤلاء في العاصمة الخرطوم كقبلة جديدة ومحضن دافئ لهم بعيدا عن أعين وأيدي أستخبارات دولهم ، وطبعا كان كل ذلك تحت دعم و تمويل النظام الأسلاموي الجديد المستولي حديثا على السلطة في السودان ، فقد تكرم النظام وفاض في كرمه فمنح بعضهم جوازات سفر سودانية بصفة دبلوماسية لتسهيل تحركاتهم بالخارج ، والبعض الآخر طاب له المقام فتخير أن يستقر في السودان ، وثلة ثالثة أكتفت بمنح النظام ودعمه المالي من على البعد من خزينة وأموال الشعب السوداني المستباحة .
ثم في العام 1995 م و بعد أن فرغ النظام من أستعداء المحور الخليجي والمجتمع الدولي و على وزنة المثل السوداني الشائع ( تمت الناقصة ! ) أتجه النظام ليكمل باقي الحلقة الدولية مع جيرانه الأفارقة ليتورط في محاولة الأغتيال الفاشلة للرئيس المصري السابق حسني مبارك .
وعلى أثرها تدهورت علاقة النظام بالقاهرة و بأثيوبيا وبكل محيطه الأفريقي ، ثم لاحقا مع واشنطن والمجتمع الدولي ، فبدأنا ندخل بعدها في منحنى جديد بسبب هذه الخطوة الغبية الرعناء ، سمته العقوبات والحظر والقرارات الدولية المدعومة أمريكيا والصادرة تارة من مجلس النواب والكونجرس الأمريكي وتارة أخرى من مجلس الأمن الدولي .
وضع السودان في ذلك العام نفسه من قبل الولايات المتحدة ضمن الدول الداعمة والممارسة للأرهاب ، وأصدرت الأمم المتحدة بعدها ثلاثة قرارات ضده شملت الحظر الدبلوماسي على المسؤولين الرسميين ، والحظر الأقتصادي على الناقل الوطني ( سودانير ) .
ثم تتابعت المآسي والضغوطات على الشعب السوداني حينما فرضت الولايات المتحدة في العام 1997م عقوبات أقتصادية جديدة أنهكت ماتبقى من كاهل الأقتصاد الوطني تمثلت في حظر بيع أي قطع غيار للسودان ، ومنع الشركات الأمريكية الأستثمار في مجال النفط السوداني ، ومنع النظام الحاكم من التعامل بالدولار عالميا .
ومع أحتدام الصراع في الجنوب بين النظام والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل د.جون قرنق أستغل بعض النواب الأمريكيين السمعة الدولية السيئة التي عرف بها نظام الخرطوم عالميا بسبب تخبطات سياساته الخارجية و الداخلية ، فأصدروا قرارا منسجما مع تصريحات وردود فعل المسؤولين في الخرطوم العشوائية ( خصوصا في أعلامهم ) والتي لاتنم عن أي تقدير أو مسؤولية تجاه أزمات بلادهم المتعددة والمتلاحقة ومعاناة شعبهم المزرية و التي فاقت كل تصور ، فأصدروا قرارا في العام 1998م من مجلس النواب الأمريكي يتهم النظام بممارسة الرق والتطهير العرقي بأسم الدين ضد مواطني الجنوب ، ودعوا لفرض حظر أسلحة على السودان .
وفي ظني أن هذا القرار السياسي المحض كان قاصمة الظهر و مربط الفرس الذي أوغر صدر الجنوبيين بشدة على النظام وعلى الشمال ككل ، وقدم لهم دعاية دولية مجانية جعلتهم يطالبون بالأنفصال ولاشيء غيره كحل جذري ونهائي لمشلكة حرب الجنوب .
في هذا الخصوص تحديدا لانعفي من المسؤولية التأريخية بعض الأحزاب الشمالية التي كانت متحالفة آنذاك مع الحركة الشعبية ضد نظام الأنقاذ تحت منظومة التجمع الوطني الديمقراطي ، بعد أن منحت وأقرت تحت ضغط حليفتها الحركة الشعبية حق تقرير المصير لشعب الجنوب ضمن مقررات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية عام 1995 . ( بأستثناء حزب واحد هو الحزب الأتحادي الديمقراطي الأصل بقيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني الذي رفض التوقيع بقبول هذا البند تحديدا من المقررات الشهيرة ) فكان ذلك الحق المنتزع بداية النهاية للسودان الموحد الذي كنا نطلق عليه سلفا أرض المليون ميل مربع .
محطة أخرى مهمة تخص مجلس النواب الأمريكي نود أن نتوقف عندها لضرورتها ولتأثيراتها على المشهد السياسي السواني ، وهي مشروع قانون سلام السودان الذي أودعه مجلس النواب الأمريكي وتمت أجازته في العام 2002 ،وفي مرحلة ثانية 2004 ، حيث جاء ذلك القانون متزامنا مع بدايات أنفجار النزاع والأزمة في دارفور .
طالب القانون الادارة الاميركية باستصدار قرارات لادانة حكومة السودان والسعي لمحاسبة المسؤولين عن الفظائع الأنسانية بأقليم دارفور ، ودعوة كل الدول الاعضاء في الامم المتحدة الى عدم استيراد النفط السوداني ، وفرض عقوبات على المسؤولين السودانيين تشمل منع السفر، وتجميد الممتلكات ، وفرض عقوبات استهدافية على المشتركين في تنفيذ وتخطيط الابادة الجماعية ، وعدم السماح بتولي هؤلاء المسؤولين أية وظائف قيادية في الحكومة السودانية او الحكومة الائتلافية مع الحركة الشعبية .
توالت بعدها الأحداث الدموية في دارفور وأستفحلت بسبب تعنت النظام للحلول الوطنية وأصراره على فكرة الحسم العسكري على الأرض ، فضغطت واشنطن أكثر على مجلس الأمن ليصدر القرار 1556 الذي أعتبر الوضع في السودان يمثل تهديدا للسلم والامن الدوليين وعدم استقرار المنطقة، ويذهب بعيدا الى التصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، كما طالب أيضا القرار الحكومة باعتقال قادة الجنجويد ( المدعومين عبرها ) وتقديمهم الى العدالة، وطلب المجلس من الامين العام للامم المتحدة تقديم تقرير شهري لمعرفة مدى التزام الحكومة السودانية بالقرار .
ثم تطورت أحداث النزاع في أقليم دارفور وتفاقمت آخذة منحى آخر أكثر تدويلا خصوصا بعد أنفصال جنوب السودان ، لتدخل المحكمة الجنائية الدولية في المسرح السياسي السوداني كلاعب جديد ، وتصدر عبر المدعي العام لويس أوكامبو مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني في يوليو من العام 2008م ، ومعه حاكم أقليم جنوب كردفان أنذاك أحمد هارون ، وأحد قادة مليشيات الجنجويد علي كوشيب ، ثم لاحقا لوزير دفاعه عبدالرحيم محمد حسين في العام 2012م بتهم الجرائم الأنسانية وجرائم الحرب التي أودت بحياة أكثر من 300.000 شخص منذ العام 2003م ، وأغتصاب الألوف وتشريد الملايين من مواطني الأقليم .
هذه كانت أهم المحطات الرئيسية لسياسات النظام الخارجية والتي لم تكتفي فقط بتشويه سمعة السودان ولكنها أبادتها وأعدمتها من الوجود تماما ، فلم يعد لدينا أي وزن سياسي في المسرح الدولى ، ولم يعرف لنا مكانا في التصانيف العالمية ألا برفقة العراق و الصومال وأفغانستان و كوريا الشمالية وفي احسن الفروض سورية و أيران و تشاد .
آخر القول وأبلغه على الأطلاق قصة الملحق الأداري بمكتب الملحق العسكري بسفارة السودان في مصر والذي حمل أموالا حسب رواية الأعلام المصري في كيس قمامة أسود ، وحسب رواية الناطق الرسمي للجيش الصوارمي سعد أنها كانت محمولة في كيس عادي يحمله أي سوداني في سفره !
حادثة لا تحتاج لتعليق !
حسبي الله ونعم الوكيل ولكن سيظل الأمل معقودا في الله عز و جل أن تنجلي الظلمة ويبزغ فجر الحرية و الخلاص قريبا للسودان و شعبه ............... فلابد من الديمقراطية وأن طال السفر .
teetman3@hotmail.com