( ايلا ) الجزيرة ليست مراقص ومسارح
بورتسودان بوابة السودان الشرقية ، وذات الاطلالة الجغرافية المهمة ، كونها قبلة الخليجيين وبوابتهم الرئيسية بالدخول الى السودان ، وهي نالت من الالقاب مثل عروس البحر ، ودرة البحر ، مررت بمينائها في العام 1996م ، ولا انسى ذلك المنظر الكئيب ، الذي شاهدته ، عندما جلسنا تحت سقف حديد ، وعلى بروش ننتظر انهاء الاجراءات ودخولنا الى الباخرة ، وفجاة طل احد العساكر ، وجلس على كرسي وامامه نفس درج المدارس المتوسطة الذي قرانا عليه ، وفجاة طلع اختام ، واصطف الناس امامه ، ولحظتها عرفت ان هذه هي تاشيرة الخروج ،وتابطت جوازي ووقفت بالصف وخبط هذا العسكري على الجواز .
بعد وصولي بسلام وكانت آخر رحلة لي عبر البحر ، تحدثت عن البرش ، وتحدثت عن المنظر غير اللائق لعروس وحورية البحر ، واول منظر لمن يدلف الى السودان من خلال هذه النافذة ، وآخر منظر لمن يودع السودان عبر هذه النافذة غضب احد اخوتنا من الشرق غضبا شديدا ، من كلمة ( البرش ) وعبر احدى المنتديات كتب من العبارات ، الكفيلة بتوضيح غيرته على وطنه ، وشرقه الذي عاش فيه . وصب جام غضبه على .
لم ازر الشرق منذ ذلك الوقت ، ولكن الاعلام تحدث سواء كتابة ، او صورة منطوقة او عبر تلفزيون البحر الاحمر او تلفزيون السودان القومي ، وغيره من التلفزيونات ، ليعكس بورتسودان بوجه جديد ، وليعكس بورتسودان وهي حورية مكتملة متكاملة ، ليعكس بورتسودان بوجه اجمل من وجه كل حسناوات السودان ، حتى العاصمة المثلثة ، وكل من يعكس هذه الصورة كان يدبج هذا الانجاز باسم هذا الرجل ( ايلا ) فهو بالتاكيد تغيير وانجاز يستحق عليه التقدير .
كثيرون تحدثوا عن ايلا بانه لم يفعل شيء للشرق اذ ان الشرق ليس بورتسودان ، واذ ان الشرق ليس مهرجانات تسوق ، ولا اعياد موسمية ، او قبلة سواح ، واذا ان ايلا لايهمه غير المنظر الخارجي للولاية ، وهي عاصمتها بورتسودان ، وانك لو تحركت كيلومترات قليلة ، سينفضح امر ايلا ويتكشف لك لترى انسان الشرق الذي عانى ويعاني ، مع ايلا وبدونه . وان اهل بورتسودان والشرق عراة حفاة يتجولون داخل هذا القصر المهيب الانيق زاهي الالوان والازهار .
نتيجة للشعبية الواسعة لايلا ، ونتيجة للانتكاسات التي عاشها ويعايشها اهل الجزيرة ، ونتيجة لعدم قبول أي فرد من اهل الجزيرة باي آخر ، ونتيجة لانقسامهم الكبير ، فاهل الجزيرة الذين ينتمون الى المؤتمر الوطني انقسموا فيما بينهم ، انقسامات كبيرة ، وما احداث المناقل الاخيرة ببعيدة ، فلم يجد المؤتمر الوطني شخصية يتوافق عليها اهل الجزيرة ، وخابت كل آمال قبيلة المؤتمر الوطني بهذا التعيين ، فلم يجد المؤتمر الوطني شخصية غير هذه الشخصية ليتم التوافق عليها . وان انجازات الرجل ستكون ردا لكل معارض او طامع بالتعيين في هذا المنصب ، فاطفا المؤتمر الوطني الحريق بقليل ماء ، ولم يحتاج الى سيارات مطافئ كثيرة .
قبل ايلا هذا التحدي وقد سبقه وزراء من الشرق الحبيب امثال على الهداب رحمه الله وغيرهم من وزراء الشرق المتعددين ، فالجزيرة ومشاكلها المتجذرة ، والمتمثلة في تدمير االانقاذ لمشاريع البنية التحتية واهمها اكبر مشروع في السودان والعالم العربي ، لن يكون سهلا ، والجزيرة ليست مسارح ومراقص وحدائق ، فالجزيرة تحتاج الى تجارب تختلف عن تجربة ايلا ، الجزيرة تحتاج الى سواعد الرجال الحادبين ، تحتاج الى من يعرف ابو عشرين وابو سته ، تحتاج من يعرف انسانها ومكوناته ، تحتاج من تعايش مع اهل الجزيرة وعاش وسطهم .
مهما يكن فلن نكون متشائمين رغم ان التفاؤل قد قتلته الانقاذ فينا ، ولكن ستكون الجزيرة اختبارا حقيقيا لايلا ، فالجزيرة قد عرفت المسارح ودور الرياضة من قبل ، ورمتها وعافتها ، واصبحت تبحث عن من يوفر لقمة العيش وليس المسارح والمراقص ، وليس جديد عليها الكورنيش فقد عرفته قبل كورنيش ايلا وزمرته . فهل سيحرك ايلا عصا موسى ، وتخضر الجزيرة بعد ان جدبت ، وينعم اهلها بالخير الوفير ، وتدور عجلة مصانع النسيج ،والزيوت والحلويات ، وتفتح التفاتيش ابوابها للمزارعين ، ويتمتع اهل الجزيرة والسودان اجمع بمجانية التعليم والصحة ، واموال الخدمات الاجتماعية .
فتح الرحمن عبد الباقي
مكة المكرمة
10/06/2015م
fathiii555@gmail.com