انفرد ابراهيم فوزى بقوله ان مولد محمد احمد كان فى عام 1250 هجرية اى حوالى عشر سنوات أبكر مما استقر عليه الرأى حول مولده. ويخالف فوزى شقير ليقول ان محمد احمد هو الثالث فى الترتيب بينما قال شقير انه الثانى فى الترتيب من أصل عائلة ضمت خمسة افراد. وفيما اشرنا الى المراجع السودانية التى اكدت ان الهجرة من مقر العائلة التاريخى بشمال السودان صوب الجنوب تمت ومحمد احمد طفلا قد بلغ الخامسة ؛ ينفرد ابراهيم فوزى بأن عمره كان ثلاثة اشهر فقط عند إنتقال الاسرة جنوبا لأسباب تراوحت بين الجدب وإنحسار ماء النيل ؛ او قلة الاخشاب الصالحة لصناعة المراكب أو لتفادى دفع الغرامات الباهظة جراء إيواء الفارين والمستجيرين لأسباب سياسية (السودان بين يدى غردون وكتشنر- ج1 ؛ ص 85 ). اما الشيخ عبد المحمود نور الدائم بن الشيخ محمد شريف نورالدائم فقد ذكر ان والد محمد احمد إرتحل بعد ولادة طفله محمد احمد وتوطن بكررى وتوفى فيها( أزاهير الرياض؛ ص 267) الشاهد ان محمد احمد فقد والديه وهو طفل حيث توفى ابوه وامه خلال عام واحد من الاقامة بمنطقة كررى على مسافة 15 ميلا شمالى مدينة ام درمان.
ويروى سلاطين ان محمد أحمد ولد بالقرب من جزيرة أرغو من عائلة فقيرة يدعى أفرادها انهم من نسل النبى (ص) وان اباه توفى فى كررى ( السيف والنار ص 34 ) . ولقد اورد ستيوارت فى التقرير الذى اعده للبرلمان البريطانى فى عام 1883- يبدو انه كتب اعتمادا على المعلومات الشائعة- ان محمد احمد دنقلاوى من محافظة دنقلا وأن جده فحل عاش فى جزيرة " نفتارتى" الواقعة قبالة منطقة العرضى عاصمة دنقلا Thomas Archer: The War in the Soudan, p. 211) ) . ويذكر التقرير ان تاريخ رحيل الأاسرة جنوبا تم فى عام 1852 م ؛ وأولاد عبدالله بن فحل اربعة آنذاك على الترتيب: محمد وحامد ومحمد احمد واخت اسمها نور الشام؛ وولد للأسرة ولد رابع فى منطقة شندى واسمه عبدالله. ولو صح ذلك فأنها تشير إلى ان عبدالله والد المهدى توفى فى شندى وهوما لم يحدث فالثابت وفاته فى كررى والذى حمل واديها اسمه وعرف بوادى " سيدنا عبدالله" لأن الطفل عبدالله ورد انه ولد بعد وفاة والده ولذلك حمل اسم والده كما جرت العادة فى السودان. ولذلك ثبوت الدلائل على ان محمد أحمد كان الطفل الثالث من أصل خمسة أولاد ارجح مما اورده ابراهيم فوزى.
اليتم والكفالة:
يروى سلاطين ان محمد أحمد بعد وفاة والده لم يجد من يكفله (ص34) . ولكن فوزى يذكر ن الطفل محمد احمد عاش يتيما وكفله اخوانه بعد وفاة ابيه وامه فيما يذكر تقرير استيوارت انه عاش تحت كفالة خاله شرف الدين ؟ الذى كان نواخذيا ويقيم فى منطقة الشكابه. وتوفيت اخته حزنا عليه خلال الفترة التى فارق فيه إخوته بعد إكماله الكتاب وشهدت التحاقة بمدرسة الشيخ الشنقيطى. ونلاحظ من خلال ما اوردته كتب المؤرخين والتقارير البريطانية عدم ذكر شىء عن كيفية تجاوز الطفل محمد احمد للازمة التى جعلته يفقد ثلاثة من أفراد أسرته خلال بضع سنين ؛ سوى انه فى مرحلة الطفولة ابدى ميلا وتوقا عظيما لطلب العلم ودراسة علوم الفقه والتدين وبرمج عقله وعلق همته لتحقيق هذا الهدف مما ادخله فى مشادات مع اخوته الذين ضغطوا عليه للانخراط فى مهنة صناعة المراكب. ولكنه ظل يقاوم هذا الخيار بعناد مما عرضه للعقاب بحيث " تغيرت حاله ولازم الحزن والبكاء ". ويبدو انه تمتع بمهارة إلاقناع والمساومة مذ صغره بحيث تمكن من إقناع إخوته بالسماح له بالاستمرار فى سلك الكتاب ولكنه رضخ لشرط العودة بعد ذلك لمواصلة المهنة. وكان اخوته قد ربطوا بين امتهان الحرفة وعرض يتعلق بتزويجه من بنت عمه فاطمة بنت حاج شريف ولكن محمد احمد رفض العرض فى البداية ثم قبله بعد الحاح منهم ومن ثم عاد إلى الخرطوم لإكمال الزفاف.
ولكن فى ليلة الزفاف وعندما بدأ المدعوين فى الرقص المختلط كعادة اهل السودان ، إعترض محمد أحمد ومنع المدعوين من الرقص موضحا لهم حرمته الشرعية ( ابراهيم فوزى ص 86) . وهذا الموقف مهم ونحن بصدد إعادة فحص معالم شخصية محمد احمد والوقوف على نمط ساوكه وتدينه ومصداقيته وهو فى مرحلة مبكره من شبابه. وليس من المستغرب ان نعلم توقف محمد أحمد المفاجىء بعد زواجه الاول من مزاولة مهنة نجارة المراكب والتى لم ترق له منذ البداية مما عرضه مجددا لضغوط إخوته وزوجه أيضا هذه المرة ؛ وخلال فترة البطالة القصيرة التى اعقبت زواجه كان يواصل التحنث وتلاوة القرآن. وشهدت تلك الفتره طلاقه من بنت عمه فاطمة حيث شرع فى إنشاء مكتب لتعليم الصبيان القرآن. ثم إنتقل إلى الجزيرة أبا جنوبى الخرطوم فى منطقة النيل الابيض وهى الموقع الذى سيشهد تطورات جديدة ستغير مستقبل حياته بشكل درامى وهناك تزوج للمرة الثانية من بنت عمه احمد شرفى ( م. سابق ص 87 )
مراحل التعليم:
التحق محمد احمد بمدرسة الشيخ محمود الشنقيطى أستاذ الفقه والعلوم الشرعية ؛ كما يذكر التقرير البريطانى ان محمد احمد التحق بمدرسة الشيخ / الشريف خوجلى بشرقى الخرطوم ؛ والمنحدر نسبه من الاشراف لدراسة الدين قبل أن يلتحق بعدها بمدرسة الفقيه محمد الضكير (محمد الخير) بالغبش فى منطقة بربر لمدة 6 أشهر. ولكن سلاطين يقول أن محمد أحمد ثابر على الدراسة لنزوع فى نفسه تجاه التفقه فى الدين حيث قضى عدة سنوات فى بربر مع استاذه محمد الخير وانه كان محبوبا وفى حظوة من جميع الأساتذة وذلك لما إتصف به من ذكاء وتواضع ( السيف والنار ص 34 ).
ثم رجع من بربر إلى موطنه ليبدأ مرحلة تعلم أخرى تنقله من دراسة العلوم الشرعية والنقلية والتفسير والفقه إلى التربية الروحية الصوفية حيث التحق بالمدرسة السمانية التى اتخذت اسمها من الشيخ العارف بالله محمد السمان المدنى ؛ يريد أخذ الطريق والتسليك على يد أشهر شيوخها وهو الشيخ محمد شريف نور الدائم الذى كان مقيما بمنطقة العراديب بالنيل الابيض جنوبى منطقة قفا ؛ وكان ذلك فى عام 1870 م كما ورد فى تقرير الجنرال ستيورات. وحول ادبه الجم وتواضعه غير المعهود يذكر فوزى ان محمد احمد " مكث ملازما لخدمته إلى درجة انه كان يطحن غذاءه بيده ويطبخ طعامه لا من قلة من يقوم بها" بل إمعانا فى توقير أستاذه وانه تحصل على إجازة الخلافة وهذا ايضا يؤكده التقرير البريطانى حيث لم يشر التقرير إلى وقوع خلاف بين محمد احمد وشيخه.
ويلخص الشيخ عبد المحمود نو رالدائم تعليم المهدى بدون تفاصيل قائلا: " وقد قرأ القرآن العظيم والعلم على مشايخ الوقت؛ وتنّبل وتفوق وحاز قصب السبق فى مضمار المعارف والعوارف ؛ ثم إقتفى أثر السادة الصوفية بمطالعة كتبهم والتخلق بأخلاقهم والتادب بآدابهم"( م. سابق ص 267).
نشأة الامام المهدى الروحية :
حسب تقييم الفقيه والمؤرخ الشيخ عبد المحمود نورالدائم لشخصية الامام المهدى فإنه قد "نشأ نشاة مباركة على العبادة والصيانة والصدق والامانة والتعفف عن كل ما يوجب قدحا فى المروءة " وعندما التحق بمدرسة الشيخ محمد شريف نور الدائم ليأخذ الطريق على يده يشهدنا مجددا عن صفة محمد احمد حيث يقول " بذل جهده فى خدمته ومحبته ، وصار علما بين أٌقرانه فى الزهد والعفاف ؛ والاستقامه على الشريعه ؛ التنوير بأنوار الحقيقة... وقد ذبح نفسه بمدية المخالفة لها (مع) سلامة نفسه من النزعات الشيطانية ".
وعن كرمه وسخائه يشهد الشيخ عبد المحمود بأن محمد احمد كان سخيا ومكثرا من الهدايا إلى الشيخ محمد شريف ؛ وكان يمشى حافيا ؛ بجانب ما أظهره من عجائب تواضعية وانكسارية. وعن تفرده فى السير فى سكة الطريقة وتواضعه الجم وجمعه بين التمسك بالشريعة والإنتقاش بالحقيقة يصفه بقوله انه كان " علما بين اقرانه فى الزهد والعفاف والاستقامة على الشريعة والتنوير بأنوار الحقيقة .... " وأنه " سار فى الطريقة سيرا لم يسمع لغيره وقد ذبح نفسه بمدية المخالفة لها ..." وعن توقيره المنقطع النظير لأستاذه وشيخه محمد شريف " وكان يحمل العجين على رأسه لدى القدوم إلى الشيخ ويطرح نفسه تواضعا على عتبة قبة سيدى الشيخ احمد الطيب ويكلم الناس بالوطء على ظهره لدى الدخول للزيارة وقاية للعتبة وذلك من الضحى إلى الظهيرة " ( م. سابق ص267). ولقد كان محمد أحمد فى صغره "أحسن الناس خلقا وأصدقهم حديثا واعظمهم أمانة واكملهم ديانة" ( سعادة المستهدى؛ ص 81)
محمد أحمد والشيخ القرشى ود الزين:
الشيخ القرشى بن الزين بن الفقيه على البزعى كان " قطب السالكين والآيات والاسرار الباهرة وواحد العصر والاوان " وكان يعرف ب" قطب الشمال" كثير الاجتهاد والدخول الى الخلوات الاربعينية والتى يكتفى خلالها باللقيمات القلائل. وكان يدخل الخلوات الاربعينية وورده فى ذكر الله فى الليلة الواحدة من الهيللة 70 الف وتلاوة 5 اجزاء من القرآن وصلاة التهجد بالثلث من الليل؛ كما كان يصلى كثيرا بين المغرب والعشاء بالسبع من القرآن . ولقد تخلق بخلق الشيخ أحمد الطيب البشير حتى غلبت عليه المشاهدة والأفنية وكثرة المدد والفيوضات فبلغ مرتبة كبيرة وشأوا رفيعا فى الولاية وكان شيخا طيب الرائحة ونورانى الطلعة. توفى الشيخ القرشى عن عمر ناهز ثلاثة وثمانين سنه فى عام 1268 هجرية (أزاهير الرياض ص 261-266).
وقد التحق محمد احمد بمدرسته بعد إكمال تعليمه الصوفى لدى الشيخ محمد شريف ؛ إذ يتهم ابراهيم فوزى الشيخ القرشى ود الزين بتدبير الدعوى المهدوية والتمهيد لمحمد أحمد بإنتحالها بالاستناد على الشهادات الحسنة واسباغ عاطر الثناء على محمد أحمد والعلم بأمر المهدية عن طريق الكشف والإطلاع على الغيب ؛ وانه هو الذى اشار الى محمد احمد بالسياحة حول السودان لاستطلاع آراء الناس وتعهد بنصرته ومؤازرته إذا صدع بدعوته (ص 88) ؛ ولكن محمد احمد اعلن مهديتة بعد وفاة الشيخ القرشى وإن كان الشيخ قد تنبأ بها واخطر بها تلامذته ؛ وقام بجولته فى مديرية كردفان فى وقت ابكر قبل الانضمام لمدرستة. وشهادة الشيخ عبد المحمود نورالدائم جلية وواضحه إذ يقول ان المهدى بعد قضاء فترة العشر سنوات ونيف مع شيخه محمد شريف وحصوله على الاجازة العلمية " احبت نفسه الانتقال إلى صحبة عارف وقته ليكمل له المقصود وهو العارف الربانى شيخنا الشيخ القرشى بن الزين فإنتقل إليه هو وتلامذته ؛ واخذ عليه الطريق بإذن من من سيدى الشيخ أحمد الطيب وقد لازمه ملازمة الشبلى للجنيد ...فأجازه الشيخ فى جميع ما اجازه به الأستاذ الاكبر".
ولم يشر الشيخ عبد المحمود وهو الملم ببواطن الأمور فى اوساط الطريقة السمانيةإلى ان محمد قد خضع لتحريض من الشيخ القرشى للقول بأمر المهدية (أزاهير الرياض ص267-268). ومن تلاميذ الشيخ القرشى ود الزين: الشيخ احمد الكوقلى ؛ الشيخ الخضر ولد ابى لكيلك ؛ الفقيه عبد المولى بن الطريف المغاويرى ؛ الفقيه بخيت ولد نعيم الصلحى ؛ الشيخ احمد ولد الشيخ أبى صالح الطيبى ؛ الفقيه محمد ولد المادح المعروف بالقلع الجموعى ؛ احمد وإخوانه اولاد الفقيه محمد ولد كوك ؛ الشريف الابض الحسنى الحنفى من رفاعه والعلامة مورى أحمد الشنقيطى (م. سابق ص 264)
ومن الذين اخذو عنه الطريقة:
الشيخ أحمد ولد محمد ولد إبراهيم ؛ الشيخ إبراهيم أحمد ولد عالم ؛ الشيخ البشير بن الحلج عبدالله الكنانى؛ الفقيه احمد ولد حماد ؛ الفقيه عثمان ود بللن الحلاوى ؛ الشيخ محمد ود عمر ؛ الحسن المجذوب بن الحاج احمد الخضر العلامة الشيخ محمد ولد الخبير واخوه الحاج محمد ود الشيخ عبد الله ؛ الخليفة مدثر ود الحاج احمد سنهورى ؛ العالم سالم البزعى وولده" وخليفته الشيخ عبد الرحمن ؛ الشيخ البشير بن الشيخ نور الدائم؛ الشيخ محمد شريف واخوه الشيخ عبد المجيد؛ الشيخ عبد الجبار بعض اولاد الشيخ أحمد الطيب ؛ الشيخ عبد المحمود نور الدائم ؛ الفقيه محمد النور واخوه عثمان اولاد الفيه أحمد ود الفيه السيد ود حماد (م. سابق ص 265).
محمد أحمد والجزيرة ابا:
الجزيرة أبا تكاد تكون غير معروفة فى ذلك العهد سوى ان محمد احمد اتخذها مقرا له وموقعا للعبادة والتحنث وتعليم القرآن. وكانت الجزيرة ابا قرية مقرا لعدد من القبائل من بينها البقارة - دغيم وحسنات وكنانه وعمارنة وفلاته- وشلك. وبعد ان حصل محمد احمد على الاجازات العلمية طمح ان يصبح فقيها وشيخا مصلحا حيث يقول الاسقف النمسوى ديختل انه نجح فى ذلك ثم انبرى ليلعب دور الداعية الدينى ؛ فعاد إلى الجزيرة أبا ليدخل فى فترة خلوة لذكر الله الساعات الطوال مقترنا تسبيحه بالصوم والتعبد حيث ظل مرابطا فى الغار -لا يزال موجودا حتى اليوم- وظل مواصلا تعبده هناك لمدة ست سنوات على حد قول ديختل لا يغادره إلا فى يوم الجمعة لاداء صلاة الجمعة بالمسجد.
وهناك بدأت شهرته تعلو وصلاحه وورعه يعرف حيث عمت سمعته وشهرته وتقواه وورعه كافة انحاء البلاد والمناطق القصية وتجمهر حوله الحيران والاتباع حتى انه اعتبر بمثابة القديس( ص 213 ). ويقول الاب ديختل الذى كان موجودا حينما عاد المبعوث الحكومى إلى الحكمدار رؤوف باشا ان الامام المهدى كان محاطا بحوالى 500-600 من أنصاره يلبسون احزمة وسلاسل حديدية فى اوساطهم ويحملون سيوفا عريضة ؛ وان المهدى كان يجلس وسطهم على مقعد مرتفع حاملا فى يمينه عصا المهدية ص 214.
ويعضد ذلك شهادة الشيخ عبد المحمود نور الدائم ان المهدى وقد أشتهر فى تسليك الطريقة السمانية وكان له عدد كبير من التلاميذ " وكانت تلامذته تبلغ العدد الكبير من الاعداد...وله خلفاء كثيرون جدا" (أزاهير الرياض ص 267) .
واستقر الشيخ محمد احمد فى الجزيرة ابا بالقرب من الكوة وكان معه مجموعة من تلاميذة المخلصين والمتعلقين به وكانت الزراعة مصدر رزقهم إضافة إلى الهدايا الكثيرة التى كانت تـأتيهم من المسافرين على النيل مرورا بجزيرة أبا ؛ وكان اخواه محمد وحامد يقيمان فيها ويعملان بصناعة المراكب آنذاك (السيف والنار ؛ ص 34)
وبدأ نجم الشيخ محمد أحمد فى البزوغ بالجزيرة أبا حيث ذكر التقرير البريطانى ان المهدى اقام فيها غارا للخلوة التى تقتضيها العبادة وشرع فى التحنث وذكر الله لساعات طويلة مع الصوم والتعبد وحرق البخور ومنها ذاع صيته وعرف صلاحه وبلغت شهرته الآفاق البعيدة. ومن مقره هناك بدأ فى مايو 1881 فى اشهار مهديته الشىء الذى أثار الفزع فى نفس الحكمدار رؤوف باشا مما دعاه إلى ارسال سريه فى 3 اغسطس 1881( ص 86).
ويتضح ان المهدى قدم إلى الجزيرة أبا للزواج الثانى من بنت عمه احمد شرفى واستقر فيها ؛ ثم التحق بالشيخ نور الدائم واكمل دراسته وعاد إليها ؛ ثم ذهب ليلتحق بالشيخ القرشى ثم رجع إليها بعد نيل الاجازة. وظل من هناك يزور شيخه محمد شريف ومن بعده الشيخ القرشى إلى حين وفاة الاخير فى عام 1295 هجرية. وعاد مجددا الى الحلاوين للعزاء بعد بلوغه نبأ وفاة الشيخ القرشى وكانت آخر زيارة له شهدت تشييد قبة على ضريح شيخه القرشى ثم رجع الى الجزيرة ابا فى عام 1298هجرية ثم لزم الخلوة التى لم ترفع إلا بإعلانه للمهدية ( ازاهير الرياض؛ ص 268).