" حقائق علمية عن سد النهضة غابت عن المشهد رغم أنها تحمل في ثناياها الأجابة علي سؤال الساعة : هل فوائد ومخاطر السد حقيقة مطلقة؟ أم تحققها مرهون بشروط لا يرجي تحقيقها؟ سؤال نواصل الأجابة علي بعض جوانبه هنا ان شاء الله
موجز من الفوائد التي تنسب لسد النهضة (وفق الحملات الترويجية للمشروع التي تستهدف السودان ومصر) انه "سينظّم انسياب النيل طوال العام في السودان، بدلاً من موسميته الحالية" ، أي أنه يأمن لدول الأحباس السفلي "تدفق مائي ثابت على مدار السنة"من خلال الضبط (الصناعيRiver Regulation) للتيار النهري ، فوق ما مَنَّ الله تعالي به علي البشر ، أي فوق" الضبط الطبيعي للأنهار "وسخر لكم الأنهار“ (إبراهيم 32)
ولكلمة "الضبط " معنايين: "تنظيم التدفق" (وهو "سياسة مائية" أي "قواعد سلوك" فنية) ،و "التحكم في تصريفه"(وهو "تسييس مائي" يتركز حول اكتساب أو ممارسة "سلطة المنح و المنع" للمياه عن الأخرين) ودرجة التحكم في تصريف مياه النهر تحددها نسبة سعة مواعين التخزين ،(مثلا 74 مليارم3 ) الي حجم تصريف المياه ( 52.6 مليارم3 عند الدمازين)، ويتم الضبط من خلال حجز المياه وقواعد تشغيل الخزان وضبط قاع النهر(بالتجريف مثلا) أو بالتنميية المتكاملة لحوض النهر(وهو المنحي الأمثل) ، وذلك وفق ادارة اقليمية وقوانين تشغيل مثلي تأخد في الأعتبارمصالح دول الأحباس السفلي ، وموازنة ووتعديل التصريفات العالية والمتدنية ( كأحد عناصر مقترح "خطة وادي النيل" لتحقيق جل الفوائد المنسوبة تجاوزا لسد النهضة، كخفض الفيضانات وزيادة التدفقات المنخفضة،و توفير دفق مائي يعتمد عليه لمحطات الكهرباء لزيادة "القدرة " المؤكدة (Firm Power) في محطات توليد الطاقة في الأحباس السفلي ، و تقليل التباين في تصريف المياه أمام السد لتوفير إمدادات أكثر استقرارا للسودان الخ تنظيم التدفق في الأحباس السفلي باطلاق الماء المحتبس علي نهج متحكم فيه بشريا-- يعتمد علي التحكم في اطلاق المياه وقواعد تشغيل الخزان وأهداف التوليد الكهرومائي وتغذية المياه الجوفية خلف السد (في أثيوبيا) مشكلة ضبط نهرالنيل الرئيسية تتمثل في التباين الشديد في تدفقات النيل الأزرق ويعتبرالنهرقد تم ضبطه إذا تم إنشاء تماثل بين تدفق الرواسب (الطميية) وقدرة النهر على نقلها وسد النهضة يستطيع أن يعمل– ان أراد : كسد "تخزين سنوي" لحجز مياه الفيضانات والإفراج عنها للأحباس السفلي خلال موسم الجفاف مع تفريغ الخزان و اعادة الملء كل سنة و/ أو "كسد "تخزين مستمر" بتخزين كل زيادة عن الأحتياجات في السنين حسنة الايراد وحملها من سنة لأخري ثم سحبها لمؤازة الأيراد المنخفض بحيث لا يتم هنا اعادة الملء لعدة سنين خزان سد النهضة الحالي بسعة تعادل كل نصيب السودان ومصر السنوي من مياه النيل (74 مليار م3) ،لن يستطيع أن ينظم أكثر من 57% من الأيراد (عند موقع سد النهضة) من خلال الضبط بالتخزين بسبب "قانون تناقص الغلة" فالضبط الهيدرولوجي الكامل للحوض يتطلب توظيف وتكاتف سدود عديدة لهذا الغرض وتقليص الفيضانات في السهول الفيضية. لكن الأثر الإجمالي سيكون فقدا أكبر للمياه بالتبخر مع تحويل بعض الأحباس الوسطية إلى نوع من "الخزانات" الأقل إنتاجية و ضياع ري الجروف وكل هذا قد يحدث تحول كامل في مورفولوجيا (تشكل) مجري النيل بمجمله كما جري عند محاولة تنمية حوض نهر الفولغا عام 1975 لكن هناك تناقضات عديدة وتصادم بين الأغراض التي يؤمل السودان في أن يحققها له هذا السد ، وبين تحقيق هدف سد النهضة المفترض أساسا في توليد أكبر قدر من الكهرباء (اذا تجاهلنا مؤقتا هدف التحكم في مياه النيل الأزرق )، مع ملاحظة أن أثيوبيا لم تقل أبدا : أن سد النهضة "سد تخزين" أو أن خزان النهضة "متعدد الأغراض" وهما شرطان حتميان لحصول دول الأحباس السفلي علي الفوائد المفترضة من سد النهضة ، وان جنحت أثيوبيا لجعل السد"متعدد الأغراض" لتحقيق أهدافها الزراعية الطموحة والفوائد المفترضة لدول الأحباس السفلي (كتنظيم انسياب المياه ووقف الفيضانات وإطالة عمر خزان الروصيرص الخ )، فان هذا سيضعها في مواجهة تناقضات لن يكون بوسعها الأقتراب من حلها الا علي حساب خفض انتاج الكهرباء الذي هوأصلا أقل من ثلث ما بشرت به أدبياتها ، وفق حساباتنا في الحلقة التاسعة من هذه الدراسة الموسعة ، فما دون تحقيق الفوائد المفترضة لسد النهضة تقف سياسات اثيوبيا المائية وفق مصالحها الوطنية ، كما أن أثيوبيا لم تقل أبدا أن هذه "الفوائد " من "أهدافها" ، بل هي - بالنسبة لها- في أحسن الأحوال ، "قيمة مضافة"، وأنها لم تفصح أبدا عن اجراءات تشغيل الخزان التي يمكن أن توفر هذه "القيمة المضافة" ، علما بأن تلك لأجراءت لن تحل كل القضايا المتصلة بالسد كما يتوهم البعض! كما أن أثيوبيا لم تقل شيئا عن "المخاطر" المحتملة للسد! عبارة "الأنسياب المائي المستقر" تعني فنيا بأن سد النهضة سيقوم بتنظيم تصريف النيل الأزرق للحصول على دفق مائي أقصي ومضمون (Firm Yield) يمكن التنبؤ به كل سنة، حتي يمكن تمرير متوسط إجمالي المياه (البالغ عند الدمازين 135.7 مليون م3 في اليوم) للأحباس السفلي من دون تغير كل سنة ،غير أن أثيوبيا تعد السودان الأن فقط ب130 مليون م3 في اليوم ! ولتحقيق الأنسياب المائي المستقر" للنيل الأزرق الموعودون به بعد سد النهضة ، علي سد النهضة الكهرومائي اضافة ترويض كل التيارات "النهرية" المضطربة الخارجة من السد ، للنزول من أعلي شجرتها الي مستوي "لترعة" كما فعل سد (التخزين) العالي في مصر، وهناك عقبات عديدة تقف أمام تحقيق سد النهضة للأنسياب المستقرللنيل الأزرق: فأولأ ،سد النهضة هو "سد طاقة" سيخصص كل حيز "التخزين الحي" فيه ، والبالغ 59.22 مليار م 3 ، حصريا للتوليد الكهربائي (قارن مع 2.38 مليار م3 تخزين حي لخزان الروصيرص قبل التعلية و6.95 مليار م3 بعد التعلية !) ، وليس سد النهضة "سد تخزين متعدد الأغراض" كالسد العالي ، كما أن قلة بوابات التحكم فيه (Bottom Sluiceways ،2) في مقابل 5 عند بدء سد الروصيرص) ستحد من قدرته في تغير توزيع المياه زمنيا بتغيير نمط التدفق ، كما أن قوانين تشغيل السد المتوقعة سوف يقيدها واقع التباين الحاد في تصريف مياه النيل الأزرق بينما هي أكثر طلاقة في السد العالي، حيث نهر النيل منضبط نسبيا عند اسوان
و وثانيا، اذا ارتأت أثيوبيا تحويل هوية السد الي سد تخزين فهناك عدة عوامل تدفع الأغراض المختلفة فيه في اتجاه التصادم والتناقض، ولكل منها أثارة علي حجم ووتيرة الأنسياب المائي المبشر به للدول المتشاطئة ، فهناك مثلا تناقض تصريفي وزماني أقصائي بين الطاقة (غرض أثيوبيا الأساسي في مياه النيل) وأغلب الأغراض الأخري كالري (غرض السودان ومصر الأساسي في مياه النيل) ، وكمكافحة الفيضات والملاحة الخ ، فالتصريف اليومي وفق الطلب علي الطاقة يتفاوت مع أحمال الذروة والاغوار"وديان الأحمال" ، بينما التصريف اليومي لأغراض الري هو تدفق منتظم والسحب الممنهج للمياه لتوصيلها للتوربينات لتوليد الطاقة، والتفريغ السريع للخزان لتوليد الطاقة ، كلاهما يتعارضان مع السحب المتدرج لمياه الري ، وسيعاق هدف انتاج الكهرباء إذا تم حجز مياه للري في الخزان خلال فترة خمول الزراعة -- فهل ترضي اثيوبيا بذلك؟ وثالث العقبات تتمثل في أن استخدام الماء لتوليد الكهرباء ذو أثر كبيرعلى التدفقات داخل النظام الهيدرولوجي بمجمله ، مما سينجم عنه انقاص مقدار الماء الذي يصل الي السودان وعلي وجه يلحق الضرر بمصالحه (بجانب تعديل تاريخ وصوله أو خفض منسوبه) نتيجة لحجز المياه لمتطلبات توليد الطاقة: فالسد سيحتفظ ب 14.79 مليار م3 ك "تخزين ميت" لتوفير الحد الأدنى لتوليد الطاقة (حتي لو كان ذلك سيوزع عبئه علي ايراد سنين عدة)، وسوف يحجز اضافة مياه اخري تمثل "مستوي الحد المائي الأدنى الحرج للتوليد الكهربائي الأقصى" ولما كانت تحويلات تصريف بحيرة تانا بنفق إلى نهري الدندر والرهد لتوليد الطاقة وتطوير الري تجري زمن الشحة المائية فستكون خصما علي إمدادات الري في السودان ومصر وكلاهما يستخدمان كامل تدفقات النيل الأزرق زمن تدفقه المتدني وهناك أيضا ال 33 مشروع مائي التي اقترحها مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي" وشرعت أثيوبيا في تنفيذها والتي لها متطلبات مياه سنوية تعادل 1.043 مليارم3 ، وقد قدرت نفس الدراسة الخفض الأجمالي للتصرف السنوي الواصل للسودان بما يعادل 4.5 مليار م3،مع انخفاض حاد في التدفقات في السودان في نهري الدندر والرهد ثم هناك انقاص الماء بالتبخر الناجم عن الثلاثة سدود تحت الأنشاء والمتتالية مع سد النهضة ، وعن والسدود المقامة علي روافد النيل الأزرق وعلي نهري الرهد والدندر بأجمالي سعات تبلغ 139 مليار م3 !! مما يجعل الفقد بالتبخر من سد النهضة أكبر بكثير مما يزعم مرجو السد، كما أن المياه المتبقية بعد التبخر والذاهبة للسودان ستكون أكثر ملوحة! وهذا النقص يعني أن أثيوبيا لن تكون قادرة علي الأيفاء بوعدها حتي بأطلاق ما يعادل 47.5 مليار م3 في السنة في اتجاه السودان وهورقم أقل من ايراد النيل الأزرق الذي اعتمدته أثيوبيا عند تصميم سد النهضة والبالغ52.6 مليار م3، ناهيك أن يقوم السد بتنظيم تصريف النيل الأزرق للحصول على دفق مائي أقصي ومؤكد (Firm Yield) يمكن التنبؤ به كل سنة، وفق ما يروج له! وبنفس القدر تنقص حقوق السودان المائية التي يكفلها له القانون الدولي للمياه والبالغة 18.5 مليار م3 وكل العقبات التي أوردناها عاليه كحائل أمام تحقيق سد النهضة للأنسياب المستقرفي مجري الأحباس السفلي تنطلق من فرضية أن هذا الأنسياب مصدره الجريان البري السطحي ، ذلك لأن تلك هي فرضية الجانب الكمي للهيدرولوجيا الكلاسيكية بينما القراءة الدقيقة للهيدرولوجيا الجديدة“تقول أن تلك هي فكرة غير صائبة لتجاهلها التيارات الجانبية التي تتحرك أفقيا تحت الأرض حتى دخولها مجري النيل والدفق القاعدي الذي يتحرك عموديا حتى يبلغ مستوي المياه الجوفية رغم أن هذا "الدفق القاعدي" يشكل جزءا كبيرا من مياه النيل الأزرق والنيل ، لكن لما كان حجز المياه لتوليد الطاقة في "التخزين المستمر" لسد النهضة ينتج عنه اضافة للتبخر، فقدان تغذية المياه الجوفية في الأحباس السفلي ( السودان ومصر) ،فمثل هّذا الفقدان في تغذية المياه الجوفية سيقود حتما الي انخفاض ملحوظ في الجريان البري السطحي ، وبالتالي الي انقاص الماء المنساب للسودانَ كما حدث عند تطوير حوض نهر الفولغا لأنتاج الكهرباء ، وبالتالي كل ما سبق من نقصان سيهزم الفكرة القائلة بأن سد النهضة سيأمن لدول الأحباس السفلي "تدفق مائي ثابت (بل و"مستقر"، كما سنري دعثرة هذا الوهم أيضا أدناه) على مدار السنة"! ورابع العقبات اذا أمام تحقيق الأنسياب "المستقر" للأحباس السفلي تتمثل في أن هذا الأنسياب قد يصبح في الواقع "غير مستقر للغاية" نظرا للاحتياجات المتقلبة لتوليد الطاقة ،وبسبب النبضات المفاجئة (Spate or Surges) المرتبطة بالتوليد الكهربائي ، مما قد يتطلب الأمر إعادة تصمم بعض أعمال الري، وبعض هذا بالتحديد ما أحدثه سد غلين كانيون الكهرومائي علي نهر كولورادو ، في مورفولوجيا النهر، خصوصا في توزيع الرواسب الطميية والنباتات ، فالأطلاق الكبير للرواسب الطميية ذو فائدة كبري لبيئة النهرباقتلاعه للنباتات المائية، مما يجلي أهمية الفيضانات في صيانة وتنظيف النظام النهري وخامس العقبات المحتملة أمام تحقيق الأنسياب "المستقر" للأحباس السفلي تتمثل في حدوث خرق للأتفاق المبرم بين الدول المتشاطئة، كما فعلت الهند بوقف تدفق الأنهار الشرقية لباكستان ، على الرغم من اتفاق وادي السند أوحدوث استغلال غير مشروع للمياه من أحد الأطراف المتشاطئة كما في حالة السحب الجائر (غيرالمشروع) للمياه أو الطاقة كما في اتهام مجموعة شبكة الأنهار الدولية لأوغندا بسحبها مياه بأكثر مما يسمىح به لها "المنحنى المتفق عليه" أواتهام يوغسلافيا لرومانيا بالأستغلال غير المشروع للمياه من الخزان المشترك لتوليد الطاقة !
استهلال: "الفوائد" المنسوبة لسد النهضة تتلخص في الأتي: "ايقاف الفيضانات " (وقد ناقشناه بتفصيل في الحلقة الحادية عشرمن شهادتنا للتاريخ) تنظيم "انسياب النيل طوال العام في السودان" ل "يساعد في التغذية المتواصلة كل أشهر السنة للمياه الجوفية في المنطقة "(علما بأن التغذية ستكون خلف السد (في أثيوبيا) لا أمامه في الأراضي السودانية كما زعم البعض، هذا ان تم "ايقاف" الفيضانات! حجز "جزء كبير من الطمي"(وهو زعم يتجاهل فوائد الطمي للسودان ومصالح أثيوبيا في اطلاقه لا حجزه! وسنخصص حلقة حصرية لمناقشة هذا انشاء الله) بيع كهرباء السدّ للسودان ومصر بسعر التكلفة"(وهو وهم كبير دعثرناه بتفصيل في الحلقة العاشرة من هذه الدراسة الموسعة)
صورة زاهية ؟ ربما !، ولكن ما أبعدها عن الواقع كما سنري بعد قليل انشاء الله ، فما دون تحقيق هذه الفوائد تقف سياسات اثيوبيا المائية وفق مصالحها الوطنية والتي تشمل: سياسات استخدامات مياه المجري In-stream-flow Uses،والتي تحكم توليد الطاقة الكهربائية والحصص المائية لدول الأحباس السفلي وسياسات حجز مياه المجري لملء الخزان In-stream-flow Impoundment ، والتي تحكم بجانب توليد الطاقة الكهربائية والحصص المائية لدول الأحباس السفلي، الكفاءة التخصيصية (Allocative Efficiency) في حاله الجنوح نحو تعدد الأغراض (أي توزيع الحيز التخزيني بين الأغراض (الطاقة الكهربائية والري الخ) وحل التناقض بينهما بصورة مثلي الرواسب الطميية والتوسع الزراعي الأثيوبي أسترداد جودة المياه و"اعادة التأكسج " (Reoxygenation) للمياه الخارجه من التوربينات وهي العملية التي ستصبح مهيمنة واكثر اهمية بسبب: قلة بوابات التحكم(Sluice Gates) تركيز سياسة أثيوبيا علي توليد أقصي طاقة كهرمائية ممكنة قصر المسافة بين سد النهضة وسد الروصيرص (125 كيلومتر) !
هذه السياسات هي في تصادم بين مع الفوائد المزعومة من انسياب المياه كما سنري بعد قليل هنا
مقدمة -- ضبط المصطلح:
"ضبط (تنظيم) التدفق" في الأحباس السفلي (Downstream Flow Regulation) : هو أحد "فوائد" (أي "قيم" السدود --Values-- وفق التوصيف العلمي لها) والخاضع للسياسات المائية للدولة مشغلة السد (التي أشرنا اليها عاليه) ، وبالتالي هو فائدة مشروطة بتوافقها مع مصالح تلك الدولة ويتم تنظيم التدفق باطلاق الماء المحتبس في الخزان علي نهج متحكم فيه بشريا وهذه "الفائدة" (أي "القيمة") مستمدة : أولا من "وظيفة" السد في التحكم في اطلاق المياه (Discharge Release) وثانيا من قواعد تشغيل الخزان ((Reservoir Operating Rules)
ولكلمة "الضبط " معنايين: "تنظيم التدفق" و"التحكم في تصريفه"
الفرق بين "ضبط تدفق النهر" و "التحكم في تصريفه":
ضبط تدفق النهر: "ضبط تدفق النهر"(River Flow Regulation) هو "سياسة مائية" (Hydropolicy)، أي "قواعد سلوك" فنية لتنظيم جريان وأستغلال المورد النهري ووضع مثل هذه "السياسة المائية" ينطوي علي "مراجعات تكرارية" (Iterative Process)، تشمل: صياغة أهداف واقعية تحديد وتحليل العوامل الفنية و السياسية والاقتصادية و"المعلمات " (Parameters) والقضايا التي تمس الأهداف، بما في ذلك استراتيجيات الخصم وتتمثل أهداف ضبط تدفق النهر في موازنة إمدادات المياه، زمانيا ومكانيا ، والتخزين هو الوسيلة الرئيسية لتحقيق تكافؤ الوقت والفضاء في إمدادات المياه كما أن هناك أسباب أخري للضبط مثل : تحقيق جريان وعمق منتظمين( Uniform Flow & Depth) و الحماية من الفيضانات وخفض أو تثبيت نقل الرواسب (الطميية) وزيادة “الدفق القاعدي" (Base Flow) والذي يأتي منه جل التصريف النهري في فترة الشحة المائية
ومشكلة ضبط نهرالنيل الرئيسية تتمثل في التباين الشديد في تدفقات النيل الأزرق ويعتبر النهرقد تم ضبطه (River Regulated) إذا كان قد استقرمجراه، أي أنه قد تم إنشاء تماثل بين تدفق الرواسب (الطميية) وقدرة النهر على نقلها
لكن الضبط بالتخزين يتبع قانون تناقص الغلة: (Law of Diminishing Returns)
فكل الزيادة المتتالية للتحكم يتطلب قدرا أكبر من مساحة التخزين من السعة السابقة اي أن: خزان سد النهضة بسعة تعادل ايراد النيل الأزرق عند موقع السد(أي 52.6 مليار م3 وفق حسابات اثيوبيا) لن يستطيع أن ينظم أكثر من 40% من الجريان المائي من خلال الضبط بالتخزين(Regulation by Storage) أما خزان سد النهضة الحالي بسعة تعادل كل نصيب السودان ومصر السنوي من مياه النيل (74 مليار م3) ،لن يستطيع أن ينظم أكثر من 57% من الأيراد (عند موقع سد النهضة) من خلال الضبط بالتخزين (راجع ما قلناه في الحلقة الحادية عشر من هذه الدراسة تحت عنوان "هل صحيح لن يكون هناك فيضان في النيل بعد سد النهضة" الضبط الهيدرولوجي الكامل للحوض يتطلب توظيف وتكاتف سدود عديدة لهذا الغرض وتقليص الفيضانات في السهول الفيضية. لكن الأثر الإجمالي سيكون فقدا أكبر للمياه بالتبخر مع تحويل بعض الأحباس الوسطية إلى نوع من "الخزانات" الأقل إنتاجية و ضياع ري الجروف وكل هذا قد يحدث تحول كامل في مورفولوجيا (تشكل) مجري النيل بمجمله كما جري عند محاولة تنمية حوض نهر الفولغا عام 1975، بتشيد 290 خزانا باجمالي سعة 83 مليار م3 (أي ما يقارب سعة سد النهضة) فقد كان من تداعيات التوليد الكهربائي زيادة الفقد المائي في حوض نهر الفولغا: أدي ذلك الي انخفاض ملحوظ في الجريان السطحي (Runoff)،وذلك بسبب: زيادة فاقد التبخر زيادة فاقد تغذية المياه الجوفية (Groundwater Recharge Losses انخفاض الأنسياب المائي بمقدار 6% عن حجمه عند المصب ، وذلك بسبب خفض نسبة طمي الأساس (Bed load Sediment) إلى إجمالي الرواسب الطميية " مما أدي بدوره الي: خفض نسبة "عرض المجري الي عمقه" وزيادة في تعرج المجري (Sinuosity) في الأحباس السفلي ونتيجة لذلك، انخفض منسوب بحر قزوين بمعدل . 0.5 متر التحكم في تصريف النهر: هناك قول مأثور في الفلسفة الاستراتيجية : القدرات (أقرأ هنا علو ارتفاع السد وكبر سعة الخزان) تخلق نواياها الخاصة بها"! (Capabilities Create their own Intentions !) فالتحكم في تصريف مياه النهر (Discharge Control) ، هو "تسييس مائي" (Hydropolitics) يستثمر مثل هذه القدرات ،و يتركز حول الأنشطة المعنية باكتساب أو ممارسة "سلطة المنح و المنع" عن الأخرين ، وكل ما في ذلك من ميزة وطنية وقدرات سياسية ونفوذ اقليمي سيعمل علي اعادة تشكيل: توزيع السلطة "الهيدرو- سياسية" بين الدول المتشاطئة في حوض النيل وتثبيت أو زعزعة نتائج النزاعات المائية (مثل المعاهدات وغيرها)، التي تم الوصول اليها عبر المفاوضات مما سيترتب علية آثار بعيدة المدي إلى ما وراء حدود حوض النيل ، وقد تتمثل مستقبلا بعضا من مظاهر هذا "المنع والمنح" في: انقاص مقدار الماء الذي يصل الدول المتشاطئة الأخري أو تعديل تاريخ وصول الماء اليها أو خفض منسوبه لديها أو قفل بوابات التحكم (Sluice Gates) – زمن التحاريق - Low Flows) يناير الي أبريل)، وبالتالي قطع مورد المياه الصيفي ، مما سيكون له "عواقب كارثية بالنسبة السودان ومصر" أو بيع المياه لدول خارج الحوض (ما وجد الي ذلك سبيلا) ، أو التهديد بتحويل مجري النهر الخ … ،
ودرجة التحكم في تصريف مياه النهر تحددها نسبة سعة مواعين التخزين (Reservoir Capacity، 74 مليارم3 في حالة خزان سد النهضة) الي حجم تصريف المياه Discharge Volume ( 52.6 مليارم3 في حالة ايراد النيل الأزرق عند السد، وفق تقدير أثيوبيا)
وضبط النهر River Regulation)أوالتحكم في تصريف مياهه (River Control يتم من خلال أربعة أليات أساسية: حجز المياه (Water Impoundment) من خلال منشئات ترويض النهر(River Training Structures)، كسدود التخزين وسدود التحويل والقناطر (وهي تمثل هنا "الهاردوير") قواعد تشغيل الخزان(Reservoir Operating Rules--ROR والتي تمثل هنا "السوفتوير") ، أو من خلال : ضبط قاع (أومجري) النهر River Bed Regulation) ، من خلال أعمال التجريف Dredging Work) ،بشكل أساسي لأغراض التحكم في الفيضانات بتضيق المجري أو تثبيته وحماية ضفاف النهر الخ … أو من خلال تنمية حوض نهر المتكاملة Integrated River Basin Development وادارته كوحدة هيدرولوجية متكاملة، وهي الألية الأمثل والأنجع ، لأن ضبط نهر النيل بمجمله لس هو عملية قابلة للتجزئة ، لأن أي تغير في حبس من أحباسه يؤثرعلي مجري النيل بمجمله
تصنيف التخزين: يمكن تصنيف التخزين المرتبط بأي "سد تخزين" (ٍStorage Dam والتي يناط به ضبط فرق التوازن المائي خلف السد U/S واطلاق التصريف أمامه D/S ، في الأحباس السفلي(، وفقا لطول الفترة الزمنية المطلوبة لأعادة ملء الخزان(Length of Time Required for Replenishment)
وهناك اربعة انواع من التخزين (التخزين السنوي والتخزين المستمر، والتخزين القرني والتخزين المعادل (الأفتراضي) ،لكن ما يعنينا هنا هو أن : سد النهضة يستطيع أن يعمل "كسد تخزين سنوي" و/ أو "كسد تخزين مستمر" كتخزين سنوي (ًWithin Year Annual Storage): كما في: كل خزانات السودان وخزان اسوان القديم وخطة التخزين في بحيرة تانا السابقة ، كرصيد احتياطي في سنين العجز في السد العالي حيث يعمل سد النهضة هنا لتخزين الزائد عن الأحتياجات في فترة عدم الحاجة عن كل عام لتكملة احتياجات فترة الحاجة في نفس السنة ، أي أن دوره الأساسي -- بجانب خلق فرق التوازن المائي لتوليد الطاقة وضبطه في مصعد النهر (Upstream)، هو حجز مياه الفيضانات خلال موسم الأمطار والإفراج عنها للأحباس السفلي – ان أراد -- خلال موسم الجفاف و يعتمد حجم ما يخزنه السد سنويا هنا علي: متوسط التدفق (Mean Flow) والبالغ في منطقة السد 1548 م3 في الثانية تفاوت الأيراد أثناء السنة ، وأن يقوم – ان رغب -- بتفريغ الخزان كل سنة وحيث يتم في هذه الخزانات اعادة الملء كل سنة بمعدلات سحب منتظمة أقل من الحد الأدنى لمتوسط للتدفق لمتوسط السنوي(Minimum Annual Mean Flow) (البالغ 20.1 مليارم3 في منطقة الدمازين والذي حدث في السنة المائية1913-1914)
ودورمفيض الطواريء (قناة أو أنفاق تصريف الفائض من مياه الخزان ((Spillway في سدود مثل سدود التخزين(Storage Dams) كسد الروصيرص مثلا -- هو الافراج عن (فائض) مياه الفيضانات التي لا يمكن احتواءها في مساحة التخزين المخصصة
وكتخزين مستمر(Over-Year Storage)، علي نهج ما جاء في الأيات الكريمة التالية: "وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (يوسف 43) : "قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ" (يوسف 47) أي أن سد النهضة ، "كسد تخزين مستمر" ، معني بتخزين كل زيادة عن الأحتياجات في السنين حسنة الايراد أساسا لسحبها في السنين سيئة الأيراد ، أو أن المياه سوف تحمل من سنة لأخري لمؤازة الأيراد العالي والمنخفض ( كما في حال السد العالي وسد اوين علي بحيرة فكتوريا، لاغراض التخزين المستمر لمصلحة مصرفي كلا الحالتين تلك)! علي عكس الخزانات السنوية (Annual Storage كخزان الروصيرص حيث يتم افراغ الخزان كل سنة) وحيث حجم التخزين المستمر يعتمد أساساعلي: متوسط التدفق (Mean Flow) تفاوت متوسط الأيراد بين السنين لكن عمليا قد لا يتم اعادة الملء لعدة سنين وحين يتم ذلك فبمعدلات سحب منتظمة أكبر من الحد الأدنى لمتوسط للتدفق لمتوسط السنوي(Minimum Annual Mean Flow) (البالغ 20.1 مليارم3 في منطقة الدمازين والذي حدث في السنة المائية1913-14)
تفكيك المصطلح : أنواع الأنسياب المائي ماذا تعني كلمة "انسياب " علميا؟
النزول من عل : تقصي أنواع "الأنسياب المائي" (Flow Types ) التوصيف العلمي لأنماط انسياب (سلوك) المياه الأربعة الخارجة من سد النهضة:
يمكن تقسيم أنواع تدفق المياه في المجري المائي بصورة أساسية الي أربعة أقسام ، بدءا بأكثرها اضطرابا ووصولا الي أكثرها استقرارا:
أولا ، هناك الأنسياب غيرالمضطرد وغير المنتظم (Un-Steady Non-Uniform كما في : موجة فيضان النيل الأزرق العارمة الدفق الخارج من المفيض (Spillway) عندما يفيض خزان سد النهضة عند امتلائه الأندفاع أو النبضات المفاجئة (Spate or Surges) المرتبطة بالتوليد الكهربائي من سد النهضة وثانيا ، هناك الأنسياب "حيزي التغير"(Spatially Varied Flow) ، حيث التغيرات المكانية للسرعة أو للعمق تحدث فجأة، وعادة كظواهر محلية على سبيل المثال: الدفق الخارج من بوابات السد التحتية أو "الطفرة الهيدروليكية" (Hydraulic Jump) التي تحدث عند أسفل السد ، علما بأن معظم دفق الأنهار هو "حيزي التغير" (أو كانسياب مضطرد وغير منتظم) ، لكن التصريف يبقي ثابت في كل القطاعات، مع تقلبات الدفق العالية جدا كأنعكاس على موسميتة وعندما تضاف المياه الي (أو تستخرج من) النظام وثالثا ، الأنسياب المضطرد وغير المنتظم(Steady Non-Uniform أي أن الجريان يتغيرعبر الحبس لكنه لا يتغير مع الزمن ورابعا ، الأنسياب المضطرد والمنتظم(Steady Uniform Flow): كما في المجاري المستقيمة كالترع التي قد تأخذ امداداتها المائية من خزان سد النهضة ، حيث تكون "سرعة التصريف" و"سرعة جريان المياه" و"عمقها" (والأخير معروف ب (Normal Depth لا يتغيرون مع مرور الوقت أو مع المسافة (أي علي طول المجري) ، مما يجعل التصريف خلال موسم التشغيل ثابت نسبيا
بقية أنواع الأنسياب شرحناها بالتفصيل في دراستنا المنشورة في النت بعنوان "لمن تقرع أجراس التكريم في تشييد وتعلية سد الروصيرص" بالموقع الأتي: http://www.sudaress.com/sudanile/50263)
وكل هذا يختصر علميا في "معادلة الأنسياب الدينامية" ((Dynamic Flow Equation ،أي: Sf =So- dy/dx-v/g*dv/dx 1/g*dv/dt=v2/c2R
(where :Sf=Energy Grade Line [EGL] Slope; S0=Bed Slope Y=Depth; V=Velocity; g= Acceleration due to gravity c= Chezy Coeff ; R=Hydraulic Radius)
والتي تشمل – (بدءا من الشمال الي اليمين): الأنسياب "المضطرد والمنتظم " في الترع - أبسط أنواع الأنسياب Sf =So) ) وتعديله بادخال عنصر تقلبات سرعة الجريان المائي (dy/dx-v/g*dv/dx ) أي "علو السرعة" Velocity Head) ) لتوصيف جريان النهر (المضطرد وغير المنتظم)، وأخيرا تعديله باضافة مصطلح "التسارع المحلي" (Local Acceleration Term:( 1/g*dv/dt))، لتوصيف الأنسياب المائي الأكثر تعقيدا(الغير مضطرد وغير منتظم ) ، كالنبضات المفاجئة (Surges) أو الدفق الخارج من المفيض أوموجة الفيضان العارمة ومثل هذه النبضات هي أحد العناصر التي ستهزم فكرة "الأنسياب المائي المستقر" للنيل الموعودون بها كأحد فوائد ما بعد سد النهضة ،
فلتحقيق "الأنسياب المائي المستقر" للنيل الأزرق الموعودون بها بعد سد النهضة ، علي سد النهضة الكهرومائي اذا ترويض كل تلك التيارات "النهرية" المضطربة الخارجة من السد للنزول من أعلي شجرتها الي مستوي "لترعة" اسوة بسد (التخزين) العالي في مصر، لكن هيهات ، كما سنري بعد قليل!
لكن ماذا تعني عبارة "الأنسياب المائي المستقر" علميا؟
فنيا ، العبارة تعني بأن سد النهضة سيقوم بتنظيم تصريف النيل الأزرق للحصول على دفق مائي أقصي ومضمون (Firm Yield) يمكن التنبؤ به كل سنة، حتي يمكن تمرير متوسط إجمالي المياه (البالغ عند الدمازين 1570 م3 في الثانية ) للأحباس السفلي من دون تغير كل سنة وبالتحديد ذلك يعني -- في حالة سد النهضة -- 1570 م3 في الثانية أو 135.7 مليون م3 في اليوم لكن أثيوبيا الأن تعد السودان فقط ب130 مليون م3 في اليوم (وفي رواية أخري 133 مليون م3 ) والرقم الأول يعادل 47.5 مليار م3 في السنة، وذلك أقل من ايراد النيل الأزرق الذي اعتمدته أثيوبيا عند تصميم سد النهضة والبالغ52.6 مليار م3 في السنة! اذا أين ذهبت ال(5.1) مليار م 3 في السنة وهي الفرق بين الرقمين؟ أما ان كان الرقم هو 133 مليون م3 في اليوم فهو ما يعادل ال(48.6) مليار م3 في السنة: واذا أين ذهبت ال(4) مليار م3 في السنة وهي الفرق بين الرقمين؟ سنجيب علي السؤال لاحقا هنا
الوضع المثالي(النموذجي): لضبط (تنظيم) التدفق في الأحباس السفلي (Downstream Flow Regulation )
إذا تم ضبط النيل في أعالي النهر ككل وكوحده متكاملة -- ووفق ادارة اقليمية وقوانين تشغيل مثلي تأخد في الأعتبارمصالح دول الأحباس السفلي ، وموازنا ومعدلا التصريفات العالية والمتدنية ( كأحد عناصر مقترح "خطة وادي النيل" -- Nile Valley Plan-- التي تقدم بها السودان عام 1958 ورفضتها مصر، وعادت الأن لتتبناها في مفاوضات ديسمبر 2015 !) ، فان توفيرأية سعة تخزين إضافية في أعالي النيل يمكن أن تكون ذات نفع لدول الأحباس السفلي لأن هذا سوف يؤدي الي الفوائد التالية: خفض الفيضانات وزيادة التدفقات المنخفضة (Low Flows) توفير دفق مائي يعتمد عليه لمحطات الكهرباء لزيادة "القدرة " المضمونة (Firm Power) في محطات توليد الطاقة في الأحباس السفلي واطلاق الماء المحتبس علي نهج متحكم فيه بشريا (والمستمد اساسا من وظيفة السد في التحكم في اطلاق المياه) ، والسد وبوابات التحكم ( القليلة في سد الهضة ) هما عادة الوسيلتان الأساسيتان لتغير توزيع المياه زمنيا - مثلا: التغييرفي نمط التدفق من خلال تغيير: توقيت التدفق (Flow Timing) حجم التدفق (Flow Magnitude) التقليل من حدوث: الفيضانات التدفقات المنخفضة (Low Flows)للسيطرة على -- واستقرار -- تدفق المياه، لأغراض الزراعة والري، تقليل التباين في تصريف المياه أمام السد (Downstream) لتوفير إمدادات أكثر استقرارا فمثلا كان هناك تباين كبير في تصريف النيل عند اسوان قبل قيام السد العالي:حيث بلغ: التصريف الشتوي(فترة التحاريق) 80 مليون م3 في اليوم(7.5 مليون م3 منها من النيل الأزرق) والتصريف فترة الفيضان 800 مليون م3 في اليوم(584 مليون م3 منها من النيل الأزرق) والآن— منذ قيام السد العالي -- تمت السيطرة الكاملة علي التدفق المائي ، مع تحديد 230 مليون م3 في اليوم كصريف أقصى ( قارن مع سد النهضة الذي يود الأن أن يرث السد العالي و يسير علي خطاه فيضع سقف المياه المفرج عنها لدول الأحبايس السفلي عند 130 مليون م3 في اليوم كصريف أقصى)!
العقبات أمام سد النهضة لتحقيق الأنسياب المستقر
دعنا نسأل: هل يستطيع سد النهضة أن ينظم انسياب النيل الأزرق طوال العام للحصول على دفق مائي أقصي ومضمون ويمكن التنبؤ به كل سنة – كما يزعمون -- حتي يمكن تمرير متوسط إجمالي المياه للسودان دون تغير كل سنة؟
السودان يراهن على أن سد النهضة سيحذو حذو "السد العالي" فيوفر له كلا من فوائد "التخزين السنوي" و "التخزين المستمر"! ولكن كل الذي حدث في السد العالي غير وارد حدوثه في حالة سد النهضة ! فالسد العالي سد تخزين (Storage Dam، خصص30 مليار م3 للحماية من الفيضانات و70 مليار م3 "للتخزين الحي" و 30 مليار م3 "للتخزين الميت")، بينما سد النهضة سد طاقة (Power Dam)، سيخصص كل حيز "التخزين الحي" فيه (والبالغ 59.22 مليار م3 ) حصريا للتوليد الكهربائي (اذا صدق ما تقوله أثيوبيا من أن السد أحادي الغرض ولن تستخدم أي جزء من التخزين الحي للري أو لمياه المدن أولمتطلبات الملاحة الخ)! وقوانين تشغيل السد العالي، تعمل علي نهر النيل المنضبط نسبيا ، بينما قوانين تشغيل سد النهضة المتوقعة فستعمل علي واقع التباين الحاد في تصريف مياه النيل الأزرق
اذا ، أول العقبات أمام تحقيق الأنسياب المستقرللأحباس السفلي تتمثل في أن سد النهضة هو "سد طاقة" -- وَمَا أَدْرَاكَ مَا سد الطاقة-- و ليس "سد تخزين متعدد الأغراض" كالسد العالي كما أوضحنا عاليه --- مالم تقوم أثيوبيا بتحويل هوية سد النهضة الي "سد تخزين" ، والحبس المؤقت الماء فيه وفق مقتضيات التوليد الكهرومائي (كقيد مكاني) و الجريان النهري الموثوق به (كقيد زماني) ، والأثنان يشكلان معا "وقود"(Fuel ) انتاج الطاقة الكهرومائية ،
و ثاني العقبات أمام تحقيق الأنسياب المستقرللأحباس السفلي تتعلق بما يسمي "بروتوكول السلوك للنقر" Pecking Order) وهوتعبيراستخدمه الألماني ثورليف شيلدراب-ايبي (Thorleif Schjelderup-Ebbe)–في عام 1921 لوصف النظام الطبقي لدي الدواجن ونوازع الهيمنة لديها حيث "ينقر" الدجاج الأكبر الأصغر منه ،والذي عليه أن يرضخ لذلك ، لكن بدوره يقوم "بنقر" الدجاج الأصغر منه ، وهكذا دواليك ! وعليه --اذا ارتأت أثيوبيا تحويل هوية سد النهضة الي سد تخزين -- يمكن الحديث عن "( تسلسل اجتماعي رتبي ) لأغراض الخزان " ("Purposes’ “Pecking Order) ،يصف تصادم الأغرض وترجيح قواعد تشغيل الخزان بعضها علي بعض وفق أهميتها لصانع القرار و أثارتوليد الطاقة علي الأنسياب المائي من مثل هذا التسلسل الرتبي للأغراض لكن في ظل "بروتوكول النقر الرتبي"هذا ، هل يمكن أن تضحي اثيوبيا بمصالحها لمقابلة مصالح السودان ومصر؟ دعنا نري:
أغراض (استخدامات) المياه المختلفة في سدود التخزين هي في كثير من الأحيان تكميلية، ولكن ينشأ الصراع على متطلباتها التشغيلية المختلفة ، واختلأف الأولويات وفق: حقوق المياه والأعتبارات القانونية والسياسية المطالب النسبية من مختلف المستخدمين الظروف الاجتماعية والبيئية
القيود علي تشغيل الخزان كعوامل تغذي الصراع بين الأغراض المختلفة في سدود التخزين:
هناك عدة عوامل تدفع الأغراض المختلفة لسد النهضة (اذا تحول الي سد متعدد الأغراض) في اتجاه التصادم والتناقض، ولكل منها أثارة علي حجم ووتيرة الأنسياب المائي المبشر به للدول المتشاطئة ،منها: موسم الاستخدام الأستخدامات الاستهلاكية للمياه مثل: متطلبات الري الحد الأدنى لأرتفاع البحيرة، من أجل السماح بالضخ من الخزان للري، ولإمدادات مياه المدن (باستثناء تدفقات العودة للمجاري(Return Flow ضرورة توفر حد أدنى من تصريف المياه لضمان جودة المياه ولأحتياجات الأسماك الاستخدامات غير الاستهلاكية مثل: متطلبات التخزين اللازم للتحكم في الفيضانات اعتبارات سعة المجري في الأحباس السفلي توليد الكهرباء الملاحة ، (ولكن عندما تقتضي الملاحة توفير حد أدنى من التصريف للحفاظ على الاعماق المطلوبة، تصبح الملاحة استخدام استهلاكي في نقطة التصريف) نقاط التحويل (Point of Diversion) دورة تدفق التيارالنهري (Stream Flow Cycle) ، مثل فترات ارتفاع وانخفاض التدفقات حقوق المياه القائمة،وطنيا واقليميا -- كتأمين حقوق الأحباس السفلي في المياه (18.5 مليار م3 للسودان و 55.5 مليار م3 لمصر، وفق اتفاقية مياه النيل لعام 1959التي واضح أن أثيوبيا تعترف بها !)
تصادم الأغراض في قواعد تشغيل سد النهضة:
التناقض بين أغراض الخزان المختلفة يتضح جليا من خلال التعرف ادناه علي خواص تلك الأغراض ومتطلباتها التشغيلية ، فمثلا : استخدام الماء لتوليد الكهرباء، قد يكون له تأثير كبير على توقيت التدفقات(Timing of Flows) داخل المنظومة الهيدرولوجية لحوض النيل بمجمله التوليد الكهربائي علي اطلاقه يمثل استخدام غير استهلاكي للمياه (Non- Consumptive Use) كما أشرناعاليه ضبط جريان المياه للحصول علي تدفق منتظم أشبه (قريب الصلة ب) بتصريف السنة المتوسطة (Average Year) ، كما تبشر به أدبيات سد النهضة ، يتطلب : حشد المياه ((Pooling، لتأمين أقصي فرق توازن مائي (Head) في جميع الأوقات تدفق ثابت ومستقر Uniform Flow)) ، مثله في ذلك مثل التصريف اليومي للري لكن هناك تناقض تصريفيDischarge)) وزماني (Time) أقصائي بين الطاقة (غرض أثيوبيا الأساسي في مياه النيل) وأغلب الأغراض الأخري كالري (غرض السودان ومصر الأساسي في مياه النيل) ، وكمكافحة الفيضات والملاحة الخ… فالتصريف اليومي وفق الطلب علي توليد الطاقة الكهربائية (Daily Power” Discharge) يتفاوت مع أحمال الذروة (Peak Loads) والاغوار)"وديان الأحمال" Valleys) ، بينما التصريف اليومي لأغراض الري هو تدفق منتظم (Uniform Discharge) ، رغم ان هناك تفاوت موسمي للطلب علي مياه الري، بينما الزيادات في طلب الذروة على الكهرباء تمثل تعارض دائم مع متطلبات الري والسحب الممنهج للمياه لتوصيلها للتوربينات لتوليد الطاقة، والتفريغ السريع للخزان (خفض منسوب المياه ) لتوليد الطاقة ، كلاهما يتعارضان مع السحب المتدرج لمياه الري (والتفريغ السريع ضار أيضا بالأسماك الصغيرة) وسيعاق هدف انتاج الكهرباء إذا تم حجز مياه للري في الخزان خلال فترة خمول الزراعة -- فهل ترضي اثيوبيا بذلك؟: ففي خزان جبل الأولياء، مثلا، يتم الحفاظ على منسوب المياه ثابتا علي كامل مستوى الأمداد (FSL) في الفترة من أكتوبر إلى مارس ، لفائدة مشاريع الري بالطلمبات مما يعوق إنتاج الطاقة هذا يجعل الربط الكهربائي البينيInterconnection مطلوب لتأمين تدفق منضبط (Controlled Flow) ، يقارب متوسط التدفق السنوي، ليلغي الحاجة إلى وجود الخزان مَلآن معظم الوقت لزيادة تدفق تيار خلال انخفاض الجريان السطحي— شرط أن يكون هذا الربط تم بصورة مثلي، فهل كان الأمر كذلك في الربط بين أثيوبيا والسودان ؟ للأسف لم يكن الأمر كذلك كما رأينا في الحلقة العاشرة من هذه الدراسة! تناقضات التوليد الكهربائي مع احتياجات الري يمكن التقليل منها – وليس حل التناقض بمجمله - بطريقتين: توفير خزان تحت محطة توليد الكهرباء لتخزين بعض مياه تصريف محطة توليد الكهرباء لفترات قصيرة لتلبية الجدول الزمني للري والأغراض الأخرى، استخدام الماء المنصرف من محطة توليد الكهرباء (Power Stationبعد التدويرTailwater) لأغراض الري، أي ترك المياه تمر أولا من خلال التوربينات، ثم تنتقل للري
وثالث العقبات أمام تحقيق الأنسياب المستقرللأحباس السفلي تتعلق بالأثر الكبير لأستخدام الماء لتوليد الكهرباء على التدفقات داخل النظام الهيدرولوجي بمجمله ،والمتمثل في تعديل ذلك النظام: Modification of River Hydrologic Regime: وما سينجم عن ذلك من: انقاص مقدار الماء الذي يصل الي السودان علي وجه يلحق الضرر بمصالحه (بجانب تعديل تاريخ وصوله أو خفض منسوبه) نتيجة لحجز المياه لمتطلبات توليد الطاقة: اذ يبلغ حجم التخزين الميت- Dead Storage- في سد النهضة (وهو الحد المائي الأدنى المطلق المسموح به لسحب المياه) (Absolute Min Permissible Drawdown) (14.79 مليار م3 ، أي أكبر من سعة خزان مروي كلها! وهي مياه يتم الاحتفاظ بها دائما كاملة: لتوفير الحد الأدنى لتوليد الطاقة و لتأمين مساحة لتخزين الترسيبات الطميية ، (قارن مع0.63 مليار م3 كتخزين ميت لخزان الروصيرص و 0.23 مليار م3 لخزان سنار) ومن المؤكد أن أثيوبيا حتما سوف تحجز اضافة مياه اخري -- فوق التخزين الميت -- تمثل "مستوي الحد المائي الأدنى الحرج للتوليد الكهربائي الأقصى" (Critical Minimum Level for Maximum Electricity Generation، مما يشكل مزيدا من انقاص الماء المنساب الي السودان ومصر(أنظر الرسم ان تم رفعه) وفي دراسة قامت بها شركة سيمنز (SIEMENS) الألمانية لإثيوبيا عام 1956 قالت فيها إن تصريف بحيرة تانا (والذي يتراوح بين (105 - 120 م3 في الثانية) يمكن تحويله (طوال السنة) بواسطة نفق إلى نهري الدندر والرهد لتوليد الطاقة وتطوير الري ، ولما كانت هذه التحويلات هي تحويلات تجري زمن التدفق المتدني (فترة الشحة المائية في الحوض ) ، فهي ستغير هيدرولوجيا النهر وستكون خصما علي إمدادات الري في السودان ومصر وكلاهما يستخدمان كامل تدفقات النيل الأزرق زمن تدفقه المتدني ، ووفق دراسة مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي" (US Bureau of Reclamation) عام 1964 (التي أعدها Guariso & Whittington)، ومقترحها ل 33 مشروعا مائيا لإثيوبيا منها 8 مشاريع "متعددة الأغراض" والتي تشمل الري، مع متطلبات مياه سنوية تعادل 1.043 مليارم3 ، وتم في تلك الدراسة تقديرالخفض الأجمالي للتصرف السنوي الواصل للسودان بنسبة 8.5٪ " أي ما يعادل (4.5) مليار م3، مع انخفاض حاد في التدفقات في السودان في نهري الدندر والرهد وانقاص الماء المنساب للسودان بالتبخر الناجم عن الثلاثة سدود تحت الأنشاء والمتتالية مع سد النهضة والسدود المقامة علي روافد النيل الأزرق وعلي نهري الرهد والدندر التي اقترحها مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي عام 1964، بأجمالي سعات تبلغ 139 مليار م3 !!(مما سنفصله لاحقا هنا بعد قليل) ومما لاشك فيه أن الفقد بالتبخر من سد النهضة سيكون أكبر بكثير مما يزعم مرجو السد، فحجز المياه لتوليد الطاقة في التخزين المستمرينتج عنه عادة ازدياد التبخر من الخزان وفقدان تغذية المياه الجوفية أمام السد ونقص في مياه الري (أقرأ هنا "في السودان") ، وذلك لأن الماء يحمل من سنة لأخري لموازنة التصريفات الالية والمتدنية ، علي عكس التخزين السنوي حيث يم افراغ الخزان كل سنة: وقد كنا أشرنا عاليه أن أثيوبيا الأن تعد السودان بما يعادل 47.5 مليار م3 في السنة (وفي رواية أخري بما يعادل 48.6 مليارم3 في السنة) وكلا الرقمين أقل من ايراد النيل الأزرق الذي اعتمدته أثيوبيا عند تصميم سد النهضة والبالغ 52.6 مليارم3 في السنة! أي أن الفرق بين الرقمين يتراوح بين .04 -5.1 مليار م3 في السنة، ويبدو أن أثيوبيا بنت حسابات ما ستطلقه من المياه للسودان علي تقديرات دراسة Guariso & Whittington!ولم تضع في الحسبان : انقاص مقدار الماء الذي يصل الي السودان بسبب التخزين الميت والمياه الأضافية الأخري – وانقاص الماء المنساب للسودان بالتبخر وكل ذلك سيكون له أثر بالغ في انقاص المياه الواردة للسودان (بجانب تعديل تاريخ وصوله أو خفض منسوبه) مما يعني: أن أثيوبيا لن تكون قادرة علي الأيفاء بوعدها حتي بأطلاق 130 مليون م3 في اليوم (أي يعادل 47.5 مليار م3 في السنة) في اتجاه السودان وهورقم أقل من ايراد النيل الأزرق الذي اعتمدته أثيوبيا عند تصميم سد النهضة والبالغ52.6 كما أشرنا عاليه، ناهيك أن يقوم سد النهضة بتنظيم تصريف النيل الأزرق للحصول على دفق مائي أقصي ومضمون (Firm Yield) يمكن التنبؤ به كل سنة، حتي يمكن تمرير متوسط إجمالي المياه (البالغ عند الدمازين 1570 متر3 في الثانية ) للأحباس السفلي من دون تغير كل سنة، وفق ما يروج له! وبنفس القدر تنقص حقوق السودان المائية التي يكفلها له القانون الدولي للمياه والبالغة (18.5) مليار م3
تداعيات التوليد الكهربائي علي زيادة الفقد المائي في الدمازين وفي حوض نهر الفولغا وانقاص الماء المنساب للسودان بالتبخر
تأثيرتوليد الطاقة الكهرومائية علي نقصان المياه بالتبخر وفقدان تغذية المياه الجوفية أمام السد يمكن أن يكون كبيرا ومما لاشك فيه أن الفقد بالتبخر من سد النهضة سيكون أكبر بكثير مما يزعم مرجو السد، فحجز المياه لتوليد الطاقة في التخزين المستمرينتج عنه عادة ازدياد التبخر من الخزان وفقدان تغذية المياه الجوفية أمام السد ونقص في مياه الري(أقرأ هنا "في السودان") ، وذلك لأن الماء يحمل من سنة لأخري لموازنة التصريفات الالية والمتدنية ولأن الخزان قد يكون ممتلئا في غالب الاوقات تحت ظروف تشغيل معينة مما يعطي فرصة أكبر للتبخر ، (علي عكس التخزين السنوي حيث يم افراغ الخزان كل سنة) و انقاص مقدار الماء الذي يصل الي السودان علي وجه يلحق الضرر بمصالحه: فالمياه المتبقية بعد التبخر ستكون أكثر ملوحة ونقصان مياه الخزان يقلل قدرة الخزان في خفض تركيز الأملاح وحملها مع المياه الذاهبة للأحباس السفلي ، وذلك بسبب تبخر "المياه عالية الجودة" من الخزان هذا بجانب تعديل تاريخ وصول المياه للأحباس السفلي علما بأن رفع سعة التخزين الحي في سد الروصيرص مؤخرا دي الي مضاعفة فاقد التبخر كما أدي تطوير حوض نهر الفولغا (Volga River Basin) لأنتاج الكهرباء ، من خلال مجموعة من الخزانات بلغ اجمالي سعتها 83 مليارم3 الي: انخفاض ملحوظ في الجريان السطحي (Runoff)،وذلك بسبب: §زيادة فاقد التبخر §زيادة فاقد تغذية المياه الجوفية (Groundwater Recharge Losses, ، ونتيجة لذلك: § انخفض مستوى سطح بحر قزوين نصف متر وفي التقرير الدولي حول سد النهضة الذي قام بإعداده المقاول المنفذ للمشروع حول تدفق وحركة المياه فى السد وبحيرة التخزين، أشارت اللجنة الدولية الي أن: " تقديرات معدلات البخر للمياه فى مشروع سد النهضة الإثيوبى، لم تعكس طبيعة التحليل المائى وكذلك قياس معدل البخر، حيث إن ما ذكر فى التقرير ليس كافيا ولا يقدم أى نتائج قطعية أو حاسمة"! وأن "التقرير الإثيوبى لم يذكر أى احتمالات للتأثيرات المحسوسة المتعلقة بالتغيرات المناخية والتأثيرات المحتملة والمتوقعة لهذه التغيرات المناخية. على تدفقات النيل الأزرق" لكن من الواضح أن التخزين الميت والحجز الأضافي والتبخر سيكونوا خصما كبيرا علي حجم المياه الجارية للسودان ومصر ، فسعة منظومة خزانات حوض نهر الفولغا الكهرومائية والبالغة 83 مليارم3 تقارب سعة سد النهضة وحده ، حتي دون السعات الأضافية للخزانات الأثيوبية تحت الأنشاء و التي اقترحها مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي عام 1964، بأجمالي سعات تبلغ 139 مليار م3 وهي: 40.7 مليار م3 للسدود المقامة علي الأنهار التي تغذي بحيرة تانا 62 مليار م3 للسدود المتتالية (Cascaded Karadobi, Mabil, & Mendaia) 30.9 مليار م3 للسدود المقامة علي روافد النيل الأزرق(Upper & Middle Beles, Upper Birr, Gamma, Muger,Lower Guder, Finchaa, Anger, Ario- Diddesa & Lower Diddessa, & Angar) 5.59 مليار م3 للسدود المقامة علي نهري الرهد والدندر
النقلة المعرفية من الهيدرولوجيا الكلاسيكية الي “الهيدرولوجيا الجديدة: • في دراسة حديثة لهذا الباحث بعنوان: "جدلية الهوية النيلية للسودان وأبعادها السياسية والفنية والقانونية : دولة مصب أو عبور فقط -- أم دولة “منبع” ، واذا كم حجم اسهامها في مياه النيل ؟" تم فيها حساب اسهام السودان المعتبر في مياه النيل والبالغ 25 مليار م3 حتي بعد فصل الجنوب — علي عكس ما يعتقد الكثيرون في انعدام اسهامه – وفيها تم تعريف "الهيدرولوجيا الجديدة" (Modern Hydrology)، والتي صححت مفاهيم "الهيدرولوجيا الكلاسيكية" وتصطحب معها ما تجاهلته الأخيرة ،وهو أمر أصبح ممكنا بسبب الطفرة التي حدثت في المعارف المائية نتيجة للتطورات العلمية الكبري التي طالت علوم الأرصاد و الفضاء والكمبيوتر والأتصالات في الخمسين سنة الأخيرة ، وكل العقبات التي أوردناها كحائل أمام تحقيق سد النهضة للأنسياب المستقرفي مجري الأحباس السفلي تنطلق من فرضية أن هذا الأنسياب مصدره الجريان البري السطحي (“Surface Runoff, SR بسبب اسهامه بمعظم التدفق الفوري النهري ، ذلك لأن تلك هي فرضية الجانب الكمي للهيدرولوجيا الكلاسيكية (Quantitative Hydrology) بينما القراءة الدقيقة للهيدرولوجيا الجديدة“تقول: أن تلك هي فكرة غير صائبة لتجاهلها التدخلات البشرية وتأثيرها علي الأنسياب المائي ولتجاهها التغير في الأنماط المناخية، وخاصة لأغفالها العنصرين الأخرين في معادلة ايراد النيل (Q): Q = SR + (SSR + GR) وهما: التيارات الجانبية التي تتحرك أفقيا تحت الأرض حتى دخولها مجري النهر Subsurface Runoff” SSR (or Inflow) "الدفق القاعدي (Groundwater Runoff, GR ، (or Base Flow) الذي يتحرك عموديا حتى يبلغ مستوي المياه الجوفية (Water Table) ، ويتم تجاهل هذا العنصر الأخير : رغم أن أحد أهم أهداف تنظيم تدفق مياه النهر ((Flow Regulation، هو زيادة حجم هذا "الدفق القاعدي" وفي الأنهار دائمة الجريان (Perennial Streams – كنهر النيل — يمثل هذا "الدفق القاعدي" جزءا كبيرا من مكونات مياهها ، ويؤمن لتلك الأنهار استمرار جريانها على مدى فترات طويلة في أوقات الجفاف والنيل الأزرق نهر "كسبيٍ"، " أي "مصب" Effluent or Gaining Stream): ( مثله في ذلك مثل المسيسيبي، والأمازون ، وكولومبيا) وكذلك حال نهر النيل خلال فترات التدفق المنخفض (Falling River & Shortage Periods من منتصف سبتمبر الي منتصف يوليو) وهي الغالبة— فهو أيضا "نهر كسبي" وليس أدل من ذلك أن النيل الأزرق يدخل الرصيرص بأيراد قدره 50.2 مليار م3 ويخرج النيل من سمنة علي الحدود السودانية مع مصر بأيراد سنوي قدره 86 مليار م3! فمثل هذه الأنهار يزيد حجم مائها كلما توغل سيرها في اتجاه مصبها النهائي وذلك بسبب كسبها الماء من خزانات المياه الجوفية المحلية (الدفق القاعدي) لكن رأينا عاليه أن : حجز المياه لتوليد الطاقة في التخزين المستمرينتج عنه عادة فقدان تغذية المياه الجوفية (GR ، في معادلة ايراد النيل عاليه) في الأحباس السفلي وانقاص الماء المنساب للسودان(َ Q، في معادلة ايراد النيل عاليه) وبالتالي نقص في مياه الري مثل هّذا الفقدان في تغذية المياه الجوفية (Groundwater Recharge Losses (والذي حدث مثلا عند تطوير حوض نهر الفولغا لأنتاج الكهرباء ، قاد هناك الي انخفاض ملحوظ في الجريان البري السطحي (Surface Runoff, (SR ، في معادلة ايراد النيل عاليه) والذي بدوره أيضا سيؤدي – في حالةالسودان المماثلة في ظل سد النهضة -- الي انقاص الماء المنساب للسودان(َ Q في معادلة ايراد النيل عاليه) ليهزم الفكرة القائلة بأن سد النهضة سيأمن لدول الأحباس السفلي "تدفق مائي ثابت (بل ومستقر، كما سنري دعثرة هذا الوهم أيضا أدناه) على مدار السنة"!
رابع العقبات اذا أمام تحقيق الأنسياب "المستقر" للأحباس السفلي تتمثل في أن الأنسياب المائي للسودان في ظل سد النهضة الكهرومائي قد يصبح في الواقع غير مستقر للغاية نظرا للاحتياجات المتقلبة لتوليد الطاقة ، وبسبب النبضات المفاجئة (Spate or Surges) المرتبطة بالتوليد الكهربائي ، مما قد يتطلب الأمر إعادة تصمم بعض أعمال الري وبعض هذا بالتحديد ما أحدثه سد غلين كانيون الكهرومائي علي نهر كولورادو: ففي عام 1963 تم الانتهاء من سد غلين كانيون (Glen Canyon)، وهكذا تم الترويض (الهيدرولوجي) لنهر كولورادو، ممثلا في: خفض التدفقات المرتفعة(High Flows) وزيادة التدفقات المنخفضة ، تحقيقا للهدف من انشاء السد - لكن – بالمقابل: أصبح التدفق النهري في الأحباس السفلي غير مستقر إلى حد كبير (Highly Unstable) نظرا للاحتياجات المتقلبة لتوليد الطاقة التغير الهيدرولوجي لنهر كولورادو،أدي الي تغيرات كبيرة في مورفولوجيا النهر، خصوصا في توزيع الرواسب الطميية والنباتات ، فالأطلاق الكبير للرواسب الطميية ذو فائدة كبري لبيئة النهرباقتلاعه للنباتات المائية، مما يجلي أهمية الفيضانات في صيانة وتنظيف النظام النهري
وهل أتاك حديث سد شلالات أوينز ونزاع يوغوسلافيا -ورومانيا ونزاع الشيك والمجر اذا ، سادس العقبات أمام تحقيق الأنسياب المستقرللأحباس السفلي تتمثل في: حدوث خرق للأتفاق المبرم بين الدول المتشاطئة، كما فعلت الهند بوقف تدفق الأنهار الشرقية لباكستان ، على الرغم من اتفاق وادي السند (Indus Valley Agreement) الذي توسط فيه البنك الدولي عام 1960 أوحدوث الأستغلال غير المشروع للمياه من أحد الأطراف المتشاطئة فهل يا تري يمكن حدوث نفس الشيء هاهنا؟ دعنا نري بعض أنماط خرق الأتفاقيات: في معرض حديثنا عن الربط الكهربائي في الحلقة العاشرة من هذه الدراسة الموسعة، ذكرنا أن التعاون بين المتشاطئة ينبغي أن يبني على الثقة المتبادلة وفرضية أن ما اتفق عليه سيتم احترامه - لكن قد لا يتحقق هذا، كما في حالة السحب الجائر(غيرالمشروع) للمياه أو الطاقة (Water or Power Poaching”) ، كاستخدام أحد الأطراف (أقرأ هنا اثيوبيا ( أكثر من حصته من المياه ، كما ورد حدوثه في : سد شلالات أوينز الذي بنته يوغندا عند مخرج مياه بحيرة فكتوريا بغرض التوليد الكهربائي علي أن يحاكي تدفق المياه من فوق هداره(Weir) التدفق الطبيعي للمياه مصر إقترحت ألأستفادة من السد لأغراض التخزين ببحيرة فكتوريا لصالح الري في مصر والسودان! بمنسوب للمياه يتراوح بين [9.80-12.80] متر مع إستعمال بحيرة ألبرت كخزان مساعد لمنسوب 13 متر (و 18.5 متر كأقصي منسوب) و دفعت مصر 980000 جنيها مصريا ليوغندة تعويضا عن النقص في القوي الكهربائية الناجم عن إستعمال بحيرة فكتوريا للري مصر اشترطت إن لا ينطوي تشييد وتشغيل محطة توليد الطاقة لصالح يوغندة على أي إضرار بمصالح مصر: كتقليل كمية المياه الواصله الى مصر، أو تعديل تاريخ وصولها أو خفض منسوبها مستواه سد شلالات أوينز، (والذي سمي لاحقا بسد (Nalubaale، حَوَّلَ بحيرة فكتوريا عمليا إلى خزان كهرومائي عملاق! واتفق المهندسون على أن كمية المياه التي تتدفق عبرتوربينات السد ينبغي أن تحاكي التدفق الطبيعي القديم للبحيرة من فوق هدار صخري طبيعي (Weir)علي النيل الأبيض قبل تشييد السد ، وبموجب معاهدة مع مصر ووفق معادلة باسم "المنحنى المتفق عليه The Agreed Curve" - التي حددت نطاق التصريف الأقصى بين 300- 1700 م3 في الثانية، وفق ارتفاع منسوب المياه في البحيرة..(قارن مع مقترح التصريف الأثيوبي للسودان من سد النهضة وهو 1505 م 3 في الثانية !) لكن في عام 2002 اتهمت مجموعة "شبكة الأنهار الدولية" للبيئة أوغندا بسحبها مياه بأكثر مما يسمىح به لها "المنحنى المتفق عليه" (أو ما يقارب من 70000 كيلو م2) وهذا السحب الجائر (Water Poaching”) يمثل نصف الانخفاض في منسوب البحيرة والتي كانت في أدنى مستوياتها في 80 عاما !
أما في نزاع عام 1988 بين يوغوسلافيا -ورومانيا حول خزان "بوابةالحديد" على نهر الدانوب، فقد اتهمت يوغسلافيا رومانيا بالأستغلال غير المشروع للمياه من الخزان المشترك لتوليد الطاقة (Power Poaching)
أما في المشروع المائي المشترك بين الشيك والمجر (The Gabcikovo Nagymaros) فقد أراد الطرفان أن يحصنا أنفسهما من مشكلة سحب المياه غير المشروع بالأتفاق علي اقتسام القدرة التوليدية (Generating Capacity) ، مما لا يمكن معه الأستغلال الجائر للمياه ( Water Poaching) ، لكن الأستغلال غير المشروع للقدرة Power Poaching)) يظل ممكنا !
تلك –اذا – بعضا من الحقائق العلمية عن سد النهضة التي غابت عن المشهد وهي حقائق لا ينتطح فيها عنزان رغم أنها تحمل في ثناياها الأجابة علي سؤال الساعة : هل فوائد ومخاطر السد حقيقة مطلقة؟ أم تحققها مرهون بشروط لا يرجي تحقيقها؟
*******
بروفسير قريش مهندس مستشار و خبير اقتصادي دولي في مجالات المياه والنقل والطاقة والتصنيع، بجانب خبرته في مفاوضات نقل التكنولوجيا وتوطينها و في مفاوضات نزاعات المياه الدولية واقتسامها وقوانين المياه الدولية بروفسير قريش حائزعلي الدكتوراه الأولي له (Summa Cum Laude) من جامعة كولمبيا الأمريكية في هندسة النظم الصناعية والنقل والتي أتم أبحاثها في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا M.I.T)) حيث عمل زميلا في "مركز الدراسات الهندسية المتقدمة" بالمعهد، وحيث قام بوضع مواصفات تصميمية أولية لطائرتين تفيان بمتطلبات الدول النامية مع الأختبار الناجح للطائرين علي شبكات طيران الدول النامية من خلال أساليب المحاكاة الحاسوبية الرياضية وتفوقهما علي الطائرات المعروضة في الأسواق ، وهو أيضا حائز علي ماجستير الفلسفة (M.Phil) بتخصص في التخطيط الاقتصادي والاقتصاد الصناعي من نفس الجامعة و حيث انتخب عضوا في" الجمعية الشرفية للمهندسين الأمريكيين" (Tau Beta Pi ) ورشح في نفس السنة للقائمة العالمية للمهندسين الأشهر (Who's Who) بروفسير قريش حائز أيضا علي دكتوراة ثانية من جامعة مينيسوتا الأمريكية في موارد المياة بتخصص في الهيدرولوجيا وعلم السوائل المتحركة (الهيدروليكا)، وعلي ماجستير إدارة الأعمال من جامعة يوتاه الأمريكية بتخصص اقتصاد وبحوث العمليات، بجانب حصوله علي شهادة في النقل الجوي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (M.I.T) و علي شهادة في "العلوم والتكنولوجيا والتنمية" من جامعة كورنيل الأمريكية وفي جانب السيرة العلمية العملية، فقد عمل بروفسير قريش كمساعد باحث بجامعة ولاية يوتاه الأمريكية ، ثم باحث أول بالمجلس القومي للبحوث ومحاضر غير متفرغ بجامعة الخرطوم وعمل بعدها كبروفيسور مشارك في جامعتي ولاية مينيسوتا الأمريكية وجامعة الملك عبد العزيزبجدة ، ومستشارا لليونسكو بباريس و مستشارا للأمم المتحدة (الأسكوا) ، وخبيرا بمنظمة الخليج للأستشارات الصناعية في الجانب المهني، بروفسير قريش هو مهندس بدرجة مستشار" في" المجلس الهندسي السوداني" وزميل في "الجمعية الهندسية السودانية" وعضو مجاز في" أكاديمية نيويورك للعلوم" ومجاز "كعضو بارز في جمعية هندسة التصنيع الأمريكية كما هو مجاز "كعضو بارز" أيضا من قبل "معهد المهندسين الصناعيين" الأمريكي وعضو مجاز من قبل "معهد الطيران والملاحة الفضائية" الأمريكي وعضو مجاز من قبل "الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين" والمعهد الأمريكي للعلوم الإدارية و الجمعية الأمريكية لضبط الجودة والمعهد البريطاني للنقل
References Water Info Centre, Inc. 1973. Water Policies for the Future) Gasser, M.& F.El Gamal.1994. Aswan High Dam: Lessons Learned & On-Going Research. Water Power & Dam Construction, Jan.1994 Egyptian Correspondence with Uganda Government, Dated Feb. 1949 Mays, L.1996. Water resources Handbook J.K. Hunter (Consultant, Sir Alexander Gibb & Partners:”in Ahmed,A.”Recent Development in the Nile Control”, Proc. Of Instn. Civ.Eng., Paper 6102 (1960) H.T. Cory, Chapter IV –Section Two--, Report on Second & Third Terms of Reference, in Egyptian Government .1920. Short Summary of the Report of the Nile Projects Commission) Guariso, G & D. Whittington, Implications of Ethiopian Water Development for Egypt & Sudan, Water Resources Development, Volume 3 #2) " International Commission on Large Dams (ICOLD): Bulletin 59 —Dam Safety Guidelines & ICOLD) : Bulletin 99 —Dam Failures Statistical Analysis) ASCE. 1996.Introduction to River Hydraulics Ahmed, Abdel Aziz. 1960. An Analysis of the Study of the Storage Losses in the Nile Basin. Paper #6102, Proc. Instn. Civ. Engrs., Vol.17. Allan, W. 1954. Descriptive Note on Nile Waters Botkin, D. & E. Keller.1987. Environmental Studies Bureau of Reclamation, 1964 Chaudhry, M. 1993.Open Channel Flow Chow, Ven., D. Maidment & L. Mays. 1988. Applied Hydrology Class Notes on Water Resources Policies –University of Minnesota, 2000 Cunha, L. 1977. Management & Law for Water Resources Dickinson, H. & K. Wedgwood. The Nile Waters: Sudan’s Critical Resource. Water Power & Dam Construction, Jan. 1982 Eagleson, P.S. (1994) The evolution of modern hydrology (from watershed to continent in 30 years). Advances in Water Resources 17, 3–18. El Rashid Sid Ahmed .1959. Paper on Layout of Canals & Drains
Emil Ludwig.1936. The Nile Encyclopedia of Public Int’l Law,1995, Vol. II Fetter, C. Applied Hydrogeology Gehm, H. et. al.1976. Handbook of Water Resources & Pollution Control Guillaud, C. “Coping with Uncertainty in the Design of Hydraulic Structures: Climate Change is But One More Uncertain Parameter “, EIC Climate Change Technology, 2006 IEEE Volume 98, Issue No.5 Hewlett,J. 1982.Principles of Forest Hydrology Houk, I. 1951.Irrigation Engineering, Vol. 1. Howell, P. & M. Lock, “The Control of Swamps of the Southern Sudan” in Howell, P. & J. Allan (eds.).1994. The Nile: Sharing a Scarce Resource Hunter, J.K. , “Consultant, Sir Alexander Gibb & Partners: "in Ahmed,A.”Recent Development in the Nile Control”, Proc. Of Instn. Civ.Eng., Paper 6102 (1960. http://www.mcc.gov/pages/docs/doc/co...nce-chapter-17 http://www.utdallas.edu/geosciences/...tenilegif.html http://en.wikipedia.org/wiki/Causes_of_landslides. http://www.google.com/imgres?q=what+...iw=960&bih=516 http://www.google.com/imgres?q=grand...9,r:4,s:0,i:82 http://digitaljournal.com/image/116297 http://www.internationalrivers.org/f...efficiency.pdf
H. Hurst, H. & R. Black.1955. Report on a Hydrological Investigations on How the Max Volume of the Nile Water May be Made Available For Development in Egypt & the Sudan
ICID. 1961.International Problems Relating to the Economic Use of River Waters
Jansen, P. et. al.(ed.).1971.Principles of River Engineering John, P. et al Water Balance of the Blue Nile River Basin in Ethiopia Koloski, J. , S. Schwarz & D. Tubbs “Geotechnical Properties of Geologic Materials, Engineering Geology in Washington, Volume 1--Washington Division of Geology and Earth Resources Bulletin 78, 1989 Maidment, D. 1992. Handbook of Hydrology Mamak,W. 1964.River Regulation Masahiro Murakami .1995. “Managing Water for Peace in the Middle East: Alternative Strategies”, http://unu.edu/unupress/unupbooks/80...0.htm#Contents Mays, L. 1996. Water Resources Handbook MOI.1955. The Nile Waters Question Monenco, 1993. Stage II Feasibility Study, Main Report, Vol. 1 Montanari, F & J. Fink, “State Role in Water Resource Policy”, in Cohen, P. et al. Proc. Of the 4th American Water Resources, 1968). Morrice, H. & W. Allan. 1959. Planning for the Ultimate Hydraulic Development of the Nile Valley. Proc. Instn. Civ. Engrs., Paper #6372 Morrice, H.”The Water of the Nile & the Future of Sudan”, Unpublished Paper, 1955 Nath, B.1996. General Report. Symposium on Economic & Optimum Use of Irrigation System. Pub. No.71 Office of Technology Assessment.1984. Wetland: Their Use & Regulation Outers, P.1997.Int’l aw Phillips, O.1967. Leading Cases in Constitutional & Administrative Law Sebenius, J. 1984. Negotiating the Law of the Sea Smith, R. “The Problem of Water Rights”,J. of Irrigation& Drainage. Proc. Of ASCE, December 1959 56. U.N. 1958. Integrated River Basin Development Various MOI pamphlets, notes & publications Waterbury, J.1979.Hydropolitics of the Nile Waterbury, W. 1987.”Legal & Institutional Arrangements for Managing Water Resources in the Nile Basin”, Water Resources Development, Vol. 3 No. 2 Whittington, D. & K. Haynes “Nile Water for Whom? Emerging Conflicts in Water Allocation for Agricultural Expansion in Egypt & Sudan, in Beaumont, P. & K. McLachlan (eds.). 1985. Agricultural Development in the Middle East Whittington, D.,J. Waterbury & E. McClelland, Towards A New Nile Waters Agreement, in A. Dinar et al. 1995. Water Quantity/Quality Management & Conflict Resolution) World Commissions On Dams: 2000 Report Zelermyer, W.1964.Introduction to Business Law: A Conceptual Approach الرشيد سيد أحمد 1959 مشكلة مياه النيل الرشيد سيد أحمد 1960 ايراد نهر النيل من مصادره المختلفة الرشيد سيد أحمد 1962 وصف لحوض النيل